Jun 06, 2021 4:23 PM
خاص

محادثات فيينا..هل من فصل جديد للتمدد الإيراني في المنطقة؟

المركزية – برزت مخاوف عربية من أن تؤدي مفاوضات فيينا الى تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، وتعطي طهران دورا أمنيا في حماية المضائق في الخليج العربي وفي البحر الأحمر، كذلك صد اي تمدّد لنفوذ الصين باتجاه المنطقة التي ستصبح تحت حماية مثلث تركيا- إسرائيل – ايران، فتعمل واشنطن على المحافظة على استقرار هذه الدول، ضمن إطار يعزز علاقات ومصالح ايران في المنطقة لاسيما مع إسرائيل. فهل تكون هذه المخاوف في مكانها؟  

الباحث في الشؤون الامنية والسياسية العميد الركن  خالد حمادة أشار لـ"المركزية" إلى أنه "يظهر يوماً بعد الآخر أن مشهد المفاوضات النووية في فيينا اختلف كثيراً، فبعد أن كانت المفاوضات هذه أحد عناوين الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتّحدة الأميركية، وبعد أن أعرب الرئيس الأميركي جو بادين عن رغبة واضحة في العودة إلى الاتفاق وكان هناك نوع من الإيحاء من قبل إيران وحلفائها بأن ذلك سيؤمّن رفع العقوبات وبالتالي تعويضات مالية ضخمة تعيد تزخيم نفوذ طهران ودعم ميليشياتها في المنطقة"، مضيفاً "الجولات المختلفة في فيينا وتصريحات المسؤولين ألاميركيين تظهر أن المفاوضات تعثّرت وتمرّ بمسار صعب وأن هناك ظهورا مستجداً لما يمكن أن يسمّى الدولة العميقة في أميركا التي تمارس الكثير من الخبث أثناء المفاوضات ولا يستطيع من يفاوضها ان يدرك طبيعة وماهية أهدافها البعيدة المدى، وإيران وقعت هذه المرّة في الشرّك الأميركي. هي لا تتبين الأهداف الأميركية فهناك دائماً شروط جديدة تفرض على طاولة المفاوضات. إيران تريد وضوحاً من الأميركيين وتعتبرا أن العودة إلى الاتفاق يجب أن تكون أمراً غير قابل للنقاش في حين أن الولايات المتّحدة تدخل دائماً شروطاً وتطلب من إيران ضمانات حول جداول زيارات المفتشين الدوليين ووعوداً بالخطوات المقبلة. مبدأ العودة الى الاتّفاق يترنح امام الملاحق والحواشي التي لا تستجيب للسرعة الإيرانية المطلوية ولأخذ الأمور بالجملة كما تريد طهران".

وتابع "كلّ ذلك يعيدنا إلى التساؤل عمّا إذا كانت الموجة التي سارت في العالم لا سيّما في المشرق العربي (سوريا، لبنان، اليمن، العراق) والتي أوحت أنه بعد العودة إلى الاتفاق النووي ستشكّل فيينا منصّة لتزخيم وجود طهران في المنطقة وتمدد نفوذها، إلا أن المشهد يوحي بعكس ذلك، وفي الوقت نفسه نرى جهداً إسرائيلياً واضحاً لمحاولة تغيير المسار الأميركي وربما دفعه إلى التفكير بمسائل اعتبرها الأميركيون جانبية فيما يثبت الإسرائيليون أنّها متّصلة تماماً بأمنهم وأمن المنطقة وأنشطة إيران المقيّدة للاستقرار".

ولفت إلى أن "الموقف العربي كذلك لا يقلّ تأثيراً،  فالزيارة الأخيرة لوزير الدفاع الأميركي إلى المملكة العربية السعودية كانت واضحة لجهة الشراكة الأميركية – الخليجية. كذلك فانّ الدور الذي تؤديه مصر بعد أحداث غزّة على طول القرن الأفريقي يوحي ببروز أقطاب إقليميين وبأن الساحة ليست فارغة وسهلة أمام طهران".

واعتبر حمادة أن "المشهد اختلف كثيراً، حتّى المشهد العراقي الذي يقف أمام مسألتين الأولى إصرار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي على تطبيق القانون ومكافحة الفساد والسلاح غير الشرعي ومن جهة أخرى مأزق إيراني حقيقي لا تبدو  معه الساحة مستباحة كما كانت في السابق. الموقف نفسه يتكرّر في سوريا حيث يلاحظ ضياع كامل، إذ لا نستطيع ان نتبين أين هي إيران،  بالتوازي هناك محاولة روسية لإعادة السيطرة ولو شكلياً إلى النظام خصوصاً بعد الانتخابات الصورية التي أوصلت بشّار الأسد مجدداً إلى السلطة، إلى جانب الاشتباكات في درعا ورفض أهالي الجنوب السوري لا سيّما منهم اؤلئك المنضوين في الفيلق الخامس دعم النظام وخوض معاركه مع تجمّعات داعش المزعومة في البادية السورية. هذا بالاضافة الى ان الشمال خارج عن السيطرة وفي الشمال الشرقي تمرّ الميليشات الإيرانية بظروف صعبة في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الأميركية. هذا  الضياع في الجغرافية السورية لا يوحي بان طهران تنتظر مستقبلاً واعداً".  

واردف "كلّ المشهد في فيينا وامتداداته وما يضاف إليه إن لجهة التفجيرات المجهولة السبب في محطّات استخراج الغاز والحرائق الضخمة في المنشآت النفطية الايرانية وقبلها غرق السفينة الحربية في الخليج بعد اشتعالها، لا يمكن أن يحدث صدفةً. إضافةً إلى ما نراه من تناحر في الداخل قبيل الانتخابات الرئاسية ما يوحي أن المؤسسة الدينية الإيرانية تواجه تحديات جدية".

ولفت حمادة إلى أن "إيران تعاني بالاضافة لكل ذلك من ضائقة اقتصادية و صعوبات ميدانية في اكثر من ميدان. المرحلة ليست نزهة لطهران ولا ندري ما هي العناصر التي ستكوّن المشهد الإقليمي الجديد. ربما الترويج لهذا التفاؤل الذي حاول المحور الإيراني تسويقه والقول أننا دخلنا في مرحلة جديدة متمثّلة بتجديد شباب النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط لم يعد توصيفاً واقعياً لا بل على العكس هناك تسويات عديدة تتم في المنطقة ليس أقلها ظهور مصر كقطب إقليمي مقبول دولياً، كما يبدو أن إسرائيل كذلك تعيد حساباتها أما المشهد السوري فيوحي بأكثر من تناقض".

ورأى أن "إيران تمرّ بظروف صعبة وليس صحيحاً القول أن هناك فصلاً جديداً من التمدد الإيراني في المنطقة بل على العكس يبدو أن هدف الأميركيين تمرير الاتفاق النووي لكن بشروط إعادة إيران إلى داخل حدودها. يبدو أن مرحلة تمدد الميليشيات الطائفية وما يسمّى باللاعبين غير الدوليين تعدّاها الزمن ولم تعد إحدى الرهانات المستخدمة من قبل الولايات المتّحدة للقبض على المنطقة. هناك شركاء يتمتّعون بقوّة اقتصادية لا سيّما دول الخليج وبقدرات عسكرية وديموغرافية وهذا ما تمثّله مصر، ولن تتمكن الولايات المتحدة من إبقاء العراق وسوريا ولبنان مناطق ترتسم فيها دائماً عوامل اللا استقرار لأن ذلك أصبح متّصلاً بشكل جدّي بالأمن الاقليمي وبشركاء إقليميين  لا  يمكن تهميشهم لا سيّما بعد أحداث غزّة".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o