Oct 05, 2021 6:02 AM
صحف

التفاوض مع صندوق النقد قبل الانتخابات والاتفاق بعدها

أوضحت مصادر مطلعة على مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لـ"النهار" ان ‏أجواء الاجتماع الاول بين وفد خبراء الصندوق واللجنة الوزارية المكلفة المفاوضات تعارفية ‏وفيه تطرق المجتمعون إلى أهمية أن تنتهي الحكومة من وضع اللمسات الاخيرة على خطة ‏التعافي التي تعمل عليها لتقديمها في أقرب وقت ممكن للصندوق للبحث بها ودراستها، ‏مع تأكيد الصندوق أن الخطة التي وضعتها حكومة الرئيس السابق حسان دياب وشركة ‏لازار يمكن إعتبارها منطلقاً صالحاً للتفاوض مع ضرورة تحديث الارقام على كل الصعد، ‏المالية والاقتصادية، نتيجة التطورات التي شهدتها البلاد منذ عام وحتى اليوم. وفي الايام ‏المقبلة، من المتوقع ان تعلن الحكومة خطة إصلاحية إقتصادية شاملة تكون مدخلاً اساسياً ‏للتفاوض حول اي برنامج تمويلي يمكن ان يحصل عليه لبنان من صندوق النقد الدولي وقد ‏تصل قيمتها في المرحلة الاولى إلى ما يقارب 2.1 ملياري دولار على سنوات عدة على ان ‏يرتفع حجم هذا البرنامج إلى أكثر من 4 مليارات دولار بعد مفاوضات مطلوبة لإقناع ‏الصندوق بأن لبنان دخل مرحلة الاصلاح ويجب ان يستفيد من هذه الأموال‎.‎
‎ ‎
بدورها، أشارت "ألراي الكويتية"، بحسب أوساط عليمة، الى ان ضخ الأجواء الإيجابية حول التفاوض مع الصندوق وآفاقه، بعد تشكيل الحكومة وفدها إلى الورشة الشاقة، وبدء تحرك شركة «لازارد» مجدداً بطلب من رئيس الجمهورية ميشال عون «حصراً»، لمعاودة دورها الاستشاري مع «النقد الدولي»، ليس مبنياً على وقائع فعلية، خصوصاً أن القطبة المخفية هي أن التفاوض شيء والاتفاق شيء آخَر، وهذا ما حصل تماماً مع حكومة الرئيس حسان دياب السابقة، رغم أن الأمور اليوم مختلفة تماماً لأسباب مغايرة جداً.

فمن المسلَّم به، وفق المعلومات التي وصلت إلى مسؤولين في لبنان، أن لا اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل الانتخابات النيابية. والمعطيات المتداولة في أوساط سياسية، أن هذه الانتخابات تُشكل بالنسبة إلى المجتمع الدولي أولوية الأولويات حالياً في مقاربة الوضع اللبناني الداخلي، لأن هذا الاستحقاق سيرسم معالم المرحلة السياسية المقبلة قبل الانتخابات الرئاسية.

وتتحدث المعلومات عن أن تعويل المجتمع الدولي على نتائج الانتخابات النيابية بات كبيراً جداً، ويترافق مع حملات ضغط لبنانية داخلية من أجل العمل على إحداث تغيير حقيقي في خريطة المجلس النيابي. ولأن صندوق النقد هو واحد من أدوات المجتمع الدولي السياسية والاقتصادية، فإن من المنطقي ألا يستعجل الصندوق في مفاوضاته، لأنه يرى أن من العبث إجراء اتفاق مع حكومة زائلة ومع سلطة قد تتغيّر معالمها جذرياً بعد الانتخابات.

وهذا لا يعني مطلقاً أن لا تَفاوُض يجريه الصندوق مع لبنان، بل على العكس تماماً فإنه سيضع آلية العمل والتفاوض على النار وسيطلقها قريباً كي يضع الحكومة ومعها السلطة الحالية أمام مسؤولياتها، الأمر الذي يترجم عملياً بأن المفاوضات ستنطلق لكن من دون أن يُرسم أفق ومواعيد نهائية لأيّ اتفاق.

ولن تجد الحكومة ضيراً في ذلك، على عكس ما يُروج من أنها مستعجلة لإتمام التفاوض والخروج بخطة مرحلية. فحكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي عملياً ممثلة للقوى السياسية الموجودة في السلطة التي يتحكّم بها الخلاف حول التعامل مع الصندوق، وسبق للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله أن وضع شروطاً للسير بهذا التفاوض. في حين أن الحكومة، تروّج إعلامياً لمجموعة إصلاحات، وميقاتي نفسه واظب في الأيام الأخيرة على الحديث عبر وسائل إعلام محلية وخارجية، عن تطمينات ووعود بتحسين وضع الناس المعيشي.

من هنا فإن الحكومة ستكون مستفيدة للغاية من إطلاق عجلة التفاوض مع الصندوق، وهو العنوان الأبرز في محادثات الموفد الفرنسي السفير بيار دوكان، الذي بدأ أمس، زيارة لبيروت، وذلك لتوجيه رسائل إيجابية للمواطنين اللبنانيين بأنها تعمل مع الـ«IMF» من أجل اتخاذ إجراءات جذرية لمعالجة الأزمات الحالية.

إلا أنها تعرف جيداً أن شروط الصندوق ومتطلباته ستكون قاسية، وتعرف كذلك حجم الأضرار التي سيخلفها، قبل الانتخابات، أي اتفاق قاسٍ على غرار كل اتفاقات صندوق النقد وتجاربه في الدول التي استعانت به. فردّ الفعل على اتفاق من هذا النوع سيرتد قاسياً ومباشرةً على الحكومة وعلى رئيسها المرشح للانتخابات، كما على جميع القوى السياسية المُشارِكة في الحكومة.

ومن هنا لا تجد الحكومة أفضل من ملاقاةِ صندوق النقد في منتصف الطريق، فتطلق معه عجلة المفاوضات من دون أن تضع لها مواعيد ختامية لتوقيع الاتفاق. علماً أن قاعدة التفاوض مع «النقد الدولي» جاهزة منذ حكومة دياب ولدى الطرفين المعنيين، أي القوى السياسية نفسها والصندوق. ولعل هذا ما جعل التوافق السياسي قائماً وسريعاً، متخطياً كل المواعيد القانونية التي باتت تحتاج إلى تعديلات، على غرار تقريب موعد الانتخابات النيابية، إلى مارس، أي بعد ستة أشهر فقط.

وتعزو الأوساط السياسية ذلك لسببين. الأول أن الوضع الاقتصادي لا يحتمل كثيراً من الانتظار للدخول في المفاوضات مع الصندوق، ومجرد إعطاء إشارة «إيجابية» بانطلاق التفاوض قد يعطي مفعولاً مطمئناً للناخبين، لاسيما انه يترافق مع وعود بتحسين التغذية الكهربائية وتنفيس أزمة المحروقات.

والسبب الثاني، أن انطباعات القوى السياسية في الحكومة هي أن استعجال موعد الانتخابات، رغم انه كان مطلب القوى المعارضة، من دون جدوى، قد يساهم أكثر في تخفيف فرص الاستفادة من الهجمات على قوى السلطة، ما يُعزّز فرص فوزها في الانتخابات ومن ثم الدخول في المراحل النهائية من الاتفاق مع صندوق النقد، الذي سيكون من مسؤولية الحكومة الأخيرة في عهد الرئيس ميشال عون.

وقد يكون ميقاتي رئيسها مجدداً بفعل التوازنات التي بدأت ترتسم، ودخوله ضمن مشروع العهد وتسوياته.

وبذلك يضمن في الطريق إلى حكومته الثانية بعد الانتخابات، «إنجازاً» أول، ولو أنه سيتم على حساب الناس مرة أخرى.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o