Apr 14, 2022 4:44 PM
خاص

أهالي ضحايا المرفأ يلتقون انسانيا في "مطبخ مريم"
التحقيق إلى الأمم المتحدة وزيارة البابا كوة رجاء وقيامة

المركزية – كأن انسداد الأفق أمام أهالي ضحايا مرفأ بيروت أتعبهم، والتداخل السياسي في الملف القضائي النائم في الأدراج بانتظار إقرار مرسوم التعيينات في مجلس القضاء الأعلى أدخلهم في نفق الصمت الطويل. ولعل هذا ما أرادته المنظومة القاتلة التي لا تزال تتعامل مع جريمة العصر وكأنها مجرد حادث سير عابر حتى أنها لم تكلف نفسها إعلان هذا اليوم الذي فقدت فيه 218 عائلة واحدا من فلذات أكبادها وتهدمت بيوت وتراث عاصمة بأكملها ودخل حوالى 7500 شخص نفق الأوجاع نتيجة إصاباتهم، يوم عطلة رسمية ليستذكر اللبنانيون والعالم هول هذه الجريمة. 

وينن؟ سؤال يطرحه اللبنانيون في الإشارة إلى أهالي ضحايا المرفأ؟ أين صرخاتهم المدوية المطالبة بكشف حقيقة من فجر وقتل أولادهم؟ أين أصبحت خطة تحركاتهم، أين وجوههم الغاضبة الثائرة؟ حتما هم ما زالوا في صوامعهم ينتظرون إشارة ما توقظ ضمائر المسؤولين والقضاء، لكنهم تعبوا وهذا طبيعي. فالقصة تحتاج إلى نفس طويل وهذا ما أدركه غالبية الأهالي الذين أخذوا على عاتقهم مسألة متابعة مسار البحث عن الحقيقة ولو بقي من عمرهم ساعات، وإعادة تصويب خطة التواصل التي كانت تدار بطريقة متعثرة بكثير من الأمل والرجاء الذي يفتشون عنه في كومة قش المنظومة الفاسدة. 

"قضيتنا لن تموت وسنربح في النهاية لأنها قضية حق" يقول إيلي نجل الضحية غسان حصروتي الذي لا تزال روحه ترفرف من تحت أنقاض الإهراءات حيث كان يجلس في مكتبه لحظة وقوع الإنفجار. ولأنها قضية حق سيكون مسارها طويلا". وتعقيبا على السؤال وينن؟ يجيب: "ربما نجحت السلطة القاتلة في تشتيت مسار ملف جريمة مرفأ بيروت لكنها لن تنجح يوما في ثنينا عن الوصول إلى الحقيقة". ويكشف حصروتي عن الإجتماعات الدورية التي تعقدها مجموعة من أهالي الضحايا وحقوقيون في "مطبخ مريم" في منطقة الكرنتينا ويقول: "الفكرة انطلقت خلال التحضير لقداس الذكرى الأولى لجريمة المرفأ بالتعاون مع مجموعة من المكرسين في تجمّع "كنيسة من أجل لبنان". وبعد الإنتهاء من القداس ارتأينا تحويل اللقاء التحضيري إلى لقاءات دورية في الخامسة والنصف من كل نهار ثلثاء". 

الإلتزام بالحضور يقتصر على مجموعة من الأهالي وإيلي منهم. أما غير الملتزمين بالموعد الأسبوعي فلأسباب تتعلق بارتباطاتهم العملية أو لظروف شخصية لكنهم يتناوبون على الحضور. ويؤكد حصروتي لـ"المركزية" أن "هذا اللقاء تحول إلى منتدى أسبوعي يناقش فيه أهالي الضحايا المستجدات القانونية والتحركات المقررة لكن الأهم هي العلاقة الإنسانية التي نشأت بيننا والتكاتف مع بعضنا البعض". 

في الشق القانوني للملف يؤكد أن "مسار العرقلة القضائية مستمر وفي كل مرة تطالعنا عثرات جديدة تبطل مفاعيل الأمل والرجاء لدى الأهالي، وأعتقد أنها ستستمر إلى أمد غير قريب. لكن في مقابل خطة المواجهة التي تطالعنا بها هذه السلطة القاتلة ثمة خطة دفاع نعمل عليها لمواجهة أساليب قمع الحقيقة وطمس معالمها ومن أبرز نقاطها متابعة مسار ملف الجريمة على المستوى الدولي من خلال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بغية التوصل إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية ويكون تقريرها بمثابة وثيقة قانونية صادرة عن مرجع أممي، إضافة إلى الخط المفتوح مع جمعية LEGAL ACTION WORLDWIDE(LAW التي سلمت رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان بإسم أهالي الضحايا. وهناك مساع لتفعيل التحرك على أمل أن تبصر نتائجه النور في وقت قريب". 

أبعد من المسار القانوني هناك الشق الإنساني الذي تضرب به السلطة بكل مكوناتها أهالي الضحايا وقد تجلى ذلك في ترشح نائبين تم استدعاؤهما للمثول أمام المحقق في جريمة تفجير المرفأ ولم يحضرا" وهذا تأكيد على إمعان السلطة في اعتبار جريمة المرفأ وكأنها حادث عابر". ولا ينفي حصروتي  تداعيات التدخلات السياسية في الملف القضائي والأوضاع الإقتصادية "كلها تنعكس على القضية. إلا أن قرار هدم الإهراءات الذي بات على قاب قوسين من توقيع المرسوم لأسباب تقنية وهندسية فلن يمر، ولن نسمح بطمس الذاكرة والحقيقة  لأن غايات وأهداف السلطة القاتلة باتت مكشوفة وتتلخص بطمس الحقيقة. هم قتلوا أحباءنا ودمروا عاصمة بأكملها وتسببوا في إصابة 7500 مواطن بجروح لا يزال البعض يعاني من تداعياتها عدا المعوقين، واليوم يريدون أن يقتلونا لأننا نسعى إلى الحقيقة. من هنا نصر على مواجهة قرار الهدم إلا في حال أظهرت السلطة عن حسن نيتها من خلال القيام بمبادرة على الصعيدين الإنساني والقانوني تجاه أهالي الضحايا وإلا لن نسمح بهدم الإهراءات حتى لا تكون هناك جريمة عصر ثانية".     

وقع خبر زيارة البابا فرنسيس إلى لبنان في حزيران المقبل فتح كوة نور في جدار الخوف والإحباط لدى أهالي الضحايا علما أن ثمة رسائل عديدة تسلمها قداسته بإسمهم وهناك لقاءات دورية تعقد بين موفدين من الكرسي الرسولي ووفد من الأهالي وآخرها لقاء مع وزير خارجية الفاتيكان الذي زار لبنان وذكر الرئيس ميشال عون بضرورة كشف الحقيقة في جريمة المرفأ. ويختم "نحن أبناء الأمل والرجاء ونؤمن أنه باتحاد إرادة الإنسان بإرادة الخالق تكون القيامة الحقيقية للبنان والعالم الذي يعاني أزمات مماثلة". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o