Sep 28, 2021 7:06 AM
صحف

عدالة "القمصان السود": ظهر الباطل وزهق الحقّ!

عملياً، لم ينتظر المحقق العدلي القاضي طارق البيطار حتى الأمس ليتبلغ قرار "كف يده" بشكله الإجرائي الرسمي، بعدما تبلّغه "فعلياً" الأسبوع الفائت برسالة ممهورة بالأحرف الأولى لـ"حزب الله"، تتوعده بعزله وتنحيته عن متابعة ملف جريمة انفجار مرفأ بيروت، لكونه تجرّأ على تجاوز "الخطوط الحمر" وتضييق الخناق على المنظومة الحاكمة وهزّ أسس أركانها، ما اضطر "الحزب" إلى تصدّر المشهد والتصدي بنفسه للمحقق العدلي والدفع باتجاه "نسف" تحقيقاته واستدعاءاته، بحسب "نداء الوطن".

وكما جاء في مضمون الرسالة التهديدية التي نقلها مسؤول جهاز الأمن والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا، انهالت الدعاوى على القاضي البيطار من المدعى عليهم في جريمة 4 آب لتهدف في خلاصة مسارها القانوني إلى "قبعه" من منصبه وتعيين بديل "مدجّن" عنه، يتولى رفع راية القضاء البيضاء أمام "منظومة النيترات"... ليحكم بعدالة "القمصان السود" وميزانها القائم على قاعدة "ظهر الباطل وزهق الحق".

أما "النهار" فكتبت: لعلها صدمة إضافية اشد وقعا من سابقاتها ان يشل المحقق العدلي الثاني في ملف أم الجرائم التي جسدها انفجار مرفأ بيروت والمجزرة الإنسانية التي خلفها، وسط مفارقة عودة لبنان إلى اهتمامات المجتمع الدولي من خلال بيان لمجلس الامن تضمن في ما تضمن تشديدا على تحقيق شفاف ومستقل لجلاء حقيقة انفجار المرفأ. واسوأ المفارقات الدراماتيكية التي واكبت كف يد القاضي طارق البيطار وتعليق مهمته وجلسات الاستجواب التي كان يجريها حتى اللحظة الأخيرة من إبلاغه امس طلب كف يده عن التحقيق ان تحالفا ضمنيا بين ترهيب سافر وجهه من دون أي تردد اوتراجع المسؤول الأمني الارفع في "حزب الله " وفيق صفا إلى البيطار وارتياب مغإلى فيه إلى حدود تشكيل خطر على التحقيق والبيطار اشد سطوة وتأثيرا من الترهيب إياه ، هذا "التحالف" أدى مهمته في "تعليق" مهمة البيطار مع خشية كبيرة من شلّها علما اننا لا نورد ذلك على سبيل الاتهام العشوائي بالتواطؤ بين الطرف المتوسل أساليب الترهيب والشخصيات التي توسلت أسلوبا قانونيا ولكنه شديد الخطورة وكان يمكن تجنبه بوسائل توصل إلى احقاق الحق ولا تضرب السير الحثيث على طريق كشف حقيقة تفجير مرفأ بيروت . ومع ذلك ولو صح ان هدف المرتابين في المحقق العدلي كف يده لفترة أسابيع ريثما تفتح الدورة العادية المقبلة لمجلس النواب بما يعيد حماية الحصانات على النواب الملاحقين، فان النتيجة كانت إعادة تعميم الانطباع القاتم بان حقيقة كشف الحقائق في انفجار مرفأ بيروت ممنوعة بلا زيادة أو نقصان.

فقد تبلّغ المحقّق العدلي طارق البيطار، دعوى الرد التي تقدم بها النائب نهاد المشنوق، قرابة الاولى والنصف من بعد ظهر أمس، واعتبارا من تلك اللحظة، علق بيطار تحقيقاته وكل الإجراءات المتعلقة بملف انفجار مرفأ بيروت، إلى ان تبت محكمة الاستئناف برئاسة القاضي نسيب إيليا بقبول الدعوى أو رفضها.

وبذلك يعيد التاريخ نفسه ويواجه القاضي البيطار ما واجهه سلفه فادي صوان. لا بل تبدو المعركة في وجهه أشد إصرارا على كف يده من طريق تقديم طلب رده الذي تسلمته محكمة الإستئناف المدنية برئاسة القاضي نسيب إيليا من وكيل النائب نهاد المشنوق المحامي نعوم فرح تبعا لما يفرضه هذا النوع من الطلبات من أصول تلزم القاضي البيطار بوقف تحقيقاته التي كانت جارية على نار حامية وقطع مسافة واسعة تمكنه من إصدار القرار الاتهامي قبل نهاية هذه السنة ويبدي فيه ما توصلت اليه تحقيقاته على صعيد ما توفر لديه من معطيات على صعيد التفجير وأسباب إندلاع الحريق وإحالة المتهمين على المجلس العدلي.
واثار هذا التطور غضبا سيترجمه أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت ومجموعات ناشطة في الانتفاضة الشعبية باعتصام حاشد غدا يجري التحضير له فيما نفذ مساء امس عدد من المحتجين في الحراك الشعبي اعتصاما امام دارة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في الميناء، وامام منزل وزير الداخلية بسام مولوي في طرابلس، احتجاجا على الاوضاع الاقتصادية الصعبة، ورددوا هتافات تطالب ب"معالجة الاوضاع المعيشية والتصدي للمشروع الايراني وعدم السماح بكف يد القاضي طارق البيطار في قضية انفجار مرفأ بيروت"، وسط حضور كثيف لعناصر الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي.وسجل انتشار امني كثيف في محيط دارة الرئيس ميقاتي في الميناء.

وكتبت صحيفة "الأنباء" الالكترونية تقول: لا تبشّر المؤشّرات القضائية في قضية انفجار مرفأ بيروت، وطلب رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن تحقيقاته، بالخير، وذلك في محاولة توحي وكأنّها المدخل للفلفة القضية، وطمس الحقيقة، وتضييع العدالة، بحجة الارتياب المشروع من قِبل المدّعى عليهم. الأمور تبدو أوضح، لتتجه الأنظار الآن إلى تحرّك أهالي الشهداء يوم الأربعاء، وللقرار الذي سيصدر عن محكمة الاستئناف التي تقبل أو ترفض هذا الطلب، وفي مهلة لا يبدو أنها قليلة، وربما تبقى لأشهر، في حين المطلوب أن تكون سريعة.

مصادر قضائية أشارت عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أنّ الطلب هو للرد، لا التنحي، عن متابعة التحقيق في جريمة الانفجار، لكنه في الوقت عينه مؤشر سلبي قد يضع القاضي البيطار أمام خيارين: إمّا متابعة تحقيقاته في حال طلب منه مدّعي عام التمييز ذلك، وإمّا الاعتذار عن متابعة التحقيق في هذا الملف، كما فعل القاضي فادي صوان.

وقد أوضح رئيس "مؤسّسة جوستيسيا للدراسات القانونية"، البروفيسور بول مرقص، عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونية أنّ طلب الرد هو وقفٌ مؤقت عن النظر في القضية إلى حين الفصل في طلب الرد من قبل محكمة الاستئناف، وذلك يحصل بعد إبلاغ الخصوم والقاضي المعني، أي المحقق العدلي، وجوابهم في مهلة ثلاثة ايام. ولكن ليس على محكمة الاستئناف أي مهلة للنظر في الجواب، إلّا أنّ هذه المهلة يجب أن تكون سريعة بسبب حجم الجريمة، والطابع الاستثنائي لها، وأيضاً وأيضاً بسبب قرب انعقاد العقد الثاني لمجلس النواب في 19 تشرين الأول المقبل، حين تُفعّل الحصانة النيابية"، مضيفاً: "إنّ الفصل السريع من قِبل محكمة الاستئناف هو أمرٌ ضروري لتمكين الاستئناف، قبل انعقاد العقد الثاني لمجلس النواب، من اتخاذ الإجراءات اللازمة".

بدوره، أشار عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب أنيس نصار، عبر "الأنباء" الإلكترونية إلى أنّه لا يعرف التبعات القضائية لهذا القرار لأنّه ليس ملماً بتفسير القانون، قائلاً: "البعض يرى فيه مقدمة للتنحي، والبعض الآخر يرى العكس، وبكل الأحوال ما حصل فضيحة ضد الشعب اللبناني. لقد "طق شرش الحيا" لدى البعض. انفجار دمّر ثلث العاصمة، وأوقع أكثر من 200 شهيد و6000 جريح، ويحاولون بكافة الطرق إقفال هذا الملف، واصفاً ما يحصل بأنه استخفاف بعقول الشعب اللبناني، سائلاً: "لماذا يخاف البريء من المثول أمام القاضي؟"

من جهته، رأى الوزير السابق رشيد درباس أنّ قرار الرد هو من الناحية القانونية مجرد تبليغ برفع يده عن الموضوع إلى أن يبتّ به من قِبل محكمة الاستئاف، مشيراً عبر "الأنباء" الإلكترونية إلى أنّنا، "دخلنا بدوامة الاجتهاد القانوني، وهذا لن يؤدي إلى أية نتيجة، وبمجرد أن يصبح القضاء لعبة بأيدي البعض لا أحد بمكنه أن يضمن النتائج"، مشبّهاً ما جرى بلعبة الغولف: الأول يضرب الطابة، والثاني يحمل له المضارب.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o