Nov 18, 2021 6:12 AM
صحف

الحكومة "محكومة": مصيرها مرهون بقرار "هيئة التمييز"!

بمزيد من الحسرة والألم، يواصل الرئيس نجيب ميقاتي الرثاء والمناجاة على أطلال حكومته "الهامدة"، معتصماً بحبل الصبر والأمل لإعادة بث الروح فيها بعدما كتم الثنائي الشيعي أنفاسها ووأدها تحت أنقاض انفجار المرفأ وحرب اليمن، فجدد بالأمس الدعوة إلى تحرير مجلس الوزراء "والإسراع في استئناف جلساته بعيداً عن رفع السقوف"، مشدداً على أنّ "الأوضاع الخانقة تقتضي من الجميع التعاون في سبيل تفعيل عمل الحكومة... بدءاً بالخطوات المطلوبة لحل الخلاف المستجد مع دول الخليج".

وإذا كانت استقالة الوزير جورج قرداحي باتت تشكل أزمة ملحقة بأجندة ربط النزاع الدائر بين "حزب الله" والحكومة على خلفية قضية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بحيث أصبح بشكل أو بآخر "قبع" الأول مرهوناً بـ"قبع" الثاني، فإنّ أوساط الثنائي الشيعي تؤكد بهذا المعنى وحدة المسار والمصير بين الأولويتين "إذ بمجرد معالجة مسألة القاضي البيطار تصبح استقالة قرداحي تفصيلاً سهل المعالجة"، كما عبّرت هذه الأوساط، مؤكدةً أنّ "الرهان معقود اليوم على ما ستقرره الهيئة العامة التمييزية إزاء دعوى مخاصمة الدولة في قضية تجاوزات المحقق العدلي، وبما أنّ مجلس الوزراء سلّم أمره للقضاء ورفض تحمّل مسؤولياته إزاء هذه التجاوزات، فعليه بالتالي أن ينتظر ما ستقرره الهيئة، لأنّ عودة الحكومة محكومة بتصويب الأمور ومعالجة الخلل في تحقيقات المرفأ".

وفي هذا السياق، كشفت مصادر مواكبة لمسار دعوى "مخاصمة الدولة" لـ"نداء الوطن"، أنّ رئيس مجلس القضاء الأعلى والرئيس الأول لمحكمة التمييز سهيل عبود "كان متريثاً بدعوة الهيئة العامة التمييزية للاجتماع باعتباره يفضل أن تكون مكتملة العضوية"، لكنه وتحت وطأة "الحاجة الوطنية والقضائية الملحّة للإسراع في تذليل العقبات وتبديد الشوائب التي تعترض إنجاز تحقيقات انفجار المرفأ"، أكدت المصادر "الاتجاه نحو انعقاد الهيئة لكونها مكتملة النصاب وإن كانت غير مكتملة الأعضاء"، مشيرةً إلى أنها "ستنظر في نقطتين أساسيتين الأولى تتصل بحيثيات دعوى مخاصمة الدولة المقدمة من رئيس الحكومة السابق المدعى عليه حسان دياب، والنقطة الثانية تتعلق بتحديد المرجع الصالح لردّ المحقق العدلي".

وأوضحت المصادر أنه "في حال تثبتت الهيئة العامة التمييزية من جدية اتهام المحقق العدلي بتجاوز صلاحياته في مسار التحقيقات، لا سيما بالشق المتعلق بملاحقة الرؤساء والنواب والوزراء، فإنّ قرارها قد يصل إلى حد كف يد القاضي البيطار كلياً عن ملف تحقيقات المرفأ وليس فقط حصر نطاق تحقيقاته في القضية بالموظفين والإداريين والأمنيين"، لافتةً الانتباه في الوقت نفسه إلى أنّ "قرارات الهيئة تؤخذ بالإجماع وتعتبر نافذة حكماً وملزمة لكل المحاكم من دون استثناء".

أما في مستجدات قضية قرداحي، فتنقل أوساط وزارية أنّ "كل المساعي المبذولة لحلحلة القضية لا تزال تصطدم بحائط مسدود وبمواقف متصلبة رافضة لاستقالته أو إقالته، سواءً من قبل وزير الإعلام نفسه الذي يتجاهل نداءات رئيس الحكومة والبطريرك الماروني للمبادرة إلى الاستقالة طوعاً تقديراً منه لمصلحة البلد واللبنانيين في الداخل والخليج، أو من جانب "حزب الله" و"تيار المردة" اللذين يدعمان موقفه الرافض للاستقالة ويمنعان في المقابل إقالته في مجلس الوزراء"، مشددةً حيال ذلك على أنّ "مروحة الخيارات بدأت تضيق أمام الرئيس ميقاتي لأنّ عامل استنزاف الوقت سيهدم الهيكل فوق رؤوس الجميع ولن يصبّ في مصلحة أحد".

من جهة أخرى، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن هناك استياء يبديه الرئيس ميقاتي للتأخير الحاصل في موضوع معالجة انتظام العمل الحكومي لجهة التأخير في استئناف جلسات الحكومة لكن في الوقت نفسه لا يرغب في تفجير اي جلسة يدعو إليها. 

واعترفت مصادر سياسية متابعة لمسار الاتصالات الجارية للخروج من مأزق تعطيل جلسات مجلس الوزراء، بعجز المسؤولين عن التوصل الى حل ينهي هذه الازمة ويعيد دورة العمل الحكومي الى طبيعتها العادية.

واضافت المصادر ان وتيرة الاتصالات والمشاورات لم تتوقف، بعدما لاحت مؤشرات لحلحة مشكلة وزير الإعلام جورج قرداحي، ينتظر ان تتبلور قريبا، ولكنها لم تستطع حتى الساعة، تجاوز شرط الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، برغم كل الأساليب الاعتراضية والتهديدات العلنية، التي تجاوزت في بعض جوانبها، أسس العلاقة بين السلطة بكل مكوناتها والقضاء، الامر الذي بات ينذر باهتزازات وتصدعات، قد تؤثر سلبا على السلطة القضائية، وتقلص الثقة الداخلية بماتبقى منها، وتنعكس على صدقية الحكومة للقيام بالاصلاحات الهيكلية المطلوبة، في مختلف مؤسسات وقطاعات الدولة، وتزيد من تقلص ثقةالمجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية، بالمسؤولين كلهم من دون استثناء، وما قد يترتب على هذه التصرفات، من إحجام او تباطؤ لمد يد المساعدة للبنان للخروج من الازمة الحالية التي يواجهها.

واعتبرت المصادر ان مواقف وتصريحات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالامس، تعبر بوضوح عن المأزق الناجم عن تعثر المساعي والجهود التي تبذل لحل الازمة.

وشددت المصادر على بلوغ المشكلة بين المطالبين بتنحية القاضي البيطار وتشدد السلطة القضائية في رفضها الانصياع لهذا المطلب، حد الاشتباك الى النهاية، في ظل عدم تراجع الطرفين عن مواقفهما، ما يؤشر الى اطالة امد ازمة تعليق جلسات مجلس الوزراء، الى وقت غير معلوم، مع ما يترتب على هذا الواقع من استفحال التردي والاهتراء الاقتصادي والمعيشي الى حد لا يمكن التكهن بنتائجها على الواقع السياسي العام.

ومن وجهة نظر المصادر المذكورة، ان فشل كل محاولات ازاحة المحقق العدلي، اظهرت ثبات السلطة القضائية في مواجهة كل اساليب التدخل السياسي والضغوط على اختلافها بمهماتها، مهما تعددت الذرائع والأسباب لتبرير هذا التدخل، واستبعدت ان يتم نزع مهمة التحقيق بانفجار مرفأ بيروت من المحقق العدلي القاضي البيطار، بعدما فشلت خطوة القاضي مزهر بذلك، ولفتت الى ان التحقيق العدلي بالملف قطع شوطا كبيرا، يستحيل معه لأي كان قد يتسلم هذه المهمة، وهذا مستبعد، ان يعود الى الوراء.

وتزاحمت التطورات امس، بين تقديم نواب التيار الوطني الحر الطعن بقانون الانتخاب امام المجلس الدستوري، وترقب نتائج اللقاءات التي تجري خلف الكواليس لمعالجة مسألتي استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي وإستئناف جلسات مجلس الوزراء بعد معالجة مسألة "الإرتياب السياسي" بالمحقق العدلي طارق البيطار، وسط معلومات عن "حلحلة" ما في موضوع قرداحي بعد اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي برئيس تيار المردة سليمان فرنجية خلافاً لما تردد عن اجواء سلبية وتشدد من الجانبين.

وذكرت المعلومات ان معالجة موضوع الوزير قرداحي تتم على نار هادئة بحيث انه قد يضطر الى الإستقالة في نهاية المطاف "تحسّساً " منه بالظروف الصعبة التي تواجهها البلاد بسبب تردي العلاقات مع دول الخليج و"لأنه يستشعر حجم الضغط الذي يتعرض له لبنان ومواطنوه المقيمون في الخليج"، لكن لم تتضح تفاصيل وافية عن المخرج الذي يجري العمل عليه. أمّا قضية المطالبة بتنحية القاضي بيطار ما زالت تدور في الحلقة ذاتها، من حيث تحويل التحقيق مع النواب والوزراء السابقين الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الاتهامات المساقة ضدهم في قضية إنفجار المرفأ، وهذا القرار هو بيد رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود بصفته رئيس محاكم التمييز التي تبت احداها بطلب كف يد البيطار عن ملاحقة النواب.

واشارت بعض المعلومات الى ان محكمة التمييز كان يُفترض ان تجتمع امس للبت في دعوى مخاصمة الدولة المقدّمة من وكيل الرئيس السابق حسان دياب ليتم في حال ثبوت الجدية بنظر الهيئة إرسال القرار إلى رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل ليصدر بعدها القرار النهائي عن الهيئة. لكنها لم تجتمع لاسباب غير معروفة وقد تجتمع خلال اليومين المقبلين. ويتم في حال ثبوت الجدية بنظر الهيئة إرسال القرار إلى رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل ليصدر بعدها القرار النهائي عن الهيئة".

الى ذلك، أفادت "الأخبار" ان للمرة الأولى منذ عودته من قمة المناخ في غلاسكو، التقى رئيس الحكومة وزير الاعلام في منزله، بعيداً عن الإعلام، مشيرة الى أن ميقاتي اتصل بقرداحي ودعاه إلى منزله مساء أول من أمس، بعد نصيحة تلقاها رئيس الحكومة من رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، علماً بأن ميقاتي كان قد التقى فرنجية بحضور شقيقه رجل الأعمال طه ميقاتي، في سياق محاولة جديدة لإقناعه بضرورة استقالة قرداحي.

ووفق المعلومات، أكد فرنجية أنه لن يضغط على وزير الإعلام، قائلاً لميقاتي "أليسَ قرداحي وزيراً في حكومتك، فلماذا لا تجلس معه وتتحدث إليه؟". وبناءً عليه، تواصل ميقاتي مع وزير الإعلام وشرح له بأنه "يريد من الاستقالة حفظ شعرة معاوية مع دول الخليج". لكنه كان واضحاً بأنه "لم يحصل على أي ضمانات بأن الأزمة ستحلّ في حال الاستقالة، أو حتى بإمكان أن تفتح نافذة حوار"، ومع ذلك لا يزال رئيس الحكومة مصرّاً على اتخاذ هذا الإجراء. وفيما قالت مصادر "الأخبار" إن ميقاتي لن يذهب الى الدعوة الى جلسة حكومية ما دامَ قرداحي وزيراً، أكدت أن وزير الإعلام أعاد شرح وجهة نظره ولم يعط جواباً سلبياً أو إيجابياً لميقاتي، وأن الأمور لا تزال معلّقة.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o