Feb 02, 2022 4:44 PM
خاص

رسائل غالاغير الخطيرة للمسؤولين ..."لا تندهي ما في حدا"

المركزية- كان مهماً أن يخرج كلام أمين سر الكرسي الرسولي للعلاقات بين الدول المونسنيور بول ريتشارد غالاغير من داخل الغرف المغلقة والصالونات السياسية حيث التقى الرؤساء  وشارك في جزء من إجتماع المطارنة الشهري في بكركي. فهذه المواعيد التي أدرجت على جدول برنامج زيارته إلى لبنان لم تكن لمجرد إتمام إجراءات بروتوكولية، إنما أراد منها أن تكون بمثابة جرس إنذار. كيف لا،وهو الذي قال من قصر بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون "اود ان اعيد التأكيد على ضرورة ان يتخذ من هم في السلطة القرار الحاسم بالعمل من اجل السلام وليس من اجل مصالحهم الخاصة، ولتكن هذه الفرصة بمثابة نهاية للذين يستفيدون من معاناة الجميع"... فهل استشعر الكرسي الرسولي بأن الخطر الوجودي على مسيحيي لبنان من مسؤولية حكامه والمسؤولين عن إدارة مصائر الشعب وليس نتيجة مخاطر أمنية وإرهابية كما الحال في سوريا والعراق؟

نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية الدكتور سليم الصايغ يقرأ عبر "المركزية" في أبعاد زيارة المونسنيور غالاغير إلى لبنان: "واضح أن الرجل الثاني في الفاتيكان يقول للمسؤولين مسلمين ومسيحيين  أن أي إضعاف للحضور المسيحي في لبنان من شأنه أن يدمر التوازن الداخلي وهويته. ويحملهم مسؤولية الأزمة التي تغرق فيها البلاد وخطر زوال لبنان في قوله "هناك خطر حقيقي ليس فقط على المسيحيين في لبنان إنما على دولة لبنان".

لا يخفي الصايغ وزن كلمات غالاغير ودقته ضمن إطار الأدبيات الديبلوماسية "لكن الثابت أنه يحمل في طياته تأنيباً للمسؤولين وإلا كيف يمكن أن نفسر كلامه من قصر بعبدا بضرورة تغليب المصلحة العامة على الخاصة. هذا كلام عالي النبرة. أكثر من ذلك أراد أن يقول لأعلى رأس في هرم الدولة إذا لم تلتزموا بهذه "الرسالة" فأنتم بذلك تدمرون التوازن الداخلي وهوية لبنان". ويضيف "كلام غالاغير لم يكن مجرد شعر أو عبارات إنشائية. فهو الرجل الثاني على رأس ديبلوماسية ، قد تكون الأكبر التي تملك معطيات، من هنا جاء كلامه بمثابة تحذير إلى المسؤولين لمواجهة الخطر على الحضور المسيحي".

إصرار غالاغير على اعتماد عبارة حضور وليس وجود لم يكن عفويا بحسب الصايغ "فالحضور يعني الوجود الفاعل، ولا يمكن للمسيحي أن يكون حاضرا من دون أن يكون له أي دور شرط أن يؤديه بالكامل مع الحفاظ على الخصوصية ضمن إطار العيش المشترك". أما العبارة الثانية التي استوقفت الصايغ فهي "المحافظة على الدولة" وليس على "الهوية الوطنية" كونها تعني الوطن وليس الطائفة والمنطقة، وهنا تكمن خصوصية لبنان".

بعد العام 2013 شكّل تمدّد تنظيم "داعش"  صدمة للجميع، وأحدث موجات هجرة كبيرة ودفع المسيحيين في العراق وسوريا الفاتورة الأغلى علماً أن الإرهاب لا يرحم أحداً، فهل استشعر الكرسي الرسولي خطر زوال لبنان من خلال غياب الدور المسيحي في السلطة أم من "حكام المنظومة"؟ "ليست الأنظمة الديكتاتورية والعسكرية والتنظيمات الإرهابية والتسويات العسكرية التي تدفع المسيحي إلى الهجرة إنما غياب الحريات التي تشكل ضمانة وأساس الوجود المسيحي، وحيث تكون الحريات ودولة القانون يكون المسيحي. وهذه الضمانات تقع على عاتق المسؤولين. من هنا إصرارنا على قضية الحرية لأن اندثار الحضور المسيحي يعني اندثار حضور الأحرار". ولفت إلى أن العامل الأساسي لهجرة الشباب اللبناني عموما والمسيحي خصوصا يعود "إلى رفضهم العيش في سجن وليس الضائقة الإقتصادية وغياب الأفق فهذه العوامل ليست بمستجدة على لبنان وهي كانت موجودة".

يُعتبر لبنان البقعة الأخيرة في الشرق التي يوجد فيها حضور مسيحي فعّال، لماذا مسيحيو لبنان؟ سؤال يجيب عنه الصايغ بكلمات "الحضور المسيحي يختصر ببقعة جغرافية واحدة في هذا الشرق، لبنان، ولا يتألّق إلا فيه. وإذا ما ضُرب أو تقهقر يحدث خللاً في التوازن ليس في المشروع اللبناني والدولة اللبنانية وحسب إنما على المستوى الحضاري العام، إذ ماذا ينفع إذا ربحت الحضارة المسيحية العالم كله وخسرت لبنان الذي يشكل فيه المسيحيون الركن الأساسي والإرث الحقيقي لحوار الحضارات في العالم؟".  

بكلام موزون على مقياس ميزان الجوهرجي عبر الزائر الفاتيكاني عن خشيته من اندثار الحضور المسيحي في لبنان فهل تلقف المسؤولون كلامه؟ "لا ثقة بوجود رغبة أو نية لدى المسؤولين لإنقاذ الوطن. همهم إنقاذ أنفسهم ومصالحهم. وحده الشعب الغائب الأكبر في لقاءات الزائر الفاتيكاني كان الهدف ولذلك أصر غالاغير أن يخرج كلامه من داخل الغرف المغلقة". ويختم الصايغ: "الرسالة إلى الشعب اللبناني كانت واضحة إعرفوا من تختارون في الإنتخابات المقبلة وإذا لزم الأمر تصرفوا".  

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o