Dec 31, 2021 6:11 AM
صحف

هل تصل نوايا لبنان الإيجابية ما انقطع مع الخليج؟

يطوي عام 2021 آخر أوراقه لبنانياً على فيض من أزمات متوارثة ومتناسلة وضعت البلاد في مصاف الدول الفاشلة، بسبب انهيار مالي واقتصادي قوض جميع القطاعات، إلى جانب شلل سياسي وتعطيل شهدته السلطة التنفيذية على خلفية التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت.

وما فاقم الوضع تعقيداً، دخول لبنان في أزمة دبلوماسية مع دول الخليج. ومن حينها، تتزاحم مواقف رسمية تدعو لبناء أفضل العلاقات مع هذه الدول واعتماد سياسية النأي بالنفس.
وأخيراً أطلق رئيس الجمهورية ميشال عون سلسلة مواقف إيجابية تجاه الدول الخليجية، معرباً عن رغبته بإقامة أفضل العلاقات معها. وصوّب عون بشكل مباشر على «حزب الله» ودوره في تعكير هذه العلاقات.

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدوره كرر الدعوة إلى سياسة النأي بالنفس، مطالباً بإضافة هذا البند إلى طاولة الحوار التي دعا إليها عون لمناقشة الإستراتيجية الدفاعية. وشدد على تمتين علاقات لبنان العربية، لا سيما مع دول الخليج، وعدم الإساءة إليها.

لكنه في المقابل اعتبر «حزب الله» حزباً سياسياً كسواه من الأحزاب اللبنانية، ورفض الاعتراف بأي دور إيراني في البلاد. فهل تسهم هذه المواقف في مد الجسور باتجاه دول الخليج ؟ وكيف كان وقع هذه التصريحات في السعودية؟

أفعال لا أقوال: الكاتب الصحافي السعودي محمد الساعد شدد على أن العرب ينتظرون من الطبقة الحاكمة في لبنان أفعالاً لا أقوالاً. وأوضح في تصريح لـ "القبس" أن التطورات اللبنانية الأخيرة تؤكد أن الطبقة السياسية لا تزال تفكر بآليات عفا عليها الزمن وغير مجدية لا في الرياض ولا في العواصم الخليجية الأخرى.

وعن تدخل «حزب الله» عربياً، لفت الساعد إلى أن الزعامات اللبنانية غير مستوعبة تغييراً عميقاً في المواقف السعودية والخليجية من الحرب التي يقوم بها «حزب الله» عسكرياً وتهريبه للمخدرات وتحوله لذراع إيرانية.

وأضاف: «يظن بعض الساسة اللبنانيين أن سياسة الرسائل الفضفاضة التي لا تحمل التزاماً واضحاً يمكن أن تجدي نفعاً مع أزمة بهذا الحجم مثل كلمة رغبات، التي أطلقها الرئيس عون، أو تصريحات ميقاتي عن قناعته بأن حزب الله حزب سياسي لا يتدخل في شؤون الآخرين، في حين الحزب يفتخر، ومن أعلى قياداته، بمحاربته للسعودية».

تورُّط «حزب الله» في اليمن: ووفق الصحافي الساعد، لم يأت الموقف الخليجي الداعم للسعودية والاصطفاف معها مجاملة، ولا لأن الخليجيين يجاملون الرياض على حساب بيروت، بل لأنهم اقتنعوا بالدلائل السعودية عن فداحة تورط «حزب الله» وتغوله في دماء التحالف العربي، وسعيه لتحويل اليمن العربي إلى اليمن الفارسي، مردفاً: «خلاصة الأمر، لا تزال بعض القيادات اللبنانية تعيش في زمن غير الزمن الحالي، وتدير علاقاتها بعقليات عفا عليها الزمن».

استعادة الهوية العربية: من ناحيته، رأى الكاتب الصحافي اللبناني راجح الخوري أن الكلام الإنشائي الذي دأبت السلطة اللبنانية على تكراره لم يعد مقبولاً ولا يصرف في بورصة السياسة الخليجية، مردفاً أن المطلوب فعلياً أن يستعيد لبنان هويته العربية ويخرج من هيمنة «حزب الله».
وأضاف الخوري للقبس أن التحالف العربي عرض قبل أيام أدلة تؤكد تورط «حزب الله» في اليمن، تدريباً وتسليحاً وقتالاً، وحمّل بشكل واضح مسؤولية انخراط الحزب في اليمن للدولة اللبنانية.

وتساءل الكاتب: «كيف يمكن لعون أن يدعي أن حزب الله ملتزم بتنفيذ القرارات الدولية منها 1701 علماً أن هذا القرار مبني على القرار 1595، وساهم الرئيس اللبناني نفسه في صناعته، حسب قوله، وينص بشكل واضح وصريح على عدم وجود سلاح خارج سياق الشرعية اللبنانية؟».

لا أمل في التغيير: في المحصلة، يرى خوري أن كل المواقف والتصريحات الأخيرة لن تعدل أو تغير في الأزمة اللبنانية المفتوحة والمرتبطة بشكل أساسي بالصراع في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً وجوهرياً بمفاوضات فيينا وأن المراهنة على انحسار التدخلات الإيرانية عبر «حزب الله» والحشد الشعبي في العراق في غير مكانها، لأن إيران ترفض التدخل بتطوير الصواريخ، ونفوذها في المنطقة. لذا، لا إمكانية لحل المعضلة اللبنانية سوى بانتخابات نيابية تغير التوازنات السياسية. ورغم ذلك، يعتقد خوري أن المنظومة الحاكمة ستفعل المستحيل لمنع التغيير، سواء عبر افتعال اضطرابات أو مشاكل أمنية. ويؤكد أيضاً أن الانتخابات لن تكون لمصلحة التيار الوطني الحر، فريق العهد ، وهو ما لن يسمح به «حزب الله».

الدولة.. ضحية: وفي ظل هذه القطيعة الخليجية، أشار الخوري إلى ضرورة أن يتوجه المسؤولون الخليجيون للفصل بين الشعب والدولة. وتابع: «حتى البيان الأخير لمؤتمر التحالف العربي برأ الشعب البناني من أفعال حكومته. وهذا يعني أن الخليجيين يدركون تماماً أن الشعب اللبناني ضحية، ولكن متى تفهم الدولة أنها أيضاً ضحية؟».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o