Aug 13, 2021 6:41 AM
مقالات

إلى أي مآل تسير الاوضاع في خلدة الهادئة؟

كتب ابراهيم بيرم في "النهار":

في الظاهر تبدو القضية التي صارت تُعرف بـ"واقعة خلدة" والتي حصلت قبل ايام وكأنها تراجعت الى مربّع الظل، او ربما اخذت طريقها الى مطاوي النسيان بفعل ما استجد بعدها من تطورات دراماتيكية طغت عليها، لكن في الجوهر ثمة معلومات مصدرها الجهة المعنية في احد الطرفين المعنيين، أي "حزب الله"، تشي بانه يتعامل مع تبعات هذه الواقعة، التي هزت الاستقرار العام لأيام وسقط نتيجتها خمس ضحايا وعشرات الجرحى وتعود جذورها الى عام مضى، بقدر كبير من المتابعة وملاحقة التفاصيل، ولكن أيضا بقدر كبير من رباطة الجأش والرويّة.

ولا تخفي تلك الجهة انها صارت تقيم اخيرا على استنتاج فحواه ان الاجراءات الامنية والملاحقات والتحقيقات التي تمت سائرة في اتجاه ثلاثة اهداف يقيم لها الحزب كبير اعتبار واهمية، وهي:

- نجاح الجيش في الامساك بالوضع في مسرح المشكل بيد من حديد بحيث لم يُسجل منذ حادث اطلاق النار بكثافة على موكب تشييع الضحية علي شبلي اي حادث من شأنه تعكير صفو الامن.

- تصفية تدريجية لما يصفه "حزب الله" وانصاره بمنظومة "الرعب والسيطرة والتهديد" التي مارستها سابقا المجموعات الضالعة والمتهمة والمعروفة تماما.
- الاهم كما يقول الحزب ان تلك المجموعات استشعرت وربما للمرة الاولى انها باتت بلا غطاء سياسي يؤمّن لها الحماية، خصوصا ان حجم ما اقترفته جسيم وخطير بنتائجه وتداعياته. لذا تبدو الى الآن وكأنها تجنح الى الهدوء والتخلي عن الاستفزازات واطلاق قفاز التحدي.

وتكشف الجهة عينها ان الحزب سارع فور الحوادث الاخيرة الى تأليف خلية متابعة تضم عددا من الحقوقيين والمسؤولين المركزيين والمسؤولين في المنطقة، وأوكل اليها مهمة بلوغ القضية خواتيمها على نحو "لا يضيّع حقوق الضحايا والمتضررين والمهجرين من جهة، ويبطل مفاعيل اللغم الامني القابل للانفجار والذي انوجد في تلك المنطقة المتنوعة والحساسة". وتبدأ هذه الخلية يومها بعقد لقاء يستعرض حصيلة ما انجز سابقا ويضع خطة تحرك لاحقة وذلك على 3 مستويات:

حصيلة المراجعات اليومية التي تمت للاجهزة الامنية والقضائية المولجة للوقوف على مسار التحريات والملاحقات التي تجريها تلك الاجهزة في مجال ملاحقة المتهمين والضالعين.

دراسة تقرير يوضع عن سير الاوضاع في مسرح الاشتباك ومدى التجاوب مع اجراءات الجيش وحقيقة تراجع المظاهر المسلحة والاستفزازية.
- نتائج عمليات التواصل واللقاء مع عائلة الضحية شبلي وعائلات الضحايا الآخرين ومتابعة اوضاع الجرحى والمبعدين.

- رصد نتائج الاتصالات التي تجري على اكثر من صعيد بغية تعزيز ضبط الاوضاع مستقبلا واعادة الامور الى مسارها الطبيعي.

وتفصح الجهة عينها ايضا عن ارتياحها الى الزيارات اللافتة التي نظّمها مشايخ ووجهاء من قبائل عربية، خصوصا تلك المقيمة في البقاع، الى قيادة الحزب، والتي ابلغتها رفضها التام لأي إشكال او توتر من شأنه المسّ بالاستقرار او جر بعض المناطق والتجمعات الى اتون الفتنة والصراعات الداخلية، وهو موقف وصل الى قيادة الحزب ايضا من عدد من التجمعات والعشائر العربية في الجنوب والشمال.

ولقد بات امام تلك الجهة جردة عامة عن حصيلة المتابعات والجهود المبذولة للاستيعاب والمعالجة، وهي على النحو الآتي:

بلغ عدد المتهمين والضالعين باطلاق النار والمتسببين بالاشتباك ستة اشخاص سلّم بعضهم نفسه طوعا لمخابرات الجيش والقي القبض على بعضهم الآخر، فيما يفاوض قسم ثالث لتسليم نفسه.

أما المتهمون الآخرون الذين اختاروا الفرار الى خارج المنطقة وتواروا فيبلغ عددهم وفق لوائح اسمية في حوزة الاجهزة نحو 12 فردا.

2 - ان مخابرات الجيش لم تكفّ اطلاقا عن بذل الجهود لملاحقة المطلوبين والمتهمين بالتحريض والتخطيط (وهم نحو 30 شخصا).
وتلفت الجهة عينها الى ان الحزب يقدّم في كل الاتصالات التي يجريها بهدف اعادة ضبط الاوضاع وتصفية ذيول القضية ولكي تأخذ العدالة مجراها، عرضاً يقوم على الآتي:

- يتعين على القوى الامنية ان تستكمل ما بدأته من اجراءات لملاحقة كل المشبوهين وسَوقهم الى العدالة ليأخذوا الجزاء المنصوص عليه قانونا.

- انهاء كل مظاهر الاستفزاز وضمان اعادة النازحين قسراً الى املاكهم واشغالهم.

- التعهد بعدم التعرض لأي من سكان المنطقة مهما كان انتماؤه او دينه وضمان ممارستهم شعائرهم الدينية.

- التعهد بالحيلولة دون قطع اوتوستراد خلدة وضمان عدم التعرض للعابرين عليه تحت اي ظرف او ذريعة.

- تنفذ كل تلك الخطوات برعاية الجيش الذي يتعهد اقامة نقاط امنية ثابتة في المنطقة تأخذ على عاتقها ردع المخالفين او الخارجين على النظام العام.
وفي كل الاحوال، فان الحزب يتصرف على اساس ان مشكلة خلدة المتتالية فصولا دموية والتي سببت له صداعا استمر اكثر من عام، قد حوصرت وتم استيعابها بعدما اخذت مداها، وان الخشية من بروز تداعيات مفاجئة قد تقلصت بدرجة كبرى، خصوصا ان الطرف الآخر قد وجد نفسه متروكا بلا غطاء.

وفي المقابل، يجد الحزب انه لم يعد بامكان الدولة ان تتعامل مع الوضع بحد ادنى من الاهتمام كما في السابق، فجولات العنف الاخيرة اقنعت من يعنيهم الامر بان المشكلة مهيأة للخروج عن حدود الاستثمار والتوظيف الظرفي.

واذا كان تقييم الحزب وتصوراته للمرحلة ورؤيته المطمئنة نسبيا لمسار الامور، فان السؤال: ماذا عن الطرف الآخر، وهل هو على استعداد للجنوح نحو التهدئة والبحث عن تسوية والقبول بنتائجها؟

تجيب الجهة عينها: "ربما ان هذا الطرف سكر بداية بما اعتبره انتصارا، ولكن الثابت انه ايقن لاحقا ان زمام المبادرة ليس بيده دائما".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o