سقوط ماريوبول ومحاصرة "ازوفستال" قضية معنوية أكثر منها عسكرية؟!

المركزية – صحيح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر قواته بعدم اقتحام مصنع آزوفستال للصلب، آخر معقل للقوات الأوكرانية في مدينة ماريوبول الساحلية، وقال إنه يريد استمرار حصارها بشكل آمن بدلا من ذلك، إلا أن الوضع هناك صعب حيث يتحصن مئات المدنيين الذين يعانون نقص الطعام والماء، مع الكتيبة 36 للجيش الأوكراني وكتيبة "آزوف"، آخر وحدتين قتاليتين في ماريوبول. وكان بوتين هنأ اليوم وزير دفاعه سيرغي شويغو على نجاح العملية في ماريوبول، في أعقاب إعلان القوات الروسية سيطرتها على المدينة الساحلية بأكملها باستثناء المصنع، مؤكدّاً أن "روسيا تضمن عدم التعرض والتعامل باحترام مع القوات الأوكرانية التي تغادر منشأة آزوفستال". 

وفي قراءة لأبعاد هذه التطورات ضمن الحرب الروسية-الأوكرانية، يعتبر العميد الركن نزار عبد القادر عبر "المركزية" أن "موضوع ماريوبول أصبح معنويا أكثر منه عسكريا. بالمعنى التقني العسكري هي ساقطة منذ ما يقارب الأسبوعين، إذ أي مدينة تحاصر من قبل جيش وينقطع عنها الاتّصال بخطوط تموينها واستبدال القوى أو مدّها بالذخيرة والأسلحة تعتبر ساقطة. وبوتين يستعجل هذا السقوط لأنه يريد استخدام هذا الانتصار بالدخول واستسلام ماريوبول كرافعة معنوية على الصعيدين السياسي والعسكري بعد خبية الأمل التي أصيب بها الجيش الروسي على الجبهة الشمالية عندما حاول الدخول إلى كييف"، مضيفاً "يبدو أن الأوكرانيين الموجودين في هذه المدينة على دراية بأهمية سقوطها بالنسبة إلى بوتين ويحاولون حرمان القيادة الروسية من هذا النصر الجزئي، انها رسالة واضحة  يريد الأوكرانيون، لا سيما المقاتلون داخل ماريوبول، إيصالها إلى القيادة الروسية وإلى بوتين شخصياً. والموضوع معنوي ايضاً لأن الأوكرانيين المدافعين الذين كانوا موجودين داخل المدينة والآن محاصرون في معمل الصلب لا يتجاوز عددهم الألفي مقاتل، وهدفهم تسطير ملحمة من ملاحم البطولات التي ستتحدّث عنها أوكرانيا وشعبها لعقود لا بل قد تمتد لقرن كامل أيضاً. من هنا، يرفضون اي إنذار وكل المواقيت التي حدّدتها القيادة الروسية لاستسلامهم يبدو أنهم تجاهلوها وقرروا القتال حتى الرمق الأخير". 

ويلفت عبد القادر إلى أن "موقع المدينة استراتيجي، وهي أهمّ مرفق أوكراني على بحر أزوف ومنها يمرّ اكثر من 40% من التجارة سواء الصادرات أو الواردات من وإلى أوكرانيا. ومن ناحية الموقع، تشكّل ممرّاً يصل ما بين الدونباس أو الاراضي الروسية وشبه جزيرة القرم أي انه يفتح طريقاً برياً لمنطقة شرق أوكرانيا باتّجاه الجنوب ومنه إلى شبه جزيرة القرم"، مشيراً إلى أنه "يخشى أن يرفع سقوط ماريوبول معنويات القوات البرية والبحرية الروسية ويدفعها لاحتلال باقي المدن على شواطئ البحر الأسود بما فيها أوديسا وحينها يحرم الروسي الدولة الأوكرانية من كلّ الممرات نحو موانئها البحرية ما يجعلها بحالة حصار". 

ويختم "إذا تمكن الروسي من تحقيق هذه الأهداف ستكون ذات تأثير كبير جدّاً في أي مفاوضات جدّية بين طرفي النزاع لتصفية نتائج هذه الحرب الكارثية بالنسبة إلى أوكرانيا".