Feb 28, 2022 4:59 PM
خاص

الحياد في ميزان الحزب استنسابي ومواقف الدولة لا قيمة ولا اعتبار!

 المركزية - سريعا رقّع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب ازمة البيان الذي أعلن فيه موقف لبنان من اجتياح روسيا للأراضي الأوكرانية والذي "تلقفه بصدره" بحسب قوله، وأدلى بموقف "تصويبي" ، قال فيه " إن لبنان "سيمتنع" عن المشاركة في تبني قرار مقدم لمجلس الأمن الدولي في نيويورك للتنديد بالعملية العسكرية الروسية، وأنه "سيدرسه" عند إحالة القرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة "بالتشاور" مع الدول العربية الأخرى". 

قبل 24 ساعة على صدورهذا البيان كانت أصدرت الخارجية بيانا أدانت في سطوره ما سمته "اجتياح الأراضي الأوكرانية" ودعت "روسيا إلى وقف العمليات العسكرية فورا، وسحب قواتها منها، والعودة إلى منطق الحوار والتفاوض كوسيلة أمثل لحل النزاع القائم بما يحفظ سيادة وأمن الجانبين، ويهدئ هواجسهما، ويسهم في تجنيب شعبي البلدين والقارة الأوروبية والعالم مآسي الحروب ولوعتها". لكن كلام عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله نسف منطق الدولة وأطاح بموقفها "الرسمي في قوله: "ما صدر عن وزارة الخارجية اللبنانية حول ما يحصل بين روسيا وأوكرانيا لا يعبر عن موقف الشعب اللبناني، ولا عن موقف الدولة اللبنانية، لأن هذه الدولة لها مؤسسات لم تناقش مثل هذا الموقف، فهو لم يصدر عن مجلس الوزراء ولم يناقشه". 

قرار لبنان إدانة الاجتياح الروسي لأوكرانيا أثار بلبلة وفجر مواقف متباينة بين اللبنانيين، بحيث اعتبر البعض أنه "يفتقر الى الدبلوماسية"، وهذا صحيح في مفهوم الدول بحسب مصادر ديبلوماسية أفادت "المركزية" بأنه "كان يفترض على وزير الخارجية مناقشة القرار مع الحكومة". أما القول بأن هذا البيان "يخالف قرار لبنان بالتزام سياسة الحياد إزاء الدول الأخرى في أزماتها وحروبها وبأنهم ينأون بأنفسهم ويدَّعون الحياد حيث يشاؤون، ويتدخلون ويدينون أيضاً حيث يشاؤون - في إشارة إلى الدولة - كما جاء على لسان النائب إبراهيم الموسوي، "فهذا نوع من السوريالية" تضيف المصادر، "لأن الحياد ليس استنسابية ولا يطبق فقط في موقف الخارجية من الحرب على أوكرانيا ويسقط في انحيازها إلى محور إيران ضد العرب ودفاعها عن الحوثيين في اليمن". وكان سبق بيان التنديد لقاء بين وزير الخارجية بو حبيب والسفير الروسي في بيروت، الكسندر روداكوف، حيث أعرب له عن "أسفه لأن لبنان بصدد إصدار بيان إدانة للعملية العسكرية الروسية، وأكدنا أن هذا الموقف غير موجه ضد دولته ولا نرغب في أن يؤثر على العلاقة الثنائية الوطيدة". 

رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب الكتائب اللبنانية الدكتور ميشال أبي عبد الله لفت عبر "المركزية" الى أن البيان فضح الانقسامات في السلطة التنفيذية وداخل الحكومة كما فريق الثنائي الشيعي بطريقة فاقعة،  إذ ان وزير الخارجية حينما اصدر البيان حصل تشاور بين رئاستي الجمهورية والحكومة،  والنائب جبران باسيل وضع حتما  في جو الاتصالات حول اصدار البيان من الناحية المبدئية  لجهة ان لبنان يعتبر ان اي دولة تحتل اخرى وتنتهك سيادتها تقترف خطأ غير مقبول، وفق القانون الدولي. لكن الثنائي الشيعي ذهب الى التنديد بالموقف واعتبره غير موجود ويعبر عن شخص وزير الخارجية وليس عن الدولة. هذا ايضا يدل بوضوح وفي شكل فاضح الى ان الكلمة الفصل تعود، ليس الى رئيس الجمهورية ولا الى رئيس الحكومة ولا لوزير الخارجية ، انما الى حزب الله. وتاليا فإن تحجج الحزب بأن لا حياد في هذا الموقف، غير منطقي ما دام الحزب يرفض الحياد ويهاجمه منذ اللحظة الاولى، ويتصرف في المنطقة ضاربا مفهوم الحياد عرض الحائط. وهذا نتاج فزلكات الحزب وضعف الدولة ومؤسساتها امام ارادة الحزب.

الثابت والنهائي بحسب أبي عبد الله أن "موقف وزير الخارجية لم يأت من تلقاء نفسه" ولم يعبر حتى عن موقف دولة تتمتع بالسيادة نفسها  فقد عاد وتراجع عنه على خلفية موقف حزب الله الذي جاء على لسان نوابه، واعتبروا فيه أنه لا يلتزم بحياد لبنان. ويسأل: "هل البيان المندد لدول الخليج فيه حياد والموقف من الإجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية غير حيادي؟". 

ويستطرد أبي عبد الله بالقول: "هذه  الازدواجية في القرار والسلطة تجعل من المواقف التي تصدر عن الدولة مجرد "كلام عابر" ولا أحد يعول على ما قيل ويقال وما سيقال. واعتبر ان  السفير الروسي عبر عن موقف بلاده المنتقد للبيان اللبناني ولم يذهب ابعد من ذلك ، لا هو ولا حكومته بدليل ا ن اي اجراء لم يتخذ ولم يطلب مثلا سحب السفير اللبناني من موسكو ولم يتم حتى استدعاؤه من قبل الحكومة الروسية للمساءلة، كذلك لم يعلن عن وقف إعطاء التأشيرات للمواطنين الروس من المجيء إلى لبنان مما يؤكد أنه جاء بهدف التأنيب فقط وهز العصا  ما يعني ان  موسكو  اعتبرته خفيفا من ناحية الوزن السياسي". 

ويختم: الى "البهدلة" التي يلقاها لبنان في تعامله مع المواضيع الاقليمية والدولية، تضاف اليوم بهدلة اخرى فحواها " ان حكومة لبنان ليست ذات قيمة للرد عليها او على اي من رموزها. وتاليا في لبنان الموقف الجدي الذي يعتّد به هو لحزب الله ...وما حصل لا تتعدى مفاعيله نسمة هواء عابرة، لأن مفهوم الدولة اضمحل، ولا قيمة لأي موقف أو بيان ولا وزن له ليعكر العلاقات بين لبنان وروسيا ما دام في التركيبة اللبنانية طرف يقرر ويعمل وينحاز الى الموقف الروسي وليس لأي شيء آخر. 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o