Jul 17, 2021 6:23 AM
صحف

تكليف الحريري "صفحة وطويت" وميقاتي على موقفه

الرئيس سعد الحريري اعتذر وقال كلمته ومشى، ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحسب "الجمهورية" يقارب «أزمة الإعتذار» ببرودة أعصاب، ويقول انّ لبنان سيتمكن من تجاوز الظروف الصعبة التي يمرّ بها حالياً على مختلف المستويات، ويعد ببذل «كل الجهود للخروج من الازمات المتلاحقة التي يعانيها اللبنانيون»، علماً أنّ مثل هذا الكلام هو نفسه تكرّر مع تضييع 11 شهراً منذ استقالة حكومة حسان دياب، بينها 9 أشهر من تكليف الحريري، في دوامة الإعدام المنظّم لفرص التأليف تحت عنوان الحقوق وشعارات ومعايير ممجوجة.

على انّ السؤال الذي يفرض نفسه بعد اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة، ماذا بعد؟

الأمر البديهي في حالات كهذه أن يبادر رئيس الجمهورية الى الدعوة الى استشارات نيابية ملزمة لتكليف بديل من الحريري، لكن الرئيس كما يبدو يتريّث في هذه الدعوة لسبب جوهري، وهو أنه حتى الآن، لا وجود لشخصيّة سنيّة في نادي المرشحين لتولّي هذه المهمّة بعد الحريري، وهو ما أكدته لـ«الجمهورية» مصادر واسعة الاطلاع.

وكشفت المصادر عن معلومات تفيد بأنّ الفريق الرئاسي يعتبر ان تكليف الحريري صفحة وطويت، وتبعاً لذلك بدأ حركة مشاورات لبلورة صورة البديل في أسرع وقت ممكن، ذلك انّ الاولوية الرئاسية في هذه المرحلة هي ملء «فراغ التكليف»، وإطلاق الاستشارات الملزمة في غضون أيام قليلة، لا تتجاوز أول يوم عمل بعد عيد الأضحى أي يوم الجمعة المقبل. إلّا إذا طرأت ملامح توافقات مسبقة على شخصية في الساعات المقبلة، فرضت التعجيل بتحديد موعد الاستشارات والتكليف قبل العيد.

وفي هذا الوقت، لفتت "النهار" الى ان كل الوقائع تشير الى ان تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية تشكيل الحكومة لن يكون بالسهولة المزعومة التي يبديها العهد وفريقه لان ما تسببت به عوامل دفع الحريري الى الاعتذار أثارت تداعيات لن يكون أقلها أزمة تكليف مفتوحة لن يتقدم فيها أي طرف او أي شخصية للترشح للتكليف خشية الاحتراق ونزع الغطاء السني عنه تماماً. وهو الامر الذي يعني ان العهد سيغدو محاصراً نفسه بنفسه وستبدأ مرحلة طرح الخيارات التي لن تبعد عن إيجاد شخصية بلا أي وزن سياسي تمثيلي، وهنا سيكون الأفضل الإبقاء على ستاتيكو حكومة تصريف الاعمال لئلا يختلف أي تكليف او تغيير حكومي في حال التمكن منهما عن استبدال حكومة بنسخة طبق الأصل عنها.

لكن عون ربما يُسقط من حسابه -حسب المصدر السياسي نفسه- رد موقف رؤساء الحكومات والمرجعية الروحية للطائفة السنّية في ضوء القرار الجامع الصادر عن الرؤساء بعدم تسمية من سيخلف الحريري، وهذا ما سيؤدي إلى حشره في الزاوية في ظل ما توافر من معلومات بأن الرئيس نجيب ميقاتي ليس في وارد أن يُدرج اسمه على لائحة المرشّحين لرئاسة الحكومة. وفي هذا السياق، كشف رئيس حكومة سابق فضّل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» أنه على تواصل مع ميقاتي الموجود حالياً خارج لبنان وأن الأخير ليس في وارد الترشح لرئاسة الحكومة ليس من باب تهرّبه من تحمّل المسؤولية وإنما على خلفية أنْ لا مجال للتعاون مع عون، وهو كان قد اختبره في أكثر من محطة، ناهيك بأنه لم يشارك في انتخابه رئيساً للجمهورية.

وأكد أن اسم ميقاتي كان مدار تداول بين بري والحريري الذي كان يتحضّر للاعتذار عن تشكيل الحكومة، وقال إن الأخير لم يقفل الباب أمام ترشّح ميقاتي وأبدى حماسة لتأييده، وهذا ما شكّل نقطة تلاقٍ بينهما وإن كان القرار الحاسم يعود لميقاتي.

ورأى أن ميقاتي يتهيّب لما آل إليه الوضع في لبنان وهو على وشك أن يتخذ قراره بعدم الترشُّح لأن من رفض أن يتعاون مع الحريري لن يبدّل موقفه بتعاونه مع ميقاتي الذي يتمسك بالعناوين السياسية التي طرحها الحريري ويرفض أن يحيد عنها لأنها كانت بمثابة خلاصة للموقف الذي أجمع عليه رؤساء الحكومات.

واستغرب رئيس حكومة سابق ما أخذ يشيعه البعض بأن ميقاتي يرفض أن يترأس حكومة انتقالية تتولى الإشراف على إجراء الانتخابات النيابية لأنها تحرمه من الترشح لخوضها، وقال إن ميقاتي لن يتولى رئاسة الحكومة للمرة الثالثة ليكون طرفاً في إلغاء اتفاق الطائف أو إعطاء الحق لرئيس الجمهورية بخلاف صلاحياته في شراكته للبرلمان في تسمية الرئيس المكلف، إضافة إلى أنه لن يتهرّب من مسؤوليته في إنقاذ البلد لكنه لن يكون شريكاً في إدارة الأزمة، فيما يتموضع البلد في قعر الانهيار ولن تتأمّن له الشروط للخروج من أزماته.

وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّه بالتوازي مع المشاورات التي بدأها الفريق الرئاسي، تحرّكت على أكثر من خطّ سياسي لتقييم مرحلة ما بعد اعتذار الحريري، خصوصاً أنّ هذا الاعتذار بعثَر كلّ الاوراق، وفرض واقعاً جديداً، ومقاربات جديدة للملف الحكومي، وقدّم على السطح السياسي مجموعة من الاسئلة حول الطبخة الحكومية الجديدة، وأي أسس ستقوم عليها، وأي شكل لهذه الحكومة: هل هي من اختصاصيين لا سياسيين، ام تكنوسياسية مطعّمة بسياسيين، ام سياسية مطعّمة ببعض الاختصاصيين؟ وهل ما زالت المبادرة الفرنسية تشكل القاعدة الصالحة لقيام حكومة جديدة؟.

المؤكد أنّ مواصفات الحكومة الجديدة تتطلب نقاشاً بين الاطراف المعنية بهذا الملف، الّا انّ الاساس الآخر الذي يفترض ان تقوم عليه هذه الحكومة يتمثل بالشخصية، او «الفدائي» كما سمّاه مرجع مسؤول، الذي سيتقدّم ليحل بديلاً للحريري، الذي لا يشكّل استفزازاً له، ولبيئته السياسية وللبيئة السنيّة بشكل عام.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o