Oct 17, 2021 7:59 AM
صحف

ملفا البيطار وموقعة الطيونة "القفل والمفتاح".. هل تطير حكومة ميقاتي أم تصمد؟

حالة من الترقب والحذر، خيّمت على الأجواء الأمنية والسياسية في لبنان، بعد «خميس الطيونة» الدامي، فالجيش اللبناني يمسك بنواصي الشوارع الفاصلة بين المحاور القديمة المتجددة، في محلتي الشياح وعين الرمانة، أما الحراك السياسي، الذي كان يجب ان يبدأ بجلسة طارئة لمجلس الوزراء، فما زال هامدا، بانتظار معالجة الشروط المتبادلة، وأبرزها شرط حزب الله، «قبع» المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار، وتوقيف مطلقي النار على المتظاهرين، قبل عقد أي جلسة للمجلس.

وعن ارتدادات التطورات على وضع الحكومة، فإن المصادر المتابعة أكدت لـ «الأنباء» الكويتية ان الحكومة باقية مهما بلغ العصف الكلامي حدة، لأنه في حال طارت حكومة ميقاتي، طارت الانتخابات النيابية بالتأكيد ومعها الانتخابات الرئاسية حكما، ولذلك، لن تطير الحكومة ولن يطير المحقق البيطار، انما النقاشات القانونية منشغلة بالبحث عن مخرج يرضي مختلف الأطراف.

ويعتبر مصدر وزاري لبناني ل"الشرق الأوسط"أن ما حصل في قضية البيطار "ترك ندبة في جسد حكومة ميقاتي"، مشيرا إلى أن الوزراء الذين يفترض أن يكونوا من فريق عمله لم يتأخروا كثيرا في تسديد ضربة كبيرة له بتهديدهم بالانسحاب من حكومة لم تكد تعبر الشهر الأول من عمرها، وهذا يرسم مسارا مقلقا لعمل الحكومة المستقبلي.

وأكد مصدر حكومي لبناني لـ"الشرق الأوسط" أن موقف ميقاتي لم يتغير منذ اليوم الأول، لأنه ببساطة لا يمكن للحكومة التدخل في عمل القضاء، وأن ميقاتي لا يمكن أن يسجل على نفسه سابقة من هذا النوع.

وفيما بدا أنه استمرار لهذا النهج، اجتمع ميقاتي أمس مع وزير العدل القاضي هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في مكتبه، حيث بحث المجتمعون في ملف الأحداث الأمنية التي حصلت في الطيونة، وضرورة الإسراع في التحقيقات لكشف الملابسات الكاملة لما حصل وإحالة المتسببين بهذه الأحداث على القضاء المختص. وكان رئيس الجمهورية ميشال عون اجتمع أول من أمس مع وزير العدل هنري خوري، في خطوة وضعت في إطار البحث عن مخارج لأزمة التحقيق في انفجار المرفأ.

وشدد ميقاتي خلال اجتماع أمس على أن "الملف الكامل لما حصل هو في عهدة الأجهزة الأمنية بإشراف القضاء المختص"، مؤكدا أن "الحكومة حريصة على عدم التدخل في أي ملف يخص القضاء، وأن على السلطة القضائية أن تتخذ بنفسها ما تراه مناسبا من إجراءات". ويجتمع مجلس القضاء الأعلى بعد غد الثلاثاء مع القاضي البيطار للاستماع إلى رأيه حول مسار التحقيق في قضية انفجار المرفأ.

وكانت تسريبات تحدثت عن إمكانية قيام المجلس بإحالة الموضوع إلى الغرفة الثانية في محكمة التمييز، فيما يطالب "الثنائي الشيعي" وآخرون بإحالة ملف الوزراء إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

ودخل التحقيق في تعقيدات إضافية على ضوء الانقسامات السياسية على إجراءات القاضي البيطار، حيث يتهمه "حزب الله" وحركة "أمل»" بتسييس التحقيقات و"الاستنسابية" في الاستدعاءات، بينما يدعم حزب "القوات" إلى جانب "التيار الوطني الحر" وفرقاء آخرين إجراءاته. ورفض نادي قضاة لبنان الدعوات لرد بيطار ودافع عن القضاء ودعا إلى الكف عن العبث "في آخر حصن في فكرة الدولة".

وأبدت الأوساط الواسعة الاطلاع ل"الراي" مخاوف كبرى من أن الأضرار المباشرة وغير المباشرة لوقوع البلاد والحكومة بين «فكي كماشة» أزمة المحقق العدلي وأحداث الطيونة لم يعُد بالإمكان تجنُّبها، وهي ستصيب ما تبقى من «خيْط رفيع» كان يحْفظ للقضاء برمّته «خط الرجعة» نحو استقلالية عن السلطة السياسية، كما ستفتح المشهد الداخلي على المزيد من استثمار اندفاعة النار الأخيرة في اتجاهات عدة أبرزها: نصْب «كمائن» وتصفية حسابات تتصل بالانتخابات النيابية كما الرئاسية المقبلة، ومحاولة «الإطباق» على حزب «القوات اللبنانية» في ضوء عملية الـ scanning التي لابد أن تكون حصلت لكيفية إدارته مع أطراف آخرين حاضرين في منطقة عين الرمانة المواجهة التي حصلت والتي تصرّ «القوات» على أنها كانت عبر «الأهالي دفاعاً عن النفس بوجه الاعتداء عليهم» في مقابل تَمَسُّك «حزب الله» خصوصاً بأنها كانت «كميناً معداً من القوات لتجمّع سلمي جرى الغدر به عبر قنّاصة». ولم يعُد خافياً أن ملفيْ بيطار وموْقعة الطيونة تحوّلا «القفل والمفتاح» في الإفراج عن جلسات مجلس الوزراء بعدما كان الثنائي الشيعي علّق المشاركة فيها الثلاثاء الماضي وفق معادلة «إما الإطاحة ببيطار وإما لا حكومة»، وسط معطيات أن الثنائي «طوّر» شروطه لينضمّ إليها تحويل أحداث الخميس على المجلس العدلي ومحاسبة المقصّرين من أجهزة أمنية وعسكرية.

وبدا واضحاً أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي صارتْ أسيرة هذين الملفين المتشابكيْن اللذين دهما البلاد مع إطلاق «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري معركة إقصاء المحقق العدلي في «بيروتشيما» القاضي طارق بيطار «مهما كلّف الأمر»، ثم انفجار هذا الملف في الشارع «على الدم» الذي سُفك عند مثلث الطيونة – الشياح – عين الرمانة حيث سقط 7 قتلى ونحو 32 جريحاً في مواجهاتٍ اندلعت على تخوم ما كان يُفترض أن يكون «أول غيث» الضغط الشعبي من الثنائي الشيعي للإطاحة ببيطار قبل أن يأخذ «الخميس الأسود»، أياً تكن ملابساتُ انطلاق «أول رصاصة»، هذه القضية إلى بُعدٍ أصبح بحجم كل تعقيدات الواقع اللبناني وتوازناته ومحاولات ترسيم حدود جديدة للموازين فيه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o