Mar 29, 2022 3:14 PM
اقتصاد

مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك للفصل الرابع: مزيد من الانهيار والتراجع

المركزية- أظهر "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" حول الفصل الرابع من العام 2021 (Q4 - 2021)، مزيداً من الانهيار في القدرة الشرائية ومزيداً من التراجع في الحركة الاستهلاكية، ليسجّل 2.44 مقابل 4.42 في الفصل السابق.

وجاء في تفاصيل المؤشر: "شهدت الأسواق تدهوراً متسارعاً لليرة اللبنانية في الفصل الأخير من سنة 2021 , لتلامس هذه الأخيرة عتبة الـ 30,000 مقابل الدولار الأمريكي في الشهر الأخير من السنة (من مستوى 23,000 في الشهر السابق له)، الأمر الذى تسبـّـب تلقائياً بمزيد من التدهور في القدرة الشرائية للأسر والأفراد، في حين لم يتم المباشرة بطرح البطاقة التمويلية الموعودة، ولا صرف أي من المساعدات الإجتماعية خلال الفترة قيد الدرس.

وفي الأسواق التجارية، كان للغلاء الناتج عن تدهور قيمة العملة المحلية مقابل الدولار أثراً كبيراً لجهة تقليص المصروف الإستهلاكي وحصره بالسلع والمواد المعيشية الأساسية، من غذاء ودواء ووقود، مع محاولة معظم الأسر تغطية الحد الأدنى من المصاريف المتعلـّـقة بالعودة الى المدارس لجهة الأقساط والكتب والقرطاسية ... أما موجة الوافدين من المغتربين اللبنانيين خلال فترة الأعياد فكانت خاطفة، وضخـّـهم للدولارات لم يكن كافٍ لإحداث تحسـّـن ملموس في أرقام الأعمال الحقيقية حيث كان الصرف بمعظمه بالليرة اللبنانية !

ولا بدّ من الإشارة أيضاً الى الصعوبات التى ظلّ التجار بواجهونها في تسعير البضائع يومياً تماشياً مع الإنخفاض المضطرد للعملة الوطنية، وإصرار الجهات المختصة – ولا سيما وزارة الإقتصاد والتجارة، على عدم إعطاء الإذن للتجار بالتسعير بالدولار وإحتسابه عند البيع بالليرة اللبنانية حسب سعر السوق.   

وبالتزامن مع كل تلك السلبيات، كان مؤشر غلاء المعيشة يسجـّـل أرقاماً قياسية غير مشهودة على الصعيد المحلي (من الأعلى عالمياً)، وبالطبع لم يظهر أي مؤشر إيجابي يبشـّـر بإمكانية تعافي مالي قريب في الدولة – لا سيما في ظلّ توقـّـف إجتماعات مجلس الوزراء، وعدم إنطلاق المشاورات مع صندوق النقد الدولي، والمقاطعات التى فرضتها معظم دول الخليج مع ما سبـّـبته من شلل في الحركة التصديرية وإدخال العملة الصعبة الى البلاد، الأمر الذى زاد من حجم الإنكماش الذى من المتوقـّـع أن يسجـّـله الناتج المحلي لهذه السنة والذى قد لا يبلغ أكثر من 22 مليار دولار بعد أن كان قد وصل الى 55 مليار سابقاً، يرافقه طبعاً إنخفاضاً قياسياً في حجم الإيرادات الحكومية ونسبة مديونية تكاد تكون الأعلى عالمياً، مع إستمرار في تفاقم العجز في ميزان المدفوعات بالرغم من تقلـّـص العجز في الميزان التجاري.

ومن جهة أخرى، كان لم يتمّ – لغاية نهاية الفصل الرابع لسنة 2021، إقرار أي تخصيص نهائي لكل أو جزء من مبلغ الـ 1,135 مليون دولار الذى حظي به لبنان من خلال حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي.

وفي هذه الفترة أيضاً، ظلّ البنك المركزي يحاول إمتصاص ما أمكن من الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية المتضخـّـمة جداً (والتى كان من المتوقّع أن تتخطّـّـى في نهاية الفصل الرابع من هذه السنة الـ 55 ألف مليار ليرة بالمقارنة مع أقل من 35 ألف مليار ليرة في نهاية السنة السابقة) وذلك من خلال إصدار تعاميم وتدابير نقدية – ولا سيما تفعيل التداول من خلال منصـّـة صيرفة فيما بين العملة اللبنانية والدولار الأمريكي، لتقليص حجم التداول من خلال المكاتب ومحاولة ضبط سوق القطع .. فيما كانت كتلة الإحتياطي بالدولار الأمريكي تتقلـّـص دون وجود أي قناة مستحدثة لإستقطاب العملة الصعبة من الخارج أو من الداخل.

ولم يكن لكل ذلك بالطبع أي أثر ملحوظ على إستعداد أو إمكانية أغلبية الأسر اللبنانية على الإستهلاك أو حتى القيام بأي مصاريف غير الأساسية وظلّ أصحاب النقود المخزّنة في البيوت يلجأون لها فقط في حالات الضرورة القصوى .

وبالتلازم مع كل تلك المعطيات، سجـّـل مؤشر غلاء المعيشة الرسمي الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي (CPI) إرتفاعاً شديداً ما بين الفصل الرابع لسنة 2020 والفصل الرابع لسنة 2021 حيث سجـّـل نسبة +  224.39 % (بعد أن كانت تلك النسبة قد بلغت + 144.12 % في الفصل السابق)، في حين بلغت النسبة +  50.08 % ما بين الفصلين الثالث والرابع لسنة 2021 (بعد أن كانت قد سجـّـلت + 47.95 % في الفصل السابق له)، وبذلك تكون قد سجـّـلت إستمراراً للتسارع في إرتفاع الأسعار، دون أن تكون الحكومة قد بادرت بإتـّـخاذ أي تدابير للجم هذا الإنهيار والإرتفاع الجنوني في الأسعار.

وفي ضوء أرقام التضخـّـم السابقة، المرافقة لإرتفاع مستمر لسعر صرف الدولار في الأسواق، نشهد معدلات تضخـّـم قطاعية غير مسبوقة، إن في قطاع النقل، أو المواد الغذائية والمخابز والمطاعم، أوحتى في قطاعات الصحة من جهة والملبوسات والتجهيزات المنزلية من جهة أخرى – أي في كل القطاعات الحيوية والأساسية ...

وعليه، يتبيـّـن أنه - وبعد التدقيق في أرقام الأعمال المجمـّـعة الإسمية (Nominal) لقطاعات تجارة التجزئة ما بين الفصل الرابع من 2020 والفصل الرابع من 2021، أن هنالك إرتفاعاً في الأرقام بنسبة 32.89 %  بعد إستثناء قطاع المحروقات ( للتذكير: إن هذا الإرتفاع يمثل نسبة الزيادة في أرقام الأعمال الإسمية بالليرة اللبنانية قبل التثقيل !)..

أما بعد التثقيل بنسبة مؤشر غلاء المعيشة ما بين الفصل الرابع من 2020 والفصل الرابع من 2021، نجد أن تلك الأرقام قد سجـّـلت خلال الفصل الأخير من سنة 2021  مزيداً من الإنخفاض وذلك في كافة قطاعات الأسواق التجارية، بالرغم من أن الفصل الأخير من 2020 كانت نتائجه سيئة جداً بسبب القيود المتعدّدة التى كانت تؤثر سلباً على نشاط الأسواق، وليس أقلـّـها القيود المرتبطة بجائحة كورونا .. وبما أن نسبة التضخـّـم كانت مرتفعة جداً، تبيـّـن أن أرقام الأعمال الحقيقية قد هبطت بنسبة تكاد تلامس مجدّداً المئة بالمئة، (كما أشرنا أعلاه، فقد بلغ إرتفاع مؤشر الغلاء نسبة  224.39 % بعد نسبة 144.12 % كان قد سجـّـلها في الفصل السابق له)، وذلك بإستثناء قطاع المحروقات كما سبق وذكرنا والذى سجـّـل زيادة طفيفة جداً بنسبة 1.69 % من حيث الكميات، في حين تجدر الإشارة الى أن هنالك قطاعين فقط حيث كان إنخفاض أرقام الأعمال معتدلاً نسبياً، على عكس كل باقي القطاعات، وهما قطاع مواد البناء (-2.51 %) وقطاع الهواتف الخلوية (- 36.17 %).

أما بين الفصلين الثالث والرابع، لوحظ أنه يتم أيضاً تسجيل إستمرار في إرتفاع مؤشر غلاء المعيشة الفصلي، حيث سجـّـل ما بين هذين الفصلين لسنة 2021 نسبة + 50.08 % (وهي نسبة قريبة من الـ  47.95 % التى تمّ تسجيلها في الفصل السابق)، وكان الملفت خلال هذا الفصل أن كافة القطاعات – ما عدا قطاع معدّات البناء، شهدت تراجعات متفاوتة في أرقام أعمالها الحقيقية.

عليه، جاءت النتائج المجمـّـعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجـّـل – مقارنة بمبيعات الفصل الثالث لسنة 2021، تراجعاً إضافياً في أرقام الأعمال الحقيقية المجمـّـعة، وذلك بالرغم من أن الفصل الرابع من كل سنة يـُـعتبر أهم فصل من قـِـبل التجار من حيث حجم أرقام الأعمال السنوية .. وقد بلغ التراجع الحقيقي (أي بعد التثقيل بنسبة التضخـّـم) للنشاط المجمـّـع نسبة – 41.38 % (بالمقارنة مع هبوط 46.82 % في الفصل السابق) بعد إستثناء قطاع الوقود والمحروقات (الذى سجـّـل تراجعاً فصلياً بنسبة 6.32 % من حيث الكميات، مترجماً الإنخفاض المستمر في الطلب المحلي نتيجة للرفع التدريجي للدعم وبلوغ أسعار المحروقات مستويات غير مألوفة في السوق اللبنانية).

في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنـّـيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الثالث من سنة 2021، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 50.08 %، نعلن عن أن "مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة" هو: 2.44 للفصل الرابع من سنة 2021 مقابل 4.42 في الفصل السابق له".

* * *

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o