Mar 21, 2021 6:59 AM
صحف

الوفد المفاوض يواجه السلطة: مزارع شبعا بحرية من المستفيد؟

يستند الوفد اللبناني إلى خرائط كثيرة ووثائق تثبت حق لبنان بمساحة أوسع من مساحة الـ 860 كلم مربع. ويطالب الوفد بأن يقر المرسوم الجديد ويسجل لدى الأمم المتحدة، لتتحول الحدود البحرية اللبنانية من النقطة 23 إلى النقطة 29، أي بزيادة حوالى 1430 كلم مربع، لتصبح المساحة اللبنانية 2290 كلم. وفي حلقتين حوارتين شدد رئيس الوفد على موقفه، وأظهر الوثائق والخرائط التي تثبت حقّ لبنان، ودعا الحكومة اللبنانية إلى الإسراع في إقرار المرسوم.

لإحراج دياب
وتكشف مصادر متابعة لـ"المدن" أن مواقف رئيس الوفد العميد بسام ياسين، التي تحظى بإجماع كل أعضاء الوفد المفاوض، جاءت بهدف الضغط على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي لا يزال يمتنع عن توقيع المرسوم. وهو يقول إنه كحكومة تصريف أعمال ليس من صلاحياته توقيع هذا المرسوم.

في المقابل، ترد مصادر الوفد المفاوض بأن هذه ذريعة للتهرب، بسبب عدم وجود توافق سياسي داعم لتوجهات الوفد، خوفاً من الضغوط الخارجية، ولعدم إغضاب أي طرف. والمقصود هنا الولايات المتحدة الأميركية، التي رفضت مع إسرائيل طروحات الوفد اللبناني بتوسيع المساحة البحرية اللبنانية.

وتؤكد المعلومات أن وزيرة الدفاع، وبالتعاون مع الوفد المفاوض، عملت على تجهيز المرسوم المطلوب تسجيله لدى الأمم المتحدة وتعديل المرسوم 6433 الذي أقر في العام 2011. وأحيل المرسوم المعدّ إلى السرايا الحكومية، لكن دياب رفض التوقيع عليه.

والقصة ليست جديدة، بل مستمرة منذ أشهر. ولا يريد دياب التوقيع على المرسوم بسبب الخلاف السياسي، خصوصاً أن الرئيس نبيه بري يرفض التوقيع عليه، وكذلك وزير الأشغال. ويحاول الوفد المفاوض ممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة للتوقيع، ولكن حتى الآن لم تتحقق أي نتيجة.
أسرائيل واليونان وفرنسا
وفي حال تم توقيع المرسوم، فإن حدود لبنان ستتجاوز حقل كاريش الإسرائيلي، علماً أن إسرائيل قد بدأت أعمال التنقيب بإتفاق وتفاهم مع اليونان في هذا الحقل. الأمر الذي سينعكس سلباً على المخزونات النفطية اللبنانية. ويأتي ذلك بعد إعلان شركة النفط اليونانية "إنرجيان" العاملة في حقل "كاريش"، أنها لزّمت أعمال بناء الـ"أوف شور" ومَدّ الأنابيب والمضخّات لاستخراج النفط في الحقل المذكور لشركة "Technip" الفرنسية. وهذا لا ينفصل عن اللقاء الذي عقد قبل أيام بين الرئيسين الفرنسي والإسرائيلي. وأطلق الرئيس إيمانويل ماكرون موقفاً يتعلق بتهدئة الأوضاع في لبنان وإرساء السلام والاستقرار على الحدود. ولباريس أيضاً دور أساسي من خلال شركة توتال في لبنان، مع التأكيد أن أي شركة لن تكون قادرة على العمل في المياه اللبنانية، طالما أن الخلافات لا تزال قائمة.
ياسين الحربي 
وقال رئيس الوفد بسام ياسين في إحدى مداخلاته: "نحتاج إلى سياسيين أقوياء. ونحن نتكفّل بتحصيل الحق". وأضاف: "نحن عسكريون نذهب إلى المعركة بغرض كسبها. المفاوضات هي حرب". 

وقال ياسين إن قيادة الجيش اللبناني أبلغت الرئيس ميشال عون، منذ انطلاق المفاوضات، بخطين أحمرين وضعتهما لقاء ترؤس الوفد اللبناني المفاوض: أولهما أن تكون المفاوضات غير مباشرة، وهذا ما تحقق رغم الضغوط التي مورست على بيروت لتكون مباشرة. أما الخط الثاني فتمثل في حصر المنطقة المتفاوض عليها بالبقعة الجغرافية الواقعة شمال الخط 29. وقال ياسين: "من دون إصدار مرسوم، فلن ننزل إلى المفاوضات". وشدد على ضرورة توقيع المرسوم لحفظ حق لبنان، واتهم الولايات المتحدة بأنها تعمل لصالح إسرائيل.
مسيحي يقوي الموقف 
عضو الوفد المفاوض نجيب مسيحي، قدم مطالعة في الندوات المنعقدة، فأظهر الجوانب القانونية لمسألة ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين. فخط الترسيم البحري يجب أن ينطلق من نقطة رأس الناقورة التي نصّت عليها اتفاقية بوله/نيوكومب لعام 1923، وأن يتطابق مع خط الوسط الذي يتجاهل جزيرة تخيليت الفلسطينية. وذلك بالاستناد إلی القواعد والاجتهادات الدولية التي تنص علی عدم أخذ الجزر التي لها أثر غير تناسبي علی خط الترسيم، بالحسبان. وشدد مسيحي علی أن الخط 29 الذي يفاوض لبنان علی أساسه هو الأسلم قانونياً من بين كل الخطوط المطروحة، مؤكداً ضرورة إيداعه لدی الأمم المتّحدة بغية تقوية الموقف اللبناني وحفظ حقوق لبنان في ثرواته البحرية.
مرسوم كمزارع شبعا 
في المقابل، لم يبرز أي موقف أميركي جديد بشأن عملية الترسيم. ولم يتم تعيين شخص بديل لديفيد شينكر لمتابعة الملف حتى الآن. وموقف الوفد المفاوض أحدث شرخاً سياسياً في لبنان، وهو قابل لأن يتحول إلى سجال، بينما يعتبر رافضو توقيع المرسوم أن الوفد المفاوض يحول مسألة المرسوم إلى وسيلة ضغط داخلية، بدلاً من العمل على مواجهة النشاط الإسرائيلي السريع للتنقيب.

وتعتبر بعض القوى السياسية أن مسألة إصدار مرسوم جديد هو خطأ سياسي، ستكون له تبعات كبيرة مستقبلاً، لأن تثبيت حقوق لبنان بمساحة تزيد عن 2000 كلم مربع، ستكون لها انعكاسات كثيرة، خصوصاً أن الواقعية تقول إنه لن يكون لبنان قادراً على تحصيل كامل هذه المساحة، وسيضطر للعودة إلى 860 كلم. وبالتالي في حال صدور المرسوم يظهر أن لبنان قد تنازل عن مساحة كبيرة.

وهناك من يطرح سؤالاً سياسياً هو: "ماذا لو ذهب حزب الله للقول إنه يريد تحرير كامل المساحة اللبنانية، بموجب المرسوم؟ فهذا يعني تحويل الملف إلى مزارع شبعا بحرية. ما يعني عدم الوصول إلى أي حلّ في هذا الملف، بينما تستمر إسرائيل بعملية التنقيب ولبنان يقف متفرجاً
بري وعون وباسيل
الرئيس نبيه بري، يدعم الوفد المفاوض في مسألة التفاوض على المساحة الموسعة، ولكن بدون إصدار مرسوم. وتشير المصادر إلى أن رئيس المجلس أبلغ أعضاء الوفد بأنه يمكنهم التفاوض، ليس فقط على النقطة 29، بل فليفاوضوا على قلب حيفا، لكن توقيع المرسوم أمر غير صحي لأنه يعني تغيير الحدود. وهذا سيكون له تبعات خطرة جداً، وتتوقف المصادر أمام صمت حزب الله وعدم إعطائه أي موقف.

وتدور في الأوساط اللبنانية أسئلة كثيرة حول هذا الخلاف بين القوى السياسية والوفد المفاوض. وهناك من يعتبر أن النتيجة في النهاية ستكون لصالح العودة إلى حصول لبنان على 860 كلم مربع. ورئيس الجمهورية يصر على دعم الوفد المفاوض وتصعيد الموقف. ولكن المصادر تشير إلى أن عون قد غيرّ موقفه بعد تغيّر موقف باسيل. الرجلان لم يكونا موافقين على إصدار مرسوم جديد، علماً أن مستشار الرئيس عون السابق طوني حداد هو الذي كان يطالب بتوقيع المرسوم، لتكون لديه حجة قانونية ونقطة تفاوضية قوية جداً.

وتؤكد المصادر أن هذا المرسوم هو سبب الخلاف الكبير بين حداد وباسيل. وهذا سبب إقالة حداد. كان الرجل يريد إقرار المرسوم، على الرغم من علمه أن لبنان لن يحصل على المساحة المطلوبة، بل لتحسين شروط التفاوض والحصول على مساحة 860 لكم كاملة. لكن فيما بعد تغير موقف باسيل. ولدى سؤال المصادر عن السبب، تجيب: "بعد فرض العقوبات على باسيل تغير كل شيء. وهو يشدد على إصدار مرسوم، ولا تعنيه النتائج والتبعات، لأنه يريد مفاوضات مع الأميركيين وإثبات أنه الوحيد القادر على تغيير الموقف اللبناني، أو التأثير فيه أو إنجاح المفاوضات وتعديل المواقف. وهذا كله حتماً سيكون له مقابل. 

المصدر: المدن

الكاتب: منير الربيع

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o