Jul 28, 2021 4:27 PM
خاص

تغيُّب نواب عن الاستشارات تقصير دستوري يحاسبون عليه

المركزية - مع كل إستحقاق حكومي، يعود الحديث عن موضوع فصل النيابة عن الوزارة في لبنان. ومشهد الإستشارات غير الملزمة في الأمس وتصاريح الكتل النيابية من مجلس النواب بعد لقائها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي توحي وكأن مبدأ فصل النيابة عن الوزارة سيطبق في الحكومة العتيدة في حال تشكيلها. لكن الإلتزام ليس وفقا لنص قانوني إنما مجرد موقف "شفهي" من قبل النواب والكتل النيابية.

وفي العودة إلى العام 2018 طرح الرئيس ميشال عون مبدأ فصل النيابة عن السلطة التنفيذية قبل موعد استحقاق الإنتخابات النيابية. يومها يقول مراقبون أن الدعوة انطلقت من اقتناع راسخ لديه بأن تفعيل مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في مقدمة الدستور يوجب مثل هذا الفصل لأن من أهم اختصاصات النواب مراقبة عمل الوزراء ولا يمكن النائب أن يراقب نفسه عندما يكون وزيرأ في آن واحد، فضلاً عن أن هذا الفصل من شأنه تعزيز الإنتاجية حيث يتفرغ النائب لعمله النيابي والوزير لعمله الوزاري، وبالتالي  يمكن للأحزاب السياسية كافة المنخرطة في العمل التشريعي والحكومي الالتزام بهذا الفصل إذا شاءت.

حجة المطالبين بالفصل أنّه يقطع الطريق أولاً أمام إستغلال "النائب الوزير" لخدمات وزارته لغايات شخصية وإنتخابية، بمعنى أنّه لا يمكنه القيام بمهامه التشريعية والتنفيذية في آنٍ واحد، ويكافح الفساد.  فهل يجوز اعتبار تخلف النائب عن قبول توزيره تخلفا عن مهامه؟ الخبير الدستوري الدكتور أنطوان صفير نفى عبر "المركزية" هذه الفرضية من الناحية الدستورية وأكد "أنه يحق لكل وزير معين أن يرفض توزيره حتى لو كان نائبا، وتتحدد مهامه الدستورية في إلزامية حضور الجلسة النيابية لإعطاء الثقة للحكومة عندها إما أن يعطيها الثقة أو يمتنع عن ذلك".

وإذا كان مفهوم النائب- والكلام ليس من باب التعميم لأن ثمة نوابا يشهد لعملهم داخل السلطة التشريعية- يشوبه العديد من العيوب، كونه يضرب مفهوم نائب الأمة اللبنانية جمعاء ويحوّله إلى نائب عن المنطقة أو الحزب أو الطائفة، وتقتصر نشاطاته على تقبل التعازي وحضور المناسبات الإجتماعية وتقديم خدمات لجماعته، فإن الأمر يزداد عيباً عندما يجمع منصبه كنائب مع وظيفة الوزارة. وفي هذا الإطار يوضح صفير أن "وظيفة النائب لا تقتصر على تزفيت الطرقات وتلبية الدعوات الإجتماعية أو سواها وحسب، إنما عليه أن يقوم بالتشريع. وهنا يأتي دور الشعب الذي تقع عليه مسؤولية اختيار النواب الذين سيمثلونه  في الندوة البرلمانية".

وأضاف تعقيبا على تغيب نواب عن المشاركة في الإستشارات النيابية الملزمة في القصر الجمهوري لتسمية رئيس مكلف والإستشارات غير الملزمة في المجلس النيابي في الأمس: "النائب كممثل للأمة جمعاء وإن كان منتخباً من منطقة أو من مواطنين معينين إلا أنه يحمل صفة تمثيلية كنائب وتقع عليه موجبات دستورية اساسية منوطة بدوره. فهو أولاً نائب عن الأمة وملزم حضور جلسات الإستشارات النيابية الملزمة التي حددها الدستور اللبناني بشكل واضح، وهذا موجب غير إنتقائي إو تقديري، إنما موجب طبيعي. إلاّ إذا كانت هناك استحالة للحضور لسبب صحي أو لطارئ محدد".

ولفت صفير "إلى أن تغيب النائب عن حضور هذه الجلسات لسبب معين، أو رفضه المطلق من دون تحديد الأسباب الموجبة لا يعتبر خيانة إنما تقصير في الموجب الدستوري في الوكالة المعطاة له. ويجب أن يُساءل عنها في مجلس النواب وأن يوضح الأسباب في شكل واضح. وهذا الموجب يتعلق أيضا بدور النائب في اللجان النيابية والجلسات العامة في أعمال السلطة التشريعية لأن هذه أيضا موجبات تقع على عاتقه".

قد يكون موقف بعض النواب الرافض لمبدأ توزيره في الشكل والعلن فقط، لأن "نية" التمسك بالجمع بين الوزارة والنيابة تضمن لهم البقاء في مناصبهم. علما أن الجمع بين المنصبين ليس مُخالفاً للدستور، بحسب المادة ٢٨ المعدلة بالقانون الدستوري الصادر بتاريخ ١٧/١٠/١٩٢٧ والمعدلة بالقانون الدستوري الصادر في ٨/٥/١٩٢٩  والتي نصت على أنه "يجوز الجمع بين النيابة ووظيفة الوزارة أما الوزراء فيجوز انتقاؤهم من أعضاء المجلس النيابي أو من أشخاص خارجين عنه أو من كليهما ".

فهل يكرس مبدأ الرفض الشفهي خريطة طريق نحو الإصلاح الإداري؟ الجواب في ما ستحمله الأوراق في صناديق اقتراع انتخابات 2022 النيابية.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o