Jun 10, 2021 6:17 AM
صحف

معارك "طواحين الهواء" الحكومية تتواصل.. ولا نتائج حاسمة حتى الساعة

لم تتخطَ الإيجابية التي أحاطت بالمحادثات الآيلة لتذليل العقد أمام تأليف الحكومة اللبنانية، إطار فتح قنوات واستئناف الاتصالات التي فعلها "الثنائي الشيعي" المتمثل بحركة أمل وحزب الله، فيما لا تزال عقدة تشكيل الحكومة عالقة في "المبادئ" وليس "في التفاصيل"، بحسب ما تقول مصادر مطلعة على موقف "الثنائي الشيعي" لصحيفة "الشرق الأوسط".

وعقد النائب علي حسن خليل، المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وحسين خليل، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ووفيق صفا، مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب، اجتماعاً ليل الثلاثاء مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. وقالت مصادر مطلعة على اللقاء إنه إيجابي، وبحث في الحقائب والعقد التي تحول دون تشكيل الحكومة، فيما تحدثت مصادر "التيار الوطني الحر" عن أن باسيل أبدى مرونة لتسهيل المباحثات. وكان من المفترض أن يحمل النائب خليل أجواء اللقاء إلى الرئيس المكلف سعد الحريري مساء أمس الأربعاء واستكمال المحادثات معه.

وتتمثل العقد الأساسية في تسمية الوزيرين المسيحيين في الحكومة، وإعطاء التيار الوطني الحر الثقة لحكومة الحريري في البرلمان، إضافة إلى عقد أخرى مثل توزيع الحقائب الوزارية، ومن ضمنها حقيبة الطاقة التي رفض باسيل أن تكون من حصة تيار المردة الذي يتزعمه النائب السابق سليمان فرنجية، وهو ما تنظر إليه المصادر على أنه "تفاصيل يمكن تجاوزها بمداورة الحقائب"، لكنها جزمت بأنها ليست العقدة الرئيسية.  وأوضحت المصادر المطلعة على موقف "الثنائي الشيعي" أن العقدة ليست بالتفاصيل الحكومية بل بالمبادئ، قائلة: "متى انحلت المبادئ، يبقى تعيين الوزراء وتوزيع الحقائب، وهي مهمة سهلة ولن تكون عقدة كبيرة". واعتبرت المصادر أن الإيجابية تتمثل في أهمية تفعيل الاتصالات والإبقاء على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري قائمة، مشددة على أن "القطيعة ستنعكس سلباً على أي جهود، وهو ما يحاول الثنائي الشيعي تجنبيه للبلاد للإبقاء على الحوار قائماً، لذلك تنبثق الإيجابية من مجرد انعقاد اللقاء"، ولو أنها أقرت بأن العقد الرئيسية "لا تزال عالقة من دون حل".

بدورها، أشارت "نداء الوطن" الى ان معارك "طواحين الهواء" الحكومية تتواصل على حلبة التأليف من دون أي ضوابط أخلاقية إزاء معاناة الناس ومن دون التقيّد حتى بسقوف زمنية لإنهاء لعبة المحاصصة الوزارية، بعدما ترك الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المهلة مفتوحة أمام مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري للوصول إلى خواتيمها المرجوة.

وإذ لوحظ أنّ "البياضة" استولت علناً على دور "بعبدا" في مفاوضات التأليف، وباتت الرسائل تتطاير بينها وبين "بيت الوسط" على جناح "الخليلين" بشكل فاقع، تؤكد المعلومات المتوافرة حول المداولات الجارية أنها لم تسفر حتى الساعة عن نتائج حاسمة لا في هذا الاتجاه أو ذاك، بخلاف ما بثته أوساط رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل خلال الساعات الأخيرة من أجواء توحي بإحراز تقدم في المفاوضات وترمي الكرة في ملعب الرئيس المكلف سعد الحريري على اعتبار أنّ إنجاح مبادرة بري أصبح متوقفاً على "جواب نهائي" منه، الأمر الذي سارعت أوساط عين التينة نفسها إلى نفيه مؤكدةً أنّ "الجواب المنتظر لا يزال في عهدة باسيل".

وليلاً، أوضحت مصادر مواكبة لجولة المفاوضات الأخيرة بين باسيل ووفد الثنائي الشيعي أنّ "النقاشات ما زالت تدور في دوائر مفرغة، سواءً لناحية مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين في تشكيلة الـ 24 وزيراً، أو لجهة رفض "التيار الوطني" منح الحكومة الثقة وإصراره في الوقت عينه على نيل حصة وزارية فيها تضاف إلى حصة رئيس الجمهورية، الأمر الذي يرفضه الرئيس المكلف رفضاً قاطعاً".

وفي المقابل، ترى أوساط "البياضة" أنّ إعطاء الثقة أو ححبها عن الحكومة هو "حق دستوري للتكتل ولا يجوز ربطه بحق رئيس الجمهورية في الشراكة بالتشكيل"، معتبرة أنّ "كل الظروف صارت متوفرة للتأليف إذا كان الحريري يريد فعلا ذلك، أما إذا كان يبحث عن عذر لعدم التأليف أو يمهّد للاعتذار فهذا شأن آخر". وفي ما يتصل بمسألة تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين، أجابت: "المعادلة واضحة وبسيطة، لا رئيس الجمهورية ولا الرئيس المكلف يسميانهما لكنّ الرئيسين يوافقان معاً عليهما".

وبحسب معلومات "الجمهورية" من مصادر موثوقة، فإنّ الاتصالات الاخيرة، وإن كانت قد لامست بليونة بعض العِقد المتعلقة ببعض الحقائب الوزارية، وقد حُكي في هذا السياق عن استعداد لتراجع "التيار الوطني الحر" عن التمسك بوزارة الطاقة، شرط الّا تُسند الى تيار "المردة"، الّا انّ نقطة التعقيد الجوهرية والمتعلقة بتسمية الوزيرين المسيحيين ما زالت مستعصية، في ظلّ الاصرار الذي عبّر عنه باسيل، على الرفض القاطع لأن يسمّي الرئيس المكلّف سعد الحريري لأي وزير مسيحي. وتشير المصادر، الى انّ هذه النقطة ستكون جوهر ما قد يلي من لقاءات، خصوصاً وانّ تأليف الحكومة بات مرتبطاً بها حصراً، الّا انّ لا شيء في الافق يوحي بإمكان تراجع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه باسيل، عن موقفهما الرافض ان يسمّي الحريري اي وزير مسيحي. ومن شأن ذلك ان يشكّل فشلاً مسبقاً لأي اجتماع يحصل بين الخليلين وباسيل، بل لا يعدّ اكثر من تضييع للوقت.

وقالت اوساط "بيت الوسط" لـ"الجمهورية": "لسنا في هذه الاجواء، فلو كانت هناك ايجابيات كما يُقال لظهرت. دلّونا اين هي هذه الايجابيات لنبني عليها. هذا الوضع يذكّر بما اشيع قصداً عن ايجابيات وهمية حينما كان الرئيس الحريري في سفرته الى دولة الامارات العربية المتحدة، وعندما عاد الى بيروت كان اول سؤال طرحه على سعاة الخير: اين هي هذه الايجابيات؟ .. هذه الايجابيات مثل تلك الايجابيات لا وجود لها". وبحسب اجواء "بيت الوسط"، انّ الرئيس المكلّف يعطي فرصة للاتصالات الجارية، وسبق له ان قدّم اقصى ما لديه من تسهيلات لتشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن، ادراكاً منه انّ وضع البلد كارثي ولم يعد يحتمل اي تباطؤ او تأخير في سلوك طريق الانقاذ، والمرتبط بتشكيل فوري للحكومة. وهو في هذا السبيل متعاون الى اقصى الحدود مع مبادرة الرئيس نبيه بري. ولفتت المصادر الى انّ رفض عون وباسيل ان يسمّي الرئيس الحريري وزراء مسيحيين ليس واقعياً وليس مقبولاً على الاطلاق.

واكّدت المصادر، انّ "الرئيس الحريري يدرك تماماً أنّ عدم وجود حكومة سيفاقم المشكلة اكثر ويجعلها اكثر صعوبة وتعقيداً، والضرر الذي ينتج من ذلك صار فادحاً، وصار يهدّد المؤسسات التي بدأت تنهار، والجميع يرى التداعيات الشديدة السلبية على كل المؤسسات، ولاسيما على المؤسسة العسكرية وقوى الامن الداخلي وسائر القوى الامنية. فإلى اين انتم سائرون؟ كل ذلك يعني انّ المطلوب وبإلحاح هو حكومة فوراً، تنصرف الى التصدّي لأزمة البلد. والرئيس الحريري ليس هارباً من تحمّل المسؤولية، بل هو على على جهوزية تامة لتشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، لا بل فوراً، لكن ذلك مرهون بتراجعهم عن شروطهم المانعة والمعطلة تشكيل الحكومة. وفي الخلاصة الكرة ليست في ملعب الرئيس المكلّف على الاطلاق بل هي في ملعبهم".

من جهة أخرى، تحدثت مصادر سياسية مواكبة عن "تغيير طفيف في المزاج السياسي للاطراف المعنية بتشكيل الحكومة"، وأن "الامور تتجه الى المنحى الايجابي"، كاشفة عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونية ان "نجاح فرص تشكيل الحكومة أصبح مرهونا بآخر التفاصيل المتبقية في المساعي، تحديدا لناحية العقدة الأبرز وهي موضوع تسمية الوزيرين المسيحيين، الذي ما زال باسيل يرفض تدخل الحريري باختيارهما، وهذا ما يعمل الخليلان على حله بطريقة ترضي كل الاطراف". ومن الاقتراحات التي وضعت على الطاولة بأن يطرح كل من عون والحريري مجموعة اسماء فيصار في نهاية المطاف الى اختيار الأنسب منهم، فإذا توافق الرئيسان عون والحريري يكون أرنب الحكومة خرج من القفص، وفي حال لم يحصل التوافق تكون الأمور ذاهبة الى الفراق، فالطلاق. أوساط بيت الوسط تمنت عبر "الانباء" الالكترونية عدم الإفراط في التفاؤل "لأن الاتصالات الجدية ما زالت في بداياتها، ولأن الحريري لن يعلن موقفه الرسمي بعد من الآلية التي توصل اليها الخليلان وصفا مع باسيل".

الى ذلك، أكّدت مصادر التيار الوطني الحر أن لـ"الاخبار" ان "هناك إيجابية مطلقة من جانبنا لدفع الرئيس المكلف سعد الحريري الى التأليف. وإذا كان يريد فعلاً تأليف حكومة فكل الاسباب والظروف صارت متوافرة لذلك، أما ذا كان يبحث عن عذر لعدم التأليف أو يمهد للاعتذار فهذا أمر آخر". وأشارت الى أن محادثات البياضة ثبّتت، للمرة الأولى، وحدة المعايير واحترام توزيع الحقائب والمنهجية. وأكّدت أنه في موضوع تسمية الوزيرين المسيحيين، فإنه "عملياً لم تعد العقدة مستعصية، والحل واضح وبسيط وسهل. لا الرئيس ولا الحريري يسميان لكن الاثنين يوافقان. والتسمية قد تكون من مجتمع مدني او موظف فئة أولى أو من أهل اختصاص. ولا مانع من أن يعرض البطريرك بشارة الراعي والرئيس نبيه بري أسماء على رئيسي الجمهورية والحكومة للاتفاق على اثنين منها". كما كشفت أن "هناك مرونة قصوى في عملية توزيع الحقائب. لا تمسك لا بالطاقة ولا بأي وزارة أخرى".

وشددت المصادر على أن "عقدة الثقة المسبقة" التي يطلب الحريري أن يلتزم التيار بها "لن نقدمها هكذا. نمنح الثقة أو نحجبها بناءً على برنامج الحكومة. ومن غير الدستوري ابتزاز أي رئيس للجمهورية بالاشتراط عليه أن يأتي بثقة كتل نيابية ثمناً لحقه الدستوري في المشاركة في عملية تأليف الحكومة". أضف الى ذلك، فإن "الزيارات التي يقوم بها ممثلو الثنائي لباسيل ليست للتفاوض معه على تشكيل الحكومة بالنيابة عن رئيس الجمهورية، بل بصفته رئيس تكتل نيابي لمطالبته بالمشاركة في الحكومة، وهو أبلغهم أنه لا يريد المشاركة".

كشفت مصادر "الخليلين" لـ"اللواء" ان الكلام على ان الكرة في ملعب الرئيس المكلف غير دقيق، وأن حل العقدتين المتبقيتين، يحتاج إلى اجتماعات اخرى مع باسيل وان ما حصل حل عقدة واحدة، في وقت يواصل فيه فريقه تكرار المعزوفة الممجوجة "التزام الاصول الدستورية والقواعد الميثاقية والمعايير الموحدة في تشكيل الحكومة". ووفقاً لمصادر في اجواء حزب الله فان لقاء البياضة الذي دام ثلاث ساعات، اتسمت مناقشاته بالايجابية والصراحة والشفافية، و»طرحت نقاط تؤسس لحل»، لكن اوساط عونية، مع التأكيد على الايجابية، لكنها لاحظت ان التأليف بات رهن موقف الحريري، في ما يقدم او يحجم.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o