Jun 22, 2021 2:33 PM
مقالات

الوضع القائم...عقوبات ووصاية

كتب أديب ابي عقل

المركزية- أكّدت المشهدية الداخلية في الأيام الأخيرة، ما لم يعد في حاجة إلى تأكيد، أن أهل السلطة والقيادات السياسية في واد، والشعب اللبناني وآماله وأحلامه بقيام الدولة ومصلحة الوطن في واد آخر، تماماً كخطّين متوازيين لا يلتقيان.

ومع الانهيار الحاصل على المستوى المعيشي والاجتماعي والأخلاقي في التعاطي المتبادل على مستوى المسؤولين والقيادات خصوصاً، وفي موازاة الانهيار السياسي الشامل المتمثّل بالعجز عن تأليف حكومة، سؤال يطرح نفسه عن معنى ان يتكلّم مسؤولون أو مقرّبون من مسؤولين عن نصوص وصلاحيات في محاولة للتملّص من مسؤوليتهم عن عرقلة التأليف.

والوصول إلى الكلام عن أزمة نظام لا يعفيهم أيضاً من المسؤولية، وهم كانوا أركانه طوال ثلاثين سنة، وهي الفترة التي يشيرون بوقاحة إلى انتشار الفساد فيها، وهم في تلك الفترة بالذات، كانوا في غالبيتهم أبطالها ورموزها وأصحاب القرار فيها.

ولعلّه من المفيد التذكير أيضاً، أن المواقف الاستعراضية والعراضات الإعلامية وتبادل الاتهامات عبر تخاطب سياسي، فيه من الاسفاف ما لم يعتد اللبنانيون سماع مثله في عزّ المحن التي توالت على البلد، بقيت كلها، وفي شتى المجالات، مواقف وعناوين، من دون مواكبة بخطوات تتّخذها السلطات المعنية، لاعتقال فاسد أو مهرّب أو مرتكب، من مسؤولين مباشرين، أو من يحمون باسمهم فاسدين ومهرّبين ومرتكبين.

والحجة أن الوضع الحكومي مشلول والدولة مشلولة، واهية وغير مقنعة، لأنّ مثل هذه الخطوات والقرارات، كان يجب أن تتّخذ في بداية العهد، ومع حكومتيه الأولى والثانية تحديداً، لأنّ ذلك لو حصل، لكان بالتأكيد، حمى مؤسسات الدولة وقطاعاتها الأساسية من فتك بعض الأشخاص والقوى بها، وإسقاطها الواحدة تلو الاخرى. 

وانهيار هذه المؤسسات، يعني إسقاط العناوين التي ميّزت، ولا تزال، لبنان منذ نشوئه، بدءاً من الحرية التي جعلت منه ملجأ لكل مضطهد في محيطه، وصولاً الى الاقتصاد، الذي حوّله ملاذاً آمناً للمستثمرين الذين ساهموا في نهضته الاقتصادية، فكان البلد اللؤلؤة والمميّز في محيطه والمنطقة.

فالطموحات والمصالح الشخصية الضيقة، لا يكون تحقيقها بتصفية حسابات من طرف واحد، مع أشخاص آخرين رؤساء مؤسّسات، جعلت من قيادتها لها، أسماء لامعة لها تاريخها وسمعتها، ومرشحة من الخارج قبل الداخل لأدوار وطنية أساسية في مرحلة إعادة بناء الدولة وقيامة الوطن من القعر الذي بلغه جرّاء سياسات أهل الحل والربط، من مواقع رسمية، واُخرى حزبية تتجاوز عند مصالحها الدولة برمّتها.

ويخطئ من يعتقد، لأن المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول المهتمة بلبنان أساساً، والمكلفّة تالياً من هذا المجتمع، سيبقى "متفرجاً" على استمرار الانهيار، وان الموفدين منه لإفهام المسؤولين خطورة استمرارهم في سياسة الرعونة والنكد والعناد، سجلوا بدقّة الصورة الحقيقية التي تعكس عدم تجاوب المسؤولين مع النصائح التي قدمتها الدول.

بدا واضحاً للموفدين أن المسؤولين يحاولون كسب الوقت وتمرير المرحلة، في انتظار نتائج الحوارات واللّقاءات الدولية ذات الصِّلة بالمنطقة، بدءاً من الاتفاق النووي، مروراً بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، والقمة الأميركية- الروسية وما يتّصل منها بالوضع في ايران وسوريا، ولبنان بطبيعة الحال.

ذلك أنه في ضوء هذه النتائج، سيحدّد المسؤولون، أو يعتقدون أنه سيكون في استطاعتهم تحديد، موقفهم وتموضعهم في هذا المحور أو ذاك، وجعله أمراً واقعاً يكون المجتمع الدولي "مضطراً" للتعامل معه.

الّا انه في الحالين، لن يكون حساب حقل هؤلاء المسؤولين مطابقاً لحسابات بيدر الدول المعنية، لأن اتفاق اللّاعبين الكبار يسري على الدول المعنية بتنفيذها، وكذلك خلافهم ينعكس سلباً على الدول الصغيرة، كلبنان، التي اذا كانت ساحتها الداخلية غير محصّنة،  يكون النموذج اللّبناني الراهن صورة عن المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي فيها.

ولبنان بالتحديد، غير المحصّن، والمنهار بالكامل تقريباً، والعاجز حتى عن تأليف حكومة، لن يستطيع بالتأكيد التعامل مع التطورات الدولية. بل هو يتّجه إلى أن يوضع تحت الوصاية الدولية، والتمهيد لذلك بدأ بالعقوبات التي طاولت بعض المسؤولين والقيادات، والتي سيتم اتباعها في القريب المنظور جداً بحزمة جديدة، "أقسى" من سابقاتها في التسميات والبنود. حمى الله لبنان.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o