Apr 02, 2021 7:14 AM
صحف

محاولة بري بحذر شديد

تمر محاولة اختراق جدار الفراغ الحكومي، بحسب "نداء الوطن"، باختبار دقيق في الأيام المقبلة، بانتقال البحث إلى حكومة من 24 وزيراً، لا يحوز فيها أي فريق الثلث المعطل، بعد قول الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله مساء الأربعاء، “هناك جهود جادة وجماعية من أكثر من جهة ورئيس وطرف للتعاون لتذليل بقية العقبات”. وهو كلام مختلف عما قاله في خطابه في 18 آذار الماضي، والذي استفاد منه حليفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، فرفعا السقف حيال الرئيس المكلف سعد الحريري وصولاً إلى دعوته إلى تعبئة الفراغات على جداول طرحها عليه عون ببضعة أسماء مرشحة للتوزير، في شكل مخالف للدستور، ما أطلق موجة جديدة من الاستهجان الدولي لاستمرار تعطيل الحكومة.

وإذا كان نصرالله أقر بأن “البلد استنفد وقته وروحه” جراء العقبات في وجه قيام الحكومة، على تأخره، فإن عوامل عدة ساهمت في تجديد الوساطة التي يقوم بها رئيس البرلمان نبيه بري، الذي اشترط لقبول المغامرة ضماناً من “حزب الله” بأن لا ثلث معطلاً في صيغة الـ24 التي كان اقترحها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط على الرئيس عون ووافق عليها، ومن دون الثلث المعطل. اتفاق “حزب الله” مع بري على المحاولة جاء بعد التباين بينهما حيال الحكومة، حين أكدت حركة “أمل” الأسبوع الماضي على حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين بلا ثلث معطل مقابل مطالبة نصرالله بالتكنو- سياسية.

المحاولة الجديدة يلفها الحذر الشديد. فهل يريد المعطلون من الحريري أن يوافق على زيادة عدد الوزراء، ثم يعودون للإصرار على الثلث المعطل، أو التكنو- سياسية؟ الصيغة بلا ثلث معطل، تحصر تسمية عون بـ8 وزراء، من أصل 12 مسيحياً، ويفترض أن يسلم بأن الوزير الأرمني المدعوم من “الطاشناق” والدرزي المرضى عنه من النائب طلال أرسلان، هما من تلك الحصة… فتعود تسمية 5 وزراء مسيحيين باقين لغيره، من ضمنهم الحريري. فهل يزيل “الحزب” الألغام من أمام بري؟

وأكدت أوساط مواكبة للملف الحكومي لـ"نداء الوطن" أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري يبدي جهوزية للتأليف "أمس قبل الغد" بدليل تقديمه تشكيلة وزارية متكاملة من الاختصاصيين، ومحاولاته الدؤوبة لتدوير الزوايا مع رئيس الجمهورية على مدى 18 لقاء بينهما. وأشارت الأوساط في المقابل إلى أنّ "المشكلة الحقيقية لم تعد في مغادرة الحريري أو عودته، إنما في كون رئيس الجمهورية ميشال عون يبدو وكأنه "هون ومش هون" في ظل تسليمه مقاليد القرار الرئاسي في قصر بعبدا إلى جبران باسيل، مسلّماً تسليماً تاماً بشرط استحواذه على "الثلث المعطّل" في التشكيلة الوزارية العتيدة، وهذه هي العقبة الأساس التي لا تزال تجهض المبادرات وتمنع التأليف"، مشددةً في ما يتصل بمبادرة "الـ888" التي يرعاها رئيس مجلس النواب نبيه بري على أنها "ما زالت تصطدم بهذه العقبة، في ظل تمنّع باسيل عن إعطاء ضمانة صريحة بالتخلي عن شرط "الثلث المعطل" لإطلاق عجلة توسيع التشكيلة الحكومية إلى 24 وزيراً وفق صيغة لا تمنح أي طرف القدرة على تعطيل قرارات مجلس الوزراء".

مع ان أوساط الثنائي الشيعي حرصت في اليومين الأخيرين، وفق "النهار"، على اعلاء أهمية الاتصالات الجارية امام وساطة رئيس مجلس النواب نبيه بري لحلحلة التعقيدات في مسار التاليف، لم تحمل الساعات الأخيرة مؤشرات واقعية على ان تكون وساطة بري قد لاقت الضمانات او الموافقات الكافية والواضحة والحاسمة لتجعل بري يدير محركاته علناً ورسمياً ويندفع نحو إتمام مبادرته بلا خوف وحذر من إفشاله مجدداً. وهو الأمر الذي ابقى المداولات في اطار استجماع إيجابيات مبدئية من الافرقاء المعنيين ولكن من دون ان ترقى هذه الأجواء الى مستوى تقدم جدي وملموس يبنى عليه لتوقع اختراق في الازمة. واستنادا الى أجواء الثنائي الشيعي فان اعلان نصرالله عن جهود لحلحلة الازمة جاءت نتيجة تواصله مع الرئيس نبيه بري ودعمه لمبادرته على ان يقوم جناحا "الثنائي" باجراء الاتصالات المطلوبة مع فريقي التأليف المتنازعين. وعند مراجعة الرئيس المكلف سعد الحريري بطرح لبري قائم على تركيبة من 24 وزيرا لا ثلث معطلا فيها لاي فريق وتتشكل من الاختصاصيين، لم يرفض الطرح الجديد ولم يقل بانه يتقبله بالكامل، ولو انه يكرر تأكيد ثقته ببري المنطلق من المبادرة الفرنسية وعدم حصول اي فريق على ثلث معطل، ولا سيما ان الرئيس المكلف كان قد كرر مرات بأنه لن يتراجع عن حكومة من 18 عضواً من الاختصاصيين وغير الحزبيين. كما ان معلومات تفيد بان "حزب الله " باشر اتصالاته العملية مع رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل الذي لم يقدم بدوره ردا نهائياً حيال هذه المبادرة. وتشير المعلومات الى ان البحث الجدي يبدأ عند الدخول في تفاصيل توزيع الحقائب واسقاط الاسماء عليها. فعلى سبيل المثال اذا كانت حصة عون ستة وزراء زائد وزير درزي فضلاً عن ممثل حزب الطاشناق فيجري التوقف عند من يسمي بقية الوزراء المسيحيين الخمسة ومن أين سيأتون ومن سيختارهم وعلى من سيحسبون؟

من جهتها، أشارت "الجمهورية" الى ان اوساط بعبدا سارعت امس الى الاعلان عن سفر الحريري الى ابو ظبي بطريقة ساخرة منسوبة الى "مصادر مسؤولة في القصر" بقولها ان "قطار المبادرة إنطلق من بعبدا، لكن محطة بيت الوسط تبدو مقفلة والمسؤول عنها سافر". وأكّدت مصادر قريبة من بعبدا لـ"الجمهورية" انها "ليست على علم في ان ما سُمّي مبادرة الرئيس نبيه بري قد اكتملت فصولاً، وان حديثه عن الموافقة المسبقة على بعض عناصرها لم ينته بعد". واشارت الى "ان الأمور ما زالت عند مجموعة الافكار المتبادلة والتي لم ترق بعد الى كونها "مبادرة واضحة المعالم" ومتى تم التوصّل إليها يمكن ان يكون هناك كلام آخر".

وردّت مصادر بيت الوسط على بعبدا مؤكدة لـ"الجمهورية" سفر الحريري الى ابو ظبي، موضحة انها "زيارة خاصة وقصيرة" قد تمتد لساعات قليلة، وان كان صحيحاً انّ قطار الحل قد انطلق من بعبدا، فإنّ الرئيس الحريري يحمل معه خطه الهاتفي ويمكن لأيّ كان ان يجري الاتصال الضروري به. ولفتت هذ المصادر الى انها لم تعلم بعد بما "حَمله القطار الذي انطلق من بعبدا"، وما إذا كان يحمل حلا يمكن ان يشكل قاعدة للتشاور حول التشكيلة الجديدة للحكومة سواء كانت من 18 او 24 وزيرا. ولفتت المصادر الى انه، وإن تم التفاهم على صيغة الـ 24 وزيراً سيكون الأمر جيدا وجديدا، وعندها فقط يمكن الرئيس المكلف ان يباشر عمله مجددا ليُنجز ما هو مطلوب منه. وان وصلنا الى هذه المرحلة، فهو لم ينس بعد التفاهم الذي تم التوصّل اليه - ان كانت المواقف صادقة ونهائية - لتشكيلها وفق المواصفات التي حددتها المبادرة الفرنسية كاملة وبلا تجزئة او تحريف".

وكشف مصدر رفيع متابع الملف الحكومي لـ"الجمهورية" ان الفرقاء الاساسيين أعطوا موافقتهم المبدئية على نقطتين اساسيتين: حجم الحكومة والثلث المعطل، والثانية كانت العقدة الام التي تعوق التأليف كذلك العدد لم يكن يقل اهمية بالنسبة الى رئيس الجمهورية، وهاتين العقدتين سقطتا مبدئياً بحسن النيات الذي ظهر. لكن المصدر تخوّف من الاطاحة بكل هذه المؤشرات المسهلة عند الاصطدام بمعضلة "سعد ما بيقعد مع جبران" والموضوع الشخصي. 

قالت مصادر مطلعة انه لم يسجل اي نشاط للواء عباس ابراهيم في الملف الحكومي. فهو وبعد لقائه أمس الأول مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب إثر عودته من باريس، لم يجرِ اي اتصال او زيارة مكملة لهما. فهو وضع ما لديه من معطيات بين ايدي المعنيين ولم يطلب منه اي شيء آخر. ولمّا لم يزر اللواء ابراهيم "بيت الوسط" بعد عودته من باريس، قالت المصادر لـ"الجمهورية" انّ المهمة تركت للرئيس نبيه بري لاستكمال الخطوات الضرورية، وهو على ما يبدو ينتظر انتهاء معاونه السياسي النائب علي حسن خليل من تقبّل التعازي بوالده قبل العودة الى التحرك، سواء في اتجاه "بيت الوسط" او ميرنا الشالوحي او اللقلوق حيث يمكن ان يلتقي النائب جبران باسيل.

الى ذلك، ذكرت "الأخبار" أن العاملين على خط المبادرة الحكومية، أي الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط وحزب الله، يتعاملون مع التقدم المنجز في هذا الملف بحذر. فبري وجنبلاط حصلا على موافقة مبدئية من الحريري على زيادة عدد الوزراء إلى ٢٤ وزيراً، وحزب الله حصل على موافقة مبدئية من النائب جبران باسيل على صيغة "3 ثمانات"، بحيث لا يحصل أي فريق على الثلث زائداً واحداً. لكن ذلك قد يضيع تحت وقع الخلافات التفصيلية. واعتبرت المصادر العونية أن رئيس الجمهورية يعتبر أن التسمية الأصح للصيغة المطروحة هي 8+8+7+1 (وزراء الرئيس والطاشناق). لكن من الضروري الالتفات، بحسب المصادر نفسها، إلى أن الأمر يجب ألا يحصر بالحديث عن التقسيمة، بل عمّن يسمي الوزراء. 

وأكدت المصادر لـ"الأخبار" أن بعبدا غير مهتمة أبداً بالتهديدات الأوروبية بالعقوبات ولا تلتفت إليها أبداً. وإذا كانت سابقاً قد حصلت أي محاولة لتفادي العقوبات الأميركية، فإن هذا لا يحصل في ما يتعلق بالتهديد بالعقوبات الأوروبية أو الفرنسية. وأي عقوبات على أي شخصية محسوبة على الرئاسة ولو برتبة مستشار ستعتبر موجّهة الى الرئاسة نفسها. ويأتي ذلك وسط اقتناع عوني بانحياز فرنسي واضح لسعد الحريري لم تعد تشوبه أيّ شائبة حياءً أو مواربة، مقترن بإصرار فرنسي غريب على أن تسمّي باريس نفسها وزراء في الحكومة.

وفي السياق، أشارت "الشرق الأوسط" الى أن اللواء عباس إبراهيم لم يتردّد في إطلاع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري على ما آلت إليه اتصالاته بخصوص الملف الحكومي، ناقلاً إليهما إصرار باريس على فرض عقوبات تستهدف من يعيق تأليفها مع أنهما، إضافة إلى الرئيس سعد الحريري، قد تبلغوا من وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بأن صبر الرئيس إيمانويل ماكرون قد نفد، وأن العقوبات ستشمل من يثبت انخراطه مباشرة أو بالواسطة في تعطيل تشكيل الحكومة.

من جهة ثانية، أبقت مصادر بيت الوسط في حديثها لـ "الأنباء" الإلكترونية الأمور رهن المستجدات، لكنها قالت إن الرئيس سعد الحريري في اللقاء الذي جمعه مع نواب المستقبل مساء الثلاثاء الماضي أبلغهم تمسكه بتشكيلة 18 وزيراً ومن دون ثلث معطل. وأنه لغاية الآن لم يعدل في مواقفه، لكنها في الوقت نفسه لمّحت الى بعض الليونة في مواقف الحريري، ونقلت عنه إستعداده لقطع زيارته إلى الإمارات والعودة الى لبنان في حال حصول تطورات ايجابية تستدعي حضوره. 

في حين أشارت مصادر عين التينة إلى أن "الصيغة المطروحة من قبل الرئيس نبيه بري من دون إعطاء الثلث المعطل لأي كان، قد تكون المدخل الوحيد لتشكيل الحكومة، متوقعة أن "يجري التداول بهذه الصيغة في الإتصال الذي قد يجريه بري برئيس الجمهورية ميشال عون لمعايدته بعيد الفصح، والذي سيعقبه لقاء بينهما في القصر الجمهوري لاستكمال البحث بهذا الطرح، أو أن يوفد بري من ينوب عنه للقاء عون لهذه الغاية قد يكون معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، على أن يعقب ذلك لقاء مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، هذا في حال لم تطرأ تطورات سلبية تؤدي الى نسف الصيغة من أساسها وإعادة الأمور الى المربع الأول".

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o