Jun 21, 2021 7:34 AM
صحف

بعد "آخر كلام" باسيل.. الحكومة في خبر كان ودفع لعقد طاولة حوار

الحكومة في خبر كان. خلاصةٌ غير مفاجئة للوقائع التي شهدها هذا الملف في أسبوعِ «حرب السكاكين» الرئاسية التي توّجها أمس «آخِر كلامٍ» لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ثبّت «المتاريس» الدستورية - السياسية والطائفية على مثلّث قصر بعبدا - عين التينة - بيت الوسط، ومُقْتَرِحاً حلاً بدا مزروعاً بـ «المفخّخات» وأقرب إلى «الهروب إلى الأمام».

عملياً، أطاح رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في إطلالته المتلفزة أمس بمبادرة بري الحكومية واستعاض عنها بمحاولة “دق إسفين” بين نصرالله ورئيس المجلس النيابي “من خلال التلطي خلف عباءة الأول في سبيل استهداف الثاني”، بحسب تعبير مصادر سياسية ل"نداء الوطن" رأت أنّ باسيل بكلامه هذا “أكد المؤكد وعقّد المعقد”، معتبرةً أنه “ذهب بعيداً في عملية قلب الطاولة على تشكيلة الـ24 وزيراً تحت شعار أنّ صيغة الـ888 تختزن “مثالثة مقنّعة”، وصولاً إلى إعادة الأمور إلى مربعها الأول عبر المطالبة بأن تشمل المداورة حقيبة المالية، وبإقرار مهلة دستورية لا تتجاوز الشهر للرئيس المكلف للتأليف ورئيس الجمهورية للدعوة إلى استشارات التكليف”.

وفي خلاصة طرحه لمخارج الحلول للأزمة الحكومية القائمة، بدا واضحاً أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” يدفع باتجاه توجيه الرئاسة الأولى الدعوة إلى عقد طاولة حوار تعيد تعويمه بعد إقصائه عن طاولة مجلس الوزراء، قائلاً: “طبعاً بدّنا نكون إلى الطاولة ومش بإذن من حدا”، راسماً جدول أعمال الحوار العوني بدءاً “من حل مشكلة الحكومة” وصولاً إلى “الاتفاق على النظام السياسي وعلى الخيارات الكبرى بما يخصّ تموضع لبنان”.

وينقل لـ"أساس" مقرّبون من رئيس الجمهورية نيّته المبادرة إلى توجيه كلمة إلى اللبنانيّين في الأيّام المقبلة، ولا سيّما بعد الكلام الذي صدر عن باسيل يوم الأحد. فهو سبق أن ذكّر في بيانات القصر عن نيّته بعقد طاولة حوار. ولكنّه يدرك أنّ ذلك لن يصل إلى نتيجة لأنّ مراكبه مع القوى السياسية محترقة، وبالتالي لن يلقى أيّ تجاوب مع دعوته، إن كانت تتعلّق بالملفّ الحكوميّ أو بالأزمات الدستورية الناتجة عن الأزمة السياسية. وبالتالي عقمٌ سياسيّ سيحكم المشهد في الأشهر المقبلة، التي ستكون ملتهبة بالفوضى، على أن يستطيع ضبطها الجيش اللبناني، بالاستناد إلى الدعم الدوليّ، السياسي والمعنوي واللوجيستي.

وتَعاطَتْ أوساطٌ واسعةُ الاطلاعِ مع إطلالة باسيل أمس بحسب "الراي الكويتية"، واعتبرت أنها زادتْ «الأقفال» على الأبواب الموصدة أصلاً حكومياً، وخصوصاً أن تسليم «مفتاح الحلّ» للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله و«ائتمانه على حقوق المسيحيين» الذين أعلن رئيس «التيار الحر» أنه يخوض باسمهم «معركة وجود»، جاء على قاعدة «سحْب المفتاح من جيْب» شريك الحزب في الثنائية الشيعية رئيس البرلمان نبيه بري الذي كان نصرالله «فوّضه» ردم الهوة بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري قبل أن تشتعل «الجبهة الخامدة» على خط رئيسيْ الجمهورية ومجلس النواب.

وفي رأي هذه الأوساط أن إعلانَ باسيل أن بري بات وسيطاً «غير مرغوب» بعدما «تبيّن أنه منحاز وأساء لنا» دَفنَ نهائياً ما أسماه رئيس «التيار الحر» بـ «المسعى الحكومي الذي استعان السيد حسن بصديقه الرئيس بري للقيام به»، في حين أن الانتقالَ إلى «تحكيم» نصرالله «الذي أثِق به» وائتمانه «على موضوع الحقوق، فهو يعرف أنّنا مستهدَفون وأن كل ما يحصل هو للنيل منا وأننا تنازلْنا في موضوع الحكومة عن كثير من حقوقنا» جاء على طريقة «الاختباء» وراء الأمين العام لـ «حزب الله» لمحاولة تسديد ضربة بـ «الواسطة» لبري كما للحريري اللذين شنّ باسيل أعنف هجوم عليهما.

وذهبتْ الأوساط إلى اعتبار أن باسيل بدا وكأنه يضع «حزب الله» أمام معادلة «إما بري (والحريري) وإما أنا»، وهو ما عبّر عنه قوله «يا سيّد حسن، رغم كل الاعتبارات التي تضعك على الحياد أعرف أنّك لا تخذل الحق. أنا جبران باسيل، ومن دون أن أحمّلك أي عبء ومن دون أن أسلّم أمري وأمر من أمثّل، أقْبل بما تقبل به أنتَ لنفسك. وهذا آخِر كلام لي في الحكومة».

ولم تتوانَ الأوساط نفسها عن تأكيد أن ما ذهب إليه باسيل لن يؤدي إلا لمزيد من تعقيد الأزمة الحكومية، ولا سيما أن العارفين بكيفية تعاطي «حزب الله» مع بري وإدارة العلاقة معه يجزمون بأنه ليس في وارد التخلي عن رئيس البرلمان حرصاً على وحدة البيت الشيعي، ناهيك عن أنه وانطلاقاً من «فائض القوة» الذي يملكه الحزب في الداخل كما رَبْطاً بتحوّلاتِ المنطقة يستفيد من الظهور بمظهر الحريص على عدم اللعب في «الخاصرة السنية - الشيعية الرخوة» ما دام يُمْسِك بكل الخيوط ويتكرّس تباعاً أنه الناظِم الفعلي للواقع اللبناني و«الملجأ» لأكثر من فريق.

وعلمت «الجمهورية»، انّ الرئيس نبيه بري وعلى رغم انزعاجه مما ورد في كلمة جبران باسيل، طلب من مسؤولي حركة «امل» ونوابها عدم الردّ عليه.

الى ذلك، اعتبرت اوساط سياسية مواكبة للأزمة الحكومية، انّ احتكام باسيل إلىالأمين العان لحزب الله السيد حسن نصرالله في الملف الحكومي «من شأنه ان يزيد الإحراج الذي يشعر به الحزب في هذه المرحلة». ولفتت الى انّ الحزب لا يستطيع من جهة أن يتجاهل مبادرة باسيل حيال امينه العام واستعانته به، على رغم كل الضغوط والاتهامات التي يتعرّض لها (باسيل) من الداخل والخارج بسبب تحالفه مع «حزب الله»، ولا يستطيع من جهة أخرى ان يتحمّل عبء الدور الذي طالبه به رئيس التيار، أولاً، لأنّه ليس الطرف الذي يتولّى تشكيل الحكومة حتى يقرّر حجم او وزن كل جهة فيها، مع ما يرتبه ذلك من تبعات. وثانياً، لانّه ليس في وارد زعزعة علاقته التحالفية مع الرئيس نبيه بري، سواء من حيث الشكل المتعلق بكونه صاحب المبادرة الذي دعمه فيها نصرالله مباشرة بل رشحّه لهذه المهمّة، او من حيث المضمون المتصل بالجوهر السياسي للمسائل التي هي موضع خلاف.

واشارت هذه الاوساط، الى انّه وبمعزل عن الموقف الذي سيتخذه الحزب من طرح باسيل، فالاكيد انّ هامش قدرته على البقاء محايداً يضيق، وبالتالي صار مطلوباً منه أن يكون أكثر حسماً في خياراته، ولو انّ الثمن المحتمل هو ان يزعل البعض منه، وذلك عملاً بالمثل الفرنسي القائل بأنّ «اذا اردت ان تصنع العجة فعليك ان تكسر بعض البيض».

العقدة سياسية

بالتوازي مع تشديد المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي على أنّ الأزمة لبنانية الطابع مئة في المئة، جاء تجديد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط لدعوته الى التسوية التي لا مفرّ منها من أجل تأليف الحكومة، ليؤكّد ما ذهب إليه بوريل في انّ العقدة ليست تقنية كما يحاول البعض تصويرها، إنما هي سياسية بامتياز، وتستدعي الذهاب إلى تسوية كمدخل وحيد للتأليف. ولكن لا مؤشرات لدى طرفي النزاع الى انّهما على استعداد لتسوية من هذا النوع، إنما على العكس من ذلك التصعيد ما زال سيّد الموقف.

صمت في بعبدا

وفي هذه الأجواء، لم يشهد القصر الجمهوري اي نشاط منذ ان غادره موفد الاتحاد الاوروبي عصر السبت، فيما شغر «بيت الوسط» نتيجة سفر الرئيس المكلف سعد الحريري الى ابو ظبي في زيارة خاصة بلا برنامج، يُتوقع ان تمتد لاسبوع على الاقل، ما لم يطرأ اي جديد يستدعي عودته الى بيروت.

وقالت مصادر قريبة من بعبدا لـ «الجمهورية»، انّ «المساعي التي بُذلت لتشكيل الحكومة لم تنته الى ما اريد لها. وانّ رئيس الجمهورية كان ولا يزال ينتظر تشكيلة مقترحة من الرئيس المكلّف من أجل النظر فيها وفق المعايير والمعادلات الدستورية والوطنية التي حدّدها، الامر الذي لم يحصل الى الآن».

وداعاً لصيغة الـ (888)

وفي تعليقها على مضمون مؤتمر الصحافي لباسيل، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية»، أنّه يجب النظر الى ما اعلنه من مواقف من المنظار السياسي، وعدم التوقف عند العبارات التي صدرت منه بمضمونها الحرفي. ولفتت هذه المصادر، الى انّ توجّه باسيل الى السيد نصرالله في الشكل والمضمون الذي استخدمه يجب قراءته من هذا المنحى السياسي للامور، وخصوصاً عندما قال له «أعرف أنّك لا تخذل الحق». فهو كلام يترجم موقف التيار واحترامه لالتزاماته تجاه الحزب. اما قوله «أنا جبران باسيل ومن دون أن أحمّلك أي عبء ومن دون أن أسلّم أمري وأمر من أمثّل أقبل بما تقبل به أنتَ لنفسك»، فالمقصود منه إنهاء مبادرة الرئيس نبيه بري لأنّه لم يكن وسيطاً نزيهاً على الاطلاق. كذلك رأت في قوله «هذا آخر كلام لي في الحكومة»، دعوة جديدة الى وضع إطار جديد لكل المساعي المبذولة من أجل تشكيل حكومة اسقطت تشكيلة الـ (8+8+8) الى غير رجعة».

«بيت الوسط»

اما في «بيت الوسط»، فقد حضرت اوساطه في غياب سيّده، فقالت لـ «الجمهورية»: «لا نرى انفسنا مضطرين للردّ، ففي مثل الكلام الذي سمعناه ما يكفي للإشارة الى مجموعة المخاوف التي عبّرنا عنها، وقلقنا على كل المساعي التي بُذلت من اجل تشكيل الحكومة العتيدة، بعدما كشف باسيل صراحة عن كل ما أرادوه من المناقشات العقيمة التي سادت في الاسابيع الاخيرة. كان واضحاً انّ باسيل ومن وراءه لا يريدون تركيبة حكومية، لا يضمن فيها الثلث المعطّل، ليس من أجل التوازنات التي يتحدثون عنها بل من اجل ان يلعبوا بالحكومة على خلفية رفضهم منذ البداية تكليف رئيسها المهمة. وهم ومنذ تلك المرحلة، اي قبل ثمانية اشهر، كانوا يوجّهون الضربات المتتالية لعملية التأليف. فيكف اذا حققوا ما أرادوا منها وخصوصاً بعد نيلهم الثلث المعطل بالإنابة عن جميع المسيحيين».

«القوات» تردّ

وردّت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات» على باسيل، سائلة: «هل من المسموح لرئيس أكبر كتلة مسيحية ولديه رئاسة الجمهورية ان يستعين بالسيد نصرالله ويجعله حكماً في موضوع الحكومة؟ ما هو المثال الذي يعطيه باسيل؟ هل الحكم هو السلاح أم الدستور؟». وأكّدت أنّ «لبنان لم يصل إلى ما وصل إليه سوى بسبب الاستقواء إمّا بالنظام السوري او بسلاح «حزب الله»، في الوقت الذي يجب ان يكون رئيس الجمهورية وحزبه السياسي في طليعة الداعين إلى الاستقواء بالدولة ومؤسساتها والدستور وليس بهذا الفريق او ذاك».

وإذ اعتبرت أنّ «مناشدة السيّد جبران للسيّد حسن لا تخرج عن سياق ما دأبَ عليه الأول من استقواء بالثاني بدءاً من تحصيل وزارات وحقائب، وصولاً إلى تعطيل الانتخابات الرئاسية لحجزها لفريقه السياسي»، أكّدت أنّ: «كلام باسيل جاء ليؤكّد المؤكّد بأنّه يمتهن الاستقواء بالسلاح من أجل ان ينتزع المواقع والمراكز في مقايضة مكشوفة: نغطّي سلاحك، تغطّي دورنا وفسادنا ومصالحنا وصفقاتنا».

وفي حين رأت أنّ «دور المسيحيين وحضورهم لم يتراجع سوى بعد بروز أمثال باسيل يستقوون بالخارج او بالسلاح غير الشرعي تحصيلاً لحقوق خاصة لا علاقة لها بحقوق المسيحيين»، شدّدت على أنّه «لو كان السيد باسيل حريصاً على حقوق المسيحيين واللبنانيين لتشكّلت الحكومة في غضون 48 ساعة».

من جهته، رأى عضو تكتل الجمهورية القوية النائب أنيس نصار ان كلام النائب جبران باسيل لا يستأهل التعليق عليه، سائلا: "أين كان باسيل عندما مرت طريق القدس بجونيه؟"، متهما التيار الوطني الحر بأنه "أكبر عالة على الدستور الذي يقول بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ولم يقل بين المسلمين والتيار الوطني الحر"، مشبّهًا باسيل "بالغريق الذي ينهال بالشتائم على كل الأطراف".

وقال نصار في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية: "أين هم وأين الناس الذين أفقروهم وحوّلوهم الى متسولين في بلدهم؟"، مستغربا هذا الاسلوب في الكلام و"أن يصدر عن رئيس تيار ومرشح لرئاسة الجمهورية، والغريب ان الذين استهدفهم في كلامه لا يوجد بحقهم عقوبات دولية، فحقوق المسيحيين التي يطالب بها هي في الدولة القوية".

«التيار»

وسريعاً، ردّ «التيار الوطني الحر» على ردّ «القوات»، فقال: «مرة جديدة يثبت السيد سمير جعجع علو كعبه في التحوير والتزوير والتمرس في الاغتيال السياسي. فتعمّده تحريف الخطاب لرمينا زوراً بالذمية تزوير مفضوح علّه يجد فيه غطاء لعوراته الكثيرة».

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o