Nov 09, 2021 10:34 AM
مقالات

إنها الانتخابات:هل من أغتال رفيق الحريري حاول إغتيال الكاظمي؟

كتب أحمد عياش في "النهار":

ما جرى في العراق بالأمس، قد جرى مثله ولا يزال في لبنان. هذه المقارنة أوردها السفير الايراني السابق في الاردن احمد دستمالجيان  الذي ذكر في تصريح لوكالة "تسنيم" الإيرانية  الدولية للانباء أن استهداف منزل رئيس الوزراء العراقي  بواسطة طائرة مسيرة "سيؤدي إلى استغلال سياسي، وأن بعض الجماعات ستحاول لاثارة الفوضى في العراق ".وقال : "لقد قلت من قبل أنه بعد فشل الحروب بالوكالة ، فان العراق ولبنان تعرضا للفوضى وانعدام الأمن. وهذا هو  مخطط المثلث المشؤوم بان الدول المجاورة لفلسطين المحتلة يجب ان  لا تنعم  بالاستقرار والهدوء."

ما قاله السفير الإيراني السابق، هو غيض من فيض ردود الفعل في إيران وعلى لسان مسؤول بارز في "حزب الله" العراقي. وبدت هذه الردود شبيهة جدا بتلك التي صدرت مباشرة بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005. وكأن كل من رئيس وزراء اللبناني الراحل ونظيره العراقي قد دفعا ثمن انتخابات كادت ان تحقق في لبنان الفوز للحريري قبل 16 عاما ما قد يدفع قدما للمطالبة بتنفيذ القرار الدولي الرقم 1559 الذي يجرّد المليشيات في لبنان من أسلحتها .علما انه لم تكن هناك من ميليشيا في لبنان ولا تزال سوى "حزب الله". أما في العراق، فقد جرت تلك الانتخابات قبل أسابيع ووجهت نتائجها ضربة قاصمة الى ذراع إيران الميليشاوية في بلاد ما بين النهرين.

لعل ردة الفعل الاوضح على محاولة إغتيال الكاظمي جاءت على لسان " ابو علي العسكري" القائد الامني لكتائب حزب الله العراقي. فقد أوردت وكالة "مهر" الإيرانية للانباء تعليق هذا القائد الميليشاوي العراقي عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، فوصف من خلاله مؤامرة اغتيال الكاظمي بأنها "خطوة دراماتيكية"، وكتب: "ممارسة دور الضحية اصبح من الاساليب البالية التي اكل عليها الدهر وشرب". واكد انه "لا أحد في العراق لديه حتى الرغبة لخسارة طائرة مسيرة على منزل رئيس وزراء سابق."وأضاف: "إذا كان هناك من يريد الإضرار بهذا المخلوق الفيسبوكي فتوجد طرق كثيرة جدا، أقل تكلفة وأكثر ضمانا لتحقيق ذلك، ومما يثير السخرية أنه يدعو إلى ضبط النفس والتهدئة، فمن يا ترى عليه ان يقلق، ومن فقد السيطرة على نفسه؟"

الى هذا الوضوح الشديد في موقف مسؤول بارز في الذراع الأمني الإيراني في العراق، من المفيد القيام بجولة على الاعلام في إيران للوقوف على موقفها من الحدث العراقي. ففي تغريدة نشرها على حسابه الشخصي على تويتر وعممتها وسائل الاعلام الإيرانية ، قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ان محاولة إغتيال الكاظمي "هي فتنة جديدة يجب التحري عنها في مراكز الفكر الأجنبية، والتي لم تجلب منذ سنوات، من خلال خلق ودعم الجماعات الإرهابية واحتلال البلاد، سوى انعدام الأمن والخلافات وعدم الاستقرار للشعب العراقي المظلوم".

وكان لافتا ان صحيفة "كيهان" الناطقة باسم المحافظين أوردت محاولة إغتيال الكاظمي في عنوان فرعي على صفحتها الأولى ، فيما خصصت عنوانها الرئيسي لتصريح اللواء غلام علي رشيد، الذي حذر اعداء الجمهورية الاسلامية من "اختبار قوة الجيش والحرس الثوري."

تحت عنوان "لماذا قضية الهجوم على منزل الكاظمي مشبوهة؟" أوردت وكالة "تسنيم" تحليلا جاء فيه:"...ان المعترضين على نتائج الانتخابات في العراق، الذين يزعمون حدوث تزوير انتخابي منظم وواسع النطاق، طرحوا مطالبهم بشكل سلمي، ولكن بعد الهجمات التي شنتها قوات الأمن ومقتل وجرح مجموعة من المواطنين خلال مظاهرة يوم الجمعة، اتضح أن البعض ليس على استعداد لسماع صوت الاحتجاجات السلمية ورد عليها بالرصاص.وبينما تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في الأحداث الدامية في بغداد يوم الجمعة وتحاول تحديد هوية مرتكبي المجزرة بحق المتظاهرين، فإن الهجوم على منزل رئيس الوزراء العراقي سيؤدي الى تهميش احداث الجمعة وتجاهل مطالب المحتجين على نتيجة الانتخابات."

وتحت عنوان "مخطط خارجي ظاهره استهداف الكاظمي وباطنه ضرب المقاومة" أوردت وكالة "مهر" تحليلا قالت فيه ان " جميع الدلائل تؤكد ان استهداف منزل رئيس الوزراء العراقي بطائرة مسيرة هو مخطط اجنبي لوضع حركات المقاومة ضمن دائرة الاتهام." وتابعت:" يمر العراق منذ عام 2003 وبعد دخول القوات الاميركية في العراق بحالة من عدم الاستقرار والامن. كل يوم يصحو الشعب العراقي ويتفاجأ بمؤامرة جديدة من قبل أعدائه، كما حصل خلال الساعات الأولى من فجر اليوم الأحد .وهنا تطرح عدة أسئلة منها ما هو الهدف الرئيسي من هذه المحاولة؟ ولماذا في هذا الوقت تحديدا؟"

في لبنان ، كانت ردة فعل "حزب الله" مقتضبة بشكل لافت. ففي بيان صادر

أدان "بأشدّ العبارات الهجوم الغادر... ويدعو إلى تحقيقٍ دقيق وحاسم لكشف ملابسات ‏هذا الإعتداء ومن يقف خلفه وأهدافه المشؤومة."

بالعودة الى ما صرّح به السفير الايراني السابق في الاردن احمد دستمالجيان، فهو قال:"مع تنفيذ هذا المخطط، نرى أن المؤامرات بدأ تنفيذها بشكل متسلسل  في لبنان". وكانت أحدث هذه المؤامرات، الذريعة التي استخدمتها السعودية بشان تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج القرداحي، في حين كانت حكومة ميقاتي قد أخذت زمام الامور حديثا".

قبل 16 عاما قضى الرئيس الحريري نحبه في ظروف كان فيه النظام الأمني في لبنان يوفر ظروفا مثالية للنظاميّن في سوريا وإيران لتنفيذ مخططاتهما من دون أي اعتراض. أما محاولة إغتيال الرئيس الكاظمي فهي أتت، ومن دون إستباق التحقيق الجاري في بغداد ،في ظروف ليست مثالية لطهران وحلفائها. لذلك، كان لا بد من إستخدام شاحنة مفخخة هنا، في حين تم اللجوء الى طائرة مسيّرة هناك. وهذا فارق مهم ليس على مستوى الوسيلة ، ولكن أيضا على مستوى المتغيرات التي طرأت على المنطقة. فهل ستكون الانتخابات أداة حقيقية للتغيير؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o