Aug 10, 2021 3:26 PM
مقالات

تدوير زوايا التأليف... والحشر في الزاوية

كتب أديب ابي عقل

المركزية- يشي مسار الأحداث والتطورات والمواقف السياسية والقيادية المواكبة للمرحلة، بأن الفترة القريبة المقبلة، قد لا تحمل التوقعات الإيجابية والخواتيم السعيدة المنتظرة، التي أشاعها بعض العارفين ببواطن الأمور وخفايا الاتصالات والمشاورات الجارية وراء الكواليس.

فالمواقف التي أعلنها الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي من القصر الجمهوري، بعد الاجتماعين الأخيرين مع رئيس الجمهورية، تبدو واضحا ما بين سطورها، لجهة أن لا توافق تاماً أو نهائياً بعد بين الرجلين، وأن ما هو متّفق عليه بينهما بالكاد يتجاوز نصف الطريق إلى التأليف النهائي.

ذلك أن العقد لا تزال هي نفسها، وإن تمّ تغليف الطروحات والاقتراحات حيالها بإيجابيات واستعدادات هادئة و"صادقة" للنقاش فيها، فيما طروحات الأفرقاء الآخرين لا تزال هي نفسها، على رغم طرح مقايضات ومبادلات في الحقائب السيادية والأساسية، تبيّن أنها ليست إلا مناورات لكسب الوقت إذ يعرف أصحاب هذه الطروحات انها مرفوضة سلفاً ولن تلقى الصدى المطلوب لدى القيّمين على التأليف منفردين أو مجتمعين.

فالرئيس ميقاتي، الذي أبدى المسؤولون المعنيون "ارتياحهم" لتسميته، لاعتقادهم انه "شاطر" في تدوير الزوايا، ويمكن تالياً -من خلاله- تمرير ما لم يتمكنوا من تمريره مع سلفه، يفاجئ هؤلاء بأنه شاطر ليس في تدوير الزوايا فحسب، وإنما في حشر الآخرين في الزوايا، وإظهارهم في مظهر مَن يصعِّب -كي لا نقول يعرقل- مهمّة التأليف، في وقت يدعو هو إلى إحلال التفاؤل والابتسام محل التشاؤم والحزن.

وما يشير إلى هذا الاتجاه كذلك، هو الموقف "الناعم" للسيد حسن نصرالله في إطلالته المتلفزة الأخيرة، حين أكّد بطريقته الهادئة-حين يقتضي الأمر ذلك- أن الموضوع الحكومي من "اختصاص" رئيس الجمهورية والرئيس المكلَّف، من دون أن يطرح أي مطلب، خلافاً للمرتين السابقتين، حيث كانت المطالبة بحقيبة الصحة مفتاح تسهيل التأليف، وهذا ما حصل فعلاً مع جميل جبق ثم حمد حسن.

 

وهذا يفسّر أمراً من اثنين: إما أن تأليف الحكومة لا يزال بعيد المنال راهناً، في انتظار نتائج تطورات ومحادثات دولية إقليمية تتناول الأوضاع في المنطقة، بدءاً من الملف النووي الإيراني، مروراً بالأوضاع في كل من العراق واليمن، وصولاً إلى لبنان الذي كانت ساحته الجنوبية منذ أيام مسرحاً لتبادل رسائل واضحة المغزى وعلى إيقاع مضبوط، تحت أنظار اليونيفيل بين الولايات المتحدة وإيران بواسطة اسرائيل و"حزب الله".

وهنا بدت السلطة اللبنانية الرسمية وكأنّها غير معنية بما حصل وبسبب حصوله، واتّبعت سياسة الهروب إلى الأمام من خلال التركيز على طلب تقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد القصف الاسرائيلي لمناطق جنوبية، وخرق القرار ١٧٠١، يُضاف إلى شكاوى سابقة مماثلة، بقيت بلا نتيجة سوى التوثيق في أرشيف اليونيفيل والأمم المتحدة، في وقت كان يُفترض بها استدعاء المعنيين ومعرفة أسباب وخلفيات وتفاصيل ما حصل، خصوصاً وان طرفي الاشتباك كانا واضحي التوجه نحو عدم التصعيد، وبديا "متفاهمين" على "موقع" إطلاق الرسائل السياسة في ما سمياه "المنطقة المفتوحة" حيث لا أضرار تقع وكل طرف لعب دوره.

لذلك، لم يرد لبنان الرسمي "اشغال" نفسه بهذا الموضوع، ليقينه انه ليس صاحب القرار في ما يحصل، وانه لا يستطيع حتى ان يستفسر عن الامر.

وإما ان التأليف على نار حامية، إذ في وقت يبدي معنيون تفاؤلاً، يبدو مُفرطاً، بإمكان حصول مفاجأة التأليف هذا الأسبوع، يرى آخرون أن التطورات والمواقف و"إنكفاء" اصحاب "أرانب الحلول" وتدوير الزوايا عن السمع في موضوع التأليف، يوحي بأن لا دخان أبيض متوقعاً قريباً، على رغم الضغط الدولي الهائل وتحديداً الفرنسي، لوجوب تأليف حكومة تبدأ تنفيذ الإصلاحات لينطلق قطار المساعدات الدولية.

إلا أن حساب حقل أهل الخارج لا يطابق بيدر مصالح أهل الداخل كما يبدو. وفي الانتظار تستمر معاناة الشعب اللبناني، الذي باتت تنطبق عليه تسمية "شعب طوابير الذل والمهانة" أمام المحطات والأفران والصيدليات، سعياً للحصول على هذه المواد الاساسية المدعومة من أموال تعب اللبنانيين وعرقهم، والتي يتم تهريبها الى الخارج، في ظل دولة غير قادرة على تأليف حكومة، فكيف تكون قادرة على منع تهريب معروف من يقوم به ومن يدعمه ويحميه!!!!!

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o