Mar 22, 2021 6:29 AM
صحف

ماذا بعد اثنين "الاختبارات المتبادَلة"؟ الحريري سيزور بعبدا "مستمعا"..وهذا موقف فرنسا

هو اثنين «الاختبارات المتبادَلة»، بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن خلفه «حزب الله»، وبين الرئيس المكلف سعد الحريري، اللذين يلتقيان اليوم، على وقع أسئلة كبرى حول مجمل مآل عملية تشكيل الحكومة ومعها الواقع اللبناني الذي وُضع ابتداء من الخميس في «فوهة» جولةٍ أكثر خشونة من «عضّ الأصابع».

فالأنظار تشخص اليوم على اللقاء 18 بين عون والحريري الذي يصادف مع دخول تكليف زعيم «المستقبل» شهره السادس، وسط تَرَقُّب لكيفية تكييف الأخير إدارتَه مسار التأليف مع المتغيّرات المفصلية التي حملتْها الأيام الأربعة الأخيرة، وهل سيكون قادراً على إحداث توازُنٍ ولو سلبي مع ما بدا أنه عملية «إطباقٍ» ممنهجة من تحالف عون - «حزب الله»، على «البروفايل» الذي يعمل عليه منذ أكتوبر على قاعدة «حكومة الـ 18» وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين.

وتشير المعطيات المؤكدة والمتوافرة عشية اللقاء لـ"النهار" ان فريق العهد وتياره السياسي ليسا في وارد التراجع عن الثلث المعطل في الحكومة أولا كما ان الرئيس عون  ليس في وارد القبول بتشكيلة ال18 وزيرا التي يتمسك بها الحريري ولن يقبل باقل من تركيبة من 20 وزيرا، ناهيك عما يمكن ان يشهده اللقاء من اشتراطات جديدة لنسف التشكيلة التي قدمها الحريري.

ولم تُخفِ مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ"نداء الوطن" تشاؤمها بقدرة اللقاء على إحداث خرق إيجابي في جدار الأزمة الحكومية، لا سيما وأنّ رئيس الجمهورية "أعد العدّة" اللازمة لتطويق الرئيس المكلف قبيل اجتماعه به، متسلحاً بكلام نصرالله معطوفاً على "تكويعة" رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط باتجاه طريق "التسوية" التي قادته نهاية الأسبوع إلى قصر بعبدا.

واعتبرت المصادر عبر "اللواء" أن من يريد تجاوز المبادرة الفرنسية والانقلاب على مضمونها، عليه أن يجاهر بمواقفه علناً ولا يتلطى بمطلب من هنا أو هناك ولا يريد أن يُجاهر بذلك علناً.

وأوضحت أن رئيس الجمهورية طلب من رئيس الحكومة المكلف الإتيان بلائحة كاملة من الحقائب والأسماء لأنه في اللقاء الأخير بينهما سأله الرئيس عون عن أسماء ممثلي "حزب الله"، وأجاب الحريري أنه لم يسألهم. وقال عون إنه لا يمكن أن يُصار إلى تعيين وزراء من دون السؤال ما إذا كانوا يحظون بموافقتهم، وبالتالي فإن موقف جنبلاط هو تطوّر جديد، وموضوع اللائحة الكاملة المتكاملة التي طلبها رئيس الجمهورية بالأسماء والحقائب. كذلك توقفت المصادر عند الضغط الخارجي حيال الإسراع في تأليف الحكومة.

ورأت أنه إذا كان الجو إيجابياً والأجوبة إيجابية يمكن القول عندها إن الملف انطلق، أما إذا بقي الحريري على موقفه فسيظل يراوح مكانه. وأكدت أن الكرة في ملعب رئيس الحكومة المكلف في الأجوبة التي يقدمها لرئيس الجمهورية.

وعشية اللقاء المنتظر لم يَبْدُ أن الحريري في وارد التراجع، أقله حتى الساعة، أمام ما جرى التعاطي معه على أنه «هجوم منسَّق» مزدوج شنّه عون (ليل الأربعاء) و«حزب الله» عبر خطاب أمينه العام السيد حسن نصرالله (ليل الخميس)، وفق «بنك أهداف» يُفْضي بالحدّ الأدنى لتزويد تشكيلة الاختصاصيين غير الحزبيين بـ «أدواتِ تحكُّمٍ» سياسية فاعلة، وبالحدّ الأقصى إلى «ابتلاع» هذه الصيغة لمصلحة حكومة «كاملة الدسم» سياسياً، وكلا الحدّين كمَن «يتجرّع السمّ» في ظلّ دفتر الشروط الدولي الذي حدّد مواصفات الحكومة «القابلة للتسويق» خارجياً كمدخلٍ لرفْد لبنان بالدعم المالي قبل حصول «الارتطام المميت».

ولم يعُد خافياً أن عون سيستقبل الحريري اليوم متقدِّماً عليه بنقاط ثمينة أعقبتْ «إمرار» الرئيس المكلف «الكلام العاصِف» لرئيس الجمهورية الذي «استدعاه» الى القصر الخميس، مخيّراً إياه بين حكومةٍ وفق شروطي أو اعتذِر، قبل أن يرفد «حزب الله» عون بقوة «دفْع رباعي» على قاعدة أن حَبْل التأليف أوّله حكومة اختصاصيين «لن يحميها الحزب من الشارع» وآخِره حكومة سياسية أو تفعيل حكومة تصريف الأعمال أو تعديل الدستور لناحية تقييد الرئيس المكلف بمهلة للتأليف.

وإذا كان الحريري لم يُظْهِر تَراجُعاً، فإنّ الأكيد وفق أوساط سياسية أن رئيس الجمهورية بات في موقع تفاوضي أقوى، مستفيداً من «الإسناد» المتعدد الجبهة الذي مَنَحه إياه «حزب الله»، ناهيك عن «الاختراق» الذي نجح عون بتحقيقه لطوق العزلة من حوله عبر زيارة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط له السبت، داعياً إلى تسوية بمعزل عن الأرقام.

وفي موازاة تَرَقُّب ما سيحمله الحريري إلى بعبدا والذي لا يُتوقَّع أن يكون خارج «صحن الـ 18»، فإن زعيمَ «المستقبل» الذي لاقاه رؤساء الحكومة السابقون بموقفٍ «أسفوا فيه لمخاطبة رئيس الجمهورية الرئيس المكلف عبر بيان متلفز»، منتقدين ما اعتبروه «تعدياً وتشويهاً لروح ونص النصوص الدستورية» وداعين لتشكيل حكومة «بعيداً من التهويل والترهيب ومحاولات السيطرة والتحكم»، سيختبر بدوره إلى أي مدى سيذهب عون في تلقُّف تصعيد نصرالله، وإن لم يكن ممكناً الجزمُ إذا كانت الحكومة السياسية التي وضعها نصرالله على الطاولة صارت «الطبَق الرئيسي» في بعبدا أو أنها ما زالت ورقة ضغط، بحسب"الراي الكويتية".

المعيار الأساس لخروج الدخان الأبيض من قصر بعبدا اليوم هو أن يحمل الرئيس المكلف سعد الحريري إلى رئيس الجمهورية ميشال عون تصوراً حكومياً كاملاً، يتضمن توزيع الحقائب مع موافقة الأطراف السياسية عليها. دون ذلك، لا حكومة اليوم، ويعني أن الحريري «لم يقرأ كلام رئيس الجمهورية الأخير ولا كلام السيد حسن نصر الله ولا مواقف النائب السابق وليد جنبلاط»، وفق مصادر معنية بملف التأليف.

بعد يومين من دعوة نصر الله إلى تأليف حكومة تكنو ــــ سياسية، ظل الصمت حليف الرئيس المكلّف. وحتى عندما سئلت مصادر مقربة من الحريري، اكتفت بالتأكيد أنه مصرّ على تأليف حكومة من اختصاصيين غير حزبيين مدعومين من الكتل النيابية لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. لكن «الصمت الإعلامي» لم يكن هو نفسه في مناقشات أجراها مباشرة وبالواسطة مع الثنائي الشيعي. ومع تيقّن الحريري أن الاقتراح يعبّر عن اقتناع لدى حزب الله من دون أن يعني أي تراجع عن الاتفاق معه، صبّ عتبه على حليفه «المتردّد» وليد جنبلاط، الذي صدمه بزيارته للقصر الجمهوري، ودعوته الحريري الى التحاور مع جبران باسيل، وتراجعه عن دعم حكومة الـ ١٨ وزيراً. وحتى عندما شرح النائب وائل أبو فاعور للحريري خلفية الزيارة وأبعادها، مؤكداً أن جنبلاط لا ينقلب على التحالف معه، لكنه يرى الأفق مسدوداً ويخاف على السلم الأهلي ويفضّل التسوية، فإن الحريري لم يقتنع. وفسّر موقف جنبلاط بأنه «وقوع تحت الضغط». وزاد أمام من يهمّهم الأمر: «أنا أريد الحكومة، وأريد اتفاقاً مع رئيس الجمهورية، لكنني لا أريد حكومة تنفجر في جلستها الأولى، ولا أثق بجبران باسيل ولا أرى موجباً لحكومة سياسية تجعل الخارج رافضاً لأي تعاون معنا في معالجة الأزمة الاقتصادية».

إلى ذلك، لا يزال الحريري يتجنب الحديث عن التفاصيل الحكومية، وتحديداً حول توزيع الحقائب الرئيسية، ولا سيما حقيبتي العدل والداخلية. وهو يرفض أن يكون لعون أو باسيل تأثير عليهما. وهو إذ يبدي استعداده للتفاهم على أسماء وسطية، يرفض، في المقابل، أن يمنح رئيس الجمهورية، ومن خلفه باسيل، الثلث المعطل الذي يمكّنه من شلّ الحكومة في لحظة، فكيف إذا انضمّ حزب الله إليهما؟

مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة المكلف، أشارت إلى أنه سيزور بعبدا للاستماع إلى ملاحظات رئيس الجمهورية على التشكيلة التي سبق أن سلّمها له في كانون الأول الماضي، مبدياً استعداده لمناقشة أي اسم أو حقيبة. المصادر كانت قد قللت من أهمية اللقاء ربطاً بالأجواء التي سادت خلال الأيام الماضية، والتي «تؤكد على ما سمعه الحريري من رئيس الجمهورية أنه يريد ستة وزراء من دون الطاشناق». هذا يعني بالنسبة إلى الحريري أن رئيس الجمهورية مصرّ على الحصول على الثلث الضامن في الحكومة المقبلة، وهو ما تؤكد المصادر أنه «خط أحمر» بالنسبة إلى الرئيس المكلّف.

على صدى هذه المناخات، لا يبدو التفاهم ممكناً من دون تدخلات من قوى نافذة. وليس واضحاً ما إذا كان الفرنسيون سيدعمون تفاهم «اللحظة الأخيرة» بين عون والحريري، ويعرضون ضمانتهم للحريري إزاء موقفَي الولايات المتحدة والسعودية، وإن كان الحريري نفسه يعلم أن باريس لا تمون على واشنطن ولا على الرياض. بل هو يسمع مناخات مختلفة من الجانب الأوروبي توحي بإجواء غير إيجابية تجاه لبنان إذا لم يلتزم قيام حكومة خارج نفوذ القوى الكبيرة، ولا سيما عون وحزب الله

وكتبت "نداء الوطن": تؤكد المصادر أن الحريري "لا يبدي أي نية بالتراجع عن الصيغة الاختصاصية لحكومته، وسيذهب إلى لقاء بعبدا (اليوم) على أساس استكمال النقاش مع عون من النقطة التي انتهى عندها البحث بينهما في اللقاء الأخير، من دون أي أحكام أو توقعات مسبقة، على أن يبني على الشيء مقتضاه بالاستناد إلى ما سيسمعه من رئيس الجمهورية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o