Jun 22, 2021 6:47 AM
مقالات

مقاطعة "القوات" للحكومة تعزّز العقدة المسيحية في تشكيلها

كتب نذير رضا في "الشرق الأوسط": 

أسهم رفض حزب «القوات اللبنانية» المشاركة في الحكومة العتيدة، بتعزيز العقدة المسيحية المستحكمة بالمساعي الآيلة لتشكيلها، نظراً إلى أن غياب الأفرقاء المسيحيين ذوي التمثيل الوازن في السلطة عن الحكومة، سيحيل حكماً تسمية الوزراء المسيحيين إلى الرئيس ميشال عون الذي ترفض قوى سياسية، وفي مقدمها الرئيس المكلف سعد الحريري، أن يسمي أكثر من ثلث الوزراء المسيحيين.

وتنقسم الحكومة اللبنانية المزمع تشكيلها إلى 12 وزيرا مسيحيا و12 وزيرا مسلما، ويشارك فيها من القوى المسيحية، تيار «المردة» إضافة إلى منح «الحزب القومي» حصة مسيحية، فضلاً عن حصة رئيس الجمهورية في ظل رفض «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل المشاركة، علما بأن البعض يعتبر حصة الرئيس هي من حصة «التيار»، كما يقاطعها «القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب» الذي استقال نوابه من البرلمان أيضاً العام الماضي.

وفيما ترى قوى سياسية أن رجوع «القوات» عن موقفها بعدم المشاركة، من شأنه أن يحل الأزمة، يرى أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» فادي كرم أن «التضحية الحقيقية تتمثل في عدم مشاركة كل الأفرقاء وترك الحكومة لتكون حكومة مستقلة عن الأحزاب»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «عندما تكون السلطة خارجة عن المنطق السليم، فإن الحل يتمثل في تشكيل حكومة مهمة وإنقاذية تتبنى الخطوات الإصلاحية بدءاً بمكافحة التهريب عبر الحدود وترشيد الدعم ومكافحة المحاصصة والزبائنية». وشدد على أن حزب «القوات»، اتخذ قرار «عدم المشاركة لفقدانه الثقة بالسلطة الحالية، ولا إمكانية لتشكيل حكومة وفق الآلية التي كانت تشكل فيها» في إشارة إلى المحاصصة.

وقال كرم إن «القوات» يدعو جميع الأفرقاء للخروج من السلطة التنفيذية وإتاحة المجال لشخصيات قادرة على بناء الثقة الخارجية بلبنان وحل الملفات العالقة، مشدداً على أنه «ليس المطلوب التضحية في سبيل دولة المزرعة، بل على دولة المزرعة التضحية في سبيل البلاد والمواطن اللبناني».

وكلفت أكثرية البرلمان اللبناني الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة العتيدة في تشرين الأول 2020 ولم يسمه حزب «القوات اللبنانية»، كما لم يسمّه «التيار الوطني الحر».

ويتهم خصوم «القوات» الحزب الذي يرأسه الدكتور سمير جعجع، بأنه يحجم عن المشاركة لأسباب انتخابية، في ظل مسارات الانهيار التي تتجه إليها البلاد بعد الفشل في تأليف حكومة تقر الإصلاحات وتضع لبنان على سكة الإنقاذ، وبالتالي يغرق العهد أكثر بالأزمات ما يعود على «القوات» بتأييد انتخابي أوسع وخصوصاً في الشارع المسيحي، علما بأن المؤشرات تتحدث عن ارتفاع أسهم «القوات» شعبياً.

وقال كرم إن «الأخذ بهذا المنطق يعني أن القوات تعطي النجاح للعهد والسلطة الحاكمة، بينما هم فاشلون وغير قادرين على إدارة البلد، ويعني أن عليهم أن يتركوا السلطة بأسرع وقت وإجراء انتخابات نيابية» استجابة لثقة الشعب، لكنه شدد على أن رفض مشاركة «القوات» في الحكومة، «غير مبنية على سياسات صغيرة، بل تتطلع إلى تخليص الشعب اللبناني من معاناته».

ويربط «القوات» استقالته من السلطة التنفيذية، بالاستماع إلى رغبات الشعب اللبناني الذي خرج في انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 ضد السلطة الحاكمة، ويعتبر نفسه من الانتفاضة والشعب، بحسب ما يقول الباحث السياسي جورج علم الذي يتحدث عن تمايز «القوات» عن باقي الأفرقاء في الحكومة لجهة معارضة وزرائها في داخل الحكومة عندما كانت مشاركة فيها.

وإذ أشار إلى أن القوى المسيحية الأربع (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب وتيار المردة) يحاول كل منها «إلغاء الآخر سياسيا حتى يحل مكانه». قال إن «القوات» «حاول أن يجد حيثية انتخابية يحاول عبرها أن يدخل إلى البرلمان بكتلة نيابية وازنة وإضعاف التيار والآخرين من الموارنة»، لافتاً إلى أن «هذا النهج ليس جديداً، ويمتلك الحزب ماكينة إعلامية كبيرة قادرة على التأثير في الرأي العام، وهو حزب له فاعلية وازنة في داخل صفوف الشباب والمدارس والطلاب لشد العصب وإنتاج بيئة سياسية مناسبة».

ويرى علم أن وجود «القوات» في صفوف المعارضة الآن، «أكثر فائدة لهم»، لكنه توقف عند ضرب بعض القوى السياسية المسيحية على الوتر المذهبي والطائفي «الذي يوفر فرص نجاح في ظل الانقسام المسيحي حول تحالف عون مع (حزب الله) وإشارة البعض إلى أنه أضعف المسيحيين، وهو تيار مسيحي غير راض عن الشعارات وطريقة إدارة الملفات ومتحفظ على التحالف بين التيار و(حزب الله)».
وإذ أكد أن «الانقسام قائم»، قال إن الحسم بنتيجة الانتخابات من الآن غير واضح، «لأن الأمر مرتبط بالوجدان المسيحي»، مشدداً على أن «الانتخابات وحدها تحدد المزاج الشعبي والخيارات في ذلك الوقت، رغم أن التقديرات التي تنقلها وسائل الإعلام تتحدث عن أن المزاج الشعبي هو لصالح القوات الآن».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o