Apr 25, 2022 4:33 PM
خاص

عندما يخرج أهالي طرابلس من صدمة زورق الموت...كنا مُضلّلين ضد الجيش!

المركزية – لا كلام يعلو على مشهد جثة طفلة لا يتعدى عمرها السنتين تطفو على سطح مياه البحر وصوت والدها يصرخ طالبا النجدة لإنقاذها. ولا تعابير تختصر مشاعر طفل لا يتجاوز عمره الخمسة أعوام يحاول إنقاذ والدته من الغرق أمام عينيه وهي تحتضن شقيقته. هي مشاهد وصور من مأساة "قارب الموت" الذي انطلق من مرفأ طرابلس غروب أول أمس وليست الأولى ولن تكون الأخيرة بعدما تحول فصل الربيع إلى موسم للهجرة غير الشرعية التي يلجأ إليها الفقراء في محاولة للخلاص من المأساة التي يعيشونها. فالبيانات الصادرة عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني تشهد على عمليات توقيف مهربين غير شرعيين وإعادة المهاجرين إلى منازلهم. لكن للمرة الأولى، تُستغل عملية مطاردة زورق يقل مهاجرين غير شرعيين من الجنسيتين اللبنانية والسورية للتصويب على الجيش اللبناني واتهامه بأنه وراء عملية إغراق الزورق وغرق غالبية من كانوا على متنه من نساء وأطفال ورجال.  

"زورق دورية اصطدم بقاربنا مرتين مما أدى إلى تصدعه وغرق من كانوا على متنه"تلك كانت اولى الكلمات التي صرح بها أحد الناجين الذي تم إنقاذه من عرض البحر بواسطة عناصر دورية تابعة لبحرية الجيش، قبل أن تطلب منه عائلات ناجين الصمت وتقتاده بعيداً. فهل جاءت هذه الإتهامات على وقع الصدمة واستثمرها متضررون، بهدف قطع الطريق على الدور الذي يلعبه قائد الجيش جوزف عون في الإمساك بالأمن والحفاظ على كرامة العناصر ومنع وصوله إلى قصر بعبدا، أم أنها جزء من خطة تطيير الإنتخابات بعدما استنفد المتضررون والخاسرون ضمنا كل الوسائل القانونية والدستورية؟

"الإنتخابات ستحصل في موعدها ومأساة زورق الموت في طرابلس لن تعطلها" يقول الخبير في الشؤون العسكرية العميد المتقاعد هشام جابر ل"المركزية" ردا على سؤال حول خلفيات زج الجيش اللبناني في حادثة غرق الزورق في طرابلس. ويضيف" مما لا شك فيه أن الحالة المأساوية التي يعيشها أبناء مدينة طرابلس المصنفة كأفقر مدينة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وراء المصير الأسود الذي لاقاه المهاجرون الذين كانوا على متن زورق لا يتمتع بالمواصفات المطلوبة لنقل حوالى 75 شخصا والإبحار بهم في عرض البحر. وبعد وقوع المأساة خرج قائد القوات البحرية العقيد هيثم ضناوي، وصرح بأن قبطان زورق المهاجرين حاول المناورة محملا إياه مسؤولية الاصطدام بإحدى سفينتين تابعتين للبحرية. وشرح بالصور تفاصيل ما جرى وأنا أصدق ذلك لأنه تكلم من خلفية مناقبيته العسكرية .ثم هل من المنطق أن يقدم عناصر الجيش على قتل مواطنين أو أن لا يتفهموا ظروف هروبهم من الوضع المأساوي وهم بدورهم محرومون أكثر منهم ولا يملكون أجرة تنقلهم من مكان سكنهم إلى مركز الخدمة"؟. ويلفت إلى أنه" فيما لوصح كلام الناجين الذين كانوا لا يزالون تحت تأثير الصدمة عن تعمد الجيش الإصطدام بزورق المهاجرين، فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تحطم الطراد العسكري القديم الصنع".

خلفيات زج الجيش بهذه الحادثة المأساوية والتصويب يهدف بحسب جابر "إلى ضرب عمود الخيمة الأساسي التي تظلل هذا الوطن وبالتالي إسقاطه . ويضيف" الجيش مستهدف منذ العام 1976 والمستفيدون كثر. فهناك العدو الإسرائيلي من الخارج والتنظيمات الإرهابية ومن وراءها، وأعداء الداخل الذين يقف الجيش في وجه مخططاتهم التدميرية".

 وعن الكلام المتداول لجهة قطع الطريق على قائد الجيش لمنع الوصول إلى سدة الرئاسة يقول" صحيح أن إسم قائد الجيش مطروح من بين المرشحين لسدة الرئاسة إنما هو لا يسعى للوصول إلى قصر بعبدا. وقد يكون التصويب عليه من باب عجزهم عن إيجاد أية ثغرة عسكرية ضده والكل يشيد بمواقفه وبقيادته الحكيمة للمؤسسة العسكرية والسياسة التي يتبعها لإنقاذها من دون التسويق لنفسه".

لا تستغرب مصادر عسكرية مطلعة الكلام الذي صدر عن الناجين في اللحظات الأولى. وتلفت عبر المركزية" أن هؤلاء كانوا تحت الصدمة ولم يكونوا بوارد فهم اسباب عدم وصول طراد البحرية لإنقاذ الأشخاص الذين كانوا يستغيثون من حوله، لأنه في لحظته كان يعمل على إنقاذ غرقى آخرين وكان يبعد عنهم حوالى ال100 متر والظلام دامس. لكن الخطير أن ثمة من حاول استغلال هذا الكلام وعمد إلى تعميمه .حتى اتهام أحد العناصر بأنه أطلق عبارات نابية في حق المهاجرين لا يفترض تعميمه على مؤسسة الجيش وإذا صح ما نقل على لسانه فقد يكون ذلك من باب خوفه على هؤلاء الأشخاص وامتعاضا من سائق الزورق الذي كان يقوم بمناورات خطيرة هربا من طراد البحرية".

كثيرة هي العبر والدروس التي ستخرج إلى العلن بعد دفن الأحياء ضحايا زورق الموت. لكن الثابت أن أرض طرابلس المهتزة أصلا والمفتوحة على كل سيناريوهات الفتن لن تنفجر على خلفية تحطم زورق "وسيدرك أبناء طرابلس أن أطرافا معينة وإعلاما غير موضوعي استغل صدمتهم ومأساتهم . حتى حادثة إطلاق الصواريخ من الجنوب إلى العمق الإسرائيلي لن تعطل الإنتخابات إلا إذا تسببت في وقوع ضحايا داخل الأراضي الإسرائيلية أو في الجنوب. إو في حال وقوع عملية اغتيال أو إنفجار أمني كبير وهذا الأمر غير مرتبط بالداخل اللبناني إنما بقوى إقليمية ودولية تعتبرها انتخابات مصيرية" يختم جابر.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o