Apr 13, 2021 2:12 PM
مقالات

13 نيسان.... طبعة جديدة

المركزية- ...وما أشبه اليوم بالبارحة

١٣نيسان ١٩٧٥ "حرب الآخرين" على مسرح لبنان وبأبناء الشعب اللبناني، الذين  حملوا السلاح وتقاتلوا واقتتلوا.

١٣نيسان  ١٩٧٥ذكرى تخلّي الدولة عن ابنائها، فبدأت مرحلة الذل والإذلال ...والطوابير.

طوابير الإذلال والمهانة في زمن سيطرة الميليشيات وغياب الدولة، للحصول على رغيف الخبز. 

طوابير الإنتظار المهين للحصول على المحروقات للتنقل والتدفئة والإنارة بعد غياب الكهرباء والخدمات.

طوابير "البهدلة" في الصيدليات والسوبرماركت للحصول على الحليب للأطفال، وما تيسّر من مواد غذائية.

ولكن الوضع الإقتصادي والنقدي كان مريحاً ومقبولاً في الحد الأدنى، وكان المصرف المركزي يؤمن رواتب موظفي القطاع العام في كل المناطق، على رغم قلّة الاحتياط لديه بالعملات الأجنبية في حينه، وكانت المصارف اللبنانية تؤمن متطلبات القطاع الخاص والخدمات المصرفية على أنواعها . وهي لم تقفل ابوابها يوما،  حتى في عز اشتداد القصف العشوائي بين المناطق، حيث شكّلت التحويلات من الخارج -من المغتربين وأولئك الذين هربوا من جنون الحرب، ومن التحويلات " لزوم " أفرقاء الإقتتال- رافداً مريحاً لضخ الداخل بالعملات الأجنبية ، فكانت مثابة أوكسيجين ضروري لتمرير المرحلة. يضاف الى ذلك المال الفلسطيني على الساحة.

١٣نيسان ١٩٧٥، جاء نتيجة تراكمات في سوء الأداء على مستوى السلطة، استدعى المطالبة بالمشاركة الحقيقية، بعد ممارسات من جانب رؤساء الجمهورية، اصحاب الصلاحيات شبه المطلقة في كل مفاصل الحياة السياسية، وقد سمّاها حينئذ رئيس حركة أمل المحامي الصاعد آنذاك نبيه بري "المارونية السياسية"، والتي كانت شعاره الذي جمع من خلاله جمهوره الذي كان عاملاً مساعداً في ترسيخ موقعه القيادي ، وتدعيم حضوره على خريطة القيادات السياسية في البلاد.

١٣ نيسان ١٩٧٥، سبقته سنوات من تحضير الأجواء ومناخات الشحن الطائفي تحت ستار مطلبي، وبدأت الغيوم السود تتلبد في سماء وطن الأرز، عبر سلسلة حوادث واغتيالات في مناطق عدة، كانت حادثة "بوسطة عين الرمانة" شرارة المباشرة بانطلاقها.

١٣نيسان ١٩٧٥، جاء بفعل انفلاش الثورة الفلسطينية من الجنوب نحو العاصمة، وإمساك قائدها بناصية "نصف القرار" السياسي اللبناني، ما عطّل عملياً هذا القرار، وأصبحت المقاومة الفلسطينية دويلة ضمن الدولة. الجميع يذكرون ذلك ولم يكونوا يريدونه ان يعود لكنه... عاد.

ما أشبه اليوم بالبارحة ...

١٣ نيسان ٢٠٢١، لا تزال الحرب اللبنانية مستمرة، ولكن بلا اقتتال مباشر بالسلاح- لغاية الآن(!)- ولكن الغيوم السود تتلبد من جديد نتيجة أداء المسؤولين جميعهم بعد الطائف، وليس رؤساء الجمهورية فقط.

١٣ نيسان ٢٠٢١، لا تزال "حرب الآخرين" قائمة، إنما بالواسطة وبالادوات اللبنانية، ولكن الأهداف تغيّرت. فبعدما رمت في العام ١٩٧٥ الى ضرب الثورة الفلسطينية واخراجها من لبنان(ابعادها عن حدود اسرائيل)، والى إصلاحات على مستوى تركيب السلطة،( انتقلت من رأس واحد الى ثلاثة رؤوس)، حيث أُسقِطٓت المارونية السياسية ، لتحل محلها السنية السياسية والتي جسّدها الرئيس الشهيد رفيق الحريري بامتياز بنفوذه المالي الكبير وعلاقاته الدولية الواسعة، وانتهت باستشهاده، لتبدأ بعدها مرحلة الشيعية السياسية مع الرئيس بري الذي يحتفل العام المقبل بالذكرى الثلاثين لـ"جلوسه" على كرسي رئاسة المجلس النيابي.

ما أشبه اليوم بالبارحة...

١٣ نيسان ٢٠٢١، لا تزال طوابير الذل والإذلال والمهانة امام الافران ومحطات الوقود والصيدليات والسوبرماركت هي نفسها، وإنما في غياب الميليشيات، وفي "وجود"(!) دولة هي عملياً... غير موجودة. وثبت بما لم يعد يقبل الشك انها ليست سيدة نفسها او صاحبة قرارها. منذ سنوات شنّف المفوّهون آذاننا بمحاربة الفساد وإصلاح الأوضاع ، فلم يقبض على  فاسد ولم يتم اي إصلاح ، لا بل إن الدولة عجزت عن توقيف مهرّب مواد غذائية ومحروقات مدعومة، مع العلم أنه ظهر على الشاشت وتحداها.

١٣ نيسان ٢٠٢١، أُضيف الى طوابيره طابور الصف المذل امام المصارف ، حيث الوضع النقدي للبنانيين هو الأسوأ في تاريخهم نتيجة السياسات الكيدية، ومشهد العراك للحصول على خبز او دواء او مواد غذائية يعكس واقع الحال.

١٣ نيسان ٢٠٢١، سبقته تراكمات وممارسات طبقة مسؤولة وسياسية ، الى قيام ثورة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩، وتبيّن كذلك ان انفلاش حزب الله من الجنوب الى العاصمة وضاحيتها الجنوبية، وامساكه بناصية القرار اللبناني بالكامل، وقد صاحبت ذلك خطوات "منفصلة" مادياً لابناء مناطق نفوذه ، جعل منه -وكما يقول خصومه- دولة ضمن الدولة، ما يزيد في تلبد الأجواء ، خصوصاً وان الأهداف الإقليمية للمرحلة هي المفاوضات النووية مع ايران وانتظار ما يمكن ان تفضي إليه من نتائج لها ارتداداتها المباشرة على لبنان.

١٣ نيسان ٢٠٢١، تاريخ السقوط لأهل السلطة العاجزين عن تأليف حكومة، عن كشف خيوط جريمة تدمير مرفأ بيروت، وعن...وعن...وعن...

١٣ نيسان ٢٠٢١، ذكرى تجديد شعار "كلن يعني كلن" . فهل تطل ذكرى ١٣ نيسان ٢٠٢٢، ويستطيع اللبنانيون القول حقاً "تنذكر وما تنعاد"؟.....الأمل كبير..

- أديب أبي عقل - 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o