Jun 13, 2021 8:30 AM
صحف

الأزمة الحكوميّة من مهلة أسبوع إلى آخر والحريري.. اعتذار مع وقف التنفيذ

الأزمة الحكومية تراوح مكانها، ومن مهلة أسبوع إلى أسبوع آخر، مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري تتعثر، وغطاء "حزب الله" لهذه المبادرة إلى انحسار يتراوح بين التلقائي والمقصود، وهو إما فشلها تناغماً مع "دوامة فيينا النووية"، وإما فشلها بالمطلق بحسب "الأنباء" الكويتية.

يقف لبنان أمام منعطفٍ قد يكون الأخطر منذ تَداعي واقعه المالي والاقتصادي في ضوء وقائع مخيفة تشي بأن التدحْرُجَ المتوالي للانهيار المروّع يوشك أن يتشابك مع العصف الأقوى لأزمة تأليف الحكومة الذي سيشكّله اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري الذي بات بمثابة قرارٍ اتُخِذ مع «وقف التنفيذ» لأيامٍ لا تتجاوز الأسبوع أو ساعات قد لا تتعدى الـ 48، ما لم يطرأ ما يقْلب هذا الاتجاه ويمدّد تأخير السير بهذا الخيار المتعدّد البُعد والذي تترتّب عليه نتائج على أكثر من صعيد داخلي وخارجي.

هذه الأجواء التي تفتح البلاد على أشدّ السيناريوهات قتامةً، قبضت على بيروت أمس في يومٍ استعاد معه الملف الحكومي واجهةَ الأحداث من دون أن يحجب «هديرَ» الانفجار المعيشي - الاجتماعي الذي بات «الخطر رقم» واحد على أجندة المجتمع الدولي الذي يواكب بقلقٍ بالغٍ غرقَ لبنان في مستنقع داخلي - اقليمي ولم يَعُد يُخْفي «يأسه» من حصول «يقظة» لدى الطبقة السياسية تنتشل البلاد من فم المجهول المعلوم، محاوِلاً في الوقت نفسه تجنيب الشعب اللبناني «الموتَ البطيء» الذي يعانيه وذلك عبر صون «الأمن الغذائي والاجتماعي» الذي اقترب من «الخط الأحمر».

وفي حين عبّر عن هذا الاتجاه كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن أنه يعمل مع شركاء دوليين لإنشاء آلية مالية تضمن استمرار الخدمات العامة اللبنانية الرئيسية، فإن حضورَ هذا العنوان ومجمل واقع «بلاد الأرز» في لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن - ماكرون أمس على هامش قمة مجموعة السبعة الاقتصادية في بريطانيا عَكَسَ أن مساراً خارجياً جدياً انطلق على هذا الصعيد بالتوازي مع «عصا العقوبات» على شخصيات سياسية واقتصادية ومصرفية الذي جرى التلويح كثيراً بتفعيله أوروبياً، وهو ما بدأت أصواتٌ تتعاطى معه على أنه مؤشَّر لِما يشبه «الوصاية المالية» الدولية على «الدولة الفاشلة» يُنتظر أن تكون له ارتداداتٌ على مستوى البُعد الإقليمي للأزمة اللبنانية والذي يتداخل مع حرب ترسيم النفوذ وتحديد الأوزان في المنطقة.

وإذ جاء إعطاء ماكرون إشارة انطلاق الإعداد لـ «آلية التمويل الدولية» قبل أقلّ من أسبوع من المؤتمر الدولي لدعم الجيش اللبناني بمواجهة التحديات المعيشية والاقتصادية وحفظ قدرته على إبقاء الأمن في البلاد ممْسوكاً، فإن وقْعَ هذه «الصافرة» الذي جاء أعلى بكثير من تأكيده أنه سيواصل الدفاع عن خريطة الطريق التي اقترحها في أيلول/ سبتمبر الماضي لقيام حكومة مَهمة إصلاحية، اعتُبر من أوساطٍ سياسية مطلعة رسالةً واضحة بأن الخارج أصبح «يتحوّط للأسوأ» لبنانياً في ضوء التسليم بالأفق المقفل حكومياً وبأن التعاطي مع غالبية الطبقة السياسية بات يتم على أنها «مارقة» وفق ما عبّرت عنه الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي جان - ايف لودريان لبيروت.

وفيما كانت علامات الانسداد السياسي في الوضع اللبناني ترتسم خارجياً، شهد الداخلُ إشارةً لا تقلّ وقْعاً تمثّلت في معطياتٍ تقاطعتْ عند أن الرئيس الحريري صار أقرب من أي وقت للعب ورقة الاعتذار عن المضي في «المهمة المستحيلة» رافضاً أن يكون جزءاً من السقوط الكبير الآتي وأن يساهم في أي ممارسات يعتبرها تكريساً لعملية «القضم الممنهج» لنظام الطائف وصلاحيات رئاسة الحكومة.

وفي حين وَضَعَ الحريري أمس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الذي شارك في الجلسة التي عقدها برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ثم رؤساء الحكومة السابقين في أجواء خيار الاعتذار، فإن معلوماتٍ أشارتْ إلى أن الرئيس المكلف دخل «مرحلة تقويمٍ» في ضوء ما سمعه من مواقف غالبيتها رَفَض اعتذاره وحضّه على المضيّ في التكليف وتَفادي تقديم «هدية ثمينة» لفريق رئيس الجمهورية ميشال عون من شأنها أن تشكل صفعة لموقع رئاسة الحكومة بعدما كان هذا الفريق «الذي يتحمّل مسؤولية التعطيل» أمعن في التعبير عن رغبةٍ في «التخلص» من التكليف، في مقابل رأي آخَر دعا زعيم «المستقبل» إلى عدم التردّد وترْك «العهد» يحصد ما زرعه ويتخبّط في الانهيار و«يقلع شوكه بيديه» فلا يكون الحريري شريكاً في هذا المسار، خصوصاً أن شكل ومضمون اجتماع «الشرعي الأعلى» وما صدر عنه يجعل من الصعب على أي شخصية سنية أخرى القبول أو الحصول على الغطاء لتكليفها.

وترى الأوساط المطلعة بحسب "الراي" الكويتية أنه إذا صحّ أن الحريري سيتريّث في إعلان الاعتذار لمنْح فرصةٍ جديدة وأخيرة لمبادرة رئيس البرلمان نبيه بري، فإن هذه المبادرة في ذاتها صارت بمثابة «المنتهية» وفق ما عبّر عنه الاتهام المباشر والعلني من مستشار بري النائب علي حسن خليل (كان يدير المفاوضات مع رئيس «التيار الوطني الحر») لجبران باسيل بالمسؤولية عن «عرقلة الحلّ الجوهري بتشكيل الحكومة»، ناهيك عن أن تظهير المناخات «الجدية» عن اعتذار الحريري تجعل من الصعب تَصَوُّر أن يقابلها فريق عون بتراجُعٍ في الأمتار الأخيرة من سباقٍ خاضه علناً وسراً لإحراج الرئيس المكلف وإخراجه.

ومن هنا تدعو الأوساط إلى رصْد ما ستحمله الساعات المقبلة والتي ستشهد بالتأكيد اتصالات لن تغيب عنها عواصم معنية بالوضع اللبناني.

مصادر سياسية أشارت عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية الى ان الخيارات أصبحت ضيقة جداً، وأن كل الاحتمالات واردة بما خص الرئيس المكلف وهو يميل جدا الى الاعتذار، لكنه آثر ان يضع المعنيين من الحلفاء والأصدقاء بصورة المشهد السياسي الذي وصل اليه، وقد عبّر عنه لدى خروجه من دار الفتوى وبكلام مختصر، لكنه كافٍ لإبلاغ كل من يعنيهم الأمر بأن عملية تشكيل الحكومة "مش ماشية"، مستغربة "هذه الانعطافة الخطيرة في مسار تشكيل الحكومة"، واصفة ما يجري بأنه "تجاوز للدستور ولاتفاق الطائف بكل مندرجاته'.

المصادر توقعت في حال عدم تشكيل الحكومة "سقوط البلد نهائيا ماليا واقتصاديا ومعيشيا، من دون أن تسعى أي دولة لإنقاذه أو مد يد المساعدة".

وفي سياق المواقف من التطورات الحاصلة، أشار عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار الى أنه "بعد فشل مساعي الخليلين والحاج وفيق صفا مع باسيل، فإن كتلة المستقبل تقيّم مع الرئيس الحريري ما آلت اليه الأمور ليبنى على الشيء مقتضاه".

الحجار أكد عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية ان "الاعتذار عن التكليف موضوع على الطاولة ويمكن أن يتخذ في أي لحظة، فالأمور وصلت الى مكان لا يمكن السكوت عنه"، متهما "الرئيس الظل جبران باسيل بالتمسك بالثلث المعطل"، ورأى أن "رئيس الجمهورية مصادَرٌ دوره من رئيس حزبه، ويريدون مصادرة قرار الحكومة حسب التوقيت الرئاسي والمستقبل الرئاسي لباسيل".

من جهته، عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد نصرالله وصف الأوضاع بأنها "ليست جيدة"، قائلا لجريدة الانباء الالكترونية: "نحن في الكتلة متمسكون بحل لبناني عن طريق تشكيل حكومة مستقلة تتمتع بمواصفات تنهي عذابات اللبنانيين، لأن الأمور ليست ايجابية وبدليل كلام الحريري من دار الفتوى وتلويحه بالاعتذار، ولو أن هذا الكلام ما زال غير رسمي، فالعقد لا زالت كما هي تراوح مكانها ومسألة الوزيرين ليست محلولة، والثقة بين القوى المعنية بتشكيل الحكومة مفقودة، ويضاف الى ذلك التراشق الكلامي الذي ظهر في اليومين الماضيين، كل ذلك ومشهد طوابير السيارات امام محطات الوقود لم يحصل مثيل له في عز الحرب الأهلية"، مبديا خشيته من الوصول الى الارتطام الكبير لأن لا شيء يوحي بالخير. 

وأمام هذا الواقع كانت أزمة البنزين لا تزال على حالها لا بل أسوأ، وقد أشارت مصادر نقابية عبر "الأنباء" الالكترونية الى ان يوم الاثنين سيكون مفصليا فإذا كان هناك تحويلات من مصرف لبنان كما وعد لإفراغ البواخر فقد تُحلّ الازمة، وإذا تمنع عن الدفع سنكون أمام ازمة كبيرة وسيكون لنقابة موزعي المحروقات كلام آخر بعد اجتماعها بعد ظهر الاثنين.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o