Jan 29, 2022 11:20 AM
خاص

بعد اعترافات الحريري بـ "ذنوبه" وتسمية "خصومه".. لمن سيصوت السنة؟
"ميني انتفاضة" أطلقتها دار الفتوى لمحو آثار المحطات السلبية

المركزية – أسقطت الحركة التي قادها أمس مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان باتجاه السرايا واللقاء الذي جمعه برئيس الحكومة نجيب ميقاتي مضافا الى "الجمعة" التي شهدتها صلاة الجمعة في المسجد العمري الكبير في وسط بيروت بعضا من السيناريوهات السلبية التي راجت في الأيام القليلة الماضية. وأطلقت دينامية جديدة توحي بوجود قرار بالمواجهة اتخذته القيادتين السياسية والروحية للطائفة في مواجهة المخاطر التي تحصيها أوساطها والتي دفعت بالرئيس سعد الحريري الى قراره الاخير  بعزوفه عن خوض الانتخابات النيابية واعتكافه وتيار المستقبل عن العمل السياسي في لبنان.

على هذه الخلفيات قرأت اوساط سياسية معارضة اجواء الطائفة السنية عبر "المركزية" ورأت فيها "ميني انتفاضة" قريبة من تلك التي أحدثها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري نتيجة الترددات التي تركتها مواقف نجله ووريثه السياسي مطلع الأسبوع الجاري وتركت آثارا مختلفة لدى الأوساط السياسية اللبنانية توزعت بين مجموعة من السيناريوهات المختلفة والمتناقضة أحيانا. والتي يمكن الإشارة الى نماذج منها ، ومنها:

-         تريثت فئة في الحكم عليها ظنا منه انها خطوة مؤقتة او انها "اصطناعية" ولا بد من اعادة النظر فيها في محطات لاحقة ولعل موعد 14 شباط يمكن ان يكون مناسبة للتعبير عن متغيرات منتظرة.

-         لم تر فئة أخرى اي أمل بتغيير في موقف الحريري. فالذين اطلعوا على أجوائه ادركوا انه زار بيروت ليلقي هذه الكلمات المحدودة ويغادرها ولم يكن على استعداد لمناقشة اي خيار آخر. ومن لا يصدق ذلك فليتثبت من مضمون جلسته مع رئيس مجلس النواب نبيه  بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وكل من اطلع على مناقشات اجتماع كتلته النيابية.

-         لا يمكن لأحد ان يتجاهل موقف فئة ثالثة قالت كلمة حق في خطوة الحريري وعبرت عن فهمها لها بطريقة ايجابية تجنبت توجيه اي انتقاد له. هو ما ترجمه موقف رئيس الكتائب النائب سامي الجميل من دار الفتوى عشية تحركها وقد فعلت فعلها في الاوساط السنية. فهو قرأ في موقف الحريري اتجاها لا بد من تبنيه بعد تقدير "خطوته الجريئة" الى درجة شبهتها باستقالته في أعقاب انتفاضة 17 تشرين 2019 تجاوبا مع اصوات المنتفضين. لا بل فقد ذهبت هذه الفئة التي عبر عنها الجميل بعيدا في نصح الشارع السني بعدم الانكفاء او الاحباط فالقدرات متوفرة لدى الشعب اللبناني لتنفيذ ما اراده الحريري ان هو عجز عن القيام به شخصيا في ظل موازين القوى المختلة الى درجة كبيرة.

-         وما بين الفئات الثلاث هناك مجموعة من القراءات الهامشية التي غرقت في تفاصيل الدوائر الانتخابية وزواريبها، وتقدمتهم فئة رابعة قد تكون الأكثر "جرأة" في محاولة  الاستثمار في مواقف الحريري، عن شماتة او عن نية باستغلالها للاستفادة من تردداتها وتقاسم قاعدته العريضة حسب القطعة والدائرة الانتخابية اعتقادا منها ان الشلل اصاب المجموعة وانها متروكة من الرعاية الطائفية التي تجسدها اكثر من هيئة من نادي رؤساء الحكومات السابقين الى دار الفتوى.

وانطلاقا من هذا التصنيف البسيط، تعتقد المصادر عينها ان دار الفتوى قرأت خريطة المواقف هذه، وقررت التحرك باتجاه توحيد الصف واستكشاف ما يمكن ان تقوم به مجموعة من القيادات الرسمية والحزبية والروحية لمعالجة الموقف والتدخل لاستيعاب الساحات المتخبطة قبل فوات الاوان انطلاقا من نظرية ثابتة أظهرتها خريطة التحالفات المحتملة في الأيام القليلة الماضية وهي ترتكز على تبني العناوين الرئيسية التي ركز عليها الحريري في كلمته والتصنيف الذي قدمه للحلفاء والخصوم لإرشاد الناخبين إلى تطبيق ما قصده الحريري تحت عنوان المواجهة الداخلية لتحصين الساحة اللبنانية وقطع دابر الفتنة كما بالنسبة الى مواجهة السيطرة الايرانية التي يطبقها حزب الله على القطعة وفي مناطق مختلفة بعدما عجز الحريري عن مواجهتها.

وعند هذه النقطة التفصيلية القت المصادر المعارضة الضوء على اعترافات الحريري فبنت على  "اعترافه بالذنوب" التي ارتكبها والتي كانت سببا في عجزه عن المواجهة للسيطرة الايرانية على لبنان فدعت الى التركيز عليها. ولذلك تعتقد ان التوجه الجديد للشارع السني لا بد ان يصب في الاتجاه الذي رسمته اتهامات الحريري وبناء التحالفات في مواجهة ما تركته "الأخطاء" الحريرية التي انقادت اليها الى درجة لا يمكن تحميلها وحدها النتائج التي ترتبت عليها.

وبناء على ما تقدم تنتهي القراءة لتعبر عن اعتقادها  بأنه لا بد من  جمهور المستقبل العريض ومعه المتعاطفون معه على الساحة السنية ليكونوا جنبا الى جنب مع القوى التغييرية والمعارضة للمنظومة القائمة لقيادة الشارع السني باتجاه الاهداف التي كان يريدها الحريري. ففي النتيجة ليست أهدافه الشخصية بقدر ما كانت أهدافا وطنية عجزت قوى 14 آذار عن مواجهتها بعدما فككتها التسوية السياسية التي أنجزت العام 2016.

وعليه تختم المصادر السياسية المعارضة لتقول ان التوجه السني في الانتخابات سيقود الى مواجهة الآثار التي ترتبت على مجموعة المحطات السابقة التي عددها الحريري في خطاب العزوف والإعتكاف والتي عددها امتدادا مما تركته "غزوة بيروت" عام 2008 الى تجربة حكومة الوحدة الوطنية التي سقطت على اعتاب البيت الابيض عندما دخل إليه رئيسا للحكومة ليخرج منه رئيسا مستقيلا يصرف الاعمال، مرورا بـ "غسل" نتائج زيارته الى دمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد وصولا الى  ما رافق مرحلة الشغور  الرئاسي والتسوية السياسية التي أنجزت في خريف العام 2016 وانتهاء بما رافق تجربته مع العهد أبان الحكومتين التي رئسهما وصولا إلى تعثره في تشكيل الثالثة.

وبناء على ما تقدم، تختم المصادر السياسية المعارضة لتقول ان نجحت الطائفة السنية بتجميع قواها في هذا الاتجاه سيكون ناخبوها متوجهين الى التعاون بأي شكل من الأشكال مع القوى التغييرية. فهل تكتمل فصول هذا السيناريو وهل يمكن ترجمته بما هو متوفر من فهم للكثير من الحقائق الجديدة وبناء التفاهمات على أساسها ام ان كل هذه التوقعات هي مجرد أوهام لن يطول الحديث عنها لألف سبب وسبب.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o