Jul 16, 2021 12:33 PM
خاص

المنظومة تحرق خشبة خلاص شعبها: فهل ينتقم لنفسه؟

المركزية- لم تجد المنظومة السياسية ما يستدعي التنازل عن مصالحها وانانياتها. وكأن البلاد بألف خير، قضت امس على اي أمل بتشكيل قريب لحكومة إنقاذ، لبنان بحاجةٍ اليها اليوم قبل الغد. فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون اعتبر ان التركيبة التي رفعها اليه الرئيس المكلف سعد الحريري عصر الاربعاء، تحتاج الى تعديلات جوهرية خاصة في مسألة اختيار الوزراء (ولا سيما المسيحيين منهم) مبلغا الحريري ايضا ان "لبنان القوي" لن يمنحه الا "ربع ثقة"، فما كان من الرئيس المكلّف الا ان قرر الانسحاب من اللعبة، رافضا اعطاء العهد اي فرص اضافية، وقد بات على اقتناع بأنه لا يريده رئيسا للحكومة الا بشروط الفريق الرئاسي.

بعيدا من هذه الحسابات التي حفظها اللبنانيون عن ظهر قلب، أثارت قنبلة اعتذار الحريري عن عدم التشكيل، سريعا، وكما كان الجميع يتوقّع، قفزةً في سعر صرف الدولار، فتجاوز الـ22 الف ليرة ساعات قليلة بعد خروجه من بعبدا "مستقيلا". الأنكى في هذا المشهد، ان النكبة السياسة – المالية، نزلت على شعب وبلد منهارين كلّيا، على الصعد كافة، رامية اياهما في مجهول اسود. وبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، أثبت أهل الحكم أمس، بالدليل القاطع، أنهم مستعدون لحرق البلد لإشعال "سجائرهم"، من جهة، وأنهم منفصلون تماما عن الارض وأزماتها ومصائبها، من جهة ثانية.

فقرار "نحر" مساعي التشكيل، أتى بينما القطاعات كلّها تتهاوى، وتحتاج الى عملة خضراء لم يعد مصرف لبنان قادرا على تأمينها، ولن تتوافر إلا بدعم خارجي من المانحين ومن صندوق النقد الدولي. ففيما الدواء مفقود والصراع على أشدّه بين وزارة الصحة و"المركزي"، وبينما عاود عدّاد كورونا ارتفاعه مهددا الامن الاجتماعي في ظل وضع كارثي تمر فيه المستشفيات، اعلن تجمّع اصحاب الصيدليات أنه لم يعد يستطيع الاستمرار في العمل لخدمة المرضى، مؤكدا "التوقف عن العمل اعتبارا من صباح اليوم الى حين اقرار وزارة الصحة جداول ومؤشر الأسعار وتأمين الحماية للصيدليات لنتمكن من الاستمرار برسالتنا".

في الموازاة، ازمة المحروقات على شفير الانفجار من جديد. فقد ناشد عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس امس "حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، متابعة موضوع ملفات المحروقات شخصياً". وأشار الى انه "غير مستعد ولا حتى أصحاب المحطات، لتحمّل الذل والقهر والمعاناة والمشاكل اليومية في الشوارع نتيجة اهمال شخص لملفات لم يجد الوقت الكافي لاتمامها بسرعة". ورأى انه "اذا بدأ مصرف لبنان برفض اعطاء الموافقات المسبقة لاستيراد المحروقات، فهذا يعني اننا سنعود الى ازمة خانقة كالتي شهدناها أخيراً"، داعياً "المعنيين الى ضرورة الانتباه لهذا الموضوع، واتخاذ الاجراءات المطلوبة لتفادي حصوله". مصادر نفطية اشارت في الساعات الماضية الى ان أزمة المازوت والبنزين مستمرة والى المزيد من التأزم. على الرغم من تفريغ باخرة مازوت لدى منشآت النفط إلا ان الكمية لم تكن كافية لأنها تشكّل ٢٥% من حاجة السوق وقد أعطيت الاولوية في التسليم إلى المستشفيات والافران في وقت تزداد الحاجة إلى المادة في ظل انقطاع مستمر في الكهرباء، في حين أن الشح في المحروقات يهدد العجلة الاقتصادية كلّها، ويصيب رغيف الناس، وقد يغرقهم في عتمة شاملة مع التقنين الكهربائي القاسي وعجز اصحاب المولدات عن تأمين المازوت بالسعر "الشرعي".

الجحيم المعيشي سيتفاقم اذا، بعدما أحرقت المنظومة، ببرودة اعصاب، خشبة الخلاص الوحيدة، القادرة على انقاذ الناس: تأليف حكومة تأتي بالمساعدات سريعا ووفق خطة واضحة، الى لبنان. واذا كانت السلطة تظن ان مؤتمرات الدعم الدولية وبعض القروض التي سيجيّرها صندوق النقد لبيروت، قادرة وحدها على معالجة المأساة، فإنها مخطئة. وفي الايام المقبلة، ستكتشف هولَ ما اقترفته يداها في حق شعبها... فهل يثور هذا الشعب وينتقم لنفسه؟

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o