Dec 13, 2021 6:37 AM
صحف

هل تصمد الحكومة أمام الضغوط... ولماذا يتهرب عون من الاتصال بنصرالله؟!

أيهما يسبق الآخر: العودة إلى الانتظام الحكومي عبر استئناف جلسات مجلس الوزراء بمشاركة وزراء الثنائي، أي مكتملاً، أم المضي قدماً في الانتحار في ارتفاع هستيري لسعر صرف الدولار في سوق القطع «الاسود» مع ما يستتبعه من العودة إلى ارتفاع لجدول المحروقات، لا سيما المازوت والبنزين، وسائر أسعار السلع الغذائية والضرورية، فضلا عن تزايد شدّة الشرخ بين حزب الله وفئات متزايدة في المجتمع.

بدا الترقب السياسي ثقيلا فعلى جدول الأسبوع، بدءاً من اليوم: 

1 - المحادثات التي سيجريها الموفد الفرنسي بيار دوكان في بيروت، بحثا عن الإصلاحات المتأخرة، ومعه تجديد التحذير، الذي سمعه كبار المسؤولين ان لا مجال لترف الوقت بعد، فكل يوم تأخير يقابله انهيارات متتالية، وتأخر في الإصلاحات والمساعدات وتفاقم بالسير باتجاه الارتطام الكبير.

وبدءاً من يوم غد، يبدأ العد التنازلي لطعن المجلس الدستوري، أو عدم الطعن في المراجعة التي هي امامه ومقدمة من تكتل لبنان القوي ضد التعديلات التي صارت قانونا على قانون الانتخاب.. والمتوقع ان يكون القرار الثلاثاء في 21 ك1 الجاري.

3- اما قضائياً، فمن المنتظر ان يدرس طلب المحقق العدلي القاضي طارق بيطار تنفيذ مذكرة توقيف النائب في كتلة التنمية والتحرير علي حسن خليل، مع الظروف والمعطيات المعروفة.

ومع بلورة الوضع في بحر الأسبوع الطالع، وما يليه، تحدثت معلومات عن ان حزب الله بعث برسالة مرتفعة اللهجة للرئيس نجيب ميقاتي ان «محاولات التفاهم المشترك وصلت إلى طريق مسدود» وان لا حل للأزمة الحكومية، والأمور معقدة أكثر من أي وقت مضى.

واشارت مصادر سياسية ل"اللواء" إلى أن اي بوادر لحل مشكلة تعطيل جلسات مجلس الوزراء، لم تتبلور بعد، ويبدو انها ستطول اكثر مما كان متوقعا، برغم كل الاتصالات والمساعي المبذولة باستمرار للخروج من هذا المازق الصعب، لافتة الى ان معظم ما يتردد عن صيغ وطروحات للحلول من هنا وهناك، دونه صعوبات وموانع، سياسية ودستورية.

وقالت: ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يحاول التحرك ضمن هامش محدود، لإيجاد حلّ لمطلب الثنائي الشيعي، قبل الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء، وفي الوقت نفسه يحرص على تبريد الاجواء وعدم الدخول في متاهات الخلافات بين الرئاستين الاولى والثانية، تفاديا لتداعيات اي خطوة غير مدروسة، على وضع الحكومة المشلولة باتجاه الأسوأ. 

وتشير المصادر في هذا الخصوص، إلى ما سرب عن بعض تفاصيل النقاش الذي حصل في اللقاء الاخير بين ميقاتي وعون بعد عودة رئيس الحكومة من زيارته لمصر، وبروز تباين بينهما حول الدعوة لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، يكشف صعوبة المشكلة القائمة وتعقيداتها، وتأثيرها على العلاقة بين عون وميقاتي وبين الرئاستين الاولى والثانية، لافتة الى ان اللقاء حصل في اجواء محتقنة نسبيا، جراء استياء رئيس الجمهورية الواضح من حصر الاتصال الهاتفي، الذي اجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخرا، برئيس الحكومة حصرا، واستثنائه شخصيا، من اي تواصل مع الرئيس الفرنسي او الجانب السعودي فيما بعد ايضا، لوضعه مباشرة في مضمون هذه المحادثة المهمة، فيما يلاحظ ان مؤشرات هذا الاتصال وابعاده السياسية،تعطي انطباعا بانقطاع العلاقة المباشرة مع رئيس الجمهورية، وعدم الاستعداد للتواصل المباشر معه.

وتقول المصادر ان رئيس الجمهورية اقترح خلال اللقاء المذكور، ان يدعو رئيس الحكومة لعقد جلسة لمجلس الوزراء بسرعة، لاسيما وان هناك ما يزيد عن مائة ملف وموضوع على جدول اعمال مجلس الوزراء، لم تعد تحتمل انتظار إتمام حل مطلب ازاحة القاضي البيطار، بينها ملفات اكثر من ضرورية تتطلب اقرارها.

واستنادا الى المصادر المذكورة، فإن رئيس الحكومة لم يبد اعتراضه على مطلب عون بعقد الجلسة، ولكنه اقترح عليه ان يبادر قبل توجيه الدعوة، الى الاتصال بالامين العام لحزب الله حسن نصرالله،لتحضير الاجواء المؤاتية، وللتشاور والتأكيد على ان استئناف جلسات المجلس، لا تمثل استفزازا لاحد، والتشديد على الاهتمام بمطلب الحزب الاستمرار بالبحث عن المخارج المطلوبة لحل المشكلة ضمن الاطر الدستورية المتوفرة.

وتضيف المصادر ان رئيس الجمهورية ابدى رفضه الاتصال بنصرالله لهذه الغاية، وطالب ميقاتي بالعمل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اللقاء الثلاثي الذي جمعهم ببعبدا في عيد الاستقلال، لايجاد مخرج للمشكلة من خلال الآليات الدستورية في مجلس النواب، لفصل مسألة ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب من صلاحية المحقق العدلي وحصرها بالمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب المنبثق عن مجلس النواب. الا ان رئيس الحكومة أوضح لعون، العوائق الدستورية والسياسية التي تحول دون ذلك. ثم عاد رئيس الجمهورية واكد اصراره على المباشرة بالدعوة لاستئناف جلسات مجلس الوزراء بمن حضر، حتى ولو قاطع الوزراء الشيعة الجلسة ولم يحضروا، معللا ذلك بأن الوضع لم يعد يحتمل تجميد عمل الحكومة على هذا النحو، ويستهلك ما تبقى من عمر العهد سدى. وهنا تحدث ميقاتي وقال لعون: ماذا يفيد اقرار هذه الملفات والمواضيع في جلسة بغياب الوزراء الشيعة، وهناك ما يقارب الثمانين مرسوما بحاجة لتوقيع وزير المالية. وهنا عاود رئيس الحكومة طلبه لرئيس الجمهورية للاتصال بنصرالله لحل هذه المشكلة، الا ان الاخير رفض ذلك مجددا، وانفض اللقاء على تباين واضح بين عون وميقاتي حول هذا الموضوع.

وتشير المصادر الى ان ما زاد في تأزم العلاقة بين عون وميقاتي تباين وجهات النظر حول الإجراءات الأخيرة لحاكم مصرف لبنان بخصوص رفع سقف السحوبات ومدى تأثيرها على زيادة التضخم وسعر صرف الدولار في حين زاد الطين بلة، الكتاب الذي وجهته رئاسة الجمهورية الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وطلبت فيه تزويدها بتفاصيل ونتائج المفاوضات التي يجريها رئيس الحكومة والوزراء المختصون مع صندوق النقد الدولي، استنادا الى الصلاحيات التي يمنحها له الدستور على هذا الصعيد، مع العلم ان ميقاتي ونائب رئيس الحكومة الذي يتولى هذه المهمة تحديدا، زار رئيس الجمهورية أكثر من مرة ووضعه في خلاصات هذه المفاوضات وتفاصيلها، في حين علم ان وراء إرسال الكتاب المذكور، النائب جبران باسيل، الذي يصر على مشاركة المستشار الرئاسي والمسؤول المالي للتيار والمقرب منه شخصيا شربل قرداحي في جميع جلسات التفاوض، ليكون عينه بالمفاوضات ويطلعه على فحوى ما يحصل، برغم ان مشاركته كمستشار، مشروطة بمدى الحاجة اليه استنادا الى قرار تأليف اللجنة الوزارية للتفاوض مع الصندوق، مع العلم ان اللجنة المذكورة تضم وزراء يمثلون كل الأطراف المشاركين بالحكومة،كما يشارك فيها المستشار الرئاسي رفيق حداد ايضا. 

واستنادا الى المصادر ذاتها، فان تواتر الحديث عن انشاء صندوق سعودي فرنسي مشترك يخصص لدعم المشاريع الحيوية والانسانية مباشرة كما فعلت فرنسا بعد تفجير مرفأ بيروت، ومن دون المرور عبر مؤسسات الدولة، كما كان يحصل من قبل، لانعدام الثقة بالمسؤولين الرسميين، أثار استياء اضافيا لدى الرئاسة الاولى وزاد من تأجيج الوضع السياسي والاحباط لدى الفريق الرئاسي. 

وابدت المصادر خشيتها من ان تكون مشكلة تعليق جلسات مجلس الوزراء ومتفرعاتها، قد دخلت في لعبة عض الأصابع والمقايضات المحلية والاقليمية، وهذا الواقع الذي بات يتقدم على كل اسباب وذرائع التعطيل الداخلي، في ظل استمرار التباعد الحاصل بين الاطراف المعنيين، وتشبث كل طرف بمواقفه المتشددة حتى النهاية. وهذا يعني ان استمرار الوضع المتردي على حاله سيؤدي بالنهاية الى اجهاض وتعطيل، خطة النهوض العامة، وما تضمنته من إصلاحات بالادارات والمؤسسات العامة، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي والنهوض بقطاع الكهرباء. 

 وتعتبر المصادر ان الطرفين الرئيسيين بالمشكلة، رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل من جهة والثنائي الشيعي من جهة، كل يحاول التعاطي مع أي حل للمشكلة، بما يؤمن مصلحته الخاصة،على حساب استمرار التعطيل المتعمد لمجلس الوزراء وشل عمل الحكومة، وزيادة حدة الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها اللبنانيون. 

وتشير المصادر الى ان رئيس الجمهورية وباسيل، يسعيان من خلال التلطي وراء مبدأ فصل السلطات، واعاقة اي اجراء يمكن ان تقدم عليه الحكومة لحل المشكلة، او التعاطي بإيجابية، مع أي تشريعات تتخذ بالمجلس النيابي، السعي الحييث لاجراء مقايضة باتت مكشوفة، مع حزب الله،لضمان تعويم باسيل بالانتخابات النيابية اولا،ولاسيما في الدوائر التي يتمتع فيها الحزب بثقل شعبي،وثانيا لتوفير كل الضمانات الممكنة ليكون الاول بالسباق الى الرئاسة الاولى بعد عشرة اشهر، رغم الصعوبات والتبدلات التي تحكم هذا الاستحقاق في حينه،محليا ودوليا. 

وفي المقابل، يلاحظ ان حزب الله يرفض استمرار التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، بمساره الحالي تحت عنوان الاستنسابية وتسييس الملف، ويرمي بثقله، لمنع المحقق من اكمال مهمته، لإخفاء تورط الحزب بجوانب معينة في هذا التفجير، منعا لادانته مستقبلا. وقد بات يمارس اساليب الترهيب والتهديد للقضاء، كما فعل بالتحقيقات في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يومذاك،ولكنه لم يتمكن من طمس ادلة ارتكابه للجريمة وتمت إدانة احد كوادره بارتكابها من المحكمة الدولية الخاصة. 

ولذلك يرفض الحزب الدخول باي مقايضة مع شريكه بالتوقيع على تفاهم مار مخايل، رئيس الجمهورية، لتحوير التحقيق او طمسه نهائيا في الوقت الحاضر، مبديا استياءه الشديد منه جراء هذا التصرف الذي يبديه بهذا الخصوص تجاه الحزب، بينما يلاحظ ان الحزب يتشدد بشرطه لتنحية المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ويراهن على ان هذا الاسلوب بتعطيل مجلس الوزراء، سيؤدي بالنهاية الى الخضوع لمطلبه ولو طال الامر اكثر من اللازم. 

ومن جهته، يعتبر الرئيس بري ان تدخل الفريق الرئاسي بمهمة المحقق العدلي واضحة، بالاستنسابية، وتجاوز الدستور وصلاحيات المحقق العدلي، وان هذا الملف يستغل في اطار تصفية الحسابات والمكايدة السياسية من ناحيتين، الاولى توجيه التحقيق ليطال خصوم العهد السياسيين، مقابل تحييد وحماية الملاحقين المحسوبين على رئيس الجمهورية وتياره السياسي، وثانيا بتجاوز الدستور الواضح في ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب، وهذا يشكل سابقة خطيرة وتعديا على الدستور وصلاحيات مجلس النواب، ولا يمكن التهاون فيه او السكوت عنه. وهكذا من وجهة نظر المصادر السياسية تدور مشكلة تعطيل جلسات مجلس الوزراء، في هذه الدوامة من التجاذبات وتضارب المصالح السياسية، على حساب شل عمل الحكومة، وزيادة منسوب الفوضى وعدم الاستقرار والانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي، وابقاء اللبنانيين اسرى هذه الممارسات والسلوكيات المدمرة، التي ترتبط بجوانب منها بالصراع الاقليمي.

ويصل دوكان وبيدرسون بينما ما زالت جلسات مجلس الوزراء معلقة على مطلب تنحية المحقق العدلي طارق بيطار، فيما ترددت معلومات انه بات هناك نحو 135 بنداً ضروريا على جدول الاعمال لا بد من اقرار معظمها.

 وذكرت مصادر نيابية متابعة، ان ثمة افكار يجري التداول بها لمعالجة مسألة «الارتياب السياسي» بالمحقق العدلي في إنفجار المرفأ طارق بيطار لفك اسر مجلس الوزراء، وهناك خطوات لا بد منها من اجل إستئناف جلسات مجلس الوزراء المعطل نتيجة الاعتراض على اداء المحقق العدلي البيطار وطلب تنحيته.

واوضحت ان أولى هذه الخطوات تبدأ من المجلس النيابي بتفعيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب وتحديد آلية عمله المتكاملة ولو جرى طرح اقتراح قانون نيابي ببعض التفاصيل الاجرائية لتفعيله، تليها خطوة مكملة لا بد منها وهي تجاوب مجلس القضاء الاعلى، وهذا ما يعمل عليه الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي.

لكن المصادر ذكرت ان العمل يجري ايضاً على حثّ القضاء على تسريع إصدار القرار الظني في تحقيقات انفجار المرفأ للتخفيف من حدة الانقسامات حول الملف، وتسريع البت به وإحالته الى الجهات المختصة ليُبنى على الشيء مقتضاه القانوني. مشيرة الى ان هذه الامور إذا لم تُنجز قبل عطلة الاعياد فإن الحلول ستُرحّل الى العام المقبل، «لأن الحل اما يكون متكاملا بين المجلس النيابي والقضاء وإما لا يكون».

وأبدت المصادر مخاوفها من إطالة الحلول الى ما بعد رأس السنة، إذ عندها تدخل البلاد في دوامة الانتخابات النيابية لجهة التحضيرات اللوجستية والادارية وبدء تطريز التحالفات وتعيين المرشحين وتركيب اللوائح، سواء جرت الانتخابات في آذار أو أيار، فتزداد حدة الانقسامات، خاصة ان المرتقب صدور قرار المجلس الدستوري بشأن الطعن المقدم من «نواب تكتل نواب القوي» قبل عطلة الأعياد، ما قد يُغيّر الكثير من الامور المتعلقة بالعملية الانتخابية سواء تم قبول الطعن او ردّه.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o