Mar 28, 2022 3:53 PM
خاص

التعاطي القضائي مع المصارف... تهديد للانتظام العام الاجتماعي والمالي والاقتصادي

المركزية – أمام الصراع القائم بين المصارف والقضاء عبر المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، وفتح ملفات مالية من اختصاص المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، تسأل اوساط حقوقية عن سبب انكفاء القاضي ابراهيم عن الساحة بدلا من وضع يده على الملفات وإحالتها الى قضاة التحقيق المعنيين؟ وأين دور المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات خاصة وأن الملفّات القضائية التي فتحتها القاضية عون، عمّقت أزمة القضاء اللبناني، وزادت من تضارب الصلاحيات بين مرجعياته؟  

مصدر قضائي رفيع يؤكد لـ"المركزية" أن "هذه اموال خاصة وليست عامة، وبالتالي عندما تتعلق الامور بأموال عامة تدخل النيابة العامة المالية، اما عندما تكون خاصة، اي اموال المصارف والمودعين، فإنها تبقى من صلاحية القضاء العدلي وليس المالي، بما ان القضية قضية مودعين، ومن يتلاحقون هم المصارف ورؤساء مجالس إدارتها. فمن ناحية الاختصاص، يمكن التأكيد ان لدى القاضية عون اختصاصا، أما إذا أردنا العودة الى أساس المشكلة، فيمكن القول ان المدعي العام التمييزي، الرئيس المباشر للقاضية عون، سحب منها الملفات المالية، اي الجرائم الجزائية المالية حتى لو كانت تتعلق بأموال خاصة، الأمر الذي لاقى اعتراضات شديدة، بعدها اجتمع مجلس القضاء وطلب منها تطبيق تعليمات رئيسها المباشر المدعي العام التمييزي وحوّلها أيضاً الى التفتيش القضائي. رغم ذلك لم ترتدّ وبقيت مستمرة، وبالتالي أصبح تصرفها "تمرّداً" على رؤسائها وعلى مجلس القضاء الأعلى، ما يضفي صفة عدم المشروعية لما تقوم به، لاسيما وأنه أصبح ثابتا للعيان أن ما تقوم به له علاقة بالسلطات السياسية.  

وتعليقاً على الموضوع، يؤكد رئيس مجلس الشورى السابق القاضي شكري صادر لـ"المركزية": "هناك انتظام عام اجتماعي واقتصادي ومالي لا يمكن تجاوزه. الطريقة التي تتم بها معالجة تعثر المصارف غير مقبولة. فليس هناك بلد في العالم يمكنه أن يعيش من دون قطاع مصرفي". ويسأل عن سبب استفاقتهم اليوم، "بعد سنتين ونصف السنة من التعثر؟"  

ويشبّه صادر ما يحصل مع المصارف، تماما بما حصل بين كوبا وروسيا عندما عقدتا اتفاقا يقضي بأن تسمح كوبا لروسيا بوضع صواريخ نووية على أراضيها، علماً أن كوبا تبعد 50 كيلومترا عن مدينة ميامي الاميركية. ففي القانون، هذا الاتفاق بين دولتين مستقلتين لا يمكن لأحد التدخل فيه، ولكن عندما تشكل هذه العملية تهديدا للأمن القومي الاميركي، فإن البلد المعني لا يسأل بعدها عما يقوله القانون.انذاك، تحدث الرئيس الاميركي جون كينيدي مع نيكيتا خروتشيف وأعلمه بأنه سيُغرق السفن التي تحمل الصواريخ في البحر، حتى لو أدى ذلك الى حرب عالمية. ما يعني أن تهديد الأمن القومي يعني تهديد الانتظام العام للبلد. وبالعودة إلى لبنان، يمكن القول ان لا اقتصاد بلا مصارف، وفي حال تمّ تدمير القطاع المصرفي، فإن إعادة بنائه قد تستغرق أكثر من 25 سنة. لا ننكر ان القطاع يحتاج الى إعادة هيكلة، ولا ننفي مسؤولية المصارف، إنما طريقة معالجة الامور، يجب ألا تكون عن طريق كسر المصارف كلها وإعلان إفلاسها، لأن أول المتضررين سيكون المودعون، اي المليون و200 ألف مواطن الذين لديهم حسابات في المصارف. هل ندمر الاقتصاد؟ طريقة التعاطي مع الملف اليوم من قبل بعض القضاة التابعين لبعض المراجع السياسية تشغل البال، وتؤدي إلى خراب المجتمع اللبناني، وتهدد الانتظام العام الاجتماعي والمالي والاقتصادي. فليس بهذه الطريقة تتم معالجة القضية". 

ويعتبر صادر أن المساهم الاكبر بخراب البلد هو الدولة التي أخذت الاموال من المصرف المركزي ولم تعِدها، والتي كان مطلوبا منها إقرار قانون الكابيتال كونترول بعد يومين من إعلان توقف لبنان عن دفع سندات الخزينة. مضت سنتان ونصف السنة ومازلنا نفكر بالكابيتال كونترول. "يللي ضرب ضرب ويللي هرب هرب"، ما النفع بعد ان أخرج كبار المودعين اموالهم الى الخارج؟ على من "الكابيتال كونترول"، على الأب الذي يريد تحويل أموال الى ابنه الذي يدرس في الجامعة في الخارج؟ مشروع القانون، بالشكل الذي يتم إقراره ودراسته في مجلس النواب هو باختصار سيئ بحق المودعين، وكأنهم يريدون شد الحبل مجددا حول رقابهم".  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o