Mar 28, 2021 1:14 PM
مقالات

الصين-إيران: الإنقلاب البركاني

كتب توفيق الهندي:

ثمة سهولة للدول الشمولية من عقد إتفاقيات إستراتيجية طويلة الأمد، لا تزول إلا بزوال أحد الطرفين المتعاقدين.

لا شك أن الإتفاقية اللإيرانية-الصينية تعبر عن الإتجاه نحو الشرق، وهي ممهورة بختم المرشد الأعلى علي خامينئي، على نقيض سياسة الخميني التي بنيت على مبدأ "لا شرق ولا غرب".

من المهم الملاحظة أيضا" أن نصر الله، وتماشيا" مع توجهات إيران الإستراتيجية، يسعى إلى تحويل لبنان شرقا". في البداية، طرح هذا الخيار كخيار غير حصري تبرره الضرورة ليحوله في مرحلة لاحقة، من وجهة نظره الإستراتيجية، إلى خيار أوحد، يكرس وضع لبنان في إطار مجموعة الدول التي تدور في فلك إيران (على غرار حلف فارسو أيام الإتحاد السوفياتي) ، وصولا" في مراحل لا حقة إلى تحقيق الهدف النهائي للجمهورية الإسلامية في إيران، ألا وهو أسلمة العالم على قاعدة ولاية الفقيه التي تشكل منظور الخميني للإسلام الشيعي الإثني عشري.

لا شك أن الإتفاقية الإستراتيجية الإيرانية-الصينية تدعم موقع إيران في المنطقة في هذه المرحلة المفصلية، وإعلانها في هذا التوقيت له دللاته. 

إنه يكرس موقع ودور الصين في المنطقة في وقت يتراجع دور الغرب الأوروبي "العجوز" ودور أميركا-بايدن المردد التي توحي أنها تريد إخلاء ساحة الشرق الأوسط. ولا بد هنا من الملاحظة أن جائحة كورونا ضربت بشدة إقتصاديات الدول الغربية في حين أن الصين، المسؤولة عن تفشي الفايرس القاتل،خرجت منها متعافية.

هذا أيضا" ما يفسر ردود إيران الراديكالية ميدانيا" (اليمن، العراق، سوريا، لبنان) والتشدد في المواقف إزاء سياسة إدارة بايدن التي تتسم بالتراخي وإبداء حسن النيات في موضوع العودة إلى الإتفاق النووي.

ولا بد من الإشارة أيضا" أن الصين، روسيا وإيران تتجه إلى التخلص من هيمنة الدولار على النظام الإقتصادي العالمي بالتعاطي فيما بينها بالعملات الوطنية. فتخرج نفسها من تحت سياسة العقوبات الأميركية. وليس صدفة أن يقترح السيد نصر الله شراء البترول من إيران بالليرة اللبنانية. 

طهران متسلحة بإتفاقها الإستراتيجي مع بيكين قد لا تكون راغبة بالعودة إلى هذا الإتفاق وصولا" إلى إنتاج السلاح النووي وبالتمسك ببرنامجها الصاروخي وبالتأكيد بسياسة تمددها في المنطقة والعالم، كون تصدير الثورة هو علة وجود النظام الإسلامي في إيران.

في مطلق الأحوال، أوروبا قد تكون على طريق التيقن أنها خسرت آمالها في عقد الصفقات الإقتصادية الدسمة مع إيران.

يبقى أن يتيقن الغرب، ومعه حلفائه وأصدقائه، أن العالم دخل في مسار تحولات كبرى وأن ليس له أملا" في إدخال إيران في النظام العالمي المضطرب وأن يبني على الشيء مقتضاه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o