Mar 30, 2022 6:16 AM
صحف

ميقاتي "متوتّر": إبحثوا عن "خيبة قطر"!

هل أراد الرئيس نجيب ميقاتي فعلاً طرح الثقة بحكومته في مجلس النواب؟ قطعاً لا، بل أتى طلبه هذا في معرض "تسجيل النقاط" في مواجهة منتقدي الأداء الحكومي على قاعدة "هيدا الموجود وإذا ما عجبكم بفلّ"، وفق تعبير مصادر نيابية لـ"نداء الوطن"، مستنداً بذلك إلى تقاطع داخلي – خارجي يؤكد الحاجة إلى بقاء الحكومة لتمرير الاستحقاق الانتخابي، وهو ما ألمح إليه ميقاتي صراحةً من خلال ربطه المباشر بين استقالته و"تطيير" الانتخابات.

وتوقفت المصادر عند ما بدا على رئيس الحكومة من "توتر واضح" خلال جلسة الأونيسكو التشريعية، معتبرةً أنه بات واضحاً أنّ "ميقاتي لم يعد قادراً على التعمية عن عجز حكومته على تحقيق أي إنجاز يُعتد به قبل 15 أيار، خصوصاً في ظل غلبة السطوة العونية على توجهات الحكومة وما يترتب على ذلك من انعكاسات سلبية على أرضية التضامن الوزاري حيال الملفات الحيوية المطروحة، سواءً بالنسبة للتباينات الحاصلة في وجهات النظر داخل الحكومة حيال مضامين خطة التعافي والمفاوضات مع صندوق النقد، أو في ما يتصل بتمرّد وزير العدل هنري خوري على طلب رئيس الحكومة منه تشكيل لجنة قضائية – مصرفية لمعالجة الإشكاليات المحتدمة بين الجانبين"... لكن أبعد من ذلك، اختارت أوساط ديبلوماسية عبارة "إبحثوا عن خيبة قطر" تعليقاً على أداء رئيس الحكومة "المتوتّر" أمام الهيئة العامة، موضحةً أنّ "هذه الخيبة مردّها إلى عدم تمكن ميقاتي من الالتقاء بوزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، بخلاف ما كان يمنّي النفس به قبل عودته إلى بيروت".

ولفتت الأوساط الديبلوماسية إلى أنه "على الرغم من ترحيب الخارجيتين السعودية والكويتية الأسبوع الفائت بما تضمنه بيان ميقاتي حيال تجديد التزام حكومته بالقيام بالإجراءات اللازمة لإعادة تطبيع العلاقات اللبنانية مع دول مجلس التعاون الخليجي، شكّل عدم التقاء بن فرحان برئيس الحكومة في الدوحة مؤشراً واضحاً إلى أنّ الأمور لا تزال غير ناضجة بعد على صعيد عودة هذه العلاقات الديبلوماسية إلى طبيعتها المنشودة"، كاشفةً أنّ "سفير لبنان لدى السعودية فوزي كبارة والقائم بالأعمال اللبناني في الكويت هادي هاشم وسفير لبنان لدى البحرين ميلاد حنا نمور، لم يتبلغوا بعد أيّ جديد حتى الساعة بشأن عودتهم إلى مقار عملهم"، مع إشارتها في الوقت عينه إلى أنّ "عودة السفراء اللبنانيين إلى الخليج والسفراء الخليجيين إلى بيروت ليست مستبعدة في أي وقت، لكنّ التركيز السعودي – الفرنسي في هذه المرحلة ينصبّ على تمويل المشاريع الإنسانية لمساعدة الشعب اللبناني في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة التي يمرّ بها".

في المقابل، أشارت "الجمهورية" إلى أن الرئيس ميقاتي كاد أن يستقيل أمس لكنّه تهيّب الموقف وتحسّس خطورة الاوضاع فالتفّ على دافعيه الى الاستقالة لاكتشافه أنهم يريدون الهروب من الانتخابات عبر إسقاط الحكومة بدفعه الى الاستقالة او بأي طريقة اخرى. ولذلك طار مشروع «الكابيتال كونترول» من المجلس النيابي ليحطّ على طاولة مجلس الوزراء اليوم على أن يعود منه بصيغة مشروع قانون محمّلاً بالتعديلات المطلوبة والمشفوعة برأي صندوق النقد الدولي. وذلك في انتظار جلسة تشريعية اخرى يدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري خصوصاً أن مشروع القانون هذا مطلوب بإلحاح لعقد الاتفاقات المطلوبة مع صندوق النقد الدولي وبقية المؤسسات المالية الدولية. ولوحظ انّ بري استدرك غضب رئيس الحكومة في مستهل الجلسة من تحامل البعض على حكومته فلم يستجب طلبه تحويلها جلسة مناقشة تنتهي بطرح الثقة بالحكومة فأكد له انها جلسة تشريعية، وبالتالي فإنّ بري تهيّب من جهته خطورة إسقاط الحكومة على الاوضاع في هذه الظروف فلا هو قبِل بجلسة مناقشة وطرح الثقة ولا ميقاتي ذهب الى الاستقالة مكتفياً بدق جرس الانذار للجميع محذّراً ايّاهم من خطورة ما يذهبون اليه.

و قال ميقاتي لـ«الجمهورية»: «انهم لا يريدون الانتخابات ويعتبرون ان الورقة الاخيرة لخلاصهم منها هي إسقاط الحكومة وربما يحقق هذا الامر اذا حصل مبتغاهم ولكنني لن انساق اليه وأستقيل فلا استقالة ولا من يستقيلون. ولذلك انّي أدق جرس الانذار للجميع من ان الاوضاع لا تُدار بهذه الطريقة ولن اقبل بما يقومون به لأن ما يجري هو على حساب الوطن والبلد واللبنانيين ولن يؤدي الى نتيجة».

واستغرب ميقاتي «ربط البعض بين مشروع الموازنة وخطة التعافي»، وقال: «ان الموازنة هي استحقاق دستوري على الحكومة أن تنجزه في مواعيده بينما خطة التعافي منفصلة عنها وسترفع وحدها الى المجلس». ولاحظ انّ البعض يمارس شعبوية وخلطاً بين الامور على حساب الحكومة والعهد معاً وهذا لا يجوز ولا نستطيع ان نستمر بهذه الطريقة وعلى هذا المنوال ومسرحية التصريحات لن تنطلي علينا». واضاف: «اما بالنسبة الى ما يتعلق بمشروع الكابيتال كونترول فهو في الاساس اقتراح قانون ورد من مجلس النواب الى الحكومة وطلبوا ان نُدخل تعديلات عليه الى جانب رأي صندوق النقد الدولي فأتينا لهم بهذه المسائل، فكانت حجّتهم الآن انه ينبغي ان يرد الى المجلس بمشروع قانون. حسناً سنفعل هذا الامر في مجلس الوزراء غداً (اليوم) ونعيد إرساله اليهم».

قالت اوساط نيابية لـ»الجمهورية» ان طلب ميقاتي خلال الجلسة العامة طرح الثقة في حكومته كان أقرب إلى مناورة سياسية منه الى موقف جاد»، مشددة على «أن ميقاتي يعرف، كما صرّح بنفسه، ان الحكومة باقية لإجراء الانتخابات النيابية وانها ممنوعة من الانصراف سواء بسحب الثقة منها او بالاستقالة، وبالتالي فإن احدا لن يتحمل مسؤولية اسقاطها في هذا التوقيت».

واشارت هذه الاوساط الى «ان ميقاتي اراد إحراج بعض الكتل وحشرها ردا على المطالبة بطرح الثقة في الحكومة كما فعل النائب جورج عدوان من كتلة «القوات اللبنانية» في معرض الاحتجاج على صيغة الكابيتال كونترول، لافتة إلى انه «خرج من المجلس وقد أعاد «تشريج» رصيده الحكومي بعد مُسارعة الرئيس نبيه بري الى سحب اقتراح ميقاتي المباغت بطرح الثقة من التداول».

ونفت الاوساط نفسها ان يكون مبدأ الكابيتال كونترول قد سقط بعد الجلسة العامة امس، لافتة إلى «ان الحكومة ستعد مشروع قانون متكاملا وتحيله الى المجلس»، متوقعة ان يتم إقراره قبل الانتخابات النيابية «لأنه بلا كابيتال كونترول لا إنقاذ، ومن دونه لن يأتي الدعم المالي من صندوق النقد الدولي والدول المستعدة للمساعدة، لأن هذه الجهات تخشى من ان تدخل الأموال لبنان ثم تخرج منه اذا لم يكن هناك كابيتال كونترول يحميها».

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o