Sep 03, 2021 6:47 AM
صحف

الأمتار الاخيرة لـ"برمودا" التأليف.. والمؤلفان يتبادلان الاتهام بالتعطيل

إنهارت فجأة أمس قصور الرمال الحكومية مع ارتفاع موج البيانات المتبادلة بين عون وميقاتي، وبدل ان تولد الحكومة كما كان متوقعا اشتعلت جبهة بعبدا- بلاتينيوم اللذين تبادلا القذائف السياسية العشوائية التي تطايرت فوق رؤوس اللبنانيين المصطفّين في طوابير الاذلال أمام محطات البنزين. وفيما فوجئ مرجع كبير بالجولة الجديدة من الاشتباك السياسي في وقت كان منتظرا تشكيل الحكومة، قالت اوساط سياسية لـ"الجمهورية" ان السجال الذي اندلع بين عون وميقاتي سيؤدي الى فرملة الإيجابيات التي شاعت قبل السجال في انتظار معالجة آثاره الجانبية واعادة انعاش مساعي المعالجة لآخر العقد التي لا تزال تحول دون اكتمال عقد التشكيل. واستغربت هذه الاوساط انزلاق عون وميقاتي الى حرب البيانات التي طغت على فترة تكليف الرئيس سعد الحريري، في حين كان يُفترض ان العلاقة بينهما مغايرة، إضافة إلى ان معاناة اللبنانيين المتفاقمة بفعل الانهيار الاقتصادي لا تسمح اصلا بهذا النوع من الترف المعيب.

"كلما اجتاز ملف تشكيل الحكومة متراً من امتاره الاخيرة كلما كُشفت النيات اكثر فأكثر، وقد بتنا في "مثلث برمودا" حيث توقفت الجاذبية وسقطت الحجج، والعين على مدى النجاح في امكانية اخراج الحكومة من هذا المثلث قبل ان تضيع فيه ونفقد معها الاتصال". هكذا وصف مصدر رفيع ما آلت اليه عملية التأليف، مؤكدا لـ"الجمهورية" أنه "طالما لم يتوقف التفاوض بعد يعني ان هناك امل في أن تترتب الامور لأنه في النهاية ستتشكل الحكومة ولن يبقى البلد من دونها".

وأكد المصدر ان النيات الظاهرة من الطرفين ايجابية، مضيفاً "الله يعين اللواء عباس ابراهيم فهذا التفاوض والتبادل في الحقائب اصعب من التفاوض حول تبادل الأسرى وتحرير الحكومة مهمتها شاقة اكثر من تحرير الاسرى". وكشف المصدر ان الحقائب السيادية أُبرم الاتفاق حولها، والنقاش يدور حالياً حول بعض الحقائب المهمة المرتبطة بالمرحلة المقبلة والحقائب الخدماتية على ابواب الانتخابات. ويلخص المصدر ما تبقى من عقد بثلاث نقاط: حقيبتا الشؤون والاقتصاد، الثقة، تسمية الوزيرين المسيحيين. وتخوف المصدر من "ان يتحول هذا التفاوض الشاق الى ادارة لمعارك خفية تبقي على استقرار سياسي نسبي يوصل بحده الاقصى الى تشكيل حكومة وبحده الادنى يمنع التفجير"، واشار الى "ان الجميع يعلم ان تشكيل الحكومات في لبنان ليس سهلاً، فكيف الآن والبلد مشظّى واستحقاقات كبيرة مرتبطة بمهمة هذه الحكومة من انتخابات الى تفاوض مع صندوق النقد الدولي مروراً بالعقوبات وغيرها من الاجندات التي باتت تحكم مصالح كل فريق".

من جهة ثانية، أكدت مصادر مواكبة عن كثب لعملية التأليف امس لـ"النهار" بأنّ الاتجاه الحكوميّ ينحو إلى مزيد من السلبيّة والمراوحة والدوران في حلقة مفرغة مع محاولة للقول إن ثمّة من يُخطئ بعيداً عن الفريق المقرّب من رئيس الجمهورية، في وقت لا مكان للايجابيات التي يحاول البعض إشاعتها أو التعبير عنها. وتتمحور العقد القائمة، وفق المصادر نفسها، حول موضوع "الثلث المعطّل" الذي يبدو أنه لا يزال مطلوباً، وإن بشكلٍ مقنّع، لتمثيل حصّة فريق العهد مع التوجّه نحو إعادة التجربة نفسها التي سبق أن خاضها فريق رئيس الجمهورية مع الرئيس سعد الحريري واعتبار مسؤولية التعطيل مشتركة مع رئيس الحكومة المكلّف، فيما أن هناك نية واضحة للتبديل في بعض الأسماء المقترحة للتوزير واستبدالها بأسماء عونية الهوى بدلاً من ربط القرار النهائي لاختيار الوزراء بكامل الحكومة. ومن هنا، ليس واقعياً أنّ الحكومة اقتربت من الأميال أو الأمتار الأخيرة للإعلان عن تصاعد الدّخان الأبيض، انطلاقاً مما تؤكده المصادر المواكبة نفسها، في وقت لا يزال البحث مرتبطاً بالإطار العموميّ لاختيار الوزراء. وتقع المشكلة في كلّ مرّة يقترب بها البحث في موضوع "الثلث المعطّل"، إضافةً الى التطرّق لموضوع وزارتي الداخلية والعدل.

أما "نداء الوطن" فكتبت: لم يظهر أن الوفد الأميركي أتى ليساعد في عملية التأليف. صحيح أن الرئيس عون والرئيس المكلف يتوليانها عملياً بموجب الدستور، ولكن يبدو أيضاً أن أكثر من وسيط يشارك في هذه العملية. فمن خلال الأسماء وتوزيع الحقائب ظهر وكأن الرئيس ميقاتي تابع من حيث كان يتفاوض الرئيس سعد الحريري مع الرئيس عون، وخصوصاً من حيث الحصص التي كان تعهد بها الحريري للكتل التي سمته. وبدا أيضاً أن المسألة لم تعد تتعلق بتسمية الرئيس الذي سيشكل الحكومة وأن القاعدة صارت أن تتم التسمية مع اشتراط الحقائب التي يريدها من سموه مع الأسماء. وفي هذا الإطار تدخل التعهدات التي أعطيت للثنائي الشيعي ولـ"المردة" و"القومي" ولـ"الحزب التقدمي الإشتراكي" وللقريبين من "حزب الله"، وبقي التفاوض على ما تبقى من حقائب الأمر الذي أوقع الخلاف مع الرئيس عون حول ما تبقى من أسماء. وفي هذا المجال كان يشارك في عملية التأليف كل من النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل واللواء عباس ابراهيم والمحامي كارلوس أبو جوده، وربما غيرهم ممن لم تتظهر أدوارهم. في ظل هذا الوضع ماذا يبقى للرئيس المكلف وللرئيس عون إذا كانا ينطلقان من حكومة من 24 وزيراً وينتهيان على خلاف حول عشرة فقط؟ وفي هذا الإطار أيضاً فقد ذكرت معلومات أن أسماء الوزراء الشيعة التي حكي عنها على أساس أن الثنائي وافق عليها ليست نهائية، وأنه سيتم تبديلها في حال تم التوافق على التشكيلة قبل إعلانها كما كان يحصل سابقاً، عندما كان الرئيس بري يسلم الأسماء قبل إعلان المراسيم في قصر بعبدا. وفي المعلومات أيضاً أن كل ما حكي عن خلافات حول الحقائب والأسماء لم يكن إلا من سبيل المناورات، وأن المسألة الأساسية كانت منذ بدء رحلة التأليف مع الرئيس سعد الحريري هي تسمية الوزراء العشرة من خارج الحصص المتوافق عليها، وهذا الأمر تم إدخاله ضمن آلية التأليف التي يجب أن تحصل بالإتفاق مع رئيس الجمهورية وليس من باب الحصول على الثلث المعطل وإن كانت النتيجة هي ذاتها في النهاية.

وإذا كانت بعض المعلومات أشارت إلى لقاء مساء أمس بين ابراهيم والوزير جبران باسيل، فإن معلومات أخرى ذكرت أن باسيل قد يكون هو الذي دخل على خط خربطة ما كان توصل إليه ابراهيم ليل أمس الأول، من خلال اعتراضه على أن تكون حقيبة الإقتصاد من حصة الرئيس ميقاتي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o