Feb 22, 2021 7:27 AM
صحف

تشكيلَ الحكومة مرشّحٌ لجولاتٍ جديدةٍ بانتظار عودة الحريري والراعي مصمّم على "تحرير" الدولة

جاءت المواقف النارية التي أطلقها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل أمس وقدّم فيها رؤيته لخلفيات استعصاء الملف الحكومي حتى الساعة على الحلّ مع «ردّ الصاع صاعين» لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي كان هاجمه دون تسميته الأحد الماضي، لتكرّس أن تشكيلَ الحكومة مرشّحٌ لجولاتٍ جديدةٍ ضمن الدائرة المقفلة قبل «الرسو» على أي مَخارج لابدّ أن تتكئ على «منصة» خارجية مكتملة النصاب الإقليمي - الدولي، وذلك رغم «المبادرة» التي اقترحها باسيل والتي لم تلقَ صدى لدى الرئيس المكلف الذي عاجَله، عبر بيان صدر عن «تيار المستقبل» بردّ من العيار الأثقل بحسب "الراي" الكويتية.

وفي الوقت الذي ارتفعت حدّة المواقف وردّات الفعل العنيفة، والتي كان بعضها جاهزاً، اياً كان موقف باسيل، او تلك التي شكّلت مناسبة لتناول جوانب مما جاء في مؤتمره الصحافي، قالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، انّ ما سُجّل من مواقف «كان متوقعاً ولا جديد فيه، لما شكّله من تكرار للحملات الإعلامية المتبادلة بين التيارين الأزرق والبرتقالي، وما بين الاخير و«الحزب التقدمي الإشتراكي». ودعت هذه المصادر الى انتظار ردّ فعل «حزب الله» وحركة «امل» اللذين اتهمهما باسيل بالتنسيق مع الحريري، فاختارا حقائب وزرائهما، الامر الذي حظّره الحريري على رئيس الجمهورية، كما انّه أوحى بوجود سعي الى حلف سنّي ـ شيعي، يُترجم في بيروت بتحضير قواعد وإعادة شدشدة العصب السياسي في هذه المرحلة التي يواجه فيها تردّدات العقوبات وخلافاته مع القيادات المسيحية الأخرى.

ولم يشكّل الكلام الذي أطلقه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس في معرض ردّه على كلام الرئيس سعد الحريري في ذكرى 14 شباط، أي جديد في جوهر مقاربته للملف الحكومي خارج نطاق التأكيد على كونه القابض الفعلي على توقيع رئيس الجمهورية خصوصاً وان الدعوة التي وجهت الى الاعلام كانت تحمل عنوان "الرد على الحريري". أما من بين سطور الاتجار بحقوق المسيحيين فرشحت "مبايعة" باسيل لكل من الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ومن خلفهما إيران، عبر رسالة مركزية أراد توجيهها إليهم مفادها: أنا "رأس حربتكم" المسيحية في مواجهة كل الطروحات والمبادرات، داخلية كانت أو خارجية، حكومية كانت أو غير حكومية، بحسب "نداء الوطن" .

ومن هذا المنطلق، أتى تعمّد باسيل تهميش مبادرات ونداءات البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في كلمته، مقابل تركيزه على إعلاء نموذج نظام الأسد والتفاهم مع "حزب الله" في منع تهميش المسيحيين وحماية حقوقهم، لإيداع كامل أوراقه في رصيد محور الممانعة، تأكيداً على وجوب الرهان عليه باعتباره "الحصان المسيحي الرابح" لهذا المحور في لبنان. أما في ما يتصل بالمواجهة المحتدمة بين "حزب الله" وبكركي على خلفية دعوة الراعي إلى مؤتمر دولي إنقاذي للهوية والكيان في لبنان تحت سقف تطبيقات "الطائف"، فبدا رئيس "التيار الوطني" واضحاً في إبداء جهوزيته، بما ومن يمثل مسيحياً، لخوض غمار "المؤتمر التأسيسي" وتكريس الأعراف التي أدخلها "حزب الله" على الحياة الدستورية بقوله: "يا ثبّتوا الثلث الضامن أو تفضّلوا على نظام جديد"، مع تصويبه في الوقت عينه على مناهضة فكرة تدويل الحلول للأزمة اللبنانية من خلال التشديد على أنّ "الدول بتساعدنا بس ما بتاخد محلّنا".

واعتبرت صحيفة "الأخبار" أن  باسيل خرج في مؤتمره المتلفز أمس ليؤكد كل ما سبق. لا جديد يحمله، ولذلك لا يمكن تصنيف المؤتمر إلا في إطار معركة الرأي العام. وأعاد تأكيد موقفه وموقف تياره وموقف رئيس الجمهورية. لكن الخلاصة أن الأزمة الحكومية طويلة.

باسيل يرد على الحريري: وقد بدا ردّ باسيل على الحريري أمس، رداً مزدوجاً باسم العهد وتياره السياسي الحزبي سواء بسواء الاّ أن المفارقة التي طبعت مواقف باسيل امس تمثلت في الدلالات اللافتة لثلاثة مؤشرات لا يمكن تجاهلها في استقراء واقع العهد وتياره. المؤشر الأول تمثل في توسيع باسيل اطار معركته الدائرية نحو كل خصومه تقريبا بدءا بالحريري، والمؤشر الثاني البارز تمثل في استعادة الضرب على وتر اتهام الحريري والحريرية بانتهاك المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، أما  المؤشر الثالث ولعله الأكثر اثارة للتدقيق في خلفيات توقيت عودة الرجل الثاني في العهد العوني الى التذكير بتحالفاته الإقليمية فهو في استشهاده المفاجئ بكلام نسبه الى الرئيس السوري بشار الأسد وجاء بمثابة استكمال لاعتراف باسيل بان "حزب الله" وحده من الافرقاء الداخليين يتفهم ويدعم موقف تياره من القضايا التي يطرحها حول المسار الحكومي، بحسب "النهار".

الحريري لن يتنازل لباسيل: واعتبرت صحيفة "اللواء" نقلاً عن مصادر سياسية ان مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تعبر بوضوح عن المازق المازوم الذي ادخل فيه نفسه والعهد معه جراء تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة تحت يافطات طائفية وعناوين دستورية ملتوية، لم تعد تنطلي على احد وانما تحمل في طياتها المبطنة ابتزاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والحصول على حصص وزارية، تؤمن له ولتياره السياسي استمرار وضع اليد على وزارات محددة.

حلحلة نهاية الشهر: كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : ‎تطوي أزمة تشكيل الحكومة الجديدة اليوم شهرها الرابع منذ تكليف الرئيس سعد ‏‏الحريري بتشكيلها وانعقاد 15 اجتماعا بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا ‏لم تفض الى تفاهم يؤدي الى الولادة الحكومية. ومع بدء الشهر الخامس من الازمة يبدو ‏من الصعوبة البالغة التكهن بما اذا كان عامل الوقت القاتل سيلعب دورا في إنزال أصحاب ‏الشروط الاستعصائية التي تفتعل تباعا في سياق موصول منذ أربعة اشهر لتعطيل هذا ‏الاستحقاق عن رؤوس الشجر بل ان الشكوك في الامعان في هذا النهج إزدادت وتعمقت ‏بعدما بات التداخل القائم بين مصالح المعطلين لاهداف ودوافع داخلية وأخرى إقليمية ‏مكشوفا ولا يحتاج الى قرائن لإثباته.

وبحسب "البناء" فان النتائج المتوقعة على الملف الداخلي ستبدأ بالظهور نهاية الشهر وفقاً للمصادر الدبلوماسية بعد ظهور إجراءات تترجم العودة إلى المسار الدبلوماسي بين واشنطن وطهران، ما سيعيد ترتيب الأوراق اللبنانية تجاه الملف الحكوميّ ويمنح المقترحات التي طرحها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مخرجاً لائقاً يُضاف إلى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لولادة حكومة تضيع فيها حسابات الثلث المعطّل، ضمن حكومة قد تتجاوز رقم الـ 20 والـ 22 وزيراً الى حكومة من 24 وزيراً طالما أكدت مصادر متابعة أنها الأكثر تعبيراً عن التوزيع العادل بين الطوائف للتمثيل في الحكومة وفقاً لمعادلات اتفاق الطائف.

وفي هذا السياق، كشف مصدر نيابي لـ"الشرق الأوسط" أن الحريري اتصل قبل أن يستأنف جولته الخارجية ببري، وتباحث معه في الاقتراح الذي تقدّم به الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، وأبدى فيه تفهّمه لمطالبة الرئيس المكلف بوزارة الداخلية ورفضه للثلث الضامن في مقابل استرضاء عون ومن خلاله رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بزيادة عدد الوزراء من 18 إلى 20 أو 22 وزيراً.

البطريريك والحياد: وعلى خط بكركي، عاود البطريرك الماروني بشارة الراعي، تأكيد دعوته إلى مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية منظمة الأمم المتحدة، عارضاً للأسباب الموجبة التي دفعته إلى توجيه هذه الدعوة، وفي طليعتها الفراغ وفقدان الثقة وانقطاع الحوار، ومعتبراً انّ مؤتمر الطائف أنهى الحرب، وانّ المطلوب من المؤتمر العتيد ان يُنهي التعثُّر في قيام الدولة بحسب "الجمهورية". وبالتوازي، مع تشديد البطريرك على دعوته التي كانت استدعت رداً من الأمين العام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، فمن المتوقع ان تشهد بكركي هذا الأسبوع حركة وفود وزيارات ولقاءات متضامنة مع البطريرك ومؤيّدة لمواقفه، وسيكون منها وفد من تكتل «الجمهورية القوية» ومسؤولين من «القوات اللبنانية». وكانت القيادة الكتائبية برئاسة رئيس الحزب النائب المستقيل سامي الجميل زارت الصرح البطريركي متضامنة مع سيده.

وسط هذه الأجواء، يواصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إبداء تصميمه الوطني على "تحرير" قرار الدولة من قبضة الوصايات الداخلية والخارجية، فجدد أمس التمسك بالدعوة إلى انعقاد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة "من أجل إعادة إحياء لبنان، عبر تحصين وثيقة الوفاق الوطني الصادرة عن مؤتمر الطائف وتطبيقها نصّاً وروحاً وتصحيح الثغرات الظاهرة في الدستور"، لافتاً الانتباه إلى أنّ "الهدف الأساسي والوحيد هو تمكين الدولة اللبنانية من أن تستعيد حياتها وحيويتها وهويتها وحيادها الإيجابي"، بحيث تكون دولة "موحّدة بشرعيتها وقرارها وبمؤسساتها وجيشها ودستورها، ودولة قوية تبني سلمها على أساس مصلحتها الوطنية لا أساس مصالح دول أخرى".

هذا وتجري استعدادات لاعلان سلسلة مواقف وتحركات داعمة لبكركي وموقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في دعوته الى مؤتمر دولي للبنان هذا الأسبوع.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o