Sep 17, 2021 4:48 PM
تحليل سياسي

ثقة محجوبة قواتيا الاثنين وعون يعد بسنة اصلاحات حقيقية
الخليل يوقع العقد مع الفاريز والمركزي يُحوّل المليار و139 مليونا لحساب وزارته
عقوبات اميركية جديدة على مقربين من الحزب وقفزة "خمسينية" لسعر البنزين

المركزية- قبل بلوغها محطة الثقة النيابية الاثنين، شرعت حكومة "معا للانقاذ" في مسار الاصلاح المالي على وقع وعد رئاسي بأن "السنة الأخيرة من العهد "ستكون سنة الإصلاحات الحقيقية" بعيدا من "جهنم" وملحقاتها. رئيس الجمهورية اعطى الضوء الاخضر لانطلاق مسيرة التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان بعدما وقع وزير المال يوسف الخليل عقد التدقيق الجنائي مع شركة Alvarez & Marsal  ممثّلاً الحكومة اللبنانية. هذا المصرف نفسه الذي ابلغ الخليل صباحا تحويل مستحقات لبنان من صندوق النقد الدولي إلى حساب وزارته لدى المصرف بقيمة 1،139،951،437،098 دولار أميركي، على امل توظيفها في المكان المناسب للاصلاح الحقيقي لا للتفريط بها على غرار مليارات الدعم التي هربت الى سوريا او ابتلعها المحتكرون من اصحاب السطوة والنفوذ.

لكن الانفراج المالي المحدود والاصلاح السياسي الموعود قابلهما على الضفة الاخرى مزيد من الاختناق الشعبي في ضوء عدم تلمس اي تراجع فعلي في اسعار السلع الاستهلاكية على رغم هبوط الدولار، وقد ارتفع سعر المحروقات في شكل مريب وقفزت صفيحة البنزين 50 الفا دفعة واحدة، فيما لا مازوت الا بالعملة الخضراء، او بالارتهان لطهران واداتها في لبنان، حزب الله، الذي فرضت واشنطن اليوم عقوبات جديدة على أفراد قالت إنهم على صلة به.

الثقة الاثنين: سياسيا، وغداة اقرار حكومة "معا للانقاذ" بيانها الوزاري معتمدة سياسة الهروب من الغوص في كل الملفات الشائكة اقتصاديا وانمائيا وقضائيا وسياديا، دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي الى جلسة عامة لمناقشته والتصويت على الثقة، في الحادية عشرة قبل ظهر يوم الاثنين المقبل وكذلك مساء اليوم نفسه، في قصر الاونيسكو.

القوات "لا ثقة": وفي اول المواقف النيابية المعلنة من الثقة، اكد تكتل "الجمهورية القوية" حجبها عن الحكومة مؤكدا ان هدفه كان وما زال بناء الدولة والابتعاد عن كل نهج "أكلة الجبنة" السائد والمتأصِّل في الحياة السياسية اللبنانية في الأعوام الخمسة المنصرمة، هذا النهج الذي يجب إسقاطه في الانتخابات المقبلة. وسأل كيف يمكن منح الثقة لحكومة يعاد استلام الفريق نفسه فيها، الذي أوصل لبنان إلى العتمة، وزارة الطاقة؟ وكيف يمكن منح الثقة لحكومة يواصل أحد مكوناتها، حزب الله، سياسة تجاوز الدولة وضرب علاقات لبنان الخارجية ورعاية التهريب ومنع إقفال المعابر غير الشرعية؟ وكيف يمكن منح الثقة لحكومة يُمسك "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بقرارها ويواصلان سياسة تبادل الأدوار بين تغييب الدولة وسوء إدارتها؟ واعلن التكتل انه سيتوجه إلى الحكومة بسؤال، فور نيلها الثقة، بشأن موضوع استيراد النفط الإيراني الذي لم يراع ليس فقط المعايير القانونية والتنظيمية المتعلقة باستيراد المحروقات والمشتقات النفطية باعتبار أن هذه المسألة تخضع في لبنان إلى نصوص قانونية وتنظيمية واضحة المعالم وإنما تجاوز كل ما يتصل بدور الدولة اللبنانية والبعد السيادي للبنان، كما ان هذه الخطوة هي استعراضية ولا تقدِّم حلاً لأزمة المحروقات، بل تزيد هذه المعضلة تعقيداً.

التدقيق الجنائي: في الموازاة، تحركت الامور جديا على الضفة المالية. فصباحا، وقّع وزير المال يوسف الخليل عقد التدقيق الجنائي مع شركة Alvarez & Marsal ممثّلاً الحكومة اللبنانية بعدما تبلغ موافقة ديوان المحاسبة على العقد، وأبلغ الخليل الرؤساء الثلاثة، بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي. وستقدّم الشركة التقرير المبدئي لخليل ضمن مهلة 12 أسبوعاً من تاريخ مباشرة فريق عمل الشركة.

سنة الاصلاحات: تعقيبا، أشار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى أنّ "مسيرة التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان التي انطلقت عمليا اليوم بعد توقيع وزير المالية للاتفاقية مع شركة "الفاريز ومارسال" التي ستتولى التدقيق المذكور، هي الخطوة النوعية في مسيرة التزام قواعد الشفافية ومكافحة الفساد والإصلاح والمساءلة والمحاسبة عند الاقتضاء التي التزمت امام اللبنانيين تحقيقها على الرغم من العراقيل التي وضعت في طريقها". واكد ان "التدقيق الذي سيبدأ في حسابات مصرف لبنان بعد 20 شهرا من السعي الحثيث واليومي للتوصل اليه، لا يستجيب فقط لحق اللبنانيين في معرفة أسباب الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي الذي أصاب البلاد والعباد، بل يمهد الطريق امام الإصلاحات المنشودة، كما انه يتجاوب مع رغبات المجتمع الدولي الذي أوصى دائما بضرورة تحقيق التدقيق حتى يعمل على مساعدتنا في النهوض الاقتصادي الذي نأمل ان توفق الحكومة الجديدة في السير به". ولفت الى ان "التدقيق سوف يشمل لاحقا المؤسسات العامة والإدارات والمجالس والصناديق والهيئات، خصوصا تلك التي حامت الشبهات حول أداء المسؤولين عنها خلال الأعوام الثلاثين الماضية". وطمأن رئيس الجمهورية اللبنانيين بأن السنة الأخيرة من ولايته "ستكون سنة الإصلاحات الحقيقية، بعدما تعذر خلال السنوات الماضية تحقيق ما كان يصبو اليه اللبنانيون بفعل تغليب بعض المعنيين لمصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة، وتشكيل هؤلاء منظومة أقفلت الأبواب في وجه أي اصلاح، ما وفر الحماية لفاسدين ومرتكبين". وختم "التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، هو باب الإصلاح المنشود، ولا بد ان يترافق مع خطة للتعافي والنهوض لتعويض ما فات والبدء بالانقاذ الحقيقي الذي اتخذته الحكومة الجديدة شعارا لها". 

مستحقات لبنان: ماليا ايضا، تبلّغ وزير المال من مصرف لبنان أن مستحقات لبنان من صندوق النقد الدولي (SDRs) قد حُوّلت إلى حساب وزارة المالية لدى المصرف بقيمة 1،139،951،437،098 دولار أميركي، بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي.

اسعار جديدة: لكن في المقابل، بقيت أزمة المحروقات في الواجهة، ولم يحل رفع اسعارها وصدور جدولها الجديد دون بقاء الطوابير على حالها. فكما كان متوقعاً، سجّل سعر صفيحة البنزين بنَوعيه ارتفاعاً ملحوظاً، ليبلغ الـ95 أوكتان بـ174 ألفاً و300 ليرة والـ98 أوكتان بـ180 ألفاً. واعلن عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس:  قسم كبير من المحطات لا يزال مقفلاً وسبق وحذّرنا من هذا الأمر والآلية كان من المفترض أن تبدأ منذ يوم الاثنين كي لا نصل إلى ما وصلنا إليه. واضاف "المحطات تبدأ بفتح أبوابها من اليوم لأن الشركات بدأت بتوزيع المحروقات لكن هناك شركات لم تصل إليها البواخر لذا الأزمة ستبقى موجودة لكن ابتداءً من يوم الاثنين ستتحسّن الأوضاع لكن هذا لا يعني أنّ الطوابير ستختفي".

النفط العراقي: وعلى صعيد الطاقة ايضا، وغداة وصول المازوت الايراني الى البقاع من سوريا، وبينما تغرق البلاد في عتمة شبه تامة، وصلت اليوم الباخرة الأولى المحمّلة بنحو ٣١ ألف طن من الغاز أويل العراقي إلى معمل دير عمار في طرابلس. وقال مدير المعمل للـ "أم.تي.في" هذه الخطوة مهمّة وتساعدنا على الاستمرار كما نحن اليوم إلى حين وصول المزيد من المحروقات كي تزداد ساعات التغذية ونأمل وصول المزيد من الشحنات.

التخفيف من التقنين: من جانبه، توجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالشكر الى الحكومة العراقية "لدعمها لبنان ووقوفها الى جانبه في الظروف الصعبة، خصوصا من خلال تنفيذ عقد استيراد النفط العراقي، للمشاركة في حل أزمة الكهرباء". وقد اطلع ميقاتي من وزير الطاقة والمياه وليد فياض على إجراءات وصول باخرة النفط العراقي الأولى إلى معمل دير عمار الكهربائي، مما يساعد في زيادة ساعات التغذية بالتيار.  وأكد الرئيس ميقاتي "أن الحكومة ستبذل كل الجهود لتخفيف وطأة التقنين الكهربائي، وتحسين وضع التغذية، على أن تكون الخطوة الموازية العمل على حل جذري لأزمة الكهرباء عبر تنويع مصادر الطاقة وصولا لإعطاء الأولوية للغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، وإستكمال تنفيذ خطة قطاع الكهرباء والإصلاحات المتعلقة به مع تحديثها وإنشاء ما تحتاجه البلاد من معامل لتوليد الطاقة الكهربائية بمشاركة القطاع الخاص، بحسب ما جاء في البيان الوزاري للحكومة التي ستمثل الاثنين على أساسه لنيل ثقة المجلس النيابي".  وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أكد خلال اتصال أجراه بالرئيس ميقاتي "وقوف بلاده الى جانب لبنان واستعدادها لدعمه بكل الوسائل ما يساعده على تجاوز المحنة الصعبة التي يمر بها". 

بلد مصدّر!: وليس بعيدا، غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على "تويتر": "لم نعد نعلم من اين تأتي قوافل المازوت والبنزين والنفط. كترو المحبين الى درجة قد نصبح فيها بلدا مصدرا للنفط دون ترسيم حدود ودون تنقيب لا شمالا ولا جنوبا ولا بحرا ولا برا".

ظلم كبير: قضائيا، وغداة اصدار مذكرة توقيف بحقه في جريمة انفجار المرفأ، أشار الوزير السابق يوسف فنيانوس الى "أنه تعرض لظلم كبير جراء هذا الإجراء، وأن القاضي البيطار لم يطبق الأسس القانونية الصحيحة في حالته، فالجلسة كانت مخصصة لبت الدفع الشكلي لجهة عدم اختصاص المجلس العدلي، وعدم صحة تبليغه وعدم جواز السير بالدعوى لحين صدور قرار عن محكمة استئناف الشمال بخصوص منح الإذن بملاحقته، وعلى الرغم من ان النيابة العامة لم تبد رأيها بالموضوع بل تقدمت بمطالعة تطلب بموجبها من المحقق العدلي ايداعها بعض القرارات والمستندات لكي يتسنى لها ابداء الرأي بخصوص الدفوع الشكلية، أصدر القاضي البيطار قراره برد الدفع الشكلي وقرر انه يريد المباشرة باستجوابي فورا، من دون منحي أي مهلة لاتخاذ موقف من قرار بت الدفوع الشكلية ولو حتى 24 ساعة ولا حتى الموافقة على تكرار دعوتي أمامه مجددا". وفيما جدد أسفه "للضحايا الذين سقطوا جراء انفجار مرفأ بيروت"، لافتا إلى أنه "يتفهم ردة فعل كل من فقد عزيزا في هذه الكارثة الكبيرة"، اعتبر فنيانوس أن "الحماية الوحيدة التي أتمتع بها هي الحماية التي يتيحها القانون، ولا صحة للكلام عن حمايات سياسية وغير سياسية، فتطبيق القوانين في هذه القضية هو السبيل الوحيد المتاح من أجل سماع إفادتي"، لافتا إلى أنه "لم يفكر ولم يلجأ في أي لحظة لمواجهة القضاء من خلال دعوى رد أو دعوى مخاصمة ولكن أداء المحقق العدلي قد يدفعه إلى ذلك مكرها."

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o