Dec 18, 2021 8:22 AM
صحف

مع تفشي "كورونا" وسقوط التغطية الصحية.. سيناريو الإقفال الأكثر قرباً؟!

«إن قرار إقفال البلد سيتخذه الوباء». بهذه العبارة حسم وزير الصحة العامة فراس أبيض، مصير البلاد في المرحلة المقبلة مع تفشي فيروس كورونا وبدء توسع دائرة الإصابات بمتحور «أوميكرون». والوصول إلى هذا السيناريو الذي قد يعطّل البلد، يضعه الوزير «بيد الشعب»، فإن التزم «الشعب» بالإجراءات الوقائية خلال الفترة المقبلة من جهة، وبأخذ اللقاحات من جهة ثانية، فثمة أمل بـ«أن لا يقفل البلد». 

مع ذلك، يبدو أبيض أقرب في الرؤية إلى التشاؤم، إذ إن القرار بالإقفال هو السيناريو الأكثر قرباً، خصوصاً في ظل التفلت الذي يظهره السكان. وبالأمثلة، يشير أبيض إلى أنه رفض أول من أمس طلب أحد المواطنين رخصة لإقامة حفل «بعدما طلب الإذن بحضور 900 شخص، فيما المكان يتسع لـ700 شخص فقط».

أما السبب الآخر لقرب تطبيق هذا السيناريو، فهو وضع القطاع الاستشفائي، بحيث انخفضت النسبة المئوية للأسرة غير المشغولة في المستشفيات والمخصصة للمصابين بفيروس كورونا. وفي هذا السياق، يشير أبيض إلى أن نسبة الإشغال في «مستشفيات بعض المناطق كعكار والنبطية بلغت 95%، مقابل 84% في مستشفيات منطقة بعلبك». 

وبناء على ذلك، تحضر وزارة الصحة العامة لبعض الإجراءات على صعيد المحافظات، بحيث أن «كل محافظة تصل إلى رقم معين من القدرة الاستيعابية، وحتى لو أجبرنا على عدم استقبال الحالات غير الطارئة كعمليات التجميل، سنحول جميع الأسرة لاستقبال مرضى كورونا إذا احتجنا». وعلى الخط الموازي، ستواصل الوزارة تدعيم حملات التلقيح والماراثونات، تمهيداً للوصول إلى نسبة تلقيح أفضل.

ومع دخول البلاد في الموجة الرابعة من تفشي فيروس كورونا، لا يبدو القطاع الاستشفائي قادراً على مواكبة هذه الذروة بسبب تدهور وضعه المالي وتراجع عدد طاقمه الطبي، ما يجعله غير قادر على إعادة فتح اقسام للكورونا وتجهيز نفسه من جديد، بحسب "الجمهورية".

رغم ان بعض المستشفيات الخاصة لا يزال جزء من أقسامها مفتوحاً، إلا أن القدرة الاستيعابية لهذه المستشفيات لا تفي بالغرض المطلوب، لأن جزءاً كبيراً منها لم يعد بكامل الأسرّة التي واجه فيها الموجة السابقة من تفشي كورونا، بما يجعل المواجهة مع الفيروس غير متكافئة وقد تصبح في غضون أيام خاسرة، وفقاً لنقيب اصحاب المستشفيات سليمان هارون.

ومع ارتفاع حالات كورونا ونقل حوالى 100 حالة الى المستشفيات يوميا وفقا لما اعلنه أمين عام الصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، يجد المرضى أنفسهم بين خطر الموت نتيجة عدم قدرتهم على دخول المستشفيات، التي باتت للميسورين فقط، بعدما اصبحت فواتيرها مسعّرة بالدولار، في حين لا تغطّي شركات التأمين والجهات الضامنة الفروقات المالية الخيالية في فواتير المستشفيات.

في هذه الحالة، أصبح من يملك الدولارات النقدية مؤهلا فقط للطبابة في لبنان، حيث ان شركات التأمين الخاصة عالجت مشكلتها مع المستشفيات وبدأت تتقاضى قيمة بوالص التأمين بالدولار الـfresh من اجل تغطية كامل كلفة الاستشفاء إن في المستشفيات او المختبرات، ولو ان هذا الاجراء الجديد ما زالت تشوبه بعض الشواذات ولا يشمل كافة المؤسسات الاستشفائية.

في هذا الاطار، اوضح نقيب أصحاب شركات التأمين إيلي نسناس لـ»الجمهورية» أن شركات التأمين بدأت تتقاضى قيمة البوالص بالدولار لكنها خفّضت الأقساط بنسبة حوالى 30 في المئة شرط دفعها بـ»الفريش»، أي ان البوليصة البالغة قيمتها 1000 دولار والتي كان يتم دفعها عبر الشيكات المصرفية، اصبحت قيمتها تتراوح بين 650 و700 دولار fresh، وذلك لتفادي دفع فروقات في المستشفيات والمختبرات، «إلا ان الدفع بالفريش دولار يشكل عائقاً في عدد من الحالات». واوضح ان هذا الاجراء بدأ تطبيقه منذ 15 تشرين الاول، وبالتالي فإنّ كل البوالص الجديدة الموقّعة بعد هذا التاريخ والمدفوعة بالدولار نقدا، تخوّل أصحابها الدخول الى المستشفيات او المختبرات من دون تكبّد سداد أية فروقات مالية. إلا ان البوالص القديمة لا تغطي كامل كلفة الاستشفاء، لذلك، خيّر أصحابها بإلغائها، مقابل استرداد كلفتها للفترة المتبقية لتاريخ انتهاء مدّتها، على ان يتم اصدار بوالص جديدة تدفع بالدولار بهدف تغطية الفوارق المالية في المستشفيات.

وكشف نسناس أن عددا كبيرا من المؤمّنين، وجراء الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، خفضوا درجات الاستشفاء، في حين استغنى البعض الآخر عن التأمين الخاص، والتوقعات تشير الى التدني في نسبة المؤمّنين بنسبة 20 في المئة في المستقبل، لأن الوقت ما زال مبكرا لتحديد النسبة الفعلية للذين تخلّوا عن التأمين.

وقال نسناس ان بوالص التأمين الجديدة تغطي أيضا كلفة استشفاء حالات كورونا ولكن ضمن سقوف مالية محدّدة، متمنياً ان ترتفع تقديمات الضمان الاجتماعي أقله في حدود المستويات السابقة.

هذا بالنسبة الى ما يتعلّق بالمؤمّنين عبر القطاع الخاص، إلا ان المؤمّنين من خلال الجهات الضامنة الرسمية، وهم الشريحة الاكبر من اللبنانيين، ما زالوا يعانون المشكلة نفسها بالنسبة لدخول المستشفيات وعدم قدرتهم على تسديد الفوارق المالية بالملايين، حيث ان المشكلة الكبرى تكمن في ان مؤسسة الضمان الاجتماعي وتعاونية الموظفين عاجزتان عن تأمين التمويل اللازم لرفع تعرفة الاستشفاء وتغطية الفوارق المالية، لأن مصدر مداخيلهما من اشتراكات فرع المرض والامومة، ولا قدرة حاليا لرفع تلك الاشتراكات، إذ انه لم يتم التوصل حتى الى توافق على رفع الاجور وعلى احتساب اي زيادة في الاجور من اصل الراتب، الامر الذي يؤدي الى رفع اشتراكات الضمان، مع الاشارة الى ان الدولة ما زالت تمتنع عن تسديد مستحقات الضمان البالغة حوالى 5000 مليار ليرة.

كذلك، أكدت مصادر طبيّة لـ"الجمهورية" أن العاصفة الوبائية "قد تكون فوق المتوقع بكثير، اضافة الى انها اكبر بمسافات خطيرة جدا من قدرة المستشفيات في لبنان على استيعاب الإصابات وتوفير ما يلزم من علاجات، خصوصا ان هذه المستشفيات هي في الاصل في حالة مرضية تنازع مالياً من اجل استمرارها، وجراء فقدانها عناصر الاستمرار بدءا بالمحروقات وصولا الى الشح في عدد الأسرّة والأمصال وما الى ذلك".

ولفتت المصادر الى ان اعداد الاصابات في تزايد كبير جدا، خصوصا بمتحوّر "اوميكرون" الذي قفز عدد الحالات المثبتة فيه حتى الآن فوق السبعين اصابة، وسرعة انتشاره تنذر باعداد كارثية في مدى غير بعيد، وهذا سيدفع حتما الى اتخاذ اجراءات وقائية قاسية تصل الى حد الاقفال النهائي للبلد للحؤول دون الانهيار الوبائي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o