Feb 18, 2022 9:56 PM
دوليات

ماذا لو انتصرت روسيا؟

قد يوحي إعلان موسكو سحب جنودها من الحدود الأوكرانية، بتراجعها عن نية غزو جارتها، و"رضوخها" لضغط الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لكن تحليلا لمجلة "فورين أفيرز" رأى أن  روسيا "ربما تسير نحو تحقيق أهدافها بشكل آخر على شاكلة ما فعلته في سوريا".

التحليل الذي نُشر، الجمعة،  جاء في صيغة عنوان استفهامي "ماذا لو انتصرت روسيا؟" للإحالة إلى طرح مغاير لما ينتظره المتابعون للأزمة الأوكرانية التي وضعت روسيا في مواجهة للعالم مرة أخرى، بعد آخر مواجهة لهما على الساحة السورية. 

المستنقع السوري

عندما انضمت روسيا إلى الحرب الأهلية التي فرضها النظام السوري على شعبه في صيف 2015، صدمت الولايات المتحدة وشركاءها، وفق  التحليل، حيث استذكر المقال مقولة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، الذي أكد أن سوريا ستصبح "مستنقعًا" لروسيا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد تكون هي فيتنام الروسية أو أفغانستان بوتين، واصفا تدخل روسيا لصالح بشار الأسد، بـ"الخطأ الفادح الذي سيرتد في النهاية ضد المصالح الروسية".

لكن التحليل أشار إلى أن الأمر في سوريا لم ينته إلى أن تصبح مستنقعًا لبوتين، "بل غيرت موسكو مسار الحرب، وأنقذت بشار الأسد من هزيمة كانت وشيكة، ثم ترجمت القوة العسكرية إلى نفوذ دبلوماسي".

هذا المعطى، يحيل وفق التحليل إلى أن روسيا ربما تكون بصدد تفعيل ذات الاستراتيجية خلال الأزمة الحالية مع الغرب بخصوص أوكرانيا.

وبخصوص سوريا، يقول التحليل إنه لا يمكن تجاهل دور روسيا في سوريا اليوم، بينما لم تكن هناك تسوية دبلوماسية للحرب التي أوقعت آلاف الضحايا والمشردين.

"بدلا من ذلك، جمعت موسكو نفوذاً إقليمياً أكبر، وخلقت شريكا مخلصا في شخص بشار الأسد"  وفق تعبير التحليل، الذي تابع "لكن ما فشلت إدارة أوباما في توقعه، هو احتمال نجاح التدخل الروسي في سوريا".

أوكرانيا.. مستنقع آخر ؟

هذه السنة، تتوقع الولايات المتحدة وأوروبا مرة أخرى تدخلا عسكريا روسيا كبيرا، في أوروبا نفسها، ومرة أخرى، يحذر العديد من المحللين من عواقب وخيمة على موسكو. 

في 11 فبراير، توقع وزير الدولة البريطاني لشؤون أوروبا جيمس كليفرلي أن حربًا أوسع في أوكرانيا "ستكون مستنقعًا" لروسيا. 

مرة أخرى، يتجه التفكير إلى أن ثمن حرب شاملة في أوكرانيا سيكون باهظًا للغاية بالنسبة للكرملين وسيترتب عليه إراقة الكثير من الدماء. 

وقدرت الولايات المتحدة ما يصل إلى 50 ألف ضحية من المدنيين، إلى جانب تقويض دعم بوتين بين النخبة الروسية، التي ستعاني من التوترات اللاحقة مع أوروبا، كما يمكن، وفق ذات الطرح، أن تُعرّض الحرب الاقتصاد الروسي للخطر. 

في الوقت نفسه، يمكن أن تقترب قوات الناتو من حدود روسيا، تاركة روسيا تقاتل مقاومة أوكرانية لسنوات قادمة، ووفقًا لوجهة النظر هذه، ستقع روسيا في فخ، وضعته لنفسها.

مع ذلك، يبدو أن تحليل التكلفة والعائد لبوتين يؤيد تغيير الوضع الأوروبي الراهن لصالحه، وفق التحليل، الذي يرى أن بوتين يقوم بـ"مهمة تاريخية" لترسيخ نفوذ موسكو في أوكرانيا (كما فعل مؤخرًا في بيلاروس وكازاخستان). 

ترى موسكو، وفق التحليل أن النصر في أوكرانيا قد يكون في متناول اليد، بإطالة أمد الأزمة "ببساطة".

بإمكان روسيا أن تعمد لتمديد الأزمة الحالية دون أن تغزو أوكرانيا "وإذا كانت حسابات الكرملين صحيحة، كما كانت في سوريا، فيجب أن يكون الغرب والولايات المتحدة مستعدين لاحتمال واقع آخر "غير المستنقع المفترض".

إذا استطاعت روسيا السيطرة على أوكرانيا أو تمكنت من زعزعة استقرارها على نطاق واسع، فستبدأ حقبة جديدة للولايات المتحدة وأوروبا وفق التقرير. 

تحد مزدوج

بموجب هذا الواقع المفترض، سيواجه قادة الولايات المتحدة وأوروبا التحدي المزدوج المتمثل في إعادة التفكير في الأمن الأوروبي وعدم الانجرار إلى حرب أكبر مع روسيا. 

سيتعين على جميع الأطراف النظر في إمكانات الخصوم المسلحين نوويًا في مواجهة مباشرة. 

وقد تجد الولايات المتحدة وحلفاؤها أنفسهم غير مستعدين تمامًا لمهمة الاضطرار إلى إنشاء نظام أمني أوروبي جديد نتيجة للأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا.

بالنسبة لروسيا، قد يتخذ النصر في أوكرانيا أشكالًا مختلفة، كما كان الحال في سوريا، إذ لا يجب أن يترجم  النصر دائما بتسوية مستدامة، إذ يمكن أن ينطوي على تنصيب حكومة موالية في كييف أو تقسيم البلاد. 

في المقابل، يمكن أن تحوّل هزيمة الجيش الأوكراني والتفاوض على استسلام البلاد، أوكرانيا إلى دولة فاشلة، كما يمكن لروسيا استخدام هجمات إلكترونية مدمرة وأدوات تضليل، مدعومة بالتهديد باستخدام القوة، لشل البلاد والحث على تغيير النظام. 

خلاصة التحليل جاءت في عبارة "مع أي من هذه النتائج  ستكون أوكرانيا قد انفصلت فعليًا عن الغرب".

المصدر: الحرة

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o