Nov 02, 2021 6:22 AM
صحف

هل "يفلت" لبنان من قطيعة خليجية كاملة؟

حذرت أوساط واسعة الاطلاع عبر "الراي الكويتية"، من الإصرار على التعاطي مع العاصفة الأعتى التي تضرب علاقةَ لبنان بدول مجلس التعاون الخليجي على طريقة«غضبة وتهدأ» وعدم القيام بأيّ خطوة استيعابية بمعزل عن محاولة «مقايضتها» مسبقاً بمعرفة مفعولها لدى هذه الدول.

وتحذّر هذه الأوساط أيضاً من ترْك«حزب الله» يقود مسالك هذه الأزمة، راسماً خطوطاً حمر أمام إقالة قرداحي أو استقالته، ورافعاً سقف المواجهة مع السعودية تحت عنوان«التصدّي للحصار»، معتبرة أن استغراق لبنان الرسمي في قياس «منسوب التوافق الوطني»المطلوب حيال أيّ خطوة زاجرة بحق وزير الإعلام، ووضْعه لائحة«بالخسائر والأرباح»من أيّ إطاحة بالحكومة عوض بدء تدارُك الموقف وإدارة الأزمة بما يتلاءم مع«أصْلها»السياسي المتصل بإحكام الحزب سيطرته على مفاصل القرار، لن يؤدي إلّا إلى استدراج المزيد من التعقيدات على هذه الأزمة التي تبدو في سباقٍ مع إجراءاتٍ متسارعة من شأن حصولها تكريس انعزال«بلاد الأرز»وتحوُّلها غزة ثانية، مع ما يعنيه ذلك من انفتاحها في ضوء الانهيار المالي الذي تعيشه على مراحل أشدّ قسوة يُخشى أن تراوح بين الفوضى الشاملة و… الخراب.

وأبلغت مصادر مطلعة على الموقف السعودي الى «الجمهورية» قولها، انّ فترة السماح التي سبق ومنحتها السعودية الى لبنان قد انتهت، فثمة استسلام كلي لـ»حزب الله» وتغطية كاملة لهيمنته على الدولة وقرارها خدمة لأجندة ايرانية»، لافتة الانتباه الى انّ المطلوب سعودياً هو كبح جماح هذا الحزب وردعه بخطوات ومواقف جادة، علماً انّ السعودية لا يمكن ان تغفر لهذا الحزب عدوانيته تجاه المملكة وتسببه في إهراق الدم السعودي في اليمن وغيرها».

وفي السياق ذاته، أعربت مصادر ديبلوماسية عربيّة، عن شديد قلقها حيال مسار الامور في لبنان، وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ انكسار حلقة العلاقات بين لبنان واشقائه العرب وتحديداً دول الخليج، فوق قدرة لبنان بوضعه الراهن على تحمّل تداعياته السياسية والاقتصادية. وهذا امر يفترض بالقيادة السياسيّة في لبنان ان تتداركه، وتبادر الى خطوات تثبت من خلالها جدّيتها وحرصها على هذه العلاقات».

ورداً على سؤال عمّا هو مطلوب من لبنان، قالت المصادر: «الواضح انّ السعودية تنتظر من لبنان خطوات سريعة وصارمة، ليس فقط حيال تصريحات وزير الاعلام اللبناني، بل حيال «حزب الله»، وتبعاً لذلك فإنّ القيادة السياسيّة في لبنان هي الأدرى بما يجب عليها ان تقوم به. فلبنان في مأزق حقيقي، وليس من مصلحته على الإطلاق ان يكون معزولاً عن اشقائه واصدقائه، لأنّه في هذه الحالة سيكون هو الخاسر وحده».

إلّا انّه عندما يُقال للمصادر الديبلوماسية العربيّة بأنّ خريطة التوازنات الداخلية في لبنان مختلة لصالح سلاح «حزب الله»، تسارع الى القول: «نحن ندرك هذا الامر، وندرك ايضاً حقيقة التوازنات في لبنان، وحساسية الوضع فيه على كل المستويات. ونخشى ان يؤدي ذلك الى صعوبات اضافية على لبنان وعلى الشعب اللبناني، مع الأسف وضعكم في لبنان لا تُحسدون عليه على الاطلاق».

وقالت مصادر ديبلوماسية غربيّة لـ«الجمهورية»، انّ «الموقف الاميركي ما زال يعكس رغبة واضحة وشديدة بدعم حكومة الرئيس ميقاتي، ويجاريه في ذلك سائر دول المجتمع الدولي، الاّ انّ واشنطن في المقابل متفهّمة جداً للموقف السعودي، وتشارك السعودية النظرة الى «حزب الله» الذي يقف خلف كل التوترات الحاصلة في لبنان، ويشكّل العائق الأساس امام خروج هذا البلد من ازماته الصعبة. وهو ما جرى التأكيد عليه في لقاء وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان».

وإذ اشارت المصادر الى «انّ الأزمة بين لبنان ودول الخليج في ذروة التعقيد، ولا شيء في الأفق يؤشر الى حلحلة على هذا الصعيد»، اعربت عن «قلقها على الاستقرار في لبنان»، وقالت انّ المجتمع الدولي، وفي مقدمته واشنطن وباريس، يرفض سقوط لبنان في قبضة «حزب الله»، وهو يحث الحكومة اللبنانية على ممارسة دورها الفاعل واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم انزلاق الوضع في لبنان الى واقع صعب يزيد من حال الاضطراب ومن معاناة الشعب اللبناني.

من جهتها، أشارت "نداء الوطن" الى ان التخبط الحكومي في معالجة تداعيات موقف قرداحي المؤيد للحوثيين في مواجهة السعودية والإمارات، ينعكس مزيداً من التأزم في العلاقات الاقتصادية بين لبنان والسعودية. فبعد وقف الاستيراد على أنواعه من لبنان، اتخذت السعودية قراراً بإيقاف العمل مع شركات الشحن الجوي والبحري على خط بيروت ووقف الطرود بين لبنان والمملكة.

وبينما سرت في الساعات الأخيرة شائعات عن منع السعودية التحويلات المالية إلى لبنان ‏وفرضها رسماً مادياً محدداً على المقيمين الراغبين بزيارته، سارعت مصادر شركات تحويل ‏الأموال إلى نفي تبلّغها أي قرار عن تعليق التحاويل الواردة من دول الخليج عموماً والسعودية ‏خصوصاً باتجاه لبنان، مؤكدة أن "خدمة التحاويل ما زالت سارية بشكل طبيعي وكالمعتاد ‏حتى الساعة". غير أنّ مصادر متابعة لم تستبعد أن تتخذ الإجراءات الخليجية منحى تصاعدياً ‏في المرحلة المقبلة في حال عدم مبادرة الجانب اللبناني باتجاه اتخاذ خطوات ملموسة هادفة ‏إلى حلحلة الأزمة، وسط مخاوف تتصل تحديداً بإمكانية تعليق الرحلات الجوية التجارية من ‏لبنان وإليه، فضلاً عن خطر تعليق التحويلات المالية من الدول الخليجية إلى البلد بذريعة ‏وقوعه تحت هيمنة "حزب الله" المصنف عربياً ودولياً "منظمة إرهابية". وفي هذا الشأن، ‏تؤكد مصادر اقتصادية أنّ "التحويلات المالية للبنانيين المقيمين في دول الخليج العربي تقدر ‏بحوالى 4.2 مليارات دولار سنوياً، وفي حال توقفها فإنّ لبنان سيخسر شهرياً تحويلات بما لا ‏يقل عن 233 مليون دولار تتأتى عبر التحويلات المصرفية وشركات تحويل الاموال فضلاً ‏عما ينقل من أموال نقداً مع القادمين من هذه الدول"، محذرةً من أنّ انقطاع هذه الأموال عن ‏البلد سيدفع بسعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى "كسر أرقام قياسية دراماتيكية لا ‏يمكن توقع أي سقف لها‎".

وأشارت معلومات “النهار” ان معظم الدول التي توسطها لبنان لمعالجة الازمة مع المملكة العربية السعودية، لاسيما الامارات وقطر والكويت، اكدت ان اي معالجة يجب ان تبدأ اولاً باستقالة قرداحي، ليبدأ بعدها اي كلام في المعالجة. وعلم ايضاً ان سلطنة عمان اكدت وقوفها الى جانب لبنان واستعدادها للمساعدة. كذلك قطر ستبدأ بمسعى وسيزور وزير خارجيتها لبنان قريباً للبحث مع المسؤولين اللبنانيين في ما يمكن ان تقوم به لتطويق الازمة ومعالجتها. وحتى الآن، فان الرهان على ان تؤدي الاتصالات الى فرملة الاجراءات التي تتخذ من المملكة وبعض دول الخليج ضد لبنان.

وعلم أن لا الولايات المتحدة ولا فرنسا شجعتا على استقالة الحكومة، بل كان هناك اصرار على استمرارها، والارجح ان هذا الحزم نابع من خشية دخول البلد في فراغ على مستوى السلطة التنفيذية ما يهدد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والانتخابات النيابية، وامكان تشكيل حكومة جديدة.

ولكن مصادر وزارية في الثامن من اذار، شددت على ان لا اقالة للوزير قرداحي ولا استقالة للحكومة ولا لرئيسها. واعتبرت مصادر رسمية ان مطلب الاقالة غير قابل للتطبيق في غياب اجتماعات الحكومة وفي ظل تهديد الوزراء الشيعة بالاستقالة في حال استقالة قرداحي. لذلك كان التمني عليه بان يبادر من نفسه للاستقالة الا انه يصر حتى الان على عدم المضي بها رغم كلام بدا يتسرب عن امكان البحث بها مجددا بعد عودة الرئيس ميقاتي. وبخلاف ذلك، فان الحكومة مستمرة الا انها ستبقى مشلولة حتى اشعار آخر.

كما أعربت مصادر متابعة في اتصالٍ مع "الأنباء" الإلكترونية عن خشيتها من تأثير هذه العزلة على معنويات اللبنانيين، وترك البلد لقمةً سائغةً للمحور الإيراني- السوري، وما يسمّى بمحور الممانعة، مشيرةً إلى أنّ دخول هذا الفريق على خط الدفاع عن وزير الإعلام، جورج قرداحي، زاد من تفاقم الأزمة، إذ كان ينبغي على الرئيسَين عون وميقاتي الاعتذار من السعودية، وإفهام الوزراء في الحكومة أنّ مَن يريد التفرّد باتّخاذ المواقف بمعزلٍ عن قرار الحكومة الجامع يمكن الاستغناء عن خدماته، ولا يجوز ترك الوزراء يتصرفون على سجيّتهم.

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o