Feb 02, 2021 9:50 AM
مقالات

"مسكره"… ولا حلول قريبة

كتب عوني الكعكي:
لا أريد أن أكون متشائماً... كما لا أريد أن أكون متفائلاً في الوقت نفسه... بل آثرت أن أكون موضوعياً واقعياً فأتساءل: هل هناك حلّ للأزمة في لبنان؟
بصراحة... الجواب: كلا... وهذا يعود لأسباب عدّة أذكر منها:
أولاً: لقد باتت القضية اللبنانية، مرتبطة عضوياً بالعلاقات الاميركية - الإيرانية.
ثانياً: المشروع الإيراني، الذي لم يأتِ من فراغ. بل إنّ هناك من رسم وخطط وقرّر ونفّذ.. وببساطة أقول: إنّ الولايات المتحدة الأميركية، وبغية وضع «يدها» على الثروة العربية المتمثلة بالنفط، سارت في المخطط هذا، وأحكمت توجيهه.. والله يستر مما هو آتٍ.
ثالثاً: لقد رأت الولايات المتحدة فجأة... ان الإقتتال الديني، هو أخطر وأشرس وأشدّ أنواع الحروب ضراوة، حيث يقتل الأخ أخاه، والأب أولاده، من دون أي رادع، أو من دون أي تفكير عقلاني... وهل هناك أقوى من إثارة النعرة المذهبية بين السنّة والشيعة؟ لذا وجدت أميركا، في إيران العامل الذي يمكن استغلاله لإثارة هذه النعرة... فكان المشروع الإيراني الذي يرمي الى تشييع الشعوب المجاورة.
رابعاً: لتنفيذ «المشروع الاميركي» الآنف الذكر، كانت الخطة الاميركية تقضي بأخذ الإمام الخميني، الهارب من شاه إيران، مع المختبئين في النجف الى فرنسا، بهدف «تحضيره» لتنفيذ المشروع الفارسي، الذي حاكت خيوطه أميركا، ومن فرنسا أُعيد الخميني، بمباركة أميركية الى طهران، ورُحّل شاه إيران، الذي لم يجد ملجأ يأوي إليه، ولولا الرئيس المصري أنور السادات يومذاك، لم يُسْعِفْهُ أحد، فقد استقبله السادات رسمياً وبحفاوة، وأسكنه في «الأقصر»، واهتم به إهتماماً كبيراً.
خامساً: جيء بالإمام الخميني الى طهران... فكان أول ما قام به إنشاء الحرس الثوري كقوة بديلة عن الجيش... إنه قوة دينية... ثم ألغى سفارة إسرائيل، واستبدلها بسفارة لفلسطين، وأنزل العلم الاسرائيلي، رافعاً العلم الفلسطيني مكانه... وشكّل «فيلق القدس» بقيادة قاسم سليماني الذي قتل في العراق بواسطة طائرة مسيّرة.
سادساً: كان شعار الثورة الايرانية الخمينية، تشييع شعوب المنطقة... فبدأت بذور المؤامرة للتمييز بين السنّة والشيعة تنمو تدريجياً... فكانت حرب العراق، بداية نشر التشيّع...
سابعاً: هذه الحرب المدمّرة استمرت ثماني سنوات من العام 1980 ولغاية العام 1988.
ثامناً: لقد استنزفت هذه الحرب موارد الدولتين: إيران والعراق... وهذا ما هدفت إليه الولايات المتحدة، ونفذته إيران...
لقد كلّفت هذه الحرب ألف مليار دولار، خسائر في الجيش العراقي، الى 860 مليار دولار كانت في البنك المركزي العراقي كقوة نقد إحتياطية، كما كانت خسائر إيران لا تقلّ أبداً عن خسائر العراق... حتى قيل إنّ خسائر الفريقين فاقت حدود الـ أربعة آلاف مليار دولار..
فلنتصوّر لو أنّ هذه المبالغ دُفِعت وصُرفت على مشاريع إنمائية واقتصادية في البلدين، كيف كان سيكون الحال؟
تاسعاً: أطلْت في شرح ما حدث منذ عام 1979، لأتوصّل الى نتيجة أو جواب على قولي: لماذا لا أرى حلاً سريعاً للمشكلة اللبنانية. وهنا أعود الى ذكر الأسباب وهي:
1- «حزب الله» الذي أُنشأته إيران ودعمته، هو حزب طائفي، يرفع راية ولاية الفقيه. وقد أعلن السيّد حسن نصرالله ذلك أكثر من مرة، وأنه جندي في ولاية الفقيه.
2- يقول السيّد: أموالنا وأسلحتنا وكل ما نحتاج إليه، يأتينا من إيران وحتى الصواريخ على أنواعها.
3- السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل إيران تحوّلت الى جمعية خيرية تعطي بلا مقابل؟ حسب المعلومات فإنّ 70 مليار دولار مخصصة للحزب الشيعي اللبناني، فهل هذا المبلغ هدية، أم أنّ هناك مشروعاً تريد أن تحققه من وراء هذه المساعدات؟ ببساطة، نعم عندها مشروع، وهي أعلنت مؤخراً انها تسيطر على أربع عواصم عربية.
4- إيران وأميركا متفقتان سراً، ومختلفتان علناً فمَن نصدّق منهما؟
أعود الى موضوع لبنان، وهنا أريد القول وبصراحة: إنّ لبنان لن يعود كما كان إلاّ عندما يسقط المشروع الايراني.
ويبدو اليوم، ان الاتفاق السرّي بين أميركا وإيران يشير الى أنه لم يحن الحل بعد، لأنّ سلب الثروات العربية والإيرانية من النفط والغاز لا يزال مستمراً، فالأمور ستبقى كما هي... وليس هناك من حل آني.
وهنا لا بد أن أذكّر بما كنت أقوله، بأنه لا يوجد أي حل حالياً بسبب ان المشروع الايراني لم ينته بعد، ولكنه أصبح في أواخر أيامه.
وعندما كنا نقول بعد الإنتهاء من الانتخابات الاميركية ستكون هناك حكومة، فإذا نجح ترامب أو إذا نجح بايدن، فستكون هناك محطة جديدة عندما يتسلم الرئيس الاميركي مهامه، فإنّ التعلق بهذا الأمر بات بعيداً... وها قد تسلّم بايدن مسؤولياته، لكن الأمور لا تزال معقّدة والحلول مستبعدة، لأنّ هناك أموالاً عند العرب وعند الفرس لم يتم سلبها بعد...
إنّ ثروة إيران، التي توزّع على التفرقة المذهبية قد تنتهي في اي وقت: «إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها، ففسقوا فيها، فحق عليها القول فدمّرناها تدميراً».
من هنا أقول: إنّ حظ اللبنانيين سيّىء لأنّ «العهد القوي» الذي كنا نستبشر به خيراً، خيّب آمالنا، فإنّ معظم الشعب اللبناني مصاب بخيبة أمل، لأنّ الرئيس اختصر لبنان، كل لبنان: شعبه ومصالحه، وتلاشت أرزاق الناس، فانهار الاقتصاد اللبناني بسقوط القطاع المصرفي بسبب ديون الكهرباء التي بلغت 50 مليار دولار وكل هذا «لعيون جبران أو تريز لا يهم».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o