Nov 04, 2021 6:36 AM
صحف

الزلزال اللبناني - الخليجي مرشّح للمزيد من التفاعل

أشارت "الراي الكويتية" الى ان "... تعميق الحفرة للبنان، وتعميق مأزق الرئيس نجيب ميقاتي". معادلةٌ اختزلتْ الانزلاقة الجديدة في قلْب الهاوية التي تتدحْرج فيها العلاقات اللبنانية – الخليجية وشكّلتْها مواقف - تسجيلات لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب نشرت مضامينها صحيفة "عكاظ" السعودية ووصفتْها بأنها "حاقدة" وتضمّنت "اتهامات لا مسؤولة تجاه المملكة".

وجاءت التسجيلات التي لم ينْفِها بوحبيب بل اعتبر أنها "مجتزأة ومغلوطة"، موضحاً «أن الهدف من اللقاء الصحافي كان السعي لفتح باب الحوار وإزالة الشوائب بغية إصلاح العلاقة مع المملكة العربية السعودية وإعادتها لطبيعتها، وهو الهدف الذي أعمل جاهداً لأجله"، لتفاقم العاصفة التي كانت هبّتْ على خلفية التصريحات العدائية لوزير الإعلام جورج قرداحي بحق السعودية والإمارات والتي استدرجت إجراءاتٍ زاجرة من الرياض وأبوظبي والكويت والبحرين ولتضع "الزلزال" الديبلوماسي أمام فصول مرشّحة للمزيد من التفاعلات... العاتية.

بدورها، لفتت "النهار" الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حرص بعد استقباله عصر امس الوزير بو حبيب على تحميله موقفاً لاعلانه بشكل رسمي من منبر بعبدا، فنقل عنه بوحبيب "ان موقف لبنان واحد حيال ضرورة قيام افضل العلاقات مع السعودية وسائر دول الخليج والدول العربية". وقال وزير الخارجية: "لا يجوز تأثر العلاقات باي مواقف فردية ووجهة نظر الدولة اللبنانية محددة في ما يصدر عن أركانها وفي البيان الوزاري للحكومة"، مؤكداً ان "اي إشكالية بين دولتين شقيقتين مثل لبنان والسعودية لا بد ان تحل بالحوار والتنسيق وفق ميثاق جامعة الدول العربية."

وأعلن بو حبيب "أن لبنان يتطلع إلى اشقائه العرب كي يكونوا إلى جانبه في ظروف الصعبة، واي تباعد عنه ستكون له انعكاسات سلبية تؤذي التضامن والتعاون بين الاشقاء". وشدد على "ان لبنان ما كان يوما الا نصير الدول العربية الشقيقة كلها ولم يكن في يوم من الأيام ولن يكون معبرا للإساءة إلى أي دولة".

وتحدثت مصادر سياسية مطلعة عن دلالات معبرة للفوارق اللافتة التي ظهرت بين نبرة وزير الخارجية المتشددة اول من أمس في حديثه لوكالة رويترز والنبرة المهدئة والمرنة التي طبعت تصريحه أمس عقب لقائه رئيس الجمهورية اذ يعكس البيان الذي تلاه بعد اللقاء انزعاج رئيس الجمهورية وقلقه من تمادي الأزمة مع الدول الخليجية وبدء مرحلة جديدة من المقاربات سعيا إلى احتواء الداعيات والأضرار البالغة التي لحقت بلبنان واللبنانيين وستلحق بهم بعد جراء هذه الأزمة ما لم يسارع لبنان إلى محاولة وضع حد سريع لها.

وبحسب معلومات "الجمهورية"، من مصادر موثوقة، فإنّ المستجدات الخليجية الأخيرة وارتداداتها السلبية على الداخل اللبناني، فرضت تعديلا في الأولويات الداخلية، بحيث ان هذه المستجدات وما رافقها من اجراءات عقابية سعودية وخليجية تجاه لبنان، فرضت نفسها بنداً أوّلاً في قائمة المتابعات الرسمية والسياسية الداخلية، تقدّم على كل الامور الأخرى، وجعل من اسباب تعطيل مجلس الوزراء ربطاً بالشكوك بأداء المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، امراً ثانوياً، قياساً مع الضغط الهائل الذي أرخته الاجراءات السعودية.

ولفتت المصادر الى ما سمّتها "ليونة مبدئية" لدى مختلف الاطراف حيال استئناف جلسات مجلس الوزراء"، وقالت لـ"الجمهورية": اذا نجحت حركة الاتصالات الجارية على اكثر من صعيد فإنه من غير المستبعد ان يصار الى انعقاد جلسة للحكومة في غضون ايام قليلة، مشيرة الى "انّ هذا ما توحي به اجواء المراجع السياسية على اختلافها". ونقلت عن احد المراجع قوله : "امام الضرورات تباح المحظورات".

على ان الأساس في العمل الحكومي في هذه الفترة، يبقى في كيفية تجاوز أزمة تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي. وبحسب معلومات "الجمهورية" فإن هذه المسألة ما زالت معقّدة، والمشاورات حول هذا الامر جارية على اكثر من صعيد، الا انها لم تصل بعد الى المخرج الملائم.

وقالت مصادر وزاريّة لـ"الجمهورية": لا بد من النظر الى الاثار البالغة السلبية على لبنان جراء الاجراءات الخليجية التي اتخذت، والتي يبدو انها ستأخذ مسارا تصاعديا ما لم تبادر الحكومة الى اتخاذ الموقف الملائم حيالها. مشيرة الى ان استقالة الوزير قرداحي من شأنها ان تشكل المخرج الذي قد يفتح باب الحوار مع السعودية لإعادة النظر في اجراءاتها، خصوصا ان الحكومة اعلنت انها لا تتبنى ما صدر عنه. ورئيس الحكومة عبّر عن قلق جدي من نتائج هذه الاجراءات على كل اللبنانيين، ومن هنا جاءت مطالبته لوزير الاعلام بأن يراعي المصلحة الوطنية، من دون ان تلقى هذه المطالبة اي استجابة من الوزير قرداحي.

ولفتت المصادر الى ان الوضع معقد لهذه الناحية، خصوصا ان الوزير اعلن انه ليس في وارد الاستقالة، اضافة الى ان تيار المردة وحلفاءه في الحكومة يرفضون هذا الامر، ويعارضون اي خطوة من شأنها ان تذهب برأس وزير الاعلام وحده، ومن دون ان تؤدي الى تعديل في الاجراءات السعودية او تراجع عنها.

وفي هذه الاجواء عبرت مراجع ديبلوماسية وسياسية عن قلقها من صعوبة التوصل الى اي صيغة تؤدي الى مخرج ما لإحياء البحث في الإجراءآت العقابية التي اتخذت وكيفية معالجة الموقف. وما يزيد من نسبة المخاوف حجم الشروط السعودية التي تتجاوز قدرة اللبنانيين على التأثير في تصرفات "حزب الله" وتوجهاته التي تشكل السبب الاساسي الذي دفع بالقيادة السعودية الى اتخاذ الاجرءات التي اعلن عنها، والتي تضامنت معها مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي، ولو لم تتدخل بعض المراجع الدولية لتوسعت وكانت اكثر قساوة وشمولية.

في هذا الوقت، كشفت مصادر ديبلوماسية عربيّة لـ"الجمهورية" أن الموقف السعودي من لبنان يَنحى في اتجاه تصاعدي، خصوصاً أنّ المملكة لم تلمس ايّ خطوة تعكس حسن نيّة الجانب اللبناني. ولفتت المصادر الى فشل كل الوساطات التي جرت مع السعودية لتليين موقفها من لبنان، خصوصا ان الاسباب التي دفعتها الى اتخاذ هذا الموقف ما زالت قائمة، واكدت ان السعودية ترفض اي حوار مع الجانب اللبناني الذي يتحمل مسؤولية الاساءات المتتالية للمملكة من قبل "حزب الله". ومن هنا ترجّح المصادر فشل اي مسعى جديد مع السعودية، في اشارة الى ما حُكي عن تحرّك سيقوم به وزير الخارجية القطرية. وعكست المصادر الديبلوماسية استياء سعوديا من عدم مبادرة لبنان الى اتخاذ اي اجراء بحق وزير الاعلام وتصريحاته. وقالت: هذا الاجراء هو اقل ما يجب على الجانب اللبناني ان يقوم به.

وعما اذا كانت استقالة قرداحي ستؤدي الى الغاء الاجراءات السعودية والخليجية تجاه لبنان؟ قالت المصادر الديبلوماسيّة انها لا تملك ايّ معلومات حيال هذا الامر، الا انها اشارت الى ان لبنان في وضع صعب، وهو بحاجة الى كل اشقائه واصدقائه، وعليه واجب ان يقوم اولاً بما يعزز موقعه وحضوره مع اشقائه.

وتخوّفت مصادر ديبلوماسية اوروبية مما سمّتها التطورات الاخيرة في لبنان، والتي تبعث على التشاؤم حيال مستقبل الوضع فيه اكثر من أي وقت مضى. وقالت المصادر لـ"الجمهورية" انه من الضروري والملح بلوغ حل سريع للازمة الناشئة بين لبنان ودول الخليج، معربة عن تخوّفها من اشتداد هذه الأزمة اكثر، ودخولها مرحلة تعقيد اكبر في الايام المقبلة مع ما تحمله من سلبية كبرى على لبنان. واشارت الى ان ثمة تفهّما للموقف السعودي، الا انها اكدت في المقابل ان استقرار لبنان يبقى اولوية بالنسبة الى المجتمع الدولي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o