Aug 12, 2021 4:42 PM
خاص

قضية درعا ليست محلية فقط ..حلّها سوري–روسي-اقليمي

المركزية - تشهد الساحة السورية تطورات مهمة ولافتة تجلت من خلال حوادثث درعا وأبعاد المواجهات التي جرت، والتي أظهرت ان مستقبل الرئيس بشار الاسد على المحك خاصة وأنه تنصل من الوعود التي قطعها للروس للتهدئة ورفض التفاوض مع المعارضة وإجراء مصالحة وقد اتم عملية إعادة انتخابه على أساس الدستور القديم، خلافاً لما ينصّ عليه القرار الدولي 2254 الذي أكد على حق الشعب السوري في تقرير مستقبل البلاد وتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية ووقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري. فهل تشكّل درعا نقطة تحوّل في مستقبل سوريا؟ 

رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن  هشام جابر قال لـ"المركزية" ان  الاسد  ترشح على اساس الدستور القديم لعدم وجود دستور جديد كي يتمّ الانتخاب على اساسه. فالنظام وافق على اللجنة الدستورية، المؤلفة مناصفة بين المعارضة والنظام والتي تجتمع، برعاية الامم المتحدة، مرة كل ثلاثة اشهر في جنيف، ولكنها تخرج  حتى من دون وضع عنوان للدستور. هذا الدستور السوري الذي من المفترض ان يتم التوافق عليه، هو اول مدماك في مسيرة الديمقراطية، فكيف سيترشح الاسد وفق دستور جديد لم تتم صياغته بعد وهل يترك فراغا في السلطة؟ بالطبع لا. انتهت ولاية الاسد واضطر بطبيعة الحال، بدل ان يقوم بتجديد ولايته بقرار يعتبر غير شرعي، إلى إجراء انتخابات. البعض يعتبر هذه الانتخابات غير شرعية ولديهم حججهم، لكن المنطق يقول ان الانتخابات أجريت في مكان ما في سوريا، وهناك استمرارية للنظام، لا يمكنه ان يتوقف مع انتهاء ولاية الرئيس".  

أضاف: "في ما يتعلق بدرعا، حصلت خلال السنوات الماضية وتحديدا منذ ثلاث سنوات مصالحة او نوع من التسويات والاتفاقات برعاية روسية، هم يقولون ان النظام خالف قواعد هذه التسويات والنظام يقول ان المسلحين انتشروا واستفادوا من الوضع القائم في درعا البلد، مرورا بدرعا المحطة وصولاً الى ريف درعا. المفترض على الروس بحكم دورهم كمراقبين ان يعرفوا من أخلّ من الطرفين وان يقوموا بواجباتهم". 

واعتبر جابر ان "الروس لم ينجحوا في تهدئة الوضع. فقد بدأت الاعمال العسكرية في درعا، منذ شهر تقريباً، وانتشرت المجموعات المسلحة في ريف درعا وسيطرت على حواجز الجيش، ومنطقيا لا يجوز ان تترك بهذا الوضع العسكري والمناوشات والمعارك الخارجة عن سيطرة الدولة. حاول الروس جاهدين ايجاد حلّ، خلال الاسابيع الماضية، لتسليم السلاح الثقيل وعودة المسلحين الى درعا البلد وإخلاء المراكز التي سيطروا عليها في ريف درعا، وبقيت العملية بين كرّ وفرّ. ومنذ يومين، اتُخذ القرار من قبل النظام السوري بحل الموضوع عسكريا، الا ان المشكلة هنا هي ان المسلحين في درعا، صحيح دخل بينهم اجانب من غير درعا، لكن من غير الممكن مقارنتهم بمسلحي النصرة مثلا، او المجموعات المسلحة الاجنبية والعربية المختلفة الموجودة في إدلب. مسلحو درعا بمعظمهم من منطقة الجنوب السوري. لذلك، حاولوا ايجاد حلول للخروج منها من دون عملية عسكرية، لكنهم يقولون انهم ابناء المنطقة لا يريدون العودة الى ادلب".  

وأشار جابر الى ان "العملية العسكرية ستكون شرسة ومكلفة بشرياً على الطرفين، لأن الجماعة المسلحة هي من أبناء المنطقة ممن يعرفون الارض جيدا. لذلك، اعتقد انهم سيحاولون ايجاد حلّ يقوم على المصالحة وتسوية أوضاع المسلحين وترك الخيار لمن يريد الخروج وتحديد وجهته. وهنا تكمن المشكلة الاساسية، خاصة وان معظمهم من الأخوان المسلمين، الى اين سيتوجهون، الى ادلب او الى خارج سوريا، وهنا تجدر الاشارة الى ان دعم الاخوان المسلمين خفّ أكان في تركيا بعد مصالحاتها وتقاربها من مصر او في تونس بعد القرارات الاستثنائية التي أجراها الرئيس قيس سعيد. فقضية درعا ليست سورية فقط انما اقليمية ايضاً، وحلّها يجب ان يكون سوريا روسيا واقليميا. فتركيا من غير الممكن ان تلعب دور الوسيط لأنها قد تكون مقبولة من المسلحين لكنها غير مقبولة من النظام السوري، في حين ان ايران مقبولة من النظام السوري لكنها غير مقبولة من المسلحين. لذلك، لا ارى وسيطا، رغم انه لم ينجح حتى الآن، بديل عن الروسي، لأنه موجود عسكريا على الارض كما ان لروسيا ثقلا كبيرا في سوريا، كما أنها مقبولة من الطرفين، من مسلحي درعا والنظام السوري".  

وسأل جابر: "ولكن كيف سيكون الحل؟ هل في عملية عسكرية واسعة النطاق؟ أعتقد انه سيكون آخر خيار، وقبل اتخاذ القرار عسكرياً هناك محاولات لحلّ المشكلة حبيا، لكن منطقيا لا يجوز ان تبقى درعا بؤرة ومنطقة مشتعلة في هذه النقطة الحساسة والاستراتيجية في الجغرافيا السورية، فهي تقع على بوابة دمشق وتؤدي الى جبل الدروز وجبل العرب والقنيطرة والجنوب السوري والاردن، كما أنها مهمة اقتصاديا حيث ان سهل حوران أغنى سهل لزراعة القمح في سوريا، وعسكريا موجودة على مقربة من معسكر قطنا حيث يوجد الفيلق السوري الاول الذي يضم اربع فرق عسكرية اي ما يوازي خمسين الف جندي.  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o