Dec 20, 2021 10:13 AM
صحف

سعد أزهري يستهجن عدم وضع قانون كابيتال كونترول حتى الآن: خطة التعافي ستكون متوازنة

بينما بلغت الأزمة المالية الإقتصادية والمعيشية في لبنان مداها الأقصى وازدادت إستفحالاً ينتظر الجميع تبلور خطة التعافي التي تعكف على إنجازها اللجنة الوزارية التي تتباحث بها مع صندوق النقد الدولي وهي خطة يعوّل عليها سعد أزهري رئيس مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر الذي يعتقد أنها ستكون خطة متوازنة إذ أن المقاربة اليوم مختلفة والكلّ يتحمّل مسؤولياته على أساس توزيع عادل للخسائر. لكنه يستهجن عدم وضع قانون كابيتال كونترول حتى الآن ويطالب به حمايةً لما تبقى من موجودات في المصرف المركزي بالعملات الاجنبية  وحماية المودعين من الإستنسابية كما يستغرب تأخر أرباب السلطة في تحمّل مسؤولياتهم.

كيف تقيّمون الوضع المصرفي خلال العام 2021 وماذا تتوقعون له خلال العام 2022 وهل هو إلى مزيد من الإندثار أم إلى تجديد الثقة به واستعادة فترة الشباب والإنتعاش ؟

لا شك أن الوضع منذ عامين حتى الآن إلى تراجع ونحن جميعاً نلمس هذا التراجع في الوضع العام للبلاد. منذ أكتوبر 2019 حدث العديد من الأزمات لكن علمياً بدل اتخاذ الخطوات الضرورية لمعالجة الوضع الإقتصادي والتدهور المالي في لبنان تمّ إتخاذ الخطوات المخالفة لذلك  لكننا اليوم لدينا أمل بالحكومة الجديدة التي تضم وزراء  نكنّ لهم كلّ التقدير لا سيما رئيس الوزراء وهو رجل أعمال ناجح ونائب الرئيس الذي كان مسؤولاً سابقاً في صندوق النقد الدولي وهو يدرك جيداً كيفية خروج الدول من أزماتها. إنه يملك الخبرة الوافية في وضع الخطط الإنقاذية وكذلك وزير المالية الذي كان مسؤولاً في المصرف المركزي ويعرف جيداً الوضع الإقتصادي والمصرفي.  إن فريق العمل الموجود في الحكومة هو فريق مناسب لمعالجة المشاكل لكن يهمنا حاضراً أن تستطيع هذه الحكومة أن تجتمع وتقرّر خطة إنقاذية يوافق عليها المجلس النيابي ومن ثم الإتفاق مع الصندوق الدولي ولكي يسيروا بكلّ ذلك كان لا بدّ من إجراء كابيتال كونترول منذ اليوم الأول للأزمة وهذا ما طالبنا به بأسرع وقت ممكن لحماية ما تبقى من موجودات العملات الأجنبية في المصرف المركزي ولكي لا توجد إستنسابية في معاملة المودعين وهذه المعالجة تكون عادة سابقه للخطة الإنقاذية.  للأسف لم يتم شيء منذ سنتين حتى الآن رغم أنني شخصياً وعلى أعلى المستويات شرحت للجميع ضرورة إتخاذ الخطوات اللازمة بأسرع ما يمكن وضرورة وضع الكابيتال كونترول منذ البداية لكن للأسف كانت الشعبوية هي المسيطرة وكلّ الخطوات التي نُفذت استنفدت موجودات المصرف المركزي بدل المحافظة عليها وبدل إقرار القوانين التي تحمي المودعين من الإستنسابية.  للأسف لا يوجد أسوأ من الإدارة السابقة  لمثل هذه الأزمة في تاريخ العالم كله لدرجة أن البنك الدولي إتّهمهم بافتعال هذه الأزمة. ونحن نأمل من خلال هذه الحكومة الجديدة وجود إدارة أفضل طبعاً إذا افسحوا لها مجال العمل للقيام بالخطوات اللازمة .

من المعلوم أنه تمّ الإتفاق على تمرير الكابيتال كونترول الثلاثاء الماضي فما الذي جرى ليصار إلى رفضه رغم أنه حاجه ضرورية بناءً لطلب صندوق النقد الدولي؟                    

لا يوجد بلد يعاني من وضع مثل لبنان. إن المطلب الأساسي في كلّ الدول التي تعرّضت لهزّات أو عدم ثقة بفعل الوضع الإقتصادي او المصائب الطبيعية هو إقرار كابيتال كونترول فوراً وذلك لضبط الأمور ريثما يعالج البلد مشاكله.  للأسف في لبنان لم يتم وضع كابيتال كونترول حتى الآن رغم مرور اكثر من سنتين على الأزمة ولهذا لا يجب السؤال عمّا حدث يوم الثلاثاء الماضي بل عمّا حدث في السنتين الأخيرتين!... انني كمصرفي ولدينا وجودنا في عدة دول بالعالم وقد عايشنا ازمات  في عدة دول منها مصر التي أقامت كابيتال كونترول فوراً عندما أقفلت مصارفها أثناء ثورة العام 2011 وهي لم تفتح أبوابها إلا بعد إتمام الكابيتال كونترول الذي تمّ تعديله تدريجياً.  لذا لا بدّ من إجراء كابيتال كونترول وهو من الممكن تعديله لاحقاً لكن علينا السير بأسس معينة ومن ثم إدخال بعض التغييرات حسب الحاجة. إن المنازعات والإختلافات والشعبوية لم تدعنا نفعل أي شئ طوال عامين وإدعاء الحفاظ على أموال المودعين هو غير صحيح إذ أن الكابيتال كونترول هو الذي يحمي ويحافظ على أموال المودعين ويوقف الإستنسابية بينهم ويمنع التحاويل تحت الضغط ويحافظ على موجودات المصرف المركزي ويشجع الصناعة والتصدير ويخفّف الإستيراد . إن الكابيتال كونترول هو الخطوة الأولى بالإجراءات التي يجب تنفيذها. للأسف لم نقم بالخطوة الأولى حتى الآن. 

إن المصارف في مصر أقفلت أبوابها أثناء الثورة فلماذا لا تمارسون أنتم الضغط بهذا الشأن وتقفلون أبوابكم؟       

لقد أقفلت المصارف أثناء الثورة ريثما يصدر الكابيتال كونترول لكنه للأسف لم يصدر بينما علينا أن نُسيّر أعمال الناس (دفع رواتب، سحوبات، إلخ..) إذ لا نستطيع الإقفال إلى ما لا نهاية وكأن الساسة في لبنان يدفعون لتزداد الأمور سوءا. إن اكبر غلط هو عدم إجراء كابيتال كونترول إذ أن الدعم الذي حدث هو غلطة  كبيرة  ويجب دعم الناس لا البضاعة. لقد حدثت كلّ الأمور الغلط وقد ازدادت الأمور تفاقماً وتراكمت الأخطاء أكثر.  إن سوء الإدارة أفدح من الفساد لكننا نأمل أن تتعدّل الأمور في ظلّ هذه الحكومة التي تضم خيرة الخبراء في الموضوع الغقتصادي والمالي كما نأمل أن نتوصل لإيقاف الإنهيار وإجراء الخطوات الصحيحة في حال استطاعت الحكومة العمل وواكبها في ذلك المجلس النيابي.         

هل يوجد تخوّف مصرفي من تكرار السيناريو الذي انتهجته سابقا حكومة حسان دياب في خطة التعافي التي يتم اعدادها حاليا وهل يوجد مشاركه لكم في الحلول؟             

بعد مضي عامين على الأزمة ازداد الوضع سوءا بشكل أكبر وازدادت الفجوة إتساعاً بشكل أوضح لكن رغم ذلك كانت المقاربة في الحكومة السابقة خاطئة وفريدة من نوعها في العالم لكن تطبيق الخطة رغم كل عيوبها كان أفضل من سوء الإدارة التي استمرت وأدّت إلى المزيد من الخسائر والإنهيار الذي نشهده حالياً.  اليوم المقاربة أفضل بكثير إذ أن الدولة لا تقول أنها غير مسؤولة عن العجز في البنك المركزي ِ إنها تتحمل مسؤولياتها وتعترف بأن لديها خسائر وكذلك المصارف مسؤولة عن  خسائرها كما البنك المركزي ويوجد بالتالي توزيع عادل في الخسائر بينما حمّلت الخطة السابقة الخسائر للمصارف والمودعين . اذً المقاربة اليوم مختلفة وهي مقاربة سارت بها كلّ دول العالم. لكن ما يهمنا حقيقةً هو السير بخطة إنقاذية عادلة يقبل بها صندوق النقد الدولي. 

ألا تحمّلون المسؤولية لسوء الإدارة المالية؟                  

اننا كمصرف موجودون في 12 دولة حول العالم وقد بعنا مصرفنا  في مصر بأكثر من ثمانية أضعاف السعر الذي دفعناه قبل 15 عاماً. إن مصرفنا موجود في العديد من دول العالم وإدارتنا جيدة وقد عرفنا بأننا محافظون وننتبه على المخاطر لكن بحكم وجودنا في لبنان فنحن نخضع لقوانينه ولتعاميم المصرف المركزي . إن الكثير من عناصر القطاع المصرفي من احسن الكفاءات والخبرات وقد أداروا مصارفاً في الخارج ونجحوا جداً وقد استعنّا بالعديد منهم في لبنان.  كما أن مصارفنا في الخارج تعمل بشكل جيد وسمعتها ممتازة.  غن الأزمة هي على صعيد البلد وليس على صعيد المصارف داخلياً

ما رأيكم بالرقم الموحّد للخسائر وهو 69 مليار دولار ؟         

 لقد قيل أن الفجوة المالية الموجودة هي تقريباً 68 مليارا أي أننا لو قلنا ان ودائع المصارف الموجودة في مصرف لبنان حالياً هي 82 مليار والسيولة الخارجية هي 14 مليار فإذا طرحنا 82 من 14 (ما عدا الذهب) ينتج 68 مليار.  ويمكن إتمام معالجة خسائر البنك المركزي من معالجة الفجوة المالية.

هل جرت إتصالات معكم كقطاع مصرفي بخصوص المفاوضات مع الدائنين؟       

يوجد تعاون واتصال بين جمعية المصارف والفريق المالي المسؤول عن خطة التعافي الحكومية. يتم وضع الخطة من قبل الفريق الحكومي والمفروض الإنتهاء منها في أواخر السنة ليصار بعدها لعرضها على كلّ الفرقاء. إننا نتطلع على الخطوط العريضة وقد تحدثوا عن الفجوة وتوزيع المسؤوليات والخسائر وعند اكتمال الخطة سيدخلون معنا ومع كل الأطراف بالتفاصيل .     

ما مدى تأثير التعاميم التي يصدرها المصرف المركزي على القطاع المصرفي وقد كان آخرها التعديل الذي أجراه على تعميم 151بخصوص السحب على أساس 8000 ليرة بدل 3900؟               

إن هذه الأمور كلها ليست حلولاً جذرية إذ أنها أمور مرحلية  لتسيير شؤون الناس . أعتقد أن الأساس بالأمر هو وجود خطة واضحة لمعالجة مشكلة الودائع والطريقة الأنسب لردّها بأقل خسائر ممكنة . لا بدّ من إنجاز خطة مالية إنقاذيه بأسرع وقت.  كما لا بد من وضوح وتوحيد سعر العملة بشكل تدريجي . 

هل يوجد نية لزيادة رأسمال المصارف خصوصاً إن خطة التعافي السابقة قلّصت عدد المصارف إلى خمسة مع إنشاء مصرفين كبيرين؟      

إن الخطة السابقة كانت تريد عملياً تحميل القطاع المصرفي خسائر بمعدل 60 ملياراً وهي بذلك تلغي القطاع المصرفي وتعمل على إنشاء خمسة مصارف جُدُد. لقد كانت تحمّل المصارف كامل الخسائر وما تبقى يتحمله المودعون عبر إدخالهم كمساهمين في أموال خاصة سلبية.  لقد كانت خطة تلحق الخسائر بالمودعين وتفلس المصارف لكنها رغم كل عيوبها كانت أفضل من لا شئ. وآمل أن تكون المقاربة الجديدة  مقاربة علمية  تعترف فيها الدولة بمسؤولياتها وتقول بأن المصرف المركزي تابع  للدولة ويتم معالجة خسائره من قبلها.  إن لبنان هو البلد  الوحيد الذي قال بأن خسائر البنك المركزي تنتقل إلى المودعين.  إذاً المقاربة اليوم مختلفة والبلد بالنتيجة لن يقوم إلا بظل قطاع مصرفي ستذوب أمواله الخاصة اذ يوجد خسائر كبيرة  وعليه تحمّلها قبل تحميل المودعين أية خسائر.  وأنا اعتقد بأنه سيتم توزيع عادل للخسائر لكن لا يمكن تحميل القطاع المصرفي خسائر أكبر من امواله الخاصة. إن هذا ما يقوله المنطق وتبعاً لذلك لن تستطيع بعض المصارف الإستمرار بينما سيبقى بعضها الآخر لكن كلّ ذلك الآن سابق لأوانه إذ أن كلّ شئ  مرهون بالخطة  وعلى أساسها سيتم العمل وبلورة الأمور ووضع المصارف حسب أوضاعها الخاصة. 

ماذا تتمنّى في العام الجديد؟     

أتمنّى أن يشهد العام الجديد إنفراجات إقتصادية تأتي عن طريق خطة مالية ناجعة وبرنامج إصلاحي مدعوم مالياً من صندوق النقد الدولي والدول المانحة، فيُعيد للبلد تدريجياً عافيته الإقتصادية وللناس قدراتها الشرائية وللمصارف الثقة والإستقرار بعملها الذي لا غنى عنه.

المصدر - الديار

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o