Sep 29, 2021 4:17 PM
خاص

لبنان الميثاق فقد عافيته الوطنية... لبنان الآخر طواقم سلطة لتغيير الصيغة والجوهر

المركزية – في ميثاق الإستقلال ترجمة حرفية لمشروع الحياد حيث ورد: "لبنان مع العرب اذا اتفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا". وكما اتفقوا على هذه المعادلة الإستقلالية الميثاقية التي وقعت بالتوافق بين بطلي الإستقلال الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، اتفقوا أيضا بالتكاتف والتكافل على عدم تطبيق ميثاق الطائف وبالتالي إقحام الدولة في صراع المحاور والانحياز لمشاريع خارجية والصراعات الإقليمية وتحويلها إلى حروب على عروش الطوائف.

وإذا سلمنا مع المُجمعين على الجوهر بان حياد لبنان هو مشروع استراتيجي،  لأنه يشكل ضمانة للإستقرار في اي بلد خصوصا اذا كان البلد تعدديا ومركبا فأين لبنان اليوم من هذه المعادلة الاستقلالية الميثاقية وهل المطلوب اتفاق جديد أو استكمال تنفيذ اتفاق الطائف بكل بنوده واقسامه؟

الوزير السابق إدمون رزق الذي شارك في صياغة بنود اتفاق الطائف عبّر عن حزنه وغضبه من الحال التي وصلت إليها دولة لبنان، واعتبر في حديث لـ"المركزية" أن  "لبنان على مستوى السياسة صار لبنانا آخر ولبنان الحضاري والتعددي الموحد تحول إلى لبنان المكاثرة والإستقواء وهو بعيد كل البعد عن ميثاق الوفاق الوطني. وما نشهده اليوم هو محاولة لا بل إصرار على تبديل جوهر الوجود اللبناني في هذا الشرق وتغيير الصيغة اللبنانية التي تقوم على التكافؤ بين المختلفين والوحدة بين المتعددين" ومرد هذا التبدل بحسب رزق "التركيز على الوصولية في العمل السياسي والقيام بتنازلات وجودية بدلا من التسويات الحضارية".

وإذ لفت إلى أن "تخصيص الطوائف بمراكز معينة كان في أساس التخلف السياسي والوطني وصار ثمة من يستقوي على الآخر أو بالآخر"، اعتبر رزق أن "الوطن فقد عافيته الوطنية من جراء التسويات والألاعيب الوصولية وبسبب عدم بصيرة وعجز الطواقم المتعاقبة خصوصا بعد العام 1990 عن حمل المسؤوليات والتنكّر لاتفاق الطائف الذي وضع أسساً ثابتة للبنان الواحد. فهاجس السلطة والكرسي طغى على الواجب الوطني ومعاناتنا كبيرة نتيجة وجود طواقم سلطة ومتسلطين لا يتمتعون بأهلية المعرفة والأخلاق. وليت هذه الطواقم أدركت لمرة واحدة أن المواقع السلطوية هي مواقع خدمة وليس وجاهة. لكن الظاهر أن ثقافة الخدمة العامة مفقودة بكل أسف".  

الخروج من صراع المحاور بحسب رزق يحتاج  "إلى يقظة شعبية تطيح بكل الوصوليين وتفتح الباب أمام التغيير. وهذه المهمة - الرسالة تقع على عاتق الجيل الجديد ورجالات دولة لتنفيذ اتفاق الطائف. أما الكلام عن اتفاق جديد فهو عبثي لأن الطائف وضع بنية وإرادة وطنية". واعتبر رزق الذي شارك في صياغة مشروع تعديل الدستور خلال توليه حقيبة العدل في وزارة ما بعد الطائف "أن المطلوب تنفيذ الدستور وهذا يحتاج إلى أشخاص مسؤولين وهم غير موجودين في السلطة. إنما هناك جهلة وأصحاب سوء نية، غايتهم التنازل وإبرام التسويات للوصول إلى الكرسي وليس هاجس الحكم المسؤول".

يعوّل رزق على سواعد وفكر وإرادة ووعي الجيل اللبناني لإحداث ثقب في جدار التغيير ويقول "عبثاً التعويل على المجتمع الدولي لأن مساعداته ستقتصر على الشق المادي".  وبالتوازي اعتبر أن هناك خطأ في تحديد الأولويات لا سيما في مسألة طرح مفهوم الحياد" فلبنان المعترف به عربيا ودوليا له خصوصية وعلينا ان نحافظ على الأسس التي قام عليها الكيان اللبناني والتصرف وفق مبادئ الدستور نصاً وروحاً وليس الذهاب نحو صيغة واتفاقات جديدة".

اذا كنا نريد ان نعيش مع بعضنا البعض علينا ان نحافظ على خصوصية بعضنا وبالتالي تبني فكرة الحياد لإخراج لبنان من سياسة صراع المحاور لان من شأن ذلك أن ينعكس ضررا وانقساما في الداخل كما هي الحال الان.  فهل تكون اللامركزية الإدارية وتقسيم لبنان وفق المحافظات مخرجا لهذه الأزمة المصيرية؟

"هذا تفصيل علما أنني كنت من واضعي نص اللامركزية الإدارية الموسعة لكن ليس بخلفية التفرقة والإكراه،  إنما ضمان روح الوطنية في لبنان وتسهيل متابعة وملاحقة ورعاية مصالح وتأمين خدمات المواطن. لكن المؤسف أن كثرا لم يفهموا ذلك ولم يستوعبوا مفهوم اللامركزية الإدارية الموسعة. والعلة ليست في النص، إنما في المسؤولين عن تطبيقه، إذ إن قسما منهم لا يعرف والقسم الآخر لا يريد أن يعرف حتى لا يطبق النص بخلفياته الوطنية" يختم رزق.     

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o