Nov 01, 2021 7:43 AM
صحف

حزب الله "يتحكّم" بموقف قرداحي والخطوات الى تصاعد... الكرة في ملعب ميقاتي

أكد وزير الإعلام جورج قرداحي أن استقالته من الحكومة غير واردة فيما بدت واضحة الضغوط التي يمارسها حزب الله لجهة رفضه هذه الاستقالة وهو الخيار المستبعد بالنسبة إلى الحكومة مجتمعة حتى الساعة مع تكثيف الاتصالات الخارجية على أكثر من خط لإيجاد حل للأزمة بين لبنان ودول الخليج التي سيكون لها تداعيات سلبية على مختلف الصعد في لبنان.

وفيما قالت مصادر في «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» إن موقف حزب الله هو الذي يتحكم بقرار قرداحي لجهة الاستقالة من عدمها، أكدت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أنه يتم العمل على إيجاد حل من المرجح أن يكون أساسه استقالة قرداحي.

وأمس أعلن قرداحي لقناة «الجديد» أن استقالته من الحكومة غير واردة وهو موقف تزامن مع تصعيد من قبل النائب في حزب الله حسن فضل الله ووزير الأشغال المحسوب على الحزب علي حمية الذي دعا إلى «شد الأحزمة وعدم الخضوع للابتزاز».

في سياق متصل، كشفت مصادر متابعة عبر “الأنباء” الكويتية عن ان الكرة تعتبر في ملعب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فحزب الله يرى في استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي نكسة سياسية جديدة له في لبنان، ومن هنا كان تهديده باستقالة وزيريه مع وزراء الحلفاء، ما يعني إسقاط الحكومة، لذا فإن على ميقاتي ان يأخذ المبادرة، فإما إقالة قرداحي او استقالته هو وحكومته.

وأكدت المصادر أن الوقت ليس متاحاً لمزيد من الأخذ والرد، وإذا لم تحسم استقالة قرداحي اليوم، وبقي ميقاتي مستندا على كتف الأميركيين أو الفرنسيين، لحل هذه المسألة، فعليه انتظار المزيد من الخطوات التصعيدية بدءا من الخطوة الأشد خطورة على لبنان، والتي تتمثل في وقف الرحلات الجوية معه.

وتتسارع الاتصالات في مختلف الاتجاهات وعلى كل المستويات المحلية والاقليمية والدولية لاحتواء الأزمة الناشئة بين لبنان والمملكة العربية السعودية، على خلفية مواقف وزير الاعلام جورج قرداحي، كان أعلنها قبل توزيره بأسابيع، وتركّز هذه المساعي والاتصالات على ايجاد حل يشكّل مخرجاً يرضي الجميع، فيما تقوم الولايات المتحدة الاميركية بوساطة في العمق لإنهاء هذه الأزمة، كان من عناوينها لقاء وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن مع نظيره السعودي الامير فيصل بن فرحان، على هامش قمة المناخ في غلاسكو، وتواكبها اتصالات غير مباشرة لبعض المسؤولين مع الرياض. ورشح انّ بعض الجهات المعنية ترغب في أن يقدّم قرداحي استقالته كمخرج من شأنه ان يجنّب استقالة الحكومة برمتها، خصوصاً انّ المسؤولين اللبنانيين تلقّوا بعض الإشارات من دول ومؤسسات دولية مالية وغير مالية، تدل الى انّها تعيد النظر في التعهدات التي قطعتها للتعاون مع الحكومة. لكن هذه الاتصالات والمساعي لم تثمر نتائج عملية بعد بحسب "الجمهورية"، في ظلّ معلومات تشير الى انّ الساعات المقبلة ستحمل معطيات تراوح بين الإيجابية والسلبية

الى ذلك، نقلت "نداء الوطن" من مصدر واسع الاطلاع ان "تأخر الوزير جورج قرداحي في الاستقالة زاد من الامور تعقيداً، بينما لو تمّ استشعار المخاطر التي لا تُخفى على احد نتيجة حالة الغضب الخليجي والسعودي على وجه الخصوص، بسبب انفلات بعض اللبنانيين غير المسبوق في التعاطي مع الرياض، لكان حلّ الامور اسهل نسبياً من خلال موقف سريع بعيداً من الاستعراضات القاتلة". ويوضح المصدر ان "الهدف من استقالة قرداحي هو فتح الباب للوساطة، لا بل الوساطات العربية والاقليمية والدولية، وهذا ما تبلّغه لبنان من الاشقاء والاصدقاء، إن من سلطنة عمان او من فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، وعدم الاستقالة سيقفل باب الوساطات ويأخذ الامور الى اجراءات تصعيدية لا يستطيع ان يتحمّل اي مسؤول تبعاتها على الواقع اللبناني".

ويضيف المصدر: "المؤكد وغير القابل للنقاش ان استقالة قرداحي ضرورية وبلا إبطاء، وعلينا ان لا نقارب المسألة من باب حرية الرأي والتعبير وهذا الامر مقدس، انما الوضع الآن مختلف كلياً". ويكشف المصدر ان الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي اتفقا على حتمية استقالة قرداحي، وتحدث ميقاتي الى الاخير باسمه وباسم عون ناصحاً اياه بالاستقالة، الا انه لم يستقل ولا يزال يتعامل مع الموضوع بخفّة سياسية ووطنية، وهو منبهر بما تموج به وسائل التواصل الاجتماعي من مديح وتمجيد وتعظيم لا تصرف في القاموس السياسي اللبناني الا مزيداً من الانهيار الذي يجهز على ما تبقّى من مقومات صمود". ويشير المصدر الى ان "ما يحتاج الى علاج سريع هو بداية وقف الاجراءات عند هذا الحدّ والذهاب سريعاً الى بدء العلاج من خلال حوار اخوي حقيقي، كون المعطيات تشير الى أن الخطوة التالية المقاطعة الكلية والشاملة لدول الخليج للبضائع اللبنانية، وصولاً الى الاجراء القاتل المتمثّل بمنع تحويلات اللبنانيين في الخليج الى ذويهم في لبنان، وهذا يعني ان الامور ذهبت الى الخراب الكبير". ويلفت المصدر الى "ان ميقاتي، وبالتفاهم مع عون يعمل على منع الاذى عن اللبنانيين، وهذا الامر لا يكون بمواقف تنمّ عن خفّة وعدم مسؤولية، ومدخل منع الاذى هو استقالة قرداحي لضمان السماح بالتصدير والتحويلات المالية، اما عدم الاستقالة والاستمرار في العناد سيكون استقالة الحكومة، وحينها نصبح في فوضى شاملة ومعها كل الاحتمالات والتوقعات".

ولهذا يقول أحد وزراء الثنائي الشيعي ل"نداء الوطن" إنّ الطابة ليست في ملعب الحكومة كما يعتقد البعض، وبالتالي إنّ استقالة وزير الاعلام أم استقالة الوزراء، أو حتى استقالة الحكومة بأكملها، لن تساهم في معالجة الاشكالية الحاصلة، والتي تتخطى بنظره كلام وزير الاعلام أو الاعتراض السعودي على الحكومة ومكوناتها أو سلوكها. بنظره، المسألة أبعد من كل هذه التفاصيل اللبنانية التي لن تقدّم أو تؤخر في موقف المملكة، ولذا فإنّ الاقدام على أي خطوة من جانب الحكومة، لن يكون مفيداً، لا بل سيكون بمثابة تنازل مجّاني، عن خطأ لم يُرتكب أصلاً.

وفق تقديره، فإنّ السعودية كانت ترصد أي "زحطة" مقصودة أو غير مقصودة، عفوية أو مبرمجة، قد تحصل، لكي تشنّ حملة ضدّ لبنان وتحضّ دول الخليج على مواكبتها ودعمها في هذه الحملة، لكون الاعتبارات التي تملي عليها هذه الهجمة تتخطى المسألة اللبنانية، وموقف الحكومة أو أي من وزرائها من حرب اليمن الموصوفة دولياً بأنّها عبثية، ذلك لأنّ حسابات الرياض تتصل بالحرب المشتعلة باليمن، لا بلبنان الذي تتعاطى معه من منظار خصومتها لـ"حزب الله" لا أكثر.

ويقول إنّه حتى لو لم يُكشف عن مواقف وزير الاعلام، التي سبقت تعيينه وزيراً، لكانت السعودية "اخترعت" أي سبب لتشعل أزمة بوجه الحكومة اللبنانية التي لم تباركها بالأساس ولم تمنحها تأييدها رغم كلّ المحاولات الفرنسية، ذلك لأنّ العقدة عالقة في خشبة الملف اليمني، لا اللبناني، وبـ"حزب الله"، لا بالحكومة أو وزرائها. ولهذا، يبدي الوزير اقتناعه أنّه مهما حاولت الحكومة "ترقيع" الوضع مع السعودية ومعالجة الأزمة الناجمة عن كلام وزير الاعلام، فهي لن تتمكّن من ردع المملكة عن خيار التصعيد، الذي تحاكي فيه "حزب الله" لا اللبنانيين أو حكومتهم، لشؤون تتصل بالملف اليمني لا اللبناني... بدليل أنّ وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أكد أنّ "الاشكالية في لبنان أكبر من تصريح وزير وتكمن في سيطرة وكلاء ايران".

ومع ذلك، يقول أحد المواكبين لملف العلاقة بين السعودية وميقاتي، إنّ هذا الجانب شكّل جزءاً من أسباب النقمة السعودية على الحكومة اللبنانية، نظراً لتردي العلاقة، أقلّه من الجهة السعودية، حيث يقول المواكبون إنّ التراكمات السلبية بدأت مع ترؤس ميقاتي حكومته الثانية التي وُصفت بـ"حكومة حزب الله" وحين اشتغلت خطوط التفاوض لتسميته مرة ثالثة رئيساً للحكومة قيل إنّه نقل إلى المسؤولين السعوديين حرصه على التشاور معهم في التفاصيل قبل الموافقة على تسميته، ولم يفعلها، فارتكبت الغلطة الاولى. وحين كشف النقاب عن تركيبة الحكومة وتبيّن أنّ الحصّة السنية هي بتوقيع الحريري، ارتكبت الغلطة الثانية كون السعوديين كانوا ينتظرون أسماء من تصنيف مختلف. ومع وصول البواخر الايرانية ونأي رئيس الحكومة بنفسه كانت الغلطة الثالثة. أما الغلطة الرابعة فكانت امساك رئيس الحكومة العصا من وسطها سواء في ما خصّ تحقيقات المرفأ أو استدعاء رئيس حزب "القوات" سمير جعحع أمام القضاء العسكري. إلى أن وقعت "واقعة" الكشف عن كلام وزير الاعلام الذي تعامل معه رئيس الحكومة بكثير من المنطق التسووي، على عكس رغبة السعودية. ولهذا كان لا بدّ من التصعيد من جانب الرياض كما يقول المواكبون الذين يعتبرون أنّ تردي العلاقة بين السعودية ورئيس الحكومة صبّ الزيت على نار الامتعاض السعودي.

وفي هذا السياق يشير هؤلاء إلى أنه قبيل اندلاع أزمة كلام قرداحي، كانت السعودية تستعد لسلسلة اجراءات تصعيدية تجاه لبنان، وتجاه ميقاتي بشكل خاص، ومنها مثلاً ترحيل أكثر من 1000 طرابلسي يعملون في السعودية، إلّا أنّ ولي العهد محمد بن سلمان رفض هذا الاقتراح.

وفي هذا السياق، يكشف هؤلاء عن زيارة سيقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى السعودية قريباً ويحمل من ضمن ما يحمل ملف العلاقة السعودية - اللبنانية، وتحديداً السعودية - ميقاتي بعدما أودع السعوديون رزمة الأسباب التي دفعت بهم الى اعتماد هذا النهج في التصعيد.

وبناء على ما تقدّم، ولأنّ عودة ميقاتي إلى السراي كانت بدفع فرنسي ودعم أميركي (لا يزالان قائمين)، فإنّ الرجل لم يقدم على خطوة الاستقالة لأنّه مقتنع بأنّ رحيل حكومته ليس المطلب السعودي ولن يعالج الأزمة الواقعة. كذلك الأمر بالنسبة لاستقالة وزير الاعلام التي ستكون "أضحية مجانية"، خصوصاً وأنّ التصعيد السعودي بلغ اقصاه، وفق تقدير الوزير نفسه ذلك لأنّ الرياض لن تحرق كل مراكبها مع لبنان بحيث لن تصل الأمور الى حدّ ترحيل اللبنانيين الذين يعملون في الخليج. وينهي الوزير قوله بالتأكيد: الحكومة باقية و"يا جبل ما يهزك ريح"!

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o