Mar 12, 2022 12:20 PM
خاص

الحرب الروسية على أوكرانيا: تصعيد وفلتان أم ثبات؟

المركزية – في حين تحاصر القوات الروسية حالياً أربع مدن أوكرانية كبرى على الأقل، اقتربت في الساعات الاخيرة من العاصمة كييف، التي قال عمدتها فيتالي كليتشكو إن العاصمة الأوكرانية تتحول إلى "حصن". وحذر الجيش الأوكراني من أن القوات الروسية تحاول "القضاء على دفاعات القوات الأوكرانية حول مناطق إلى الغرب والشمال الغربي من العاصمة لإغلاق كييف". فأي طريق ممكن أن تسلكه الحرب الروسية-الأوكرانية؟ هل يحسمها الروس بمحاصرة العاصمة؟ أو تتفلت الأمور من عقالها؟ خصوصاً وأن اللغة الأميركية تهويلية وعالية النبرة كما الاجراءات العقابية لموسكو، فيتّجه العالم إلى حرب شاملة؟  وهل يقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على استخدام السلاح النووي ان استمر الضغط الدولي عليه ومحاصرته من كل الجهات؟ وماذا ان تدخل حلف الناتو عسكريا لدعم كييف؟ فرضيات يطرحها العالم اايوم مراقبا تطور الوضع الميداني في اوكرانيا، فهل من جواب؟

في مقاربة للوضع الحالي يوضح العميد الركن خالد حمادة لـ "المركزية" أن "مراقبة دقيقة للوضع الميداني الأوكراني تظهر أن العمليات العسكرية تسير بوتيرة بطيئة لأن عددا كبيرا من المدن أصبحت مطوّقاً من كييف شمالاً وخاركيف شرقاً حتّى خيرسون جنوباً التي سقطت، وصولاً إلى محيط أوديسا، وميكولايف، ودنيبرو في الوسط... سير العمليات الجارية الآن يهدف إلى إفراغ هذه المدن من سكّانها المدنيين، بالتالي توفير البيئة الملائمة لإسقاطها بأقلّ عدد من الخسائر سواء من الجيش الروسي أو من المدنيين. كلّ هذه المدن مهمة وليس فقط كييف ، لأن مجرّد سقوطها يعني أن كلّ البنية الاقتصادية الأوكرانية باتت في يد الروس، فلا يتبقى سوى الإعلان الرسمي لاستسلام الحكومة الأوكرانية على الأقلّ ، أو الرضوخ لشروط التفاوض"، لافتاً إلى أن "هذه العمليات تسير بالتوازي مع المفاوضات في بيلاروسيا، وأمس الاول عقدت مباحثات في أنطاليا لم تؤدّ إلى أي نتائج لأن حتى اللحظة، لا يبدو أن الناتو أو الاتّحاد الأوروبي أعطى ضوءاً أخضر للرئيس الأوكراني بالتفاوض الجدي. جلّ ما يمكن أن يطرحه الرئيس الأوكراني أو من يمثّله في المفاوضات هو التفاوض على الممرات الآمنة أما شروط الروس فواضحة، يريدون أوكرانيا دولة محايدة مجرّدة من السلاح الذي يشكّل خطراً على الأمن الروسي وكذلك الاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين وبجزيرة القرم، وهذه شروط ليس بمقدور أوكرانيا الموافقة عليها أو مناقشتها، لذا القضية متوقفة عند هذه النقطة". 

ويستبعد حمادة " اتجاه العملية العسكرية إلى مزيد من التصعيد، إلا في حال كان هناك جهد عسكري غربي خارج عن المألوف ولا أميل إلى هذه الفرضية. فالأميركيون يلجمون كل المحاولات الأوروبية المتفردة لزج الناتو في هذه العمليات،و الموقف الأميركي من طائرات ميغ 29 وعدم تدخل واشنطن  والناتو في الحرب والناتو ليس سوى جزءاً منها،  وكذلك المواقف الأوروبية المتعددة حاولت إخماد المواقف المشابهة للموقف البولندي أو سواه من المواقف التصعيدية أو نداءات الرئيس الأوكراني التي تبدو كأنها صرخة في واد".  

ويتابع "لا أعتقد أن العمليات العسكرية ستخرج عن هذا النطاق، وما من معنى للكلام عن التهديد النووي لأنه سيدمّر العالم برمّته. الموقف الآن في مرحلة إعادة الحسابات، لا تبدو أوروبا قادرة على الاستغناء عن إمدادات النفط الروسي، فيما تبدو موسكو متلائمة ومتعايشة مع العقوبات على الاقل في الأمد القريب، فروسيا كانت في قلب الاتحاد السوفياتي الذي عاشت دوله داخل ستار حديدي ومعتادة على هذا النوع من الحياة. تعيد أوروبا حساباتها للتوصل إلى صيغة للخروج من الأزمة لأنها لا تريد أن تحول أوكرانيا الى مسرح لحرب استنزاف أو خط تماس دولي لتبادل العمليات العسكرية قد يمتد لسنوات، لذا فالأمور متوقفة راهناً عند هذا الحدّ، وستبقى وتيرة التصعيد على هذا المستوى إذا لم يطرأ أي تصعيد عسكري غير محسوب. هذا بالاضافة ان العالم لم يتمكن حتى الآن من تلقف التداعيات الاقتصادية وموجات النازحين الأوكرانيين الذين تجاوز عددهم المليونين وهو رقم مرشّح للارتفاع". 

ويختم "الأمور ستبقى مضبوطة والجدية في المفاوضات تفترض أن يجلس الى طاولة المفاوضات إلى جانب الرئيس الاوكراني كل من الأمم المتّحدة والولايات المتّحدة ودول فاعلة في الاتحاد الأوروبي كضمانة لأي اتّفاق. أما استمرار اللقاءات بوتيرتها الحالية فيعني أن العمليات العسكرية ستبقى متسقة معها وهادئة وسيتم إسقاط المدن أو دخولها تدريجاً بالتزامن مع محاولات أوروبية لكسب الوقت وتفادي الإضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تتعرض لها أوروبا التي يبدو أنها عصية على الاستيعاب لغاية الآن إلى أن تحين فرصة نضوج صيغة منطقية تؤدي إلى الاستجابة بشكل أو بآخر للهواجس الروسية بضمانات أوروبية واميركية.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o