Mar 29, 2022 4:05 PM
خاص

إجتماع النقب..هل يؤسس لمواجهة إقليمية مع دول محور ايران؟

المركزية – شهد منتجع سديه بوكير في صحراء النقب في إسرائيل يوم السبت الماضي محادثات "تاريخية" جمعت وزير الخارجية الأميركية انطوني بلينكن، الذي يقوم بجولة في المنطقة، مع الدول العربية التي طبّعت العلاقات مع الدولة العبرية في إطار اتفاقيات أبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة.  

يأتي الاجتماع، الذي ضمّ إلى جانب بلينكن وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة ومصر والإمارات وإسرائيل والبحرين والمغرب، على خلفية التمرّد الخليجي على الولايات المتحدة، والذي يعدّ سابقة لم تعهدها الإدارات الأميركية منذ نشوء العلاقة مع السعودية بعد الحرب العالمية الثانية. لذلك تسعى الولايات المتحدة جاهدة لاحتواء الموقف العربي والخليجي الذي يريد من الأميركيين مواجهة ايران وليس الرضوخ لها. فهل يؤسّس إجتماع النقب لمواجهة إقليمية مع دول المحور الإيراني في المنطقة بما يؤمّن احتواء التمرّد الخليجي لصالح الولايات المتّحدة؟  

مدير "معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية" الدكتور سامي نادر يؤكد لـ"المركزية" ان "اللافت للانتباه في هناك حلفا لشركاء أميركا من دون أميركا، ما يعني أن هناك أموراً مطلوبة من واشنطن من قبل حلفائها. كما تُعتبر قمة النقب "تاريخية"، لأن اسرائيل هي من تبوأت الريادة على رأس مجموعة لها وزنها، نحن امام محور جدي، قد يكون من المحاور الأكثر نفوذا في المنطقة لما يمثّل على المستوى السياسي والاقتصادي والاستراتيجي. إضافة إلى أنها عُقدت في النقب التي لها رمزية من وجهة نظر اسرائيلية، حيث أن القمة لم تُعقد في منطقة حدودية، وفيها يقع قبر ديفيد بن غوريون أول رئيس حكومة في تاريخ دولة إسرائيل. وكان لافتاً ما قاله بلينكن بأننا ننتقل من مرحلة التطبيع الى مرحلة الوضع الطبيعي (we’ re getting from normalization to normal)   

ويشير نادر إلى "ان ملف الشرق الاوسط بدءاً من الصراع مع ايران وصولاً إلى المحادثات النووية اصبح مرتبطاً بشكل عضوي بالملف الاوكراني- الروسي، وبالتالي إذا لم تنجح الولايات المتحدة في استراتيجية العقوبات ومواجهة روسيا وصد الغزو الروسي على الأرض الأوكرانية، فقد اصبح الممر الالزامي هو الشرق الاوسط. فهي اولا تريد ان تتأكد ان الجهة الروسية لن تتهرب من العقوبات من خلال دول الشرق الاوسط والمنصات المصرفية والمالية فيه. وكان لافتاً ما قاله بلينكن انه مرتاح لقرار اسرائيل عدم السماح للروس بالتهرب من العقوبات الاقتصادية. اذاً اليوم معظم بلدان الشرق الاوسط وقفت على الحياد ولم تلتزم بالعقوبات بشكل صارم، إلا القرار التركي الذي كان واضحا بأن ليس لديه ما يسمى عقوبات ولا يعترف إلا بتلك الصادرة عن الامم المتحدة، وبالقانون الدولي فقط، فإذا جاء مثلا احد من الاوليغارشيين ورسا يخته في اسطنبول او في أي ميناء في الشرق الاوسط فلست متأكدا من ان احدا سيعترضه. إذاً الهمّ الاول لمن يفرض العقوبات هي سدّ الثغرات التي قد يفلت منها الطرف المعني بغية نجاح الاستراتيجية، وهذا يعني ان من المهم ان تبدأ الولايات المتحدة بحلفائها في الشرق الاوسط".  

ويضيف: "الموضوع الثاني المهم له علاقة باستراتيجية مواجهة روسيا في اوكرانيا، إذ أن جزءا من العقوبات يقوم على عدم استيراد نفط من روسيا. لكن عدم استيراد هذا النفط يقابله خوف من التهاب الاسعار الذي سيؤدي حينها، كما يقول الطرف الالماني، إلى إلحاق الأذى بأنفسهم اكثر من الروس. لذلك، هناك تعويل اليوم على ضخ مزيد من الغاز والنفط في الاسواق من اجل المحافظة على اسعار النفط، بشكل لا يؤذي الاقتصاد العالمي ولا الدول الحليفة والشريكة مع الولايات المتحدة التي لن تتأذى كثيرا لأن لديها اكتفاء ذاتيا. لكن من سيضخ هذا النفط والغاز غير السعودية وقطر والامارات؟ وبالتالي اميركا بحاجة الى الحلفاء على الاقل لسببين: أولاً، كي لا يكون الشرق الاوسط ممرا للافلات من العقوبات وثانياً من اجل ضمان اسعار الطاقة بمعدلات مقبولة لا تسمح للدول، في حال ارتفاع الأسعار، بالتهافت على روسيا ومناشدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل الحصول على النفط، لأن اقتصاد الدول وامنها الاجتماعي بات بخطر. لذلك، تطلب الولايات المتحدة تعاون هذه الدول. ولكن هل يمكن حصول ذلك من دون مقابل؟ ليس هذا فقط، بل ان جبهات اليمن مفتوحة، والحوثيون يطلقون الصواريخ على ارامكو وعلى منشآت النفط السعودية، ورغم كل ذلك تطلب من السعودية ضخ المزيد من النفط؟ لذلك، شهدنا نوعا من المسافة التي أتخذتها دول الخليج. هل يُعقل أن الولايات المتحدة تطلب المساعدة وتريد في الوقت نفسه تحمل هذه الدول كامل الفاتورة ولا تريد ان تتحمل اي جزء من الحساب؟ لذلك، بدا واضحا في الفترة الأخيرة الجهد الاميركي، حيث رفعت الولايات المتحدة لهجتها ضد الحوثيين وهناك التزام في أمن الشركاء".  

ويتابع نادر: "هناك ملف آخر، هو الايراني. وهنا كانت الرسالة واضحة من الدول العربية والخليجية الى الولايات المتحدة ومفادها: كيف تريدين ان نتعامل معك وتتركين ايران التي تدعم الحوثيين والمحادثات في الملف النووي تتمحور فقط حول تخصيب اليورانيوم دون باقي الملفات المرتبطة؟ وهنا يمكن القول، أن الحرب الاوكرانية اعادت ربط الملفات وكسرت سياسة فصل المسارات التي وضعها الرئيس الاميركي باراك اوباما اي التحدث عن النووي دون التطرق الى الصواريخ الباليستية، من منطلق حل النووي ومن ثم العودة للنظر في الملفات الاخرى.  اليوم، هذا الامر لم يعد وارداً، وشركاء الولايات المتحدة يطالبون بالبحث، إلى جانب النووي بالصواريخ وأذرع ايران في المنطقة، وهذا كله مختصر ببند واحد، شطب الحرس الثوري الايراني عن لائحة الارهاب ام لا، لأن شطبه يعني تصدير الثورة والصواريخ الباليستية، وهذا أمر مرفوض".  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o