Feb 08, 2022 6:02 AM
صحف

زيارة مفصلية: هوكشتاين في بيروت اليوم ومهلة شهر أمام لبنان لاستكمال الترسيم وإلا...

يستأنف المبعوث الأميركي السفير آموس هوكشتاين وساطته في بيروت لتعبيد الطريق أمام عودة الجانبين اللبناني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وقبيل زيارته اللبنانية المرتقبة اليوم، تضاربت المعلومات وكثرت التحليلات والتوقعات حيال ما ستخلص إليه جولة محادثات الوسيط الأميركي مع المسؤولين اللبنانيين، ففي حين رأى البعض أنه "لا يحمل مبادرة محددة إنما مجرد أفكار للتدارس"، شددت مصادر متابعة للملف لـ"نداء الوطن" على أنه "في ضوء المؤشرات التي سبقت الزيارة يمكن التقاط نقاط إيجابية قابلة لإحداث خرق في جدار الترسيم"، موضحةً أنّ "من يتابع تصاريح هوكشتاين الأخيرة يلمس تفاؤله بإمكانية إيجاد فرصة لحل النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل"، وهذا يعود بحسب المصادر نفسها "إلى أكثر من سبب، لعل أهمها التغيير الذي طرأ على الموقف الأميركي بين إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن، فإدارة الأخير الملتزمة اتفاقيات الحياد المناخي، أي التحول إلى اقتصاد بصافي صفر من انبعاثات الغازات الدفيئة، لم تعد داعمة لخط EastMed pipeline الذي يربط كلّاً من اسرائيل وقبرص واليونان، على الرغم من امتعاض اسرائيل من الخطوة، وهي تنوي الانضمام من جديد للجهود الدولية في مواجهة التغير المناخي والتقليل من الاعتماد على مصادر الطاقة الاحفورية fossil energy".

هذا على الصعيد الأميركي، أما على المستوى اللبناني فتلاحظ المصادر "وجود 3 مواقف تختلف شكلياً على خط الترسيم، الموقف الأول يقوده رئيس الجمهورية الذي بعث برسالة عبر وزارة الخارجية إلى الأمم المتحدة يعيد التذكير من خلالها بسقوط "خط هوف" وأن التفاوض يبدأ من الخط 23 إلى الخط 29 في المنطقة المتنازع عليها، بينما من ناحية ثانية هناك موقف "حزب الله" الذي يفاوض على طريقته من دون أن يتبنى رسمياً أي خط لمفاوضات الترسيم، فضلاً عن موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المؤيد للتفاوض على أساس الخط 23".

وترى المصادر أن "مواقف لبنان المتعددة إنما تهدف إلى وضع الخط 29 هدفاً لعملية التفاوض بغية الوصول عملياً إلى الخط 23"، في حين توقفت على المقلب الآخر عند إعراب إسرائيل على لسان وزيرة طاقتها كارين الهرار عن "الترحيب بالحلول المبتكرة"، وقد تكون تقصدت بذلك دعوة الجانب اللبناني إلى "ملاقاة المبادرة الهادفة الى تبادل حقل كاريش من الجانب الاسرئيلي بحقل قانا اللبناني، بمعنى أن توزيع الثروة يقع تحت سطح البحار بحيث تحوز كل جهة على بئرها وتستأنف عمليات الحفر في البلوك رقم 9... فهل تدفع الوساطة الأميركية باتجاه اعتماد الحلول المبتكرة والإقرار بحلّ "تبادل الآبار" بين الجانبين؟".

بدوره، كتب "منير الربيع" في "الجريدة" الكويتية ان بعد تأجيل متكرر يزور هوكشتاين لبنان غدا، لإجراء محادثات ستشمل رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى جانب وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، ووزير الطاقة وليد فياض، وقائد الجيش جوزيف عون. وتكشف مصادر رسمية، أن زيارة هوكشتاين ستكون مفصلية فيما يخص ملف ترسيم الحدود، وهو يريد أن يخرج بموقف لبناني موحد يسمح بالانتهاء من هذا الملف ليتمكن لبنان من بدء التنقيب عن النفط.

وتقول مصادر دبلوماسية أميركية لـ«الجريدة»، إن زيارة هوكشتاين أساسية، وهو سيكون حاسماً مع المسؤولين اللبنانيين بشأن ضرورة الوصول إلى اتفاق من الآن حتى شهر مارس/ اذار المقبل، وإلا سيكون هناك احتمال لانسحابه من دور الوساطة، وحينها سيكون لبنان خارج «كونسورتيوم» الدول التي تتمكن من عقد اتفاقيات للتنقيب عن النفط والغاز في أراضيها.

وكشفت المصادر، أن هوكشتاين سيحمل اقتراحين، إما ترسيم الحدود بشكل نهائي وكامل، وبحال لم يكن الموقف اللبناني موحداً حول ذلك واستمرت الخلافات، فسيقترح الموافقة على اعتماد العمل مع شركات التنقيب الأجنبية التي بإمكانها أن تنقب عن النفط في الحقول اللبنانية وفي الحقول الإسرائيلية، ويتم توزيع العائدات فيما بعد، لكن هذا الخيار يبدو أنه مرفوض بالنسبة إلى لبنان بشكل كامل.

تأتي زيارة هوكشتاين بعد الرسالة التي وجهها لبنان إلى الأمم المتحدة الأسبوع الفائت عبر سفيرته في مجلس الأمن آمال مدللي، والمعلومات التي تفيد بأنه تم توجيهها بطلب من رئيس الجمهورية من دون علم رئيسَي الحكومة ومجلس النواب، خصوصاً أن ميقاتي لا يوافق على مضمونها لأنه هو من كان رئيساً للحكومة التي وضعت مرسوم ترسيم الحدود اللبنانية في عام 2011 وينص على مطالبة لبنان بمساحة 860 كلم مربع، أي الخطّ 23، وليس الخط 29 الذي أعادت الرسالة الأخيرة طرحه وهو أمر كان مرفوضاً من الإسرائيليين والأميركيين.

سيحاول هوكشتاين الحصول على موقف لبناني موحد، كما سيسعى إلى التأكد من الهدف وراء الرسالة التي أودعت لدى الأمم المتحدة، فهل هناك إصرار لبناني على المطالبة بتلك المساحة المرفوضة أميركياً، أم أنه سقف تفاوضي ليحسن لبنان شروطه ويحصل على 860 كلم مربع بالإضافة إلى مساحة زائدة لم تتحدد بعد، وسط إصرار لبناني على الاحتفاظ بحقل قانا؟ علماً أن هذا الحقل يبدأ من النقطة 23 لكنه يتوسع أكثر في المياه الإقليمية المختلف عليها.

ملف آخر سيبحثه هوكشتاين خلال زيارته إلى لبنان وهو ملف استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية. فمن الواضح أن واشنطن منحت الموافقة على تقديم اعفاءات للدول الثلاث من عقوبات قانون قيصر، لكن هناك إصراراً مصرياً على تحصيل وثائق خطية تمنح هذه الاعفاءات، فيما اقترح الأميركيون أن تُمنح هذه الاعفاءات خطياً بعد إنجاز الاتفاقية بين الدول مع سورية، لتكون واشنطن موافقة على بنود هذه الاتفاقية، ولذلك تبدي مصادر متابعة تخوفها من أن يتأخر استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية لهذه الأسباب، فهناك من يربط ملف ترسيم الحدود بتسهيل عمليات الاستجرار، وتشير المصادر إلى نقطة خلافية استجدت تتعلق بالنسبة التي تطالب بها سورية للموافقة على توقيع الاتفاقية، برفع نسبة استفادتها من 2 في المئة إلى 8 في المئة، وهو أمر على ما يبدو مرفوض أميركياً حتى الآن.

من جهة أخرى، أشارت مصادر مواكبة عبر "الانباء" الالكترونية الى ان كل الاجراءات اللوجستية لمعاودة مفاوضات الترسيم أُنجزت بنسبة كبيرة، مؤكدة تمسك لبنان بالخط 29 ورفض العرض الاسرائيلي القاضي باعتماد الخط 23  لأنه يحرم لبنان مساحة واسعة من مياهه الاقليمية وما تحتويه من النفط والغاز.

وقد علّقت الخبيرة الاستراتيجية في مؤسسة "جوستيسيا" الدكتورة ماري حمود على زيارة هوكشتاين الى بيروت بالقول أنه من المنتظر ان يصل الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى بيروت لمتابعة التفاوض بين لبنان والعدو الاسرائيلي وذلك بعد ان رفض لبنان الطرح المقدم سابقا والذي اكد انه يحمل في طياته تطبيعا اقتصاديا يتمثل بتكليف شركات انتاج بتقسيم العوائد من الحقول المشتركة تحت سطح الماء بين الطرفين.

حمود لفتت في حديث مع "الانباء" الالكترونية الى ان موقف لبنان التصاعدي والمتشدد لم يقتصر على هذا الرفض بل تعداه الى تطور دبلوماسي لافت من خلال توجيه رسالة رسمية من سفيرة لبنان في الامم المتحدة امال مدللي لرئيس مجلس الامن الدولي تحوي على اعتراض واضح لا لبس فيه على استمرار عمليات التنقيب التي يقوم بها العدو الاسرائيلي في حقل كاريش، معتبرة انه منطقة متنازع عليها وبهذا يكون لبنان قد اعتبر رسميا ولو متأخراً ان الخط 29 هو الخط التفاوضي المعتمد على أمل ان تبين الخطوة القانونية الموجودة لتوثيق هذا التقدم على الصعيد الدبلوماسي من خلال تعديل المرسوم 6433 الذي يعطي الدولة اللبنانية في حال تغيير الاحداثيات الانتقال من الخط23 الى الخط 29.

اسرائيل والترسيم: أما "الجمهورية" فاعتبرت انّ ما لفت الانتباه، حول ملف الترسيم، ما كتبه الديبلوماسي الاسرائيلي الذي شغل منصب السفير السابق لإسرائيل في مصر، حيث قال ما يلي:

- انّ المفاوضات الناجحة ستكون بمثابة نعمة دبلوماسية مهمة لإسرائيل وتساعد في حل أزمة الطاقة الحادة في لبنان.

- سيزور الوسيط الاميركي البلدين هذا الأسبوع لحل قضية 860 كيلومترًا مربعًا (332 ميلًا مربعًا) المتنازع عليها. وقد تمكن من إقناع الجانبين بالعودة إلى المحادثات.. على السطح، يبدو أن الظروف الملائمة قد نشأت للتوصل إلى اتفاق.

- لا يبدو أن حل أزمة الطاقة الشديدة في لبنان يلوح في الأفق، على الرغم من تسليم إيران أربع ناقلات نفط إلى البلاد، وعلى الرغم من التزام مصر بتزويد الغاز الطبيعي عبر الأردن وسوريا. إن استخراج الغاز الطبيعي من الشواطئ اللبنانية في إطار اتفاق مع إسرائيل سيوفّر حلاً مناسباً طويل الأمد لأزمة الطاقة في البلاد.

- إن الجانب اللبناني قلق بشأن أجندة إسرائيل الخفية، وتحديداً أنها ستستخدم المحادثات لمتابعة التطبيع الدبلوماسي بين البلدين. وقد ضاعفت الثرثرة في الجانب الإسرائيلي من هذه المخاوف. وبالتالي، فإن أمام هوكشتاين مهمة صعبة تنتظره.

- في الآونة الأخيرة، ذكرت تقارير لم يتم التحقق منها أنه (هوكشتاين) يفكر في تهدئة هذا القلق اللبناني باقتراح أصلي: بدلاً من تقسيم المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، ما قد يخلق مشاكل فنية وإدارية في المستقبل، سيكون اتحاد الطاقة الدولي مسؤولاً عن استخراج الغاز من المنطقة المتنازع عليها بالكامل ثم تخصيص الغاز لإسرائيل ولبنان على أساس مفتاح التوزيع الذي حدده الوسيط الأميركي الأول فريدريك هوف. وفقاً لاقتراح هوف، سيذهب 55 % من إجمالي الغاز الطبيعي في المنطقة المتنازع عليها إلى لبنان والباقي إلى إسرائيل.

- قالت إسرائيل بالفعل في الماضي إنها تقبل مخطط توزيع هوف. إذا تخلّى لبنان عن مطالبته بمزيد من الأراضي، والتي تمتد إلى حقل غاز كاريش البحري الإسرائيلي، وفي ضوء الظروف التي تطورت، فإنّ احتمالات إبرام صفقة إسرائيليّة لبنانيّة معقولة.

- التدخل الأميركي في هذه المرحلة أمر بالغ الأهمية. ولتجنّب تخريب الجهود في هذا المنعطف الهَش، يجب أن تظل أبواق إسرائيل صامتة حتى لا تُحرج الجانب اللبناني أو تجتذب ضغوطا داخلية يمكن أن تفسد أي ترتيب.

- في رأيي، بالنظر إلى الظروف التي تحققت، نحن أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق. إذا نجحت المحادثات، فسيكون ذلك إنجازًا دبلوماسيًا مهمًا لإسرائيل.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o