Mar 01, 2021 6:16 AM
صحف

كلام البطريرك على مشرحة الرد "المستقبل"في بكركي اليوم وكيف سيتصرّف "حزب الله"؟

يحفل الاسبوع الطالع بسلسلة استحقاقات الابرز يبقى على الاطلاق الموضوعين الحكومي وتداعيات الكلام الأخير للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

واليوم يزور وفد من تيّار المستقبل بكركي، ناقلاً رسالة من الرئيس الحريري، تتعلق بمواقفه والشأن الحكومي، كما يزور الوفد مطرانية بيروت للروم الارثوذكس للقاء المطران الياس عودة بحسب صحيفة اللواء

هل تكون «انتفاضة لا تَسْكتوا» التي أطْلقها البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، صرخة مدوّية في وادٍ يراهن البعض على أن يتلاشى صداها تحت وطأة تعقيدات الواقع اللبناني وتَشابُك «مشاكله الأصلية» مع الصراع الكبير في المنطقة، أم أن خريطة الطريق الواضحة التي رَسَمها رأس الكنيسة المارونية في «السبت المشهود» لحفْظ «الكيان» عبر مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وعلى قاعدة حياد لبنان، صارت بمثابة «الناظم» الجديد للمشهد الداخلي وأبعاده الخارجية لن يكون ممكناً القفز فوقها؟

 سؤالٌ طَبَعَ الساحة السياسية في بيروت، غداة ما بدا أنه نداءٌ شامل وتاريخي وجّهه الراعي أمام حشودٍ شعبيةٍ غصّ بها مقرّ البطريركية في بكركي واعتُبر امتداداً لنداء أيلول 2000 للمطارنة الموارنة الذي أرسى دعائم معركة «سيادة، حرية، استقلال» بوجه الوجود السوري (في لبنان) وأفْرز دينامية لبنانية «حفرت بإبرةٍ» حينها ممراً عابراً للطوائف وفّر الأرضية لمشهدية «ثورة الأرز» في 14 آذار 2005 بعد شهر من اغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي خَرَجَ على وهْجها الجيش السوري في أبريل من العام نفسه. ولم يكن ممكناً وفق أوساط مطلعة، مقاربة «الوثيقة المتكاملة» التي شكّلتْها كلمة الراعي والتي بدا فيها مأزق تأليف الحكومة أحد وجوه الأزمة اللبنانية الكبرى، من خارج زاويتيْن متداخلتين بحسب الراي الكويتية:

* الأولى أنها «تملأ الفراغات» البنيوية في هيكل «الأهداف الصغرى» التي بدا أن انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 ركنتْ إليها، إما تفادياً لإثارة الإشكاليات الجوهرية في الوضع التي قد تكون عاملاً انقسامياً للشارع أو تستدرج توتراتٍ، وإما نتيجة محاولاتٍ خفية لـ «توجيه» زخم هذه الانتفاضة عن بُعد بما يخدم المسار «الكاسر للتوازنات» الداخلية و«القاضم» لدور لبنان وهويته، في السياسة والمال الاقتصاد.

* والثانية «المتممة» للأولى أن البطريرك «وضع الاصبع» على ما تراه الكنيسة مكمن الأزمة الرئيسي والذي كان النصيب الأكبر فيه لـ «حزب الله» وسلاحه غير الشرعي وأدواره خارج الحدود، في ما عَكَسَ استشعار بكركي بالخطر الوجودي الذي بات يتربّص بلبنان في ظل ما وصفه بـ «الحالة الانقلابية بكل معنى الكلمة على مختلف ميادين الحياة العامة وعلى المجتمع اللبناني وما يمثل وطننا من خصوصية حضارية في هذا الشرق». وإذ كان من الصعب، وفق هذه الأوساط، تَلَمُّس إذا كان 27 شباط 2021 سيُلاقى داخلياً بحياكة أُطر تنسج وعاءً يوفّر نصاباً تعدُّدياً (طائفياً) لهذه الدينامية المتجددة التي من شأنها إحداث توازُن مع مساعي ترتيب طاولات تفاوض في المنطقة صار لبنان «ورقة» عليها بفعل التفوّق الإيراني في ساحته، فإنّ الأوساطَ نفسها ترى أن الرسالةَ الأقوى من إمساك الكنيسة بيدها زمامَ رفْع الصوت بوجه المنزلق الأخطر الذي يمرّ به لبنان منذ نشأته تبقى برسْم القوى المسيحية ولا سيما «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) الذي سيكون على محك الثوابت التي أعلنتها بكركي التي «تقدّمت الصفوف» في زمنٍ يحكمه سياسياً شعار «المسيحي القوي»، وشهد الانهيارَ الكبير.

وفيما اختار «حزب الله»، الذي هتف المحتشدون في بكركي ضدّه «ارهابي ارهابي حزب الله ارهابي» و«ايه يلّا، إيران طلعي برا» عدم الردّ المباشر على مواقف الراعي تفادياً على الأرجح للمزيد من إحراج «التيار الحر» في البيئة المسيحية، فإن التيار نفسه بدا مربكاً في كيفية ملاقاة المرحلة الجديدة وهو ما ظهّرته مواقف نواب فيه راوحت بين اعتبار ما قاله البطريرك يعبّر عن خطاب التيار منذ أعوام وبين أن الحشود الشعبية لم تكن بحجم توقعات مَن دعوا إليها، وذلك بعدما كانت هيئته السياسية استبقت التحرك في اتجاه بكركي بتأكيد «رفض إقحام لبنان في سياسة المحاور، والتزام محور لبنان».

في المقابل، لفتت صحيفة "الأخبار" الى ان خطوط التواصل بين بكركي وحزب الله لم تنقطع. وأن لجنة الحوار بين الطرفين تواصلت منذ يومين لدرس إمكان معاودة اللقاءات المباشرة مع أخذ الاحتياطات اللازمة من كورونا. وفيما أكدت المعلومات أن لقاءً قريباً قد تعقده اللجنة.

وقد علمت "الأخبار" أن اتصالاً جرى بين عضوي اللجنة محمد الخنسا والأمير حارث شهاب. كما تبيّن أن النائب فريد الخازن قد نقل رسائل بين الراعي والحزب، تتعلق بتوضيحات متبادلة. فلا البطريرك الماروني طالب بالتدويل بمعنى الذهاب إلى مجلس الأمن واستخدام قوة السلاح، ولا السيد حسن نصر الله قصد الراعي عندما قال "ما حدا يمزح معنا في مسألة التدويل وأي كلام عن قرار دولي تحت الفصل السابع مرفوض ومستغرب ويعدّ دعوة إلى الحرب وغطاءً لاحتلال جديد". كذلك فإن زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بكركي حملت "ما يسهم في تهدئة الأجواء" بين الحزب والراعي.

وبحسب المعلومات فان كلام الراعي لن يقف عند هذا الحد بل انه نقل عن  مصادر قريبة من بكركي انها تتحضّر لتحرّك ناشط مواكب لمبادرة البطريرك الماروني ويبدأ التحرك محلياً من خلال شرح مبادرة الراعي للمرجعيات السياسية، للوصول الى أكبر تأييد داخلي ممكن لطرح البطريرك. أما في المرحلة الثانية فبكركي ستنظّم مجموعات لبنانية من بين المغتربين لتفسير المبادرة البطريركية في الخارج. ولفتت الى أن البطريرك الراعي لم يكن أبداً مكتوفا في قضية تشكيل الحكومة بل زار معظم السياسيين، لكن تبين له أن فئة معينة اتخذت قرارا بمقاطعة الصرح. وقالت  المصادر انه بعد 27 شباط ليس كما قبله والبطريرك سائر الى النهاية في طرحه ومبادرته على الرغم من الضغوط على أمل أن يوصل هذا الحراك إلى خواتيم مرضية للخروج من الأزمات الخانقة التي تعصف بلبنان .

وكشفت معلومات صحفية لـ"الأنباء الكويتية" عن أنه "تنظم في الخامس عشر من شهر آذار الجاري، وقفة من جانب مؤيدي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دعما لمواقفه الصريحة والحاسمة التي اطلقها من نافذة بكركي يوم السبت، بمناسبة مرور 10 سنوات على اختياره بطريركا لأنطاكيا وسائر المشرق.  ففي الخامس عشر من آذار من العام 2011 انتخب الراعي بطريركا، وواجه الكثير من تعقيدات البيئة اللبنانية.

وبحسب "النهار" فان "عاصفة البطريرك" التي حملت مواقفه في الخطاب سواء منها التي استفاض فيها في شرح موجبات طرحيه للحياد الناشط او عقد مؤتمر دولي من اجل لبنان، او المواقف الأخرى البارزة والتي اتسمت بصراحة تامة حيال واقع الدولتين والسلاحين والمحاولة الانقلابية التي تهدف الى السيطرة الكاملة على السلطة لم تكن حدثا عابرا او تطورا يمكن القفز فوقه غدا وتجاهله وطمسه لمجرد مرور الزمن. اذ ان ترددات هذه المواقف بدت بأهمية مضمونها ولن يسع العهد ولا السلطة برمتها ولا "حزب الله " المضي بعد يوم 27 شباط كما لو ان شيئا لم يكن لان المفاعيل المتدحرجة لهذا الحدث لن تقف عند حدود موعده الزمني فقط. فثمة مناخ ضاغط الى اقصى الحدود انطلق مع هذا اليوم من خلال اجتذاب جمهور معارض بقوة لاستمرار الامر الواقع القسري الذي يمنع أي محاولة انقاذية للبلاد من الانهيارات الكبيرة الماثلة بقوة مفزعة في الفترة القصيرة الاتية.

ويجزم عارفون ومطلعون بان عاصفة بكركي لن تكون الا الانطلاقة لاعادة تظهير شكل جديد من أشكال الاعتراضات وتصعيد موجات الاحتجاج بعدما تعمد البطريرك الراعي مجددا تثبيت رعاية بكركي لفعل الانتفاضة والثورة كحق طبيعي بديهي للشعب اللبناني. فلم يكن امرا يقل أهمية عن طرحي الحياد والمؤتمر الدولي ان يطلق البطريرك نفير الانتفاضة مجددا من خلال تكراره عبارة "لا تسكتوا" 17 مرة وهو يحض اللبنانيين على مناهضة الامر الواقع القاهر لحقوقهم. لذا يعتقد المطلعون ان محاولات تمييع هذا الحدث او الرهان على عودة رتابة الواقع وطمس كل الترددات التي اثارها وسيثيرها تباعا سيكون بمثابة مضي عبثي في سياسة الانكار وطمر الرؤوس في الرمال كما لن تجدي نفعا سياسة المناهضة الانفعالية لمواقف البطريرك من خلال النفخ بالنزعة الطائفية واستغلالها كما بدأ يحصل مساء امس بتسيير تظاهرة مناهضة للبطريرك في الضاحية الجنوبية او من خلال مضي المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان في رفع شعارات التخوين المستهلكة والتي تثير في وجهه الاستغراب عن سكوته على تبعية فريقه لإيران. ويضيف هؤلاء ان الاحراج الكبير الذي يستشعر الافرقاء الذين طاولتهم حقائق "المحاولة الانقلابية" التي تحدث عنها البطريرك يحمل على الاعتقاد بان الطريق الوحيد الذي يمكن سلوكه للحؤول دون تحول عاصفة بكركي الى واقع تصاعدي يهدد بتداعيات كبيرة هو استعجال تأليف الحكومة الجديدة وإزالة المعطلات والتعقيدات التي تمنع ولادتها. اذ ان الكلفة التي ستترتب على التحالف الحاكم والسلطوي عن وضع حد نهائي لتعطيل الحكومة ستكون اقل خطورة من تفلت الوضع وسط التحفز لمحاولات تدويل الازمة من جهة واشتعال الانتفاضة الاحتجاجية على نطاق أوسع هذه المرة من جهة أخرى.

وسط هذه الأجواء، تبقى الأنظار مشدودة إلى خطوات البطريرك الماروني بعد موقفه الأخير والأصداء الدولية حوله مع العلم ان البطريرك الراعي فسر لعدد من المسؤولين والسفراء العرب والأجانب طرحه من الحياد، وتوقعت المصادر أن تستمر مفاعيل خطاب البطريرك. دون معرفة ما إذا كان هناك من لقاء قريب سيجمعه مع رئيس الجمهورية بعد التحرك الأخير.

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o