Jul 03, 2021 3:34 PM
خاص

في أول حديث لها بعد خروجها إلى الحرية
نايلة الحاج: 4 آب سرق عمري ... عدالة الأرض آتية

المركزية – 2 تموز 2021. الحركة في بيت جيرالد الحاج والدة المهندسة نايلة التي أوقفت بعد تفجير 4 آب ليست بعادية. ضحكات الأم عادت تصدح في أرجاء المنزل الذي اشتاق إلى "عجقة" نايلة وأخبارها وحركتها التي كانت مصدر الحياة فيه. "اليوم رجعت إتنفس ونزلت البلاطة اللي كانت على صدري من لحظة توقيف نايلة ب 4 آب.. الله كبير وعدالتو راح تتحقق ع الأرض بفضل ضمير القاضي طارق البيطار" تقول جيرالدا الحاج .

في 15 نيسان الماضي أصدر المحقق العدلي في جريمة مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار إخلاء سبيل 6 موقوفين. يومها انتظرت جيرالدا أن يكون إسم نايلة من بينهم لكنها تبلغت أن القاضي بيطار رد طلبات إخلاء سبيل الموقوفين الآخرين. مع ذلك لم تفقد الأمل وفي كل اتصال مع "المركزية" كانت تقول" نايلة بريئة وراح ترجع ع حياتها الطبيعية".

الجمعة 2 تموز 2021. كانت اللحظة التي انتظرتها عائلة المهندسة نايلة الحاج على مدى 11 شهرا. وعن اللحظات الأولى للحرية تروي نايلة لـ"المركزية"،" عندما تبلغت الخبر شفهيا من الضابط المناوب في سجن الريحانية للنساء قلت له أنا صرت توما بدي شوف البرقية تا صدق. وما هي إلا لحظات حتى حضرت إحدى عناصر الشرطة وسلمتني البرقية التي تضمنت قرارإخلاء سبيلي والرائد في الأمن العام، داوود فياض. عندها بدأت بتوضيب أغراضي ".
خارج الزنزانة  كانت والدتها جيرالدا والمحامي وأحد أقربائها الذين كانوا في زيارة عادية لها وتلقوا الخبر. عانقت نايلة والدتها وصرخت" enfin" (وأخيرا).

حتى اللحظة لم تزر نايلة المرفأ واكتفت بإلقاء نظرة على حجم الدمار والكارثة التي خلفتها الجريمة أثناء مرورها على الأوتوستراد وتقول:" من كان يفكر أننا كنا نعمل في بؤرة موت؟...ماذا لو وقع الإنفجار في ساعات الدوام حيث يعج المرفأ بالعمال والموظفين ورجال الأمن والجمارك وأشخاص عاديين؟...

تعمل نايلة التي تحمل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية في المرفأ بصفة مدقق فني في مجال الهندسة المدنية وفق العقد الموقع بين الشركة التي تعمل فيها. وتروي نايلة: "قبل 4 أيام على وقوع الجريمة طلب مني مدير إدارة المشاريع في المرفأ الإشراف على أعمال الصيانة التي كان ينفذها عدد من العمال في العنبر رقم 12 وهي كناية عن ترميم الثقوب وتلحيم 3 أبواب من أصل 12 ولم أكن أعلم ماذا كان يحتوي من مواد لأن مهامي محصورة بإلإشراف والتدقيق الفني". وتضيف:" الأربعاء 28 تموز تبلغت أنه سيتم فتح الأبواب وهناك مواد كيميائية داخل العنبر قابلة للإشتعال ويجب أن تتم أعمال التلحيم والأبواب مفتوحة. فأبلغت المقاول بهذه المعلومة. وفي اليوم التالي حضر أحدهم ومعه مفتاح من أصل إثنين موجودين مع إدارة المرفأ والجمارك. بعد فتح الباب تقدمت حوالى 3 أمتار ورأيت أكياسا كبيرة بيضاء مكتوب عليها"Formule Chimique" وإسم شركة لا أدري هل هي المصنعة أو المستوردة..إضافة إلى صناديق من الكرتون وأغراض أخرى مشقوعة حالت دون رؤية باقي الموجودات في الداخل".

العبارة الموجودة على الأكياس البيضاء المشقوعة بطريقة فوضوية أثارت  حشرية نايلة  وتقول:" أجريت بحثا  عن هذه المواد وتبين أنها كيميائية وتستعمل للزراعة. ولم أتصور للحظة أنها مواد بهذه الخطورة وموضوعة بهذا الشكل من دون شروط أو حماية سواء داخل العنبر أو خارجه".

4 آب أشرفت نايلة على التصليحات المقررة على سكك الأبواب وأبلغت العمال والمقاول أنه سيتم فتحها في اليوم التالي للتأكد من أن العمل تم بحسب الشروط والمواصفات لاستكمال الصيانة. حوالى الساعة 2 و40 دقيقة غادرت محيط العنبر وتوجهت نحو مبنى الإدارة حيث شاركت في اجتماعات مع مهندسي الإدارة للبحث في مشاريع أخرى. وخرجت من بوابة المرفأ حوالى الرابعة متوجهة نحو منزل إحدى صديقاتي في منطقة جل الديب. وتروي "والحمدالله أنني لم أتوجه إلى منزلي الذي كان يقع في منطقة مار مخايل قرب شركة الكهرباء. وأقول "كان: لأنه تدمر بالكامل".

السادسة و7 دقائق دوى الإنفجار. "للوهلة الأولى طننت أنه وقع في بيت الوسط كما تم التداول على وسائل التواصل الإجتماعي. وما هي إلا ثواني حتى تلقيت اتصالا من أحد الزملاء وأبلغني أن الإنفجار وقع في العنبر رقم 12 في المرفأ.لم استوعب كلامه. وعشت حالا من الإنفصال الكلي عن الواقع".

عندما تم توقيف المهندسة نايلة فكرت أن المسألة مجرد تحقيق عادي وستخرج بعد ساعات ولم تتخيل أنها ستمكث 11 شهرا في السجن. وعلى رغم المعاملة الجيدة داخل سجن الريحانية كما تقول "بس الحرية غالية خصوصا إذا كان الإنسان مسجونا ظلما والحمدالله أن الملف وضع في يد القاضي بيطار".

بكفالة 100 مليون ليرة وقرار بمنع السفر خرجت نايلة الحاج إلى الحرية. هي تريد أن تصدق بأن عدالة الأرض ستتحقق، وتنتقم لأرواح الضحايا. أيضا تريد أن تؤمن من جديد بهذا البلد الذي سرق منها 11 شهرا من عمرها لا بل كل حياتها، لكنها ربحت أمثولة "أن لا أثق بشكل أعمى بأحد بعد اليوم....فأنا كنت أقوم بخدمة في المرفأ وكان الثمن 11 شهرا في السجن ولا شيء يعوض ذلك. لكنها لا تساوي شيئا أمام خسارة حياة 210 ضحية...صحيح أنني نجوت بالجسد لكن الوجع كبير وكبير جدا على الضحايا...".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o