Mar 25, 2021 8:00 AM
صحف

اوكسيجين الأسد: عراضة دعائية باهتة... والتفكك السلطوي الى النهايات

اعتبرت مصادر سياسية لبنانية لـ"العرب اللندنية" أن الإعلان عن تأمين دمشق 25 طنا من الأوكسيجين إلى لبنان لا يعدو كونه محاولة يقوم بها حزب الله لتلميع صورة نظام الرئيس بشار الأسد، فيما ذكرت مصادر أخرى أن هذه الشحنة تأتي في إطار عملية مبادلة بلقاحات لكورونا. ونقلت وسائل إعلام سورية عن وزيري الصحة في لبنان وسوريا القول الأربعاء إن دمشق سترسل إمدادات أوكسيجين طارئة إلى لبنان حيث يوجد ألف مريض على أجهزة التنفس الاصطناعي في مستشفياته ويوشك الأوكسيجين المتوفر بها على النفاد. وقال وزير الصحة السوري حسن الغباش، لوكالة الأنباء السورية “سانا”، إن سوريا سترسل 75 طنا من الأوكسيجين على مدى ثلاثة أيام.

وذكر حمد حسن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية لقناة “الإخبارية” السورية الرسمية بأن الكمية الموجودة من الأوكسيجين في مستشفيات لبنان تكفي ليوم واحد فقط، إذ عرقل سوء الأحوال الجوية رسو السفن التي تنقل الإمدادات. وأضاف الوزير اللبناني المحسوب على حزب الله أن “هذه الاستجابة ستنقذ أرواح اللبنانيين وتكفي لمدة ثلاثة أيام ريثما تصل الإمدادات”.

ووفق ما هو معلن، سيرافق حسن، الذي كان في زيارة إلى دمشق، الشحنة التي ستتبعها شحنات أخرى. وتثير هذه الخطوة تساؤلات ونقاط استفهام عدة، لاسيما وأن مسؤولين في لبنان يؤكدون وجود أوكسيجين كاف، وذكرت أحدى المصادر أن كلام الوزير اللبناني ليس إلا محاولة لتبرير دوافع قبول الشحنة من دمشق. وسبق أن صرح نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون بأن "هناك مصنعين كبيرين للأوكسيجين في لبنان يلبّيان الطلب ولا نقص في هذه المادة”.

وفسّر سياسيون لبنانيون خطوة وزير الصحّة بأنّها تبرير لعملية مبادلة الأوكسيجين الذي ليس معروفا إلى من سيذهب، بنحو ثلاثين ألف لقاح “فايزر” مضادة لكوفيد – 19 جرى تهريبها أخيرا من لبنان إلى سوريا. وذهب أحد السياسيين إلى وصف ما جرى بأنّه “الأوكسيجين في مقابل اللقاح”، وذلك في استعادة لقرار مجلس الأمن الذي صدر في تسعينات القرن الماضي في ما يخصّ العراق الذي كان محاصرا دوليا تحت تسمية “النفط في مقابل الغذاء”.

من جهتها، كتبت صحيفة النهار تقول: بين عهد يمعن في الغرق في تهلكة محاولات فاشلة لإقصاء الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري ودفعه بشتى الوسائل الى الاعتذار، وحكومة تصريف اعمال أنهكها طول مدة التقاعد النهائي التي استنزفت قدراتها وتركيبتها القاصرة أساسا عن مواجهة أعتى مرحلة مصيرية يمر بها لبنان، ووزارات باتت اشبه بسلطات ذاتية مفككة كل منها تتبع اجندة خاصة بفريق وزيرها او بسياساته الشخصية، بين هذه كلها تسللت أمس الى المشهد الداخلي عراضة دعائية مكشوفة وباهتة حملت عنوان تعويم بشار الأسد من بوابة هبة "اوكسيجين" إنسانية استشفائية مزعومة.

هذه العراضة التي جرى إخراجها وتنفيذها بين وزير الصحة حمد حسن ونظيره لدى النظام السوري حسن الغباش من خلال توظيف مفاجئ لعدم التمكن من افراغ سفينة تنقل حمولة اوكسيجين للمستشفيات والاستعانة بمعونة سورية عاجلة، جاءت لتكشف مرة جديدة حالة التفكك التي باتت تعتري حكم العهد والأكثرية الراهنة، اذ ان وزراء آخرين قاموا في الفترة السابقة بزيارات مرتجلة وغير منسقة وخارجة عن اطار قرارات مجلس الوزراء قبل استقالة الحكومة، فيما غلب امس على هذه الخطوة طابع افتعال متعمد من خلال السرعة التي اتسمت بها حركة وزير الصحة بزيارة دمشق والتذرع بشكر سلطاتها على الكرم الحاتمي الذي أغدقته على لبنان فيما هي أي دمشق تمنع تصدير الأوكسيجين لحاجتها الملحة الى المادة في عز استفحال انتشار كورونا في سوريا. ولكن بدا من الصعوبة البالغة الأخذ بهذه الذرائع التي كذبها بداية نقيب أصحاب المستشفيات بتأكيده وجود معملين كبيرين للاوكسيجين يكفيان للحاجة الداخلية قبل ان تصدر النقابة مساء بيانا يبرر الخطوة بمواجهة احدى الشركات المصنعة للمادة مصاعب بإحضارها من مصادرها.

كما يصعب التعامل معها بمعزل عن الخلفيات السياسية التوظيفية لهذه العراضة وتوقيتها في وقت يتعرض رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب نفسه لضغوط متنامية من الفريق السياسي الذي ينتمي اليه وزير الصحة أي "حزب الله" الذي نادى سيده علناً الأسبوع الماضي باللجوء الى تفعيل حكومة تصريف الاعمال، واضطر دياب امس بالذات الى اصدار بيان "توضيحي" حمّال اوجه من هذا الموضوع. كما ان النظام السوري نفسه لم يفوت فرصة توظيف الزيارة، فاعلن على لسان وزير الصحة لديه ان "الزيارة بذاتها هي رسالة سياسية مهمة". واذا كان العهد، بمسؤوليته عن ضبط إيقاع الدولة، لا يرى راهنا لا الانهيارات المتلاحقة ولا التفكك الهائل في واقع الدولة لان جلّ همه وأولياته استنباط الخطط اليومية لإنهاك الحريري وتعويض إخفاقاته ولا سيما منها الأخيرة في تأليب الدول المؤثرة وتحديدا السعودية على الرئيس المكلف، فأي حرج على حكومة مستقيلة مفككة يستقل فيها الوزراء بسياسات متفردة ويفتحون ديبلوماسيات خاصة بهم؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o